تركت النّجم مثلك مستهاما
تركت النّجم مثلك مستهاما / فإن تسه سها أو نمت ناما
بنفسك لوعة لو في الغوادي / لصارت كلّ ماطرة جهاما
وفيك صبابة لو في جماد / لأشبه دمعك الجاري انسجاما
هوى بك في العظام له دبيب / أشابك وهو لم يبرح غلاما
يظنّ اللّيل يحوي فيك شخصا / وما يحوي الدّجى إلاّ عظاما
نفيت الغمض عن جفنيك يأتي / كأنّك واصل فيه الملاما
أتأرق ثمّ ترجو الطّيف يأتي / شكاك الطّيف لو ملك الكلاما
شجتك النّائحات بجنح ليل / فبت تساجل النّوح الحماما
لكدت تعلّم الطّير القوافي / وكدت تعلّم اللّيل الغراما
إذا ذكر الشّآم بكيت وجدا / وما تنفك تدّكر الشّآما
وكنت سلوته إلاّ قليلا / وكنت هجرته إلاّ لماما
رويدك أيّها اللاّحي رويدا / لك الويلات ليت سواك لاما
أأرقد والخطوب تطوف حولي / وأقعد بعدما الثقلان قاما
ويشقى موطني وأنام عنه / إذًا من يدفع الخطر الجساما
بلادي لا عرا شرٌّ بلادي / ولا بلغ العدى منها مراما
لبست اللّيل إشفاقا عليها / وإن شاءت لبست لها القتاما
وقفت لها البراع أذبّ عنها / فإن يكهم وقفت لها الحساما
سقى قُطرَ الشّآم القَطرُ عني / وحيا أهله الصّيد الكراما
دوت صياحهم في كلّ صقع / فكادت تنشر الموتى الرماما
وتطبع في المحيّا الجهم بشرا / وتغلق في فم الثّكلى ابتساما
فحوّلت القنوط إلى رجاء / وصيّرت الونى فينا اعتزاما
غدونا كلّما ذكروا طربنا / كأن بنا المعتّقة المداما
ولم أر كالضّمير الحرّ فخرا / ولم أر كالضّمير العبد ذاما
إذا غاب الذّليل النّفس عني / نظرت إلى الذي حمل الوساما
إذا جاب الكلام علّي عارا / هجرت النّطق أحسبه حراما
وأجفو القصر يلزمني هوانا / وأهوى العزّ يلزمني الحماما
رجال التّرك ما نبغي انتقاضا / لعمركم ولا نبغي انتقاما
ولكنّا نطالبكم بحقّ / ونكره من يريد لنا اهتضاما
حملنا نير ظلمكم قرونا / فأبلاها وأبلانا وداما
رعيتم أرضنا فتركتموها / إذا وقع الجراد رعى الرّغاما
فبات الذّئب يشكوكم عواء / وبات الظّبي يشكوكم بغاما
جريتم (بالهلال) إلى محاق / ولولا جهلكم بلغ التّماما
وكنتم كلّما زدنا ليانا / لنسير غوركم زدتم عراما
فما راقيتم فينا جوارا / ولا حفظت لنا يدكم ذماما
أثرتم بيننا الأحقاد حتّى / ليقتل بعضنا بعضا خصاما
وشاء اللّه كيدكم فبتنا / كمثل الماء والخمر التئاما
فجهلا تبعثون الرّسل فينا / نديف لنا مع الأري السّماما
سنرمقهم إذا طلعوا علينا / كأنّا نرمق الدّاء العقاما
فإنّ عرى سددناها وثاقا / نموت ولا نطيق لها انفصاما
خف التّركي يحلف بالمثاني / وخفه كلّما صلّى وصاما
ومن يستنزل الأتراك خيرا / كمن يستقبس الماء الضّراما
هم نزعوا لواء الملك منّا / ونازعنا طغامهم الطّعاما
وقالوا: نحن للإسلام سور / وإنّ بنا الخلافة (والإماما)
فهل في دين أحمد أن يجوروا / وهل في دين أحمد أن نضاما؟
إلى كم يحصرون الحكم فيهم / وكم ذا يبتغون بنا احتكاما
ألسنا نحن أكثرهم رجالا / إذا عدوا وأرفعهم مقاما
إذا طلعت ذكاء فليس تخفى / ولو حاكوا الظّلام لها لثاما
مخوّفنا المثقّفة العوالي / لقد هدّدت بالجمر النّعاما
سنوقدها تعير الشّمس نارا / ويعيي أمرها الجيش اللّهاما
وعلم المرء أنّ الموت آت / يهون عنده الموت الزّؤاما