القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ الرُّومِي الكل
المجموع : 13
تعلَّم حوتُ يونسَ من
تعلَّم حوتُ يونسَ من / ه تسبيحاً به سَلِما
فذاك الحوتُ يَدرسُ ذا / لك التسبيحَ ما سَئِمَا
وأحسب هازباءَكُمُ / تعلّم منه ما علما
فليس ينالُهُ صيدٌ / وكيف يُنالُ معتصما
ترى الأفدامَ يعتلفون ثوماً
ترى الأفدامَ يعتلفون ثوماً / ويغْشون المجالسَ كالهمومِ
فشَهْمُ القومِ مأثومٌ بخمر / وفدمُ القوم مأثومٌ بثومِ
فإن عيّرتَهم بالنتن قالوا / كذا نكهاتُ أفواه القُرومِ
فسوء الفعل يردفُ سوء قول / ونتْنُ الثوم يردف نتنَ لوم
ألا قُبحاً على قبح وسُحقاً / لهاتيك المناظرِ والجُسومِ
ألا يا زينةَ الدنيا جميعاً
ألا يا زينةَ الدنيا جميعاً / وواسطة القلادةِ في النظامِ
نطقْتَ بحكمةٍ جلَّى سناها / عن المعنى اللطيفِ دُجى الظلامِ
تلذُّ كأنها روْحٌ وراحٌ / وتمشي في العروقِ وفي العظامِ
ولولا أنت قلَّ الواجِدوها / على سعة المذاهبِ في الكلامِ
ولم تُدلل بها فيقول زارٍ / أتاركةً تدلُّلَها قطامِ
فلو أنَّ الكلامَ غدا جزوراً / إذاً لذهبْتَ منه بالسنامِ
يقول أميرُنا إذْ ذاقَ منه / كريقِ النحلِ أو دمْعِ الغمامِ
أهِزَّةُ منطق كالسِّحْرِ لُطْفاً / عرتني أم سماعٍ أم مُدامِ
إذا قالت حزامِ فصدِّقوها / فإنَّ القولَ ما قالَتْ حزامِ
ولو عِيبتْ هنالكمُ لديهِ / لقال نكيرهُ صمِّي صمامِ
ومن قبل العبارة ما لقيتُم / بمعنىً فيه مصلحةُ الأنامِ
فعافيْتُم إماماً من أثامٍ / وأعفيتم قياماً من غرامِ
فكيف نُرى وكيف تَرَوْنَ مَعْنىً / حوى دفعَ الغرامِ مع الأنامِ
لقد أنعمتُمُ نُعْمى ونُعْمى / على المأْمومِ منّا والإمامِ
وجِئْتُم في الحياطةِ والتَّوقِّي / بتلك المُنجِياتِ من الملامِ
بلِ المستوعبان الشُّكرَ مِنّا / ومن أعلامِ مِلَّتِنا الكرامِ
وأصبحتم بذاك وقد سلِمْتُم / على ربِّ السلامةِ والسلامِ
رأيتُ الشعرَ حين يقالُ فيكم / يعودُ أرقَّ من سَجْع الحمامِ
ويلبسُ حين نخلعُه عليكم / وساماً من وجوهِكُمُ الوِسامِ
ويجسُمُ قَدْرُهُ ويزيدُ نُبلاً / بأقدارٍ لكم فيه جِسامِ
فتمَّتْ نعمةٌ المولى عليكم / ولا قرن الفناءُ إلى التمامِ
وزاد ودام صنعُ اللَّه فيكم / وطاب مع الزيادةِ والدوامِ
وعَيْش أبيكَ ذي النعم الجواري / على الدنيا وذي المِنن العِظامِ
لما لؤم المُبَشِّر يومَ نادى / أقرَّ اللَّهُ عيْنَك بالغُلامِ
مدحْتُ أبا المغيرة ذاتَ يومٍ
مدحْتُ أبا المغيرة ذاتَ يومٍ / فخيَّبني وأربحني دراهِمْ
وذلك أنني نافرتُ قوماً / على أنّي سأرجِعُ غيرَ غانمْ
وقال القوم بل ستنالُ غُنْماً / لأنك قد مدحْتَ فتى المكارمْ
فصدَّقني جزاهُ اللَّه خيراً / وأكْذَبَهم وألزمهم مغارمْ
ولو فَطِنوا لقالوا قد نَفَرْنا / لأنَّك قد رجَعْتَ وأنت سالمْ
أليس أبو المغيرة لم يُصَلَّتْ / عليك بمُرْهَفِ الحدين صارمْ
