المجموع : 4
تَغَيَّرَ عن مَوَدَّتِهِ وحالا
تَغَيَّرَ عن مَوَدَّتِهِ وحالا / وأَظْهَرَ بَعْدَ رغبتِهِ ملالا
فما يَنْفَكُ يَظلِمُني اعْتِدَاءً / وما أَنْفَكُّ أُنْصِفُهُ اعتدالا
وقد نُزِّهْتُ عن هَجْرٍ وهُجْرٍ / وإنْ أَبْدَى الخليلُ لِيَ اخْتِلالا
أُقيلُ ولا أَقُولُ وأَيُّ ذَنْبٍ / لِمَنْ مالَ الزمانُ به فمالا
ومن طَلَبَ الوفاءَ مِنَ الليالي / على عِلاَّتِها طَلَبَ المُحَالا
لذلك لم أَزَلْ طَلْقَ المُحَيَّا / وإنْ عَبَسَ الصديقُ وإن أَذَالا
وعندي والغرامُ له صُروفٌ / بَلَوْتُ صُنوفَها حالاً فحالا
ضلوعٌ لستُ آلوها اشتعالا / وقلبٌ لستُ آلوهُ اشتغالا
وكنتُ متى عَلِقْتُ حبالَ قومٍ / وصلتُ بها وإن صَرَمُوا حبالا
وتلك شمائلي راقَتْ وَرَقَّتْ وَرَقَّتْ / فما أَدرِي شَمولاً أو شمالا
بَقِيتَ وإنْ لَقِيتُ بك السَّقَاما / ودُمْتَ وإنْ أَدَمْتَ لِيَ انْتِقالا
فَمَنْ يخشاكَ لا يَخْشَى صُدوداً / ومن يرجوكَ لا يرجو وِصالا
إذا غَدِقَ الهوى يوماً لِمَعْنًى / أَزالَ الدهرُ معناهُ وزالا
وكم خَلُصَتْ سريرة من يُعادَى / وكم كدُرَتْ سريرةُ من يُوالَى
جَرَتْ بالجَوْرِ أَحكامُ الليالي / تَعالَى اللُّه عَنْ هذا تعالى
لَعَلَّكَ لاَئِمِي وَخَلاَكَ لَوْمٌ / فَمِثْلُكَ مَنْ تَخَيَّلَ ثُمَّ خَالا
أتُرْشِدُني ولستَ تَرَى سفاهاً / وتَهْدِينِي ولستَ ترَى ضلالا
دعِ الأيامَ تنقُلُني يداها / وتَلْعَبُ بي يميناً أو شِمالا
فكم صَرْفٍ صَرَفْتُ الفِكْرَ عنه / فما أدْرِي تَوَلَّى أَم توالَى
أَنا الماضي الشَّبَا والدَّهْرُ قَيْنٌ / أُريدُ على تَقَلُّبِهِ صِقالا
ولولا أَنْ يَشقَّ على عَلِيٍّ / لَجَرَّدَ غَيْرُهُ غَرْبِي وصالا
وكيف يكونُ بي أَبداً مَصُوناً / وَيَرْضَى أَنْ أَكونَ به مُذالا
أَيَأْنَفُ أَنْ يُقَلِّدَنِي جَميلاً / فَيَغْدو وقد تَقَلَّدَنِي جَمَالا
تراهُ يَظُنُّنِي أَنْ زِدتُ نقصاً / تزيد به معالِيهِ كمالا
عَذَرْتُكَ لَو منعتَ شفاءَ سُقْمِي / ولم تَمْنَحْنِيَ الداءَ العُضالا
دعِ التَّضْعيفَ لِلإضعاف عدلاً / فلستُ أطيقُ حَمْلاً واحتمالا
وعُدْ لقديمِ عادِكَ أَو فَصرِّحْ / وسُرَّ بها وإنْ ساءَتْ مقالا
فلَسْتُ بِفاقدٍ أَبداً منالا / يُمَلِّكُ راحَتي جاهاً ومالا
بحيثُ أَهزُّ أَسيافاً حِداداً / لأَعدائي وأَرْمَاحاً طِوالا
ويحميني هَجيرَ الذّلِّ قومٌ / يمد عَلَيَّ عزُّهُمُ ظِلالا
وأُرسلُها شوارِدَ مطلقاتٍ / تكونُ لعقلِ سامِعِها عِقالا
معانٍ للقريحِةِ فِكْرُ عانٍ / سَبَتْهُ فَرَجَّلَتْهُ لها ارتجالا
وقد أَرْشَفْتَ سَمْعَكَ من لَمَاها / بَرُودَ رُضَابِها العّذْبَ الزُّلالا
فهلْ أَبْصَرْتَ واستبصرَتَ إلاَّ الَّ / ذي تدعُونَه السِّحْرَ الحلالا
ومنكَ وفيك تنتظمُ القوافي / ومن وَجَدَ المقالَ الرَّحْبَ قالا
وظنَّي فيكَ إلاَّ عَنْ يقينِ / بأَنك مُوجِدِي وَطَنًا وآلا
نَعَمْ فانطِقْ بها واعدُدْ نوالاً / مقالكما يقلب ما نوالا
وطَرْفِي عن كَراهُ صام شهرا / فلُحْ كيما تُفَطِّرَهُ هلالا
وقَلِّدْ نَحْرَ عيدِ النَّحْرِ عِقْدًا / قَرَنْتَ به أَيادِيَكَ الثِّقالا
وعِدْ ظَمَأَى بِلالاً من وِدادٍ / تَجِدْ غَيْلانَ مُمْتَدِحاً بلالا
ودُمْ كالسُّحْبِ إِنْ بَعُدَتْ مَنَالاً / فقد قَرُبَتْ لِمُسْتَسْقٍ نَوالا
إليك تُشدُّ في العلمِ الرِّحالُ
إليك تُشدُّ في العلمِ الرِّحالُ / ومنك الجاهُ يُرجى والنّوالُ
وأنت الحافظُ الحبْرُ المعلّى / ومَنْ للدين والدنيا جمالُ
جمعْتَ الحُسنَيَيْن وأنت فردٌ / فما لك في الورى طُرّاً مثالُ
وما لك مثلُ جاهِك مستَباحٌ / وعِرضُك مثل فخرِك لا يُنالُ
ويُرضيكَ السؤالُ إذا سألنا / وبعضُ القوم يُغضِبُه السّؤالُ
ولي رسمٌ عليك ولا دِفاعٌ / لديك تصدُّ عنه ولا مِطالُ
ولما أن تأخّر طِبْتