القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد شَوقي الكل
المجموع : 15
كَبيرُ السابِقينَ مِنَ الكِرامِ
كَبيرُ السابِقينَ مِنَ الكِرامِ / بِرُغمي أَن أَنالَكَ بِالمَلامِ
مَقامُكَ فَوقَ ما زَعَموا وَلَكِن / رَأَيتُ الحَقَّ فَوقَكَ وَالمَقامِ
لَقَد وَجَدوكَ مَفتوناً فَقالوا / خَرَجتَ مِنَ الوَقارِ وَالاِحتِشامِ
وَقالَ البَعضُ كَيدُكَ غَيرُ خافٍ / وَقالوا رَميَةٌ مِن غَيرِ رامِ
وَقيلَ شَطَطتَ في الكُفرانِ حَتّى / أَرَدتَ المُنعِمينَ بِالاِنتِقامِ
غَمَرتَ القَومَ إِطراءً وَحَمداً / وَهُم غَمَروكَ بِالنِعَمِ الجسامِ
رَأَوا بِالأَمسِ أَنفَكَ في الثُرَيّا / فَكَيفَ اليَومَ أَصبَحَ في الرِغامِ
أَما وَاللَهِ ما عَلِموكَ إِلّا / صَغيراً في وَلائِكَ وَالخِصامِ
إِذا ما لَم تَكُن لِلقَولِ أَهلاً / فَما لَكَ في المَواقِفِ وَالكَلامِ
خَطَبتَ فَكُنتَ خَطباً لا خَطيباً / أُضيفَ إِلى مَصائِبِنا العِظامِ
لُهِجتَ باِلاِحتِلالِ وَما أَتاهُ / وَجُرحُكَ مِنهُ لَو أَحسَستَ دامي
وَما أَغناهُ عَمَّن قالَ فيهِ / وَما أَغناكَ عَن هَذا التَرامي
أَحَبَّتكَ البِلادُ طَويلَ دَهرٍ / وَذا ثَمَنُ الوَلاءِ وَالاِحتِرامِ
حَقَرتَ لَها زِماماً كُنتَ فيهِ / لَعوباً بِالحُكومَةِ وَالذِمامِ
مَحاسِنُهُ غِراسُكَ وَالمَساوي / لَكَ الثَمَرانِ مِن حَمدٍ وَذامِ
فَهَلّا قُلتَ لِلشانِ قَولاً / يَليقُ بِحاِلِ الماضِيَ الهُمامِ
يَبُثُّ تَجارِبَ الأَيّامِ فيهِم / وَيَدعو الرابِضينَ إِلى القِيامِ
خَطَبتَ عَلى الشَبيبَةِ غَيرَ دارٍ / بِأَنَّكَ مِن مَشيبِكَ في مَنامِ
وَلَولا أَنَّ لِلأَوطانِ حُبّاً / يُصِمُّ عَنِ الوِشايَةِ كَالغَرامِ
جَنَيتَ عَلى قُلوبِ الجَمعِ يَأساً / كَأَنَّكَ بَينَهُم داعي الحِمامِ
أَراعَكَ مَقتَلٌ مِن مِصرَ باقٍ / فَقُمتَ تَزيدُ سَهماً في السِهامِ
وَهَل تَرَكَت لَكَ السَبعونَ عَقلاً / لِعِرفانِ الحَلالِ مِنَ الحَرامِ
أَلا أُنبيكَ عَن زَمَنٍ تَوَلّى / فَتَذكُرَهُ وَدَمعُكَ في اِنسِجامِ
سَلِ الحِلمِيَّةَ الفَيحاءَ عَنهُ / وَسَل داراً عَلى نورِ الظَلامِ
وَسَل مَن كانَ حَولَكَ عَبدَ جاهٍ / يُريكَ الحُبَّ أَو باغي حُطامِ
رَأَوا إِرثاً سَيَذهَبُ بَعدَ حينٍ / فَكانوا عُصبَةً في الاِقتِسامِ
وَنالوا السَمعَ مِن أُذُنٍ كَريمٍ / فَنالوا مِنهُ أَنواعَ المَرامِ
هُمُ حِزبٌ وَسائِرُ مِصرَ حِزبٌ / وَأَنتَ أَصَمُّ عَن داعي الوِئامِ
وَكَيفَ يَنالُ عَونَ اللَهِ قَومٌ / سَراتُهُمُ عَوامِلُ الاِنقِسامِ
إِذا الأَحلامُ في قَومٍ تَوَلَّت / أَتى الكُبَراءُ أَفعالَ الطَغامِ
فَيا تِلكَ اللَيالي لا تَعودي / وَيا زَمَنَ النِفاقِ بِلا سَلامِ
أُحِبُّكِ مِصرُ مِن أَعماقِ قَلبي / وَحُبُّكِ في صَميمِ القَلبِ نامي
سَيَجمَعُني بِكِ التاريخُ يَوماً / إِذا ظَهَرَ الكِرامُ عَلى اللِئامِ
لِأَجلِكِ رُحتُ بِالدُنيا شَقِيّاً / أَصُدُّ الوَجهَ وَالدُنيا أَمامي
وَأَنظُرُ جَنَّةً جَمَعَت ذِئاباً / فَيَصرُفُني الإِباءُ عَنِ الزِحامِ
وَهَبتُكِ غَيرَ هَيّابٍ يَراعاً / أَشَدَّ عَلى العَدُوِّ مِنَ الحُسامِ
سَيَكتُبُ عَنكِ فَوقَ ثَرى رِياضٍ / وَفي التاريخِ صَفحَةَ الاِتِّهامِ
أَفي السَبعينَ وَالدُنيا تَوَلَّت / وَلا يُرجى سِوى حُسنِ الخِتامِ
تَكونُ وَأَنتَ رِياضُ مِصرٍ / عُرابي اليَومَ في نَظَرِ الأَنامِ
إِلامَ الخُلفُ بَينَكُمُ إِلاما
إِلامَ الخُلفُ بَينَكُمُ إِلاما / وَهَذي الضَجَّةُ الكُبرى عَلاما
وَفيمَ يَكيدُ بَعضُكُمُ لِبَعضٍ / وَتُبدونَ العَداوَةَ وَالخِصاما
وَأَينَ الفَوزُ لا مِصرُ اِستَقَرَّت / عَلى حالٍ وَلا السودانُ داما
وَأَينَ ذَهَبتُمُ بِالحَقِّ لَمّا / رَكِبتُم في قَضِيَّتِهِ الظَلاما