ولم يَسْلُبْك ثوبكَ إنّ هذا / لأعظمُ ما يكونُ من المغانمْ
كبرتَ فغيرُك الغِرُّ الغُلامُ
كبرتَ فغيرُك الغِرُّ الغُلامُ / وغير قناعك الجَعْدُ السُّخامُ
وأمسى ماء وجهك غاض عنه / فماء شؤونك الفيض السُّجامُ
وأصبحتِ الظباء مُجانباتٍ / جنابَك ما لها فيه بُغامُ
وقد يأْلفْنَنِي ومعي سهامي / فما هذا النِّفار ولا سِهامُ
أأُوحشها وقد نصلتْ نِبالي / وأُونسها وفي نبلي الحِمامُ
لياليَ لا تزال لديَّ صرعى / لرشْقي في مقاتلها احتكامُ
ألا جاد الحيا تلكم ظِباءً / تزيِّنها المقاصرُ لا الخيامُ
عتُقن فهن من قربٍ ملاحٌ / ورُقْن فهن من بُعْدِ فِخامُ
إلى الله الشَّكاة من اللواتي / مساكنُها الرُّصافة لا الرجامُ
بحيث تجبح المهديُّ قِدْماً / وهاشمٌ الأكارمُ لا هشامُ
مريضاتُ الجفونِ لغير داءٍ / لمن لا بسْنَه الداءُ العُقامُ
سقامُ عيونِهن سقامُ قلبي / وقد يهدي السقام لك السقامُ
أعاذلتي وحَبْلي قد تداعى / وللحبل اتصالٌ وانجِذامُ
كأن مناعمِي حُلمٌ تقضَّي / وأسراري مع الخلل احتلامُ
كُسيتُ البيضَ أخلاقاً رِماماً / فوصْلُ البيضِ أخلاقٌ رِمامُ
فلا يتشتتنَّ عليك رأيٌ / فما للبيض والبيضِ التئامُ
بليتُ سوى المشيب غدا جديداً / عليَّ الفذُّ منه والتُّؤامُ
وكنتُ كروضةٍ للعين أضحَتْ / وما من نورها إلا النَّغامُ
وعبَّستِ الحسانُ إلى مَشيبي / فما لثُغورها برقٌ يُشامُ
وما يُرجَى من البيض ابتسامٌ / لمن أمسى لمفرقه ابتسامُ
كأن محاسني لم تَضْحَ يوماً / وفي لحظاتهنَّ لها اقتسامُ
كأني لم أر اللمحاتِ نحوي / وفي اللمحاتِ لثْمٌ والتزامُ
لئن ودَّعتُ جهلي غير قولي / ألا سُقيتْ معاهدُنا القِدامُ
لقد يهتز لي غصنٌ رطيبٌ / وقد يرتجُّ لي دِعْصٌ ركامُ
ويسقيني شفاءَ النَّفسِ ثغرٌ / ويسقيني شِفاء الوجْدِ جامُ
ويُسمعني رقاة الهمِّ شدْواً / تغادر كل يومٍ وهو رامُ
سماعٌ إن أردتَ إدامَ عيش / فذاك من السماع له إدامُ
عجيبٌ كالحبيب له هناتٌ / بها يُشفَى الجوى وبها يُهامُ
بأخضر جادَهُ طلٌّ ووبْلٌ / وما جرمته بينهما الرِّهامُ
غوادٍ لا تفرّطُ أو سوارٍ / روائمُ لا يزالُ لها رِزامُ
فوردتُه وشُقْرتُه احمرارٌ / وحُمْرتُه وخُضرتُه ادْهِمامُ
تقسَّمَ أمره شجرٌ وروضٌ / عليه من زواهره فِدامُ
كساه الغيثُ كِسوتَه فأضحى / له منها ائتزارٌ واعتمامُ
يظلُّ وللرِّياح به اصطخابٌ / وللعُجْمِ الفصاحِ به اختصامُ
وللقُضبِ اللِّدان به اعتناقٌ / وللأنوارِ فيهنِّ التئامُ
تراهُ إذا تجاوب طائراهُ / تُجاوِبُ عَثْعثاً فيه زُنامُ
حَمامٌ الأيكِ يُسعِدُه هَزارٌ / فدى المُكَّاءُ ذَيْنكَ والسَّمامُ
وأخلاطٌ من الغَرداتِ شتَّى / حواسرُ أو عليهنَّ الكِمامُ
ألا لا عَيْشَ لي إلا زهيداً / ودونَ لِثام من أهوى لِثامُ
وكم نادمتُ راحَ الروحِ فاهُ / ولكن خانني ذاك الندامُ
كأني لم أبِتْ أُسقَى رُضاباً / يموتُ به ويحيا المُستهامُ
تُعلِّلنيه واضحةُ الثنايا / كأن لقاءها حولاً لِمامُ
تنفَّسُ كالشَّمولِ ضُحى شمالٍ / إذا ما فُضَّ عن فمها الخِتامُ
وتَسقيكَ الذي يشفي ويُدوِي / ففي الأحشاء بردٌ واضطرامُ
وقالوا لو أدارَ الراحَ كانت / له عِوَضاً وفارقهُ الهُيامُ
فقلتُ مُدامُ أفواهِ الغواني / مُدامٌ لا يعادله مُدامُ
عزاؤك عن شباب نالَ منه / زمانٌ فيه لينٌ واعتزامُ
فقَبْلكَ قام أقوامٌ قُعودٌ / لريب الدهر أو قعد القيامُ
وما يَنفَكُّ يَلْقَى الكُرْهَ فيهِ / فِئامٌ قد تَقَدَّمَهُ فِئامُ
أدار على بني حامٍ وسامٍ / كؤوساً مُرَّةً حامٌ وسامُ
نهارٌ شكْلُهُ في اللون سامٌ / وليلٌ شكلُهُ في اللونِ حامُ
وهذا الدهرُ أطوارٌ تراها / وفيها الشَّهْدُ يُجنى والسِّمامُ
فأعوامٌ كأن العامَ يومٌ / وأيامٌ كأن اليومَ عامُ
كدأبِ النَّحلِ أرْيٌ أو حُماتٌ / ودأبِ النخلِ شَوْك أو جُرامُ
ولا تَجزَعْ فصرفُ الدَّهْرِ كَلْمٌ / وتَعفيةٌ وإن دَمِيَتْ كِلامُ
سيُسليك الشبيبةَ أرْيَحِيٌّ / بجودِ يديْه أورقتِ السِّلامُ
يحُلُّ من المكارم والمعالي / بحيثُ الرأسُ منها والسَّنامُ
له ذِكَرٌ إليها مُستراحٌ / وناحيةٌ إليها مُستنامُ
مُدبِّرُ دولةٍ وقِوامُ مُلْكٍ / كهِمَّتك المدبِّر والقِوامُ
يروقك أو يروعك لا بظلم / كما يتلوَّن السيفُ الحُسامُ
يضاحك تارة ويكون أخرى / بحيث تَهُزُّه قَصَرٌ وهامُ
فآونةً لصفحته انبلاجٌ / وآونةً لشفرته اصطلامُ
أخو قلم صروفُ الدهر منه / ففيه العيشُ والموتُ الزُّؤامُ
كتابتُه مناقفةُ العوالي / وليستْ ما يُرَقِّشه القِلامُ
ضئيلٌ شأنُهُ شأنٌ نبيلٌ / يَطُوعُ لأمره الجيشُ اللُّهامُ
به تَبْدو الصوارمُ حين تَخفى / وتَخفى حين تبدو والخِدامُ
إذا سكناتُ صاحبه أملَّتْ / على حركاته سكنَ الأنامُ
أخو ثقةٍ إذا الأقلام أضحتْ / بني حِمَّانَ عمَّهُمُ الزكامُ
أمينٌ في معايبِهِ أمونٌ / سليمُ الأنفِ ليسَ به زُكامُ
تمج الفيء والمعروفَ مجّاً / وللأقلام حَطْم وانتقامُ
بكفِّ فتىً له نَفْعٌ وضرٌّ / وإنعامٌ يُؤمَّلُ وانتقامُ
يُقلِّبهُ برأيٍ لا تجزَّا / ولا يخبو لقدحته ضرامُ
وزيرٌ للوزير يرى فيُغني / إذا طرقت مجلِّحةٌ جُلامُ
له عزمٌ إذا نفذ ارتياءٌ / وإمضاءٌ إذا وقع اعتزامُ
فما لعزيمةٍ منه انفلالٌ / ولا لضريمةٍ منه اقتحامُ
ولا في عُقدةٍ منه انحلالٌ / ولا في عُروةٍ منه انفصامُ
متى ما انشامَ في غيبٍ صوابٌ / نعاه ابن الحسين فلا انشيامُ
يبيت أبو الحسين يرى أموراً / لها في سُدفةِ الغيب اكتمامُ
يراه أبو الحسين وإن تَوارى / بعينٍ لا تَكِلُّ ولا تنامُ
ولولا حَمْلُهُ الأثقالَ أضحت / ظُهورُ معاشرٍ ولها انحطامُ
ولكنْ قدْ تَحمَّلها ضليعٌ / له في الخَطْبِ حَزمٌ واحتزامُ
محمدٌ بنُ أحمدٍ بنِ يحيى / لأنفِ عدو نعمتِه الرُّغامُ
وغرس الأصبغيِّ كفاكَ غرساً / إذا غُرِسَ الهشيمُ أو الحُطامُ
تخيَّرَهُ الوزيرُ وزيرَ صدقٍ / وللوزراء خبطٌ واعتيامُ
