المجموع : 3
سلام من فؤاد مستهام
سلام من فؤاد مستهام / وألف تحية بعد السلام
على من داره أرجاء قلبي / وإن عظمت به خطط الملام
حبيب حبه أضنى فؤادي / وذوبني بنار الاضطرام
له في كل زاويةٍ يسري / معان تحت دائرة العظام
وأسرار بلب دمي أقامت / بلبي في القعود وفي القيام
غزال من بني الأعجام لكن / عصابته من العرب الكرام
تحجب بالشهامة وهو كهل / وقام بدرها قبل الفطام
عصامي الطباع كريم خلق / جميل الشكل حلو الابتسام
رقيق الجسم درى الثنايا / كأن بثغره كأس المدام
تسلطن في ظرافته بشأن / علا عن ذل شائبة الحرام
وجاء صفاء نيته بحال / أعان عليه طائفة اللئام
تحجب وهو بدر عن حياء / وغيب تحت خدر الاحتشام
وأظهر أنه بالوصل سمح / وأخفى الموت في طي اللثام
رعى اللَه الديار ديار نجد / فكم لي في رباها من ذمام
ولهت بحب ساكنها وأني / له قد صادني شبك الغرام
وطبت بذكره قلباً وروحي / يروحها ثناه على الدوام
وأطرب لاسمه شوقاً ويبدو / علي بنشره نشر الخزام
تكرم ليلة بالقرب لكن / تكبر أن يجيب عن السلام
وأفرط بالتحجب بعد قرب / أتى يحكي شؤون الانفصام
فيا للَه من قطع بوصل / به وجداً طلع الصباح بلا مرام
وأبرح ما يكون الوجد يوما / إذا دنت الخيام من الخيام
غرام لا يقابل غرام
غرام لا يقابل غرام / وعين من بعادك لا تنام
وقلب قد تقلب فوق جمر / وعقل قد أحاط به الهيام
سقى المولى زماناً كنت فيه / جليسي والحديث له انتظام
وكاسات السرور تدور فينا / بمعنى لا يماثله مدام
وأوقات صفت ووفت بائس / ولطف لا العتاب ولا الملام
وحيا مربعاً كنا قعوداً / لديه وللهوى فيه قيام
وأطيار المحبة فيه تشدو / ونيران الشجون لها اضطرام
وآلام يزينها أنين / به نخرت من الجسد العظام
وإحراق لها لهفات قلب / يحاربها من العين انسجام
وغيبة فكرة وذهول لب / يقابلها وقار واحترام
وساعات لعمري ما أحيلي / مجالسها وسكر واصطلام
وأيام لها منها ليالٍ / تطول إذا بك انعقد الكلام
حبيبي إنني لك مت لهفاً / وشوقاً والفراق له حسام
وجرح البعد قرح لب قلبي / فهل بالقرب يدركه التئام
وهل بعد الجفا يحيا بوصل / تكون به السلامة والسلام
لعمري إنما الدنيا خيال / وكل بداية فلها ختام
وكل قضية فلها انقضاء / وكل نهاية فلها تمام
فسامحني وأنعم لي بقرب / وواصلني وإن أعداي لاموا
ولا تقطع بسيف الهجر ظهري / على أن الفؤاد لك المقام
فإن يك قطع حبلي عن ذنوبي / فهذا العمر عفو وانتقام
ومثلك سيدي للعفو أهل / ومثلي من يساعده الكرام
كلفت ضنى وذوبني غرامي / وأنت وحق طلعك المرام
سكنت فؤادي المشغوف لكن / تنحت فيك عن عيني الخيام
وقد أبكيتني وضحكت مني / فكيف وأنت جانبك الحرام
ولست بظالم وظلمت مضني / لعشقك راح يرحمه الأنام
عليك مولع باك نهارا / وفيك يجن إذ جن الظلام
إليك يموت أشجاناً ويحيا / وذا عجب وجود وانعدام
إذا ذكر التباعد والتلاقي / أحاط به بكاء وابتسام
يقطع بالهموم سبيل فكر / عليل فيك أمرضه الغرام
وعنك لصبره خيل ورجل / يشتتها الجوى فلها انهزام
إلى اللَه أشتكي من مكروقت / خؤون ما لصحبته دوام
وساعات تقد حبال وصل / لأحباب وهم عمد عظام
بلا خجل تصيرهم فرادى / وكم قومٍ ببابهم تراموا
وتلقاهم على فرش التأسي / سكارى والأنين لهم طعام
ألا ليت الزمان كما تعامى / عن الأخيار يعرف ما اللئام
لأهل الجهل إحسان ووصل / وللفضلاء فقرٌ وانفصام
كذا حظ الأماجد ما عليه / بهم عتب على الحظ الملام
فهل حظ يقوم بوصل فإن / لمن يهوى ويندفع الضرام
وتسكن زفرة وتطيب نفس / مولعة ويحصل ما يرام
ويعطف غاية المقصود فضلاً / وألا فالبعاد هو الحمام
وحق هواك يا من أنت روحي / وذا قسم له عندي ذمام
غرامك قد تسلطن في ضميري / وأشغلني فها أنا مستهام
ومن لهفي أغرا عليك مني / وأدهش حين يلثمك اللثام
وأذهل إن صدفتك في طريق / إلى أن يستقر بي المقام
فجل كرماً بقبلة شمس خد / علي كأنها بلد حرام
وإن تممتها بشرابٍ ريق / أقول تمامها مشك ختام
لقد أسمعتها سحر المعاني
لقد أسمعتها سحر المعاني / وصغت لها جمان الشعر نظما
فكان جزاي أن فتكت بقلبي / بسيف الصد عدواناً وظلما