لَقَد صارَت لَكُم حُكماً وَغُنماً / وَكانَ شِعارُها المَوتَ الزُؤاما
وَثِقتُم وَاِتَّهَمتُم في اللَيالي / فَلا ثِقَةً أَدَمنَ وَلا اِتِّهاما
شَبَبتُم بَينَكُم في القُطرِ ناراً / عَلى مُحتَلِّهِ كانَت سَلاما
إِذا ما راضَها بِالعَقلِ قَومٌ / أَجَدَّ لَها هَوى قَومٍ ضِراما
تَرامَيتُم فَقالَ الناسُ قَومٌ / إِلى الخِذلانِ أَمرُهُمُ تَرامى
وَكانَت مِصرُ أَوَّلَ مَن أَصَبتُم / فَلَم تُحصِ الجِراحَ وَلا الكِلاما
إِذا كانَ الرِماةُ رِماةَ سوءٍ / أَحَلّوا غَيرَ مَرماها السِهاما
أَبَعدَ العُروَةِ الوُثقى وَصَفٍّ / كَأَنيابِ الغِضَنفَرِ لَن يُراما
تَباغَيتُم كَأَنَّكُمُ خَلايا / مِنَ السَرَطانِ لا تَجِدُ الضِماما
أَرى طَيّارَهُم أَوفى عَلَينا / وَحَلَّقَ فَوقَ أَرؤُسِنا وَحاما
وَأَنظُرُ جَيشَهُم مِن نِصفِ قَرنٍ / عَلى أَبصارِنا ضَرَبَ الخِياما
فَلا أُمَناؤُنا نَقَصوهُ رُمحاً / وَلا خُوّانُنا زادوا حُساما
وَنَلقى الجَوَّ صاعِقَةً وَرَعداً / إِذا قَصرُ الدُبارَةِ فيهِ غاما
إِذا اِنفَجَرَت عَلَينا الخَيلُ مِنهُ / رَكِبنا الصَمتَ أَو قُدنا الكَلاما
فَأُبنا بِالتَخاذُلِ وَالتَلاحي / وَآبَ مِمّا اِبتَغى مِنّا وَراما
مَلَكنا مارِنَ الدُنيا بِوَقتٍ / فَلَم نُحسِن عَلى الدُنيا القِياما
طَلَعنا وَهيَ مُقبِلَةٌ أُسوداً / وَرُحنا وَهيَ مُدبِرَةٌ نَعاما
وَلينا الأَمرَ حِزباً بَعدَ حِزبٍ / فَلَم نَكُ مُصلِحينَ وَلا كِراما
جَعَلنا الحُكمَ تَولِيَةً وَعَزلاً / وَلَم نَعدُ الجَزاءَ وَالاِنتِقاما
وَسُسنا الأَمرَ حينَ خَلا إِلَينا / بِأَهواءِ النُفوسِ فَما اِستَقاما
إِذا التَصريحُ كانَ بِراحَ كُفرٍ / فَلِم جُنَّ الرِجالُ بِهِ غَراما
وَكَيفَ يَكونُ في أَيدٍ حَلالاً / وَفي أُخرى مِنَ الأَيدي حَراما
وَما أَدرى غَداةَ سُقيتُموهُ / أَتِرياقاً سُقيتُمُ أَم سِماما
شَهيدَ الحَقِّ قُم تَرَهُ يَتيماً / بِأَرضٍ ضُيِّعَت فيها اليَتامى
أَقامَ عَلى الشِفاهِ بِها غَريباً / وَمَرَّ عَلى القُلوبِ فَما أَقاما
سَقِمتَ فَلَم تَبِت نَفسٌ بِخَيرٍ / كَأَنَّ بِمُهجَةِ الوَطَنِ السَقاما
وَلَم أَرَ مِثلَ نَعشِكَ إِذ تَهادى / فَغَطّى الأَرضَ وَاِنتَظَمَ الأَناما
تَحَمَّلَ هِمَّةً وَأَقَلَّ ديناً / وَضَمَّ مُروءَةً وَحَوى زِماما
وَما أَنساكَ في العِشرينَ لَمّا / طَلَعتَ حِيالَها قَمَراً تَماما
يُشارُ إِلَيكَ في النادي وَتُرمى / بِعَينَي مَن أَحَبَّ وَمَن تَعامى
إِذا جِئتَ المَنابِرَ كُنتَ قُسّاً / إِذا هُوَ في عُكاظَ عَلا السَناما
وَأَنتَ أَلَذُّ لِلحَقِّ اِهتِزازاً / وَأَلطَفُ حينَ تَنطِقُهُ اِبتِساما
وَتَحمُلُ في أَديمِ الحَقِّ وَجهاً / صُراحاً لَيسَ يَتَّخِذُ اللِثاما
أَتَذكُرُ قَبلَ هَذا الجيلِ جيلاً / سَهِرنا عَن مُعَلِّمِهِم وَناما
مِهارُ الحَقِّ بَغَّضَنا إِلَيهِم / شَكيمَ القَيصَرِيَّةِ وَاللِجاما
لِواؤُكَ كانَ يَسقيهِم بِجامٍ / وَكانَ الشِعرُ بَينَ يَدَيَّ جاما
مِنَ الوَطَنِيَّةِ اِستَبقَوا رَحيقاً / فَضَضنا عَن مُعَتِّقِها الخِتاما
غَرَسنا كَرمَها فَزَكا أُصولاً / بِكُلِّ قَرارَةٍ وَزَكا مُداما
جَمَعتَهُمُ عَلى نَبَراتِ صَوتٍ / كَنَفخِ الصورِ حَرَّكَتِ الرِجاما
لَكَ الخُطَبُ الَّتي غَصَّ الأَعادي / بِسَورَتِها وَساغَت لِلنُدامى
فَكانَت في مَرارَتِها زَئيراً / وَكانَت في حَلاوَتِها بُغاما
بِكَ الوَطَنِيَّةُ اِعتَدَلَت وَكانَت / حَديثاً مِن خُرافَةٍ أَو مَناما
بَنَيتَ قَضِيَّةَ الأَوطانِ مِنها / وَصَيَّرتَ الجَلاءَ لَها دِعاما
هَزَزتَ بَني الزَمانِ بِهِ صَبِيّاً / وَرُعتَ بِهِ بَني الدُنيا غُلاما
بِهِ سِحرٌ يُتَيِّمُهُ
بِهِ سِحرٌ يُتَيِّمُهُ / كِلا جَفنَيكَ يَعلَمُهُ
هُما كادا لِمُهجَتِهِ / وَمِنكَ الكَيدُ مُعظَمُهُ
تُعَذِّبُهُ بِسِحرِهِما / وَتوجِدُهُ وَتُعدِمُهُ
فَلا هاروتَ رَقَّ لَهُ / وَلا ماروتَ يَرحَمُهُ
وَتَظلِمُهُ فَلا يَشكو / إِلى مَن لَيسَ يَظلِمُهُ
أَسَرَّ فَماتَ كُتماناً / وَباحَ فخانَهُ فَمُهُ
فَوَيحَ المُدنَفِ المَع / مودِ حَتّى البَثُّ يُحرَمُهُ
طَويلُ اللَيلِ تَرحَمُهُ / هَواتِفُهُ وَأَنجُمُهُ
إِذا جَدَّ الغَرامُ بِهِ / جَرى في دَمعِهِ دَمُهُ
يَكادُ لِطولِ صُحبَتِهِ / يُعادي السُقمَ يُسقِمُهُ
ثَنى الأَعناقَ عُوَّدُهُ / وَأَلقى العُذرَ لُوَّمُهُ
قَضى عِشقاً سِوى رَمَقٍ / إِلَيكَ غَدا يُقَدِّمُهُ
عَسى إِن قيلَ ماتَ هَوىً / تَقولُ اللَهُ يَرحَمُهُ
فَتَحيا في مَراقِدِها / بِلَفظٍ مِنكَ أَعظُمُهُ
بِروحِيَ البانُ يَومَ رَنا / عَنِ المَقدورِ أَعصَمُهُ
وَيَومَ طُعِنتُ مِن غُصنٍ / مُعَلِّمُهُ مُنَعِّمُهُ
قَضاءُ اللَهِ نَظرَتُهُ / وَلُطفُ اللَهِ مَبسِمُهُ
رَمى فَاِستَهدَفَت كَبِدي / بِيَ الرامي وَأَسهُمَهُ
لَهُ مِن أَضلُعي قاعٌ / وَمِن عَجَبٍ يُسَلِّمُهُ
وَمِن قَلبي وَحَبَّتِهِ / كِناسٌ باتَ يَهدِمُهُ
غَزالٌ في يَدَيهِ التي / هُ بَينَ الغيدِ يَقسِمُهُ
مَعالي العَهدِ قُمتَ بِها فَطيما
مَعالي العَهدِ قُمتَ بِها فَطيما / وَكانَ إِلَيكَ مَرجِعُها قَديما
تَنَقَّل مِن يَدٍ لِيَدٍ كَريماً / كَروحِ اللَهِ إِذ خَلَفَ الكَليما
تَنحّى لِاِبنِ مَريَمَ حينَ جاءَ / وَخَلّى النَجمُ لِلقَمَرِ الفَضاءَ
ضِياءٌ لِلعُيونِ تَلا ضِياءً / يَفيضُ مَيامِناً وَهُدىً عَميما
كَذا أَنتُم بَني البَيتِ الكَريمِ / وَهَل مُتَجَزِّئٌ ضَوءُ النُجومِ
وَأَينَ الشُهبُ مِن شَرَفٍ صَميمِ / تَأَلَّقَ عِقدُهُ بِكُمو نَظيما
أَرى مُستَقبَلاً يَبدو عُجابا / وَعُنواناً يُكِنُّ لَنا كِتابا
وَكانَ مُحَمَّدٌ أَمَلاً شِهابا / وَكانَ اليَأسُ شَيطاناً رَجيما
وَأَشرَقَتِ الهَياكِلُ وَالمَباني / كَما كانَت وَأَزيَنَ في الزَمانِ
وَأَصبَحَ ما تُكِنُّ مِنَ المَعاني / عَلى الآفاقِ مَسطوراً رَقيما
سَأَلتُ فَقيلَ لي وَضَعَتهُ طِفلاً / وَهَذا عيدُهُ في مِصرَ يُجلى
فَقُلتُ كَذَلِكُم آنَستُ قَبلا / وَكانَ اللَهُ بِالنَجوى عَليما
بِمُنتَزَهِ الإِمارَةِ هَلَّ فَجرا / هِلالاً في مَنازِلِهِ أَغَرّا
فَباتَت مِصرُ حَولَ المَهدِ ثَغرا / وَباتَ الثَغرُ لِلدُنيا نَديما
لِجيلِكَ في غَدٍ جيلِ المَعالي / وَشَعبِ المَجدِ وَالهِمَمِ العَوالي
أَزُفُ نَوابِغَ الكَلِمِ الغَوالي / وَأَهدي حِكمَتي الشَعبَ الحَكيما
إِذا أَقبَلتَ يا زَمَن البَنينا / وَشَبّوا فيكَ وَاِجتازوا السِنينا
فَدُر مِن بَعدِنا لَهُمو يَمينا / وَكُن لِوُرودِكَ الماءَ الحَميما
وَيا جيلَ الأَميرِ إِذا نَشَأنا / وَشاءَ الجَدُّ أَن تُعطى وَشِئتا
فَخُذ سُبُلاً إِلى العَلياءِ شَتّى / وَخَلِّ دَليلَكَ الدينَ القَويما
وَضِنَّ بِهِ فَإِنَّ الخَيرَ فيهِ / وَخُذهُ مِنَ الكِتابِ وَما يَليهِ
وَلا تَأخُذهُ مِن شَفَتَي فَقيهِ / وَلا تَهجُر مَعَ الدينِ العُلوما
وَثِق بِالنَفسِ في كُلِّ الشُؤونِ / وَكُن مِمّا اِعتَقدتَ عَلى يَقينِ
كَأَنَّكَ مِن ضَميرِكَ عِندَ دينٍ / فَمِن شَرَفِ المَبادِئِ أَن تُقيما
وَإِن تَرُمِ المَظاهِرَ في الحَياةِ / فَرُمها بِاِجتِهادِكَ وَالثَباتِ
وَخُذها بِالمَساعي باهِراتِ / تُنافِسُ في جَلالَتِها النُجوما
وَإِن تَخرُج لِحَربٍ أَو سَلامِ / فَأَقدِم قَبلَ إِقدامِ الأَنامِ
وَكُن كَاللَيثِ يَأتي مِن أَمامِ / فَيَملَأُ كُلَّ ناطِقَةٍ وُجوما
وَكُن شَعبَ الخَصائِصِ وَالمَزايا / وَلا تَكُ ضائِعاً بَينَ البَرايا
وَكُن كَالنَحلِ وَالدُنيا الخَلايا / يَمُرُّ بِها وَلا يَمضي عَقيما
وَلا تَطمَح إِلى طَلَبِ المُحالِ / وَلا تَقنَع إِلى هَجرِ المَعالي
فَإِن أَبطَأنَ فَاِصبِر غَيرَ سالِ / كَصَبرِ الأَنبِياءِ لَها قَديما
وَلا تَقبَل لِغَيرِ اللَهِ حُكماً / وَلا تَحمِل لِغَيرِ الدَهرِ ظُلما
وَلا تَرضَ القَليلَ الدونَ قِسما / إِذا لَم تَقدِرِ الأَمرَ المَروما
وَلا تَيأَس وَلا تَكُ بِالضَجورِ / وَلا تَثِقَنَّ مِن مَجرى الأُمورِ
فَلَيسَ مَعَ الحَوادِثِ مِن قَديرِ / وَلا أَحَدٌ بِما تَأتي عَليما
وَفي الجُهّالِ لا تَضَعِ الرَجاءَ / كَوَضعِ الشَمسِ في الوَحَلِ الضِياءَ
يَضيعُ شُعاعُها فيهِ هَباءَ / وَكانَ الجَهلُ مَمقوتاً ذَميما
وَبالِغ في التَدَبُّرِ وَالتَحَرّي / وَلا تَعجَل وَثِق مِن كُلِّ أَمرِ
وَكُن كَالأُسدِ عِندَ الماءِ تَجري / وَلَيسَت وُرَّداً حَتّى تَحوما
وَما الدُنيا بِمَثوىً لِلعِبادِ / فَكُن ضَيفَ الرِعايَةِ وَالوِدادِ
وَلا تَستَكثِرَنَّ مِنَ الأَعادي / فَشَرُّ الناسِ أَكثَرُهُم خُصوما
وَلا تَجعَل تَوَدُّدُكَ اِبتِذالاً / وَلا تَسمَح بِحِلمِكَ أَن يُذالا
وَكُن ما بَينَ ذاكَ وَذاكَ حالا / فَلَن تُرضي العَدُوَّ وَلا الحَميما
وَصَلِّ صَلاةَ مَن يَرجو وَيَخشى / وَقَبلَ الصَومِ صُم عَن كُلِّ فَحشا
وَلا تَحسَب بِأَنَّ اللَهَ يُرشى / وَأَنَّ مُزَكّياً أَمِنَ الجَحيما
لِكُلِّ جَنىً زَكاةً في الحَياةِ / وَمَعنى البِرِّ في لَفظِ الزَكاةِ
وَما لِلَّهُ فينا مِن جُباةِ / وَلا هُوَ لِاِمرِئٍ زَكّى غَريما
فَإِن تَكُ عالِماً فَاِعمَل وَفَطِّن / وَإِن تَكُ حاكِماً فَاِعدِل وَأَحسِن
وَإِن تَكُ صانِعاً شَيئاً فَأَتقِن / وَكُن لِلفَرضِ بَعدَئِذٍ مُقيما
وَصُن لُغَةً يَحُقُّ لَها الصِيانُ / فَخَيرُ مَظاهِرِ الأُمِّ البَيانُ
وَكانَ الشَعبُ لَيسَ لَهُ لِسانُ / غَريباً في مَواطِنِهِ مَضيما
أَلَم تَرَها تُنالُ بِكُلِّ ضَيرٍ / وَكانَ الخَيرُ إِذ كانَت بِخَيرِ
أَيَنطِقُ في المَشارِقِ كُلُّ طَيرِ / وَيَبقى أَهلُها رَخَماً وَبوما
فَعَلِّمها صَغيرَكَ قَبلَ كُلِّ / وَدَع دَعوى تَمَدُّنِهِم وَخَلِّ
فَما بِالعِيِّ في الدُنيا التَحَلّي / وَلا خَرَسُ الفَتى فَضلاً عَظيما
وَخُذ لُغَةَ المُعاصِرِ فَهيَ دُنيا / وَلا تَجعَل لِسانَ الأَصلِ نَسيا
كَما نَقَلَ الغُرابُ فَضَلَّ مَشياً / وَما بَلَغَ الجَديدَ وَلا القَديما
لِجيلِكَ يَومَ نَشأَتِهِ مَقالي / فَأَمّا أَنتَ يا نَجلَ المَعالي
فَتَنظُرُ مِن أَبيكَ إِلى مِثالٍ / يُحَيِّرُ في الكَمالاتِ الفُهوما
نَصائِحُ ما أَرَدتُ بِها لِأَهدي / وَلا أَبغي بِها جَدواكَ بَعدي
وَلَكِنّي أُحِبُّ النَفعَ جَهدي / وَكانَ النَفعُ في الدُنيا لُزوما
فَإِن أُقرِئتَ يا مَولايَ شِعري / فَإِنَّ أَباكَ يَعرِفُهُ وَيَدري
وَجَدُّكَ كانَ شَأوي حينَ أَجري / فَأَصرَعُ في سَوابِقِها تَميما
بَنونا أَنتَ صُبحُهُمُ الأَجَلُّ / وَعَهدُكَ عِصمَةٌ لَهُمو وَظِلُّ
فَلِم لا نَرتَجيكَ لَهُم وَكُلٌّ / يَعيشُ بِأَن تَعيشَ وَأَن تَدوما
عَظيمُ الناسِ مَن يَبكي العِظاما
عَظيمُ الناسِ مَن يَبكي العِظاما / وَيَندُبُهُم وَلَو كانوا عِظاما
وَأَكرَمُ مِن غَمامٍ عِندَ مَحلٍ / فَتىً يُحيِ بِمِدحَتِهِ الكِراما
وَما عُذرُ المُقَصِّرِ عَن جَزاءٍ / وَما يَجزيهُمو إِلى كَلاما
فَهَل مِن مُبلِغٍ غَليومَ عَنّي / مَقالاً مُرضِياً ذاكَ المَقاما
رَعاكَ اللَهُ مِن مَلِكٍ هُمامٍ / تَعَهَّدَ في الثَرى مَلِكاً هُماما
أَرى النِسيانَ أَظمَأَهُ فَلَمّا / وَقَفتَ بِقَبرِهِ كُنتَ الغَماما
تُقَرِّبُ عَهدَهُ لِلناسِ حَتّى / تَرَكتَ الجَيل في التاريخِ عاما
أَتَدري أَيَّ سُلطانٍ تُحَيّي / وَأَيَّ مُمَلَّكٍ تُهدي السَلاما
دَعَوتَ أَجَلَّ أَهلِ الأَرضِ حَرباً / وَأَشرَفَهُم إِذا سَكَنوا سَلاما
وَقَفتَ بِهِ تُذَكِّرُهُ مُلوكاً / تَعَوَّدَ أَن يُلاقوهُ قِياما
وَكَم جَمَعَتهُمو حَربٌ فَكانوا / حَدائِدَها وَكانَ هُوَ الحُساما
كلام للبرية داميات / وَأَنتَ اليَومَ مَن ضَمَدَ الكلاما
فَلَمّا قُلتَ ما قَد قُلتَ عَنهُ / وَأَسمَعتَ المَمالِكَ وَالأَناما
تَساءَلَتِ البَرِيَّةُ وَهيَ كَلمى / أَحُبّاً كانَ ذاكَ أَمِ اِنتِقاما
وَأَنتَ أَجَلُّ أَن تُزري بِمَيتٍ / وَأَنتَ أَبَرُّ أَن تُؤذي عِظاما
فَلَو كانَ الدَوامُ نَصيبَ مَلكٍ / لَنالَ بِحَدِّ صارِمِهِ الدَواما
بِأَرضِ الجيزَةِ اِجتازَ الغَمامُ
بِأَرضِ الجيزَةِ اِجتازَ الغَمامُ / وَحَلَّ سَماءَها البَدرُ التَمامُ
وَزارَ رِياضَ إِسماعيلَ غَيثٌ / كَوالِدِهِ لَهُ المِنَنُ الجِسامُ
ثَنى عِطفَيهِما الهَرَمانِ تيهاً / وَقالَ الثالِثُ الأَدنى سَلامُ
حَلُمّي مَنفُ هَذا تاجُ خوفو / كَقُرصِ الشَمسِ يَعرِفُهُ الأَنامُ
نَمَتهُ مِن بَني فِرعَونَ هامٌ / وَمِن خُلَفاءِ إِسماعيلَ هامُ
تَأَلَّقَ في سَمائِكِ عَبقَرِيّاً / عَلَيهِ جَلالَةٌ وَلَهُ وِسامُ
تَرَعرَعَتِ الحَضارَةُ في حُلاهُ / وَشَبَّ عَلى جَواهِرِهِ النِظامُ
وَنالَ الفَنُّ في أُولى اللَيالي / وَأُخراهُنَّ عِزّاً لا يُرامُ
مَشى في جيزَةِ الفُسطاطِ ظِلٌّ / كَظِلِّ النيلِ بُلَّ بِهِ الأُوامُ
إِذا ما مَسَّ تُرباً عادَ مِسكاً / وَنافَسَ تَحتَهُ الذَهَبَ الرَغامُ
وَإِن هُوَ حَلَّ أَرضاً قامَ فيها / جِدارٌ لِلحَضارَةِ أَو دِعامُ
فَمَدرَسَةٌ لِحَربِ الجَهلِ تُبنى / وَمُستَشفى يُذادُ بِهِ السَقامُ
وَدارٌ يُستَغاثُ بِها فَيَمضي / إِلى الإِسعافِ أَنجادٌ كِرامُ
أُساةُ جِراحَةٍ حيناً وَحيناً / مَيازيبٌ إِذا اِنفَجَرَ الضِرامُ
وَأَحواضٌ يُراضُ النيلُ فيها / وَكُلُّ نَجيبَةٍ وَلَها لِجامُ
فَقَوِّ حَضارَةَ الماضي بِأُخرى / لَها زَهوٌ بِعَصرِكَ وَاِتِّسامُ
تَرفُّ صَحائِفُ البَردِيِّ فيها / وَيَنطُقُ في هَياكِلِها الرُخامُ
رَعَتكَ وَوادِياً تَرعاهُ عَنّا / مِنَ الرَحمَنِ عَينٌ لا تَنامُ
فَإِن يَكُ تاجُ مِصرَ لَها قِواماً / فَمِصرُ لِتاجِها العالي قِوامُ
لِتَهنَأ مِصرُ وَليَهنَأ بَنوها / فَبَينَ الرَأسِ وَالجِسمِ اِلتِئامُ
سلام الله لا أرضى سلامي
سلام الله لا أرضى سلامي / فكل تحية دون المقام
وعين من رسول الله ترعى / وتحرس حامل الأمر الجُسام
وتنَجد مقلة في الله يقظى / وتخلفها على أمم نيام
تقلَّب في ليال من خطوب / تركن المسلمين بلا سلام
ومن عجبٍ قيامك في الليالي / وأنت الشمس في نظر الأنام
أحب خليفة الرحمن جهدي / وحب الله في حب الإمام
وأجعل عصره عنوان شعري / وحسن العقد يظهر في النظام
فإن نفت الموانع فيه حظى / فليس بفائت حظ الكلام
وقد يُرعى الغمام الأرض أذنا / وأين الأرض من سمع الغمام
إلى ابن محمد أهدي كتابي
إلى ابن محمد أهدي كتابي / وقد يُهدَى القليل إلى الكريم
وما أهدى له إلا فؤادي / وما بين الفؤاد من الصميم
وغرس طفولتي وجَنَى شبابي / وما أوعيت من وحي قديم
وما حاولت من عصر عظيم / من الآداب للوطن العظيم
وكان محمد أوفى وأرعى / لهذا الدرّ من واعي اليتيم
وإن الشعر ريحان الموالي / وراحة كل ذى ذوق سليم
وما شرب الملوك ولا استعادوا / كهذى الكأس من هذا النديم
تحبك صاحبي منا قلوب
تحبك صاحبي منا قلوب / لغيرك ظهرها ولك الصميم
وترجو أن تعيش لها نفوس / إذا تبقى لها يبقى النعيم
عن اللذات صامت لم تجادل / فإما عن هواك فلا تصوم
أفي هذا الشباب تعف نفس
أفي هذا الشباب تعف نفس / ولا يلهى الفتى هذا النعيم
ألا يدعوك للذات صفو / وأكثرنا على كدر يحوم
كأن مكارم الأخلاق روض / وأنت الزهر فيه والنسيم
فهلا أختار هذا النهج قوم / خلالُ الدين بينهم رسوم
وما جهلوا فوائد ما أضاعوا / ولكن ربما نسى العليم
تَغَيَّرنا فلا ظن جميل / بخالقنا ولا قلب سليم
كأنا في التلون قوم موسى / وأنت بنا كما شقى الكليم
فإن لم نرض أخلاقا فعذرا / لعل ضلالنا هذا قديم