فرأفتُه بنا فوق التمنِّي / إذا كثُر التغطرُسُ والعُرامُ
ونائلهُ لنا فلنا اقتراعٌ / على نفحاتِه ولنا استهامُ
ولا عاتٍ يصولُ على ضعيفٍ / صِيالَ الفيل هاج به اغتلامُ
نُساسُ ولا نُجاس وكم عداءٍ / غدا لمآثم منه النَّدامُ
وقد نُحدَى كما تُحدَى المطايا / وقد نُرعَى كما تُرعَى البِهامُ
فتى ضامتْ يداهُ الدهرَ حتى / تعزَّ به المضيمُ فما يُضامُ
يزيدُك كلَّما أغليتَ حمداً / به رِبحاً وفيه لك انهضامُ
كذا أخلاقُ مُبتاعي المعالي / ترفَّعُ كلما رُفِعَ استيامُ
يجودُ فجودُهُ كرمٌ ودِينٌ / وبعضُ الجودِ بذخٌ أو وئامُ
تناهبَ مالَهُ شرقٌ وغربٌ / ولمَّا يُعفِه يمنٌ وشامُ
فأصبحَ والثناءُ عليه فرضٌ / على هذا الورى حتْمٌ لِزامُ
جديراً أن يحوزَ الحمدَ عفواً / إذا ما عزَّ من حَمْدٍ مَرامُ
بمالٍ لا يُشدُّ عليه عقْدٌ / وجاهٍ لا يُحَلُّ له حِزامُ
أقامهما لملتمسٍ جَداهُ / كريمٌ للكرامِ به ائتمامُ
تقاسَمَ وجهُهُ ويداه منه / محاسنَ لا يُعفِّيها القتامُ
فأقسامُ المكارمِ في يديْه / وللوجهِ الوضاءةُ والقسامُ
فليستْ تُشرقُ الآفاقُ إلا / إذا طلعتْ محاسنُه الوِسامُ
رأى الضِّلِّيلُ قَصدَ هُداهُ فيه / وأسهبَ في ممادحه العبامُ
مكارمُهُ إذا ذُكرتْ جِبالٌ / وكم قومٍ مكارمهُم رِضامُ
تعوَّدت المحامدَ والعطايا / أناملُ منه نائلها انسجامُ
فليس لها عن الحمدِ انفراجٌ / وليس لها على المالِ انضمامُ
لبدْأتِهِ حياً ومتى عَرَضْنا / لعودته فليس لها جَهامُ
يُبادِرُ أن يَصِلَّ المالُ حتى / كأنَّ المالَ يملكه لِحامُ
وليس يصِلُّ صفْوُ التبرِ لكن / له في ماله حدٌّ هُذامُ
وليس أمام نائله عُبوسٌ / وليس وراءه منه نَدامُ
يُساقِطُهُ النَّدى حتى تراهُ / وليس لجانبٍ منه ادِّعامُ
ويُمسكهُ الحجا حتى تراه / وما في جانبٍ منه انثلامُ
لذلك لا تزالُ له عطايا / لهُنَّ على مؤمِّله ازدحامُ
كما ليستْ تزال له دواةٌ / لداهٍ في مَهالكها ارتطامُ
وبادي الجهل جَاوَدَهُ فقلنا / متى استعلى على النخلِ البشامُ
وساهِي العقلِ ناجَدَهُ فقلنا / متى أربى على النبعِ الثُّمامُ
أما وأبي الحُسينِ فداهُ قومٌ / لهُمْ نِعَمٌ وأكثرهُمْ نعامُ
لموَّلني إلى أن قال أهلي / أأحلامٌ يُخيِّلُها منامُ
وقوَّمَني إلى أن قام عُودي / فما في متنهِ أودٌ يُقامُ
برأْيٍ لستُ أبرحُ منه أضحى / وجودٍ لا أزالُ له أُغامُ
نفتْ جَهلي نُهاه وشيَّبتْني / لُهاه فها انا الكَهْلُ الغُلامُ
فدته النفسُ من بانٍ كريمٍ / مبانيه المكارمُ لا الرُّخامُ
بنى لي همَّتِي حتى تعالتْ / وكانت مرَّةً وهي اهتمامُ
أسائلتي حججت البيت إني / حججتُ فتى المُروءةِ يا أدامُ
حججت أبا الحسين وكان حجّي / إليه لا يُذمُّ ولا يُذامُ
أُقبِّلُ كفَّهُ وأعلُّ منها / نَدىً يُشْفى به مني الأُوامُ
فلي من بطن راحته ارتِواءٌ / ولي في ظهر راحته استلامُ
