بعزمك أيها الملك العظيم
بعزمك أيها الملك العظيم / تذل لك الصعاب وتستقيم
رآك الدهر منه أشد بأساً / وشح بمثلك الزمن الكريم
إذا خطرت سيوفك في نفوسٍ / فأول ما يفارقها الجسوم
ولو أضمرت للأنواء حرباً / لما طلعت لهيبتك الغيوم
أيلتمس الفرنج لديك عفواً / وأنت بقطع دابرها زعيم
وكم جرعتها غصص المنايا / بيومٍ فيه يكتهل الفطيم
فسيفك في مفارقهم خضيبٌ / وذكرك في مواطنهم عظيم
وكل محصنٍ منهم أخيدٌ / وكل محصنٍ منهم يتيم
ولما أن طلبتهم تمنى ال / منية جو سلينهم اللئيم
أقام يطوف الآفاق حيناً / وأنت على معاقلهم مقيم
فسار وما يعادله مليكٌ / وعاد وما يعادله سقيم
يحاول أن يحاربك اختلاساً / كما رام اختلاس الليث ريم
ألم تر أن كلب الروم لما / تبين أنك الملك الرحيم
فجاء فطبق الفلوات خيلاً / كأن الجحفل الليل البهيم
وقد نزل الزمان على رضاه / فكان لخطبه الخطب الجسيم
فحين رميته بك في خميسٍ / تيقن أن ذلك لا يدوم
وأبصر في المفاضة منك جيشاً / فأحرن لا يسير ولا يقيم
كأنك في العجاج شهاب نورٍ / توقد وهو شيطانٌ رجيم
أراد بقاء مهجته فولى / وليس سوى الحمام له حميم
يؤمل أن تجود بها عليه / وأنت بها وبالدنيا كريم
رأيتك والملوك لها ازدحامٌ / ببابك لا تزول ولا تريم
تقبل من ركابك كل وقتٍ / مكاناً ليس تبلغه النجوم
تود الشمس لو وصلت إليه / وأين من الغزالة ما تروم
أردت فليس في الدنيا منيعٌ / وجدت فليس في الدنيا عديم
وما أحييت فينا العدل حتى / أميت بسيفك الزمن الظلوم
وصرت إلى الممالك في زمانٍ / به وبملكك الدنيا عقيم
تزخرف للأمير جنان عدنٍ / كما لعداه تستعر الجحيم
أقر الله عينك من مليكٍ / تخامر غب همته الهموم
ولا برحت لك الدنيا فداءً / وملكك من حوادثها سليم
وإن تك في سبيل الله تشقى / فعند الله أجرك والنعيم