عرابي كيف أوفيك الملاما
عرابي كيف أوفيك الملاما / جمعت على ملامتك الأناما
فقف بالتل واستمع العظاما / فإن لها كما لهمو كلاما
سمعت من الورى جدا وهزلا / فانصت إذ تقول القول فصلا
كانك قاتل والحكم يتلى / عليك وانت تنتظر الحماما
ولا تامل من الأموات عفوا / وإن كان الحسين اباك دعوى
ارقت دماءهم لعبا ولهوا / ولم تعرف لغاليها مقاما
دماء قد فدتك ولم تصنها / نفضت يديك يوم التل منها
فكيف تنام عين الله عنها / إذا غفل الملا عنها وناما
لقد سفكت بجهلك شر سفك / لغير شهادة او رفع ملك
وانت على قديم العز تبكى / وتندب رتبة لك او وساما
تقول لك العظام مقال صدق / ورب مقالة من غير نطق
قتلت المسلمين بغير حق / وضيّعتَ الأمانة والذماما
تقول لقد بقيت وما بقينا / ثبتنا للعدا حتى فنينا
فما حكم الليالي في بنينا / وما صنع الأرامل واليتامى
وتقول وصوتها رعد قوىّ / ونحل في الضمير لها دوى
لقد مات الكرام وأنت حىّ / حياة تنقضى عارا وذاما
تقول وصوتها ملأ الدهورا / وأنت أصم من حجر شعورا
عرابي هل تركت لنا قبورا / يقول الطائفون بها سلاما
تقول وصورتها بلغ السماء / وأسمع خير من سمع النداء
إله العالمين أجب دماء / تصيح الانتقاما الانتقاما
تقول جبنت حين الظلم ينمو / وثر ولم يكن في مصر ظلم
وغرك من أبي العباس حلم / ولما يكتمل في الحكم عاما
وقفت له وما ظلم الأمير / ولم يكن آطمأن به السرير
فجل الخطب واضطربت أمور / عييت بأن تكون لها نظاما
تقول مقالة فيها اعتبار / عشية حال بينكما الفرار
أموتٌ يا عرابي ثم عار / يلازمنا بقائدنا لزاما
رمانا بالجبانة كل شعب / وسبتنا الخلائق أى سب
لأجلك حين تخرج لحرب / ولا جردت في الهيجا حساما
وقيل زعيمهم ولى الفرارا / وفي بلبيس قد ساق القطارا
وخلف جيشه فوضى حيارى / وقد بلغ العِدى فيهم مراما
نسائل عن عرابي لا نراه / وننشد حاميا خلّى حماه
ركبنا الموت لم نركب سواه / ونت ركبت للعار الظلاما
رويدا يا شعوب الأرض مهلا / فما كنا لهذا اللوم أهلا
أراكم واحد جبنا وجهلا / فأنساكم مواقفنا العظاما
سلوا تاريخنا وسلوا عليا / ألم يملأ بنا الدنيا دويا
لقد عاش الأمير بنا قويا / وعشنا تحت رايته كراما
يَعزّبنا ويقهر من يشاء / كأنا تحت رايته القضاء
لنا في ظلها وله علاء / ومجد يملأ الدنيا ابتساما
ألم نكف الحجاز عوان حرب / وأنقذناه من حرب وكرب
فكنا للمهيمن خير حزب / أجرنا الدين والبيت الحراما
سلوه وأهله أيام ثاروا / ألم نقبض عليه وهو نار
وكان الدين ليس له قرار / فثبتناه يومئذ دعاما
ألم نك خلف إبراهيم لما / رمى بجواده الأبراج شما
وكبرّ يوم مورة ثم سمى / فكنا الصف إذ كان الإماما
ترانا في مواقفه نليه / كما جمع الأب الوافي بنيه
وليس الجيش إلا قائديه / إذا ما قوموا الجيش استقاما
نلبى إن أشار براحتيه / إلى حصن فيسبقنا إليه
كأن سميّه في بردتيه / يخوض النار في الهيجا سلاما
وفي اليونان أحسنا البلاء / وهز المسلمون بنا اللواء
وقدّمنا بوارجنا فداء / على الأمواج تضطرم اضطراما
وفي البلغار صلنا ثم صلنا / وطاولنا الجبال بها فطلنا
وأنزلنا العدوّ وما نزلنا / وكنا للرواسى الشم هاما
وسل بأسنا سودان ومصرا / فبعد الله والمهدىّ أدرى
بأنا الأسد إقداما وأجرا / إذا اصدم الفريقان اصطداما
وفي المسكوف شدنا ذكرا مصرا / على قتلى بها منا وأسرى
بلغنا نحن والأتراك عذرا / وأرضينا المهيمن والإماما
وكان لنا بلاء في كريد / بيوم ثائر الهيجا شديد
أذبناها وكانت من حديد / وأطفأنا لثورتها ضِراما
رفعنا الملك بالمهج الغوالي / تسيل على القواضب والعوالي
وبالأذكار لم نحيى الليالي / ولا بتنا على ضيم نياما
تقول لك العظام دع الأماني / ولا تحِفل بسيف غير قاني
وليس بذى الفقار ولا اليماني / ولا المقهور دفعا واستلاما