ظللتُ بمأمنٍ منه حريزٍ / يخيَّلُ أنَّه البيت الحرامُ
وزمزمُ والحطيمُ لديَّ منه / هنالك والمشاعرُ والمقامُ
مقامٌ تُنْشدُ الأمداحُ تُتْرى / ويُرْعى الحقُّ فيه والذِّمامُ
وكم نِضْوٍ أناخ بها إليه / تضيَّفُها المجادب والسآمُ
أتَتْهُ تَجوبُ عرضَ الأرضِ جَوْباً / إليه لها خبيبٌ وارتئامُ
إذا قطعتْ من المَوماةِ مَرْتاً / من الأمرات ليس به عِلامُ
وللْيَعْفورِ في الكَزِّ انغماسٌ / وللحِرباء في الضِّحِّ اصْطخامُ
تطايرَ عن مناسِمِها حصاهُ / وسافرَ عن مشافرها اللُّغامُ
على ثقةٍ بأنْ سترَى وترعى / ربيعاً للطَّليح به مَسامُ
وأن ستفيء تامكة الأعالي / كأن سنامها الرعِنُ الخُشامُ
فوافتْ لا ربيعَ الحولِ لكن / ربيعَ الدهرِ ليس له انصرامُ
مَرَادُ معيشةٍ ومَعانُ علمٍ / يدُلُّ على فضيلتِه الزِّحامُ
مَعانٌ في مواردِهِ شِفاءٌ / لمن أضحى لعلَّته احتدامُ
له العفواتُ من شِعري بعُرْفٍ / إلى العفواتِ منه والجِمامُ
أخٌ كم باتَ ضيْفي في قِراه / قريرَ العينِ ليس به اعتِمامُ
وقد أجْممتُهُ زمناً وأنَّى / وليس يُفارقُ البحرَ الجمامُ
وحُقَّ عليّ إهداءُ اعتذارٍ / وإنْ لم يُهدَ لي منه اتِّهامُ
إليك أبا الحسين أقودُ قولاً / له من حبلك الألوى خطامُ
شهدتُ لقد منحتُكَ صفو ودي / ولا لومٌ عليَّ ولا أثامُ
وما قصَّرتُ في التأميلِ كلا / ولا أمسيتَ عن حقي تنامُ
جعلتُكَ قبلة الآمال مني / فهنَّ مُصلياتٌ لا صيامُ
وكيف تصومُ آمالٌ غِراثٌ / ونائلُك الهنيء لها طعامُ
طعامٌ لا وخامةَ فيه تُخشى / وفي المعروف أطعمةٌ وِخامُ
وكنتُ إذا أنختُ إليك عيسي / وآمالي غراثُ أو عِيامُ
أنختُ بحيث تبيضُّ الأيادي / وتسودُّ المطابخُ والبِرامُ
خلا أني أهابُكَ لا لسوء / كما تتهيَّبُ البحرَ الهيامُ
ويملكني حيائي حين تُربي / على شكري دسائِعُك الضخامُ
ألم تر أننا لما التقينا / فغنَّتني صنائعُك الجسامُ
رأيتُ الشكر قد ضعفت قواه / فشمَّر للفرار ولا يُلامُ
وكنتَ الغالب المنصور جنداً / إذا لاقى تذمُّمَك الذمامُ
وما تنفكُّ تغلبُ كل شكرٍ / بعُرٍف ما لعُروته انفصامُ
وذاك بأن أبيح فليس يُحمى / وليس بأن أعزَّ فما يُرامُ
وكنت إذا نوى المحسانُ ظعناً / عن الحسنى فنيَّتُك المُقامُ
فإن راثَ اللقاءُ فلا تلمني / فإن تخلُّفي عنك انهزامُ
ووكدُك طرد زَوْرك بالعطايا / كذلك يطردُ الزَوْر الكرامُ
وكم تبعَ المولِّي منك سيبٌ / فلم يُقدَر له منك اعتصامُ
غمامٌ جدَّ في آثارِ سارٍ / أغذَّ سُرىً فأدركه الغمامُ
وهل ينجو من الركبان ناجٍ / وطالبُهُ الغمامُ أو الظلامُ
شكوتُ نداك لا أن قلَّ لكن / لأن كثرتْ أياديه العظامُ
وأني قد بعلتُ به فأضحى / كأن مغانمي منه غرامُ
كما يشكو امرؤٌ طغيانَ سيلٍ / تساوى الوهدُ فيه والأكامُ
وما أشكوه منك إلى رحيم / وشكري في ذَراهُ مستضامُ
وما لمْ تهتضم شكري بطَولٍ / فليس ينالني منك اهتضامُ
ولستَ بمُعتبي من بدء عرفٍ / بغير العود ما سجَعَ الحمامُ
فعاودْ كيف شئت فلست أشكو / وهل يشكو الندى إلا اللئامُ
وما معروفُك الممدود عني / بمنقطعٍ إذا انقطع الكلامُ
خدعتُك وانخداعك لي خليقٌ / على الله الزيادةُ والتمامُ
وقلتُ كأنني يوم بسيلٍ / لأعلاه وأسفله التطامُ
ولم أبْرمْ بعرفك غير أني / برمتُ بحملِ شكرك والسلامُ
وكم أنطقتني بلُهىً توالت / وما صمتي وللقول انتظامُ
وكم أسكتَّني بلهىً تغالت / وما نُطقي وللبحر التطامُ
وما ينفكُّ يلحمنا ويجري / ندىً لك لا ينهنهه لجامُ
يُبرُّ فنستكينُ وغيرُ نكرٍ / إذا شُبَّ الجلادُ خبا اللِّطامُ
وما أعطيتَ إلا ارتاشَ حرٌّ / وأطرق والحياءُ له كِعامُ
تسدُّ فُقورنا وتغضُّ منا / فنستعفي هناك ونُستدامُ
ونلقى منك محتقِراً لُهاهُ / وحولَ أخسِّها قَدْراً يُحامُ
بنىً لا حاتمٌ كان ابتناها / ولا أوسٌ وحارثةٌ ولامُ
ولكن كسرويٌّ ذو فعالٍ / له بدءٌ وليس له اختتامُ
فيا عجبي أأستحيي لعجزي / وفيك لأن تسامحني اغتنامُ
تحبُّ الشكر لا ما كدَّ حرّاً / بل المجرى يُعاقبه المَصامُ
متى ناقشت ذا شكرٍ حساباً / فيدْخُلني من العجز احتشامُ
ألستَ المرءَ يكرمُ في حياءٍ / كأن صنيعك الحسنَ اجترامُ
ويكتمُ عُرفَهُ فيفوحُ منه / وليس لساطع المسكِ اكتتامُ
ونبخس شكره فله اغتفارٌ / ونظلمُ مالَه فله اظطلامُ
بلى فسقاكَ ربكَ حيثُ تُسقى / جحاجحةُ المروءةِ لا الطَّغامُ
فقد يُسقى الرجالُ وهم رسومٌ / وقد يُرعى الرجالُ وهم سوامُ
غدا الساعون خلفك في المعالي / كمثل الصفّ يقدمُهُ الإمامُ
وسامنيَ الزمانُ رجالَ مجدٍ / فكنتَ نصيّتي فيما أُسامُ
أهلَّةُ أسعُدٍ ونجومُ يُمنٍ / ولكن بذَّها قمرٌ تمامُ
ومن يخترك لا يُحمد وأنَّى / وقد هَدى توسُّمه الوسامُ
وليس وإن عداهُ الحمدُ ممن / يقال لرأيه رأيٌ كهامُ
وكم متخيِّرٍ أمراً حميداً / تحلَّى الحمدُ منه والملامُ
ولم أكُ كالتي اختارت فأضحى / من الأسماءِ خيرتُها جُذامُ
بل اخترتُ الذي الآراءُ طرَّاً / عليه فلا هوىً سرف وحامُ
وحسادٌ سناءَك خاصمونا / وهل في الصبح منبلجاً خصامُ
وقالوا ما فضائله فقلنا / هي الحسناتُ ما فيهن ذامُ
وقالوا ما فواضله فقلنا / رضاعٌ لا يعاقبه فِطامُ
صنائعُ في الصنائع سيداتٌ / صنائع من سواه لهن آمُ
وأفعالٌ يبيت لحاسديه / بها سمرٌ إذ هجعَ النيامُ
ومعروفٌ له ديوانُ أصلٍ / وليس عليه من عذلٍ زِمامُ
فموتوا أيها الحسادُ موتوا / بداءٍ لا يموتُ ولا ينامُ
ولا تبنوا مقالَ الإفكِ فيه / فليس لما بنى اللَّهُ انهدامُ
منحتُكَ من حُلِيِّ الشعرِ عقداً / غدا لك دُرُّهُ وليَ النظامُ
وقد قصَّرتُ لا عمداً ولكن / بُهرتُ وعزَّني ملك همامُ
وما قصَّرتُ قبلكَ في جزاءٍ / ولكنَّ المسامي لي شَمامُ
وكل مطاولٍ لك فهو خافٍ / خفاء الحرف لابسه ادّغامُ
وبعدُ فليس في ملكي عناقٌ / وكيف بها وما عندي شِبامُ
وما يُخشى على جملي قُلافٌ / ولا يخشى على فرسي صِدامُ