أراح الله منك حدِيدَتَيه / وأنسى الناس ما علموا عليه
وأنت تنبه الدنيا إليه / وتفتأ تذكر العار الجُساما
تحنّ له كأنك لم تضعه / فسعه بجبنك المأثور سعه
ودعه في ظلام الغمد دعه / لعل مع الظلام له احتراما
أما والله ما لُعَب الصغار / ولا خُشُب يقلدن الجوارى
ولا الأوتار في ايدى الجوارى / بأحسن منه في الهيجا قياما
وهذا الصدر أضيق أن يحلَّى / وأن يسترجع الشأن الأجلا
فلم يك للقنا يوما محلا / ولا لقى الرصاص ولا السهاما
لقد ضاع الفخار على الخفير / وضاعت عنده نعم الأمير
أمن تحت السلاح إلى وزير / يسمى السيد البطل الهماما
عمَّى في الشرق كان ولا يزال / فما برحت معاليه تنال
ويبلغ شاوها الأقصى رجال / لهم في الجهل قدر لا يسامى
فخذ رتب المعالي أو فدعها / وإن شئت اشِرها أو شئت بعها
فإنك إن تنلها لا تضعها / وحاشا ترفع الرتب الطغاما
تقول كل العظام وأنت لاه / تمنى النفس من مال وجاه
وتكذب بالصلاة على إله / ولما بتلغ الروح التراقي
سنأخذ منك يوما بالخناق / ولما تبلغ الروح التراقي
تلاقى يوم ذلك ما تلاقى / دماء الخلق والموت الزؤاما
نجيئك يوم يحضُرك الحمام / يسل حسامه ولنا حسام
وتسبق سهمه منا سهام / لها بالحق رام لا يرامى
نجيئك يوم تحضُرك المنون / ويأتى العقل إذ يمضى الجنون
نقول لنا على الجاني ديون / فياربَّ الدم احتكم احتكاما
ونُسأل ما جنى ماذا أساء / ليلقى عن جنايته الجزاء
فنرفعها إلى البارى دماء / ونعرضها له جثثا وهاما
نقول جنى ومنَّ بما جناه / وحاول أن تُردّ له علاه
وضيع أنفسنا ذهبت فداه / وأنت الله فانتقم انتقاما
هناك ترى جهنم وهي تُحمَى / وتذكر ما مضى جرما فجرما
فَتُشرقَ بالدم المسفوك ظلما / وبالوطن العثور ولا قياما
توليت الصحافة فاستكانت
توليت الصحافة فاستكانت / لما أرخصتها بيعا وسوما
وقد أبكيتها دهرا طويلا / فلا تحزن إذا أبكتك يوما
به هجر يتيمه
به هجر يتيمه / كلا جفنيك يعلمه
هما كادا لمهجته / ومنك الكيد معظمه
تعذِّبه بسحرهما / وتوجده وتعدمه
فلا هاروت رق له / ولا ماروت يرحمه
وتظلمه فلا يشكو / إلى من ليس يظلمه
أَسَرَّ فمات كتمانا / وباح فخانه فمه
فويح المدنف المعمو / د حتى البث يُحرمه
طويل الليل ترحمه / هواتفه وأنجمه
إذا جد الغرام له / جرى في دمعه دمه
يكاد لعهده أبدا / بعادى السقم يسقمه
ثنى الأعناق عوّده / وألقى العذر لوّمه
قضى عشقا سوى رمق / إليك غدا يقدمه
عسى إن قيل مات هوى / تقول الله يرحمه
فتحيا في مراقدها / بلفظ منك أعظمه
بروحي البان يوم رنا / عن المقدور أعصمه
ويوم طعنتُ من غصن / منَّعمه معلَّمه
قضاء الله نظرته / ولطف الله مبسمه
رمى فاستهدفت كِبدى / بىَ الرامي وأسهمه
له من أضلعي قاع / ومن عجب يسلمه
ومن قلبي وحبته / كِاس بات يهدمه
غزال في يديه التي / ه بين الغيد يقسمه
كأن أباه مر بأح / مدَ الهادى يكلمه
نبىُّ البر والتقوى / منار الحق معلمه
معاني اللوح أشرفها / رسالته ومقدمه
له في الأًصل أكرمهم / عريق الأصل أكرمه
خليل الله معدنه / فكيف يزيف درهمه
أبوّة سؤدد أخذت / بقرن الشمس تزحمه
ذبيجون كلهم / أمير البيت قيَّمه
تلاقوا فيه أطهارا / بسيماهم تَسَوُّمه
فنعم الغمد آمنة / ونعم السيف لهذمه
سرى في طهر هيكلها / كمسرى المسك يفعمه
يتيما في غِلالتها / تعالى الله مُوتمه
تزف الآىُ محملَه / إلى الدنيا وتقدمه
ويمسى نور أحمد في / ظلام الجهل يهزمه
وفي النيران يخمدها / وفي الإيوان يثلمه
وفي المعود من دين / ومن دنيا يقوّمه
فلما تم من طهر / ومن شرف تنسمه
تجلى مولد الهادى / يضئ الكون موسمه
هلموا أهل ذا النادى / على قدم نعظمه
بدا تستقبل الدنيا / به خيرا تَوسَّمه
يُجِّملها تهلله / ويحييها تبسمه
إلى الرحمن جبهته / ونحو جلالها فمه
وفي كتفيه نور الح / ق وضاح وروسمه
يتيم في جناح الل / ه يرعاه ويعصمه
فمن رحم اليتيم ففي / رسول الله يرحمه