هما نعلانِ جلُّهما انخراقٌ / إلى خُفَّينِ جُلُّهما انخرامُ
وقد هجم الشتاء وكم لئيمٍ / عليه الخز والوبر اللُّوامُ
وما لاقى امرؤ لاقاك قوماً / فقالوا ما وراءك يا عصامُ
كفاه مسائليه بيانُ نعمى / تكلَّمُ كلما عُدمَ الكلامُ
وكم أغريتَ بالمرحومِ منا / أخا حسدٍ لمرجلهِ اهتزامُ
فعشْ للمكْرماتِ فليس يُخشى / عليها ما بقيتَ لها اخترامُ
قصدتُ إليك لا أُدْلي بشيءٍ
قصدتُ إليك لا أُدْلي بشيءٍ / أرى حَقِّي عليك به عظيما
سِوى الكرم الذي أعرقْتَ فيه / وحسبي أن تكون فتى كريما
ولم أمدحكَ إتحافاً بمدحٍ / كفى مدحٌ غُذيتَ به فطيما
ولكنِّي دعوتُك في سُؤالي / بأسماءٍ دُعيتَ بها قديما
ولم أر كُفْءَ سَمْعكَ من كلامي / سوى المَوْزونِ وزناً مُستقيما
ولستُ أرى ثوابَ الشعر دَيْناً / عليك ولا أرى نفْسي غريما
ولكنِّي أراك تراه حقَّاً / لمجدك والوسيمُ يرى الوسيما
فإنْ تَكُ عند تأميلي وظَنِّي / فكم صدِّقْتَ بارقكَ المشيما
وإن عاقَ القضاءُ نداك عني / فلستُ أراكَ في مَنْعِي مُليما
وما غَيْثٌ إذا ما اجتازَ أرضاً / غلى أُخْرى بمُعْتَدٍّ لئيما
بإذن الله يُعْرِي متن أرضٍ / ويكسو أُختَها الزهرَ العميما
له مالٌ يجمُّ على العطايا
له مالٌ يجمُّ على العطايا / ونعمةُ كُلِّ ذي كرمٍ تدومُ
كماء العدِّ مهما نالَ منه / سقاةُ الماءِ أخلفهُ الجُموم
مديحُكَ مَنْ تطالبُهُ برفْدٍ
مديحُكَ مَنْ تطالبُهُ برفْدٍ / هجاءٌ منكَ فيه بلا كلامِ
لأنَّك لم تثقْ منه بِمَجْدٍ / فتقنَعَ باللِّقاءِ وبالسلام
أبا العباس ما هذا التَّواني
أبا العباس ما هذا التَّواني / وقد أُوسِعْتَ مَنْ كَرمٍ وفَهْمِ
أتقْلِبُ ذا مُحافظةٍ عَدُوّاً / لعمرُو أبيك ما هذا بحزْمِ
عزمْتَ ندىً فما أمضْيَت عزماً / وكنتَ مُشهَّراً بمضاءِ عزمِ
قصدْتُكَ راجياً واليأْسُ رَجْمٌ / فلم تَتْركْ رجاءً غيرَ رَجْم
وواتَرْتُ السؤالَ فلم تُجِبْني / كأنِّي سائلٌ آياتِ رسم
أما والله ما هذا بحقِّي / عليكَ إذا شجيتَ بِظُلْم خَصْم
زأرْتُ على عَدُوِّكَ غيرَ وانٍ / وأتبعتُ الزئيرَ له بكَلْم
فما أخْلَيْتُهُ من نَهْشِ لحم / ولا أخليتُه من حَطْمِ عظْم
وخِفْتُ عليكَ عاديةَ اللَّيالي / فبتُّ الليلَ أرقبُ كُلَّ نجم
حراسة ليث صدقٍ لا يُبالي / بسيفٍ في الحفاظِ ولا بسهم
فما كافأْتني إلا بجوع / كأني كنتُ عندك كلبَ طَسْم
إليكَ إليكَ من وسَم القوافي / إليك فإنهُ من شرِّ وَسْم
ولم أخش الهجاء عليكَ لكنْ / خشيتُ المدحَ من نَثْرٍ ونظم
ومن تَحْرِمْهُ رِفدكَ بعد مَدْح / فحسبُكَ مدْحُه من كلّ شتم
أليسَ يقالُ قيلَ له فأكْدَى / فتُصبِحُ والذي تُهجَى برَقْم
أتَرْضَى أن تروحَ وفضلُ مِثْلي / عليكَ وليسَ فضلُكَ غيرَ وهْم
لئن خيَّبْتني ورفَدْتَ غيري / لقد صدَّقْتَ عندي قولَ جَهْم
ألا لا فِعْلُ حيٍّ باختيار / متى خيَّبْتني لكنْ بحتم
أتَلْقى وجْهَ مسْبوقٍ بمَسْح / وتلقى وجهَ سبَّاقٍ بلَطْمِ
لقد أضحتْ عقولُ النَّاسِ باختْ / بما فيهنَّ من عَيْبٍ ووَصْم
وكم مِنْ قائلٍ لي في مُسِيءٍ / لقد فخَّمْتَ منهُ غيرَ فَخْمِ
فقلت بنَيْتُ مأْثُرةً بِشعْرِي / فلا تعرِض لمأثُرَتي بهدم
ودعْ ذمَّ المُسيء فما مُسِيءٌ / رأى غبَّ الإساءةِ غيرَ وخْم
عفوتُ فلا أقابِلُهُ بِلَوْم / وإنْ أوسِعْتُ من لوم وعذْم
وما عَفْوي لشيْء غيرَ أنِّي / أرى لحمَ اللئيمِ أغثَّ لحم
رأتْ عيني لمُنْكَرةٍ قواما
رأتْ عيني لمُنْكَرةٍ قواما / ووجهاً يشبه البدرَ التماما
فلم أبرحْ صريع هوىً كأنِّي / شربتُ به معتَّقة مُداما
شكا قلبي جنايةَ طرْفِ عيني / وقال رأى فأغْرى بي غراما
فقلتُ وقد جَنَى شراً عليه / ألستَ تراه قد هجر المناما
فقال الجسم أشكو ذا وهذا / فإنهما أعاراني سقاما
فقلتُ ثلاثةٌ كلٌّ جَناهُ / أقام بِكمْ بلاؤكُمُ وداما
فطرْفي ساهرٌ والجسم مُضْنىً / وقلبي ليس يبرحُ مُستهاما
ومُنكرةٌ تظنُّ الحبَّ لِعْباً / وقد قعدَ الهوى فيها وقاما
أظنُّ اليومَ قد غابتْه شهراً / وشهراً لا أراها فيه عاما
تحل بقرية النعمانِ عَمْداً / تُطيلُ بها على رغمي المُقاما
رمى الرحمنُ مولاها بموْتٍ / وعجَّل لي من الوعد انتقاما
لئن نَعُمَتْ لِما رثَّتْ حبالٌ / لها عندي ولا أمست رِماما
ولكني أجدِّدُ كلَّ يومٍ / بها وجداً وشوقاً واهتماما
بقلبي جمرةٌ للشوقِ تُذكى / تزيدُ على تباعُدِها اضطراما
تُرَى الأيامُ تُدْنِى بعدَ بُعْدٍ / وتُعطينا اجتماعاً والتئاما
وتَشفِي من جَوَى الأبراحِ صبّاً / يكاد يموتُ سُقماً واغتماما
فكُفّا بالذي أبلى وعافى / عن المشغُولِ بالحُبِّ المَلاما
تُراني أبدعَ العشاقِ عِشْقاً / وأولَ هائمٍ في الحب هاما
شربتُ الراحَ مُرتاحاً إليها
شربتُ الراحَ مُرتاحاً إليها / ولم أجنحْ إلى حثِّ النَّديمِ
مشعشعةً حياةُ الروح فيها / وعنها صِحَّةُ البدنِ السقيم
إذا ما الهمُّ أضرمَ فيك ناراً / فصُبَّ عليه من ماءِ الكُروم
فلا أشْفى لدائكَ مِنْ شمولٍ / ولا أطفى لنيران الهموم
فلو أنِّي وليتُ الحكمَ يوماً
فلو أنِّي وليتُ الحكمَ يوماً / ووُلِّيتُ العقوبةَ والخِصاما
لقرَّتْ عينُ من يهوى الجواري / وعاقبتُ الذي يهوى الغُلاما
سألتُكَ أيَّما أشجى حديثاً / وأطيبُ حين يُعتَنق التزاما
أجاريةٌ مغَنَّجةٌ رداحٌ / تزيدُك للغرامِ بها غراما
أمَ امْردُ قد أجافَ الإبطُ منه / له أير كأيرك حين قاما
يُريدُكَ للدَّراهِمِ لا لشيْءٍ / وتلك تذوبُ عِشْقاً واهتماما
أَلا يا هندُ هل لكِ في قُمُدٍّ
أَلا يا هندُ هل لكِ في قُمُدٍّ / غليظٍ تفرحينَ به متينِ
يَشُكُّ به حَشاكِ غلامُ نَيْكٍ / من الفتيانِ منقطعُ القَرِين
تُذَكَّرُ بالقُمُدِّ العَرْدِ حتى / تأنَّتْ بغتةً قبلَ اليقين
فمن يره يَبُولُ يخلْهُ أنثى / بدا من فرجها ثلثا جنين

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025