يقوم به عن الأبو / ين جبريل ويخدمه
وترضعه فتاة البر / ر من سعد وترحمه
ويكفله موشَّى البر / د يوم الفخر مُعلَمه
نبىّ البر علمه / وجاء به يعلمه
أبر الخلق عاطفة / وأسمحه وأحلمه
وأصبره لنائبة / ومحذور يجَّشمه
لكل عنده في البر / حق ليس يهضمه
ولىّ الأهل والأتبا / ع والمسكين يطعِمه
سحاب الجود راحته / وفي برديه عيلمه
وما الدنيا وإن كثرت / سوى خير تقدّمه
يضئ القبرَ موحشُه / عليك به ومظلمه
وتغنمه إذا ولَّى / عن الإنسان مغنمه
نظام الدين والدنيا / أُتِيح له يتممه
تطلع في بنائهما / على التوحيد يدعمه
بشرع هام في النا / س هاشمه وأعجمه
كضوء الصبح بيِّنه / وكالبنيان مُكَمه
بيان جل موحيه / وعلم عز ملهمه
حكيم الذكر بين الكت / ب مظهره وميسمه
وكم للحق من غاب / رسول الله ضيغمه
له الغزوات لا تُحصى / ولا يحصى تكرمه
تكاد تقيد الإسداء ق / بل السيف أنعمه
أمين قريش اختلفت / فجاءته تُحكَّمه
صبيا بين فتيتها / إليه الأمر يرسمه
وإن أمانة الإنسا / ن في الدنيا تقدّمه
زكى القلب طُهِّر من / هوىً وغوايةٍ دمه
عفيف النوم يصدقُ ما / يرى فيه ويحلُمه
وخلوته إلى مَلك / على حلم يحلِّمه
يفيض عليه من وحى / فيَفهمه ويُفهِمه
كتاب الغيب مفضوض / له باد محكَّمه
مبين فيه ما يأتي / وما ينوى ويعزمه
ويظهر كل معجزة / لشانيه فيفحمه
فغاديةٌ تظلله / وباغمة تكلمه
تروِّى الجيش راحته / إذا استسقى عرمرمه
ويستهدى السماء حيا / لسائله فتسجُمه
ويرسل سهم دعوته / إلى الباغي فيقِصمه
تبارك من به أسرى / وجل الله مكرمه
يريه بيته الأقصى / ويُطلعه ويعلمه
على ملَكٍ أمين الل / هُ مسرجه وملجمه
معارجه السموات ال / عُلى والعرس سلَّمه
فلما جاء سدرته / وكان القرب أعظمه
دنا فرأى فخَّر فكا / ن من قوسين مجثمه
رسول الله لن يشقى / ببابك من يُيَمِّه
وأين النار من بشر / بسدّته تحرمه
لواء الحشر بين يد / يك يوم الدين تقدمه
شفيعا فيه يوم يلو / ذ بالشفعاء مجرمه
ففي يمناك جنته / وفي اليسرى جهنمه
أنا المرحوم يومئذ / بِدرُ فيك أنظمه
ولا منٌّ عليك به / فِمن جدواك منجمه
أينطق حكمة وحجا / لسان لا تقوّمه
خلاصي لست أملكه / وفضلك لست أعدمه
ثراك متى أطيف به / وأنشقه وألثمه
ففيه الخلق أعظمه / وفيه الخلق أوسمه
سقاه من نمير الخل / د كوثره وزمزمه
ولا برحت معطَّرةٌ / من الصلواتِ تلزمه
ألا بديارهم جن الكرام
ألا بديارهم جن الكرام / وشفهم بليلاها الغرام
بلاد أسفر الميلاد عنها / وصرحت الرضاعة والفطام
وخالط تربها وارفضّ فيه / رفات من حبيب أو عظام
بناء من أبوتنا الأوالي / يتمم بالبنين ويستدام
توالى المحسنون فشيدوه / وأيدى المحسنون هي الدعام
وأبلج في عنان الجود فرد / كمنزلة السموال لا يرام
يبيت النجم يقبس من ضياه / ويلمسها فيرتجل الجهام
له في الأعصر الأولى سمىٌّ / إذا ذكر اسمه ابتسم الذمام
كلا الجبلين حر عبقري / لدى محرابه ملك همام
أُزيلوا عن معاقلهم فأمسي / لهم في معقل الصخر اعتصام
تعذرت الركائب والمطايا
تعذرت الركائب والمطايا / فأوفدنا القلوب إلى السلوم
نحث صميمها حبا وشوقا / إلى الملك الكريم بن الكريم
تعَّهدَ ظلك الصحراء حتى / غدت رمضاؤها برد النعيم
مررتَ بها فهبَّت من بِلاها / كعيسى يوم مرّ على الرميم
وأنت النيل إحياء ونفعا / تبث البرء في البلد السقيم
تهنئك البلاد وَمن عليها / بعام هلَّ ميمون القدوم
يزيد هلالهَ حسنا وحسنى / هلالُ من محّياك الوسيم
تطلعت السنون إليك حبا / وتاه بك الجديد على القديم
فعِش ما شئت من عددٍ جِدادا / بجيد الدهر كالعقد النظيم
مباركة أهَّلتُها لمصر / وللكرسيّ والنجل الفخيم
بعثت سرائري في الكتب تترى / إلى ملك بخالصها عليم
ودون خلاله الأرِجات شعري / وإن صغتُ المديح من النسيم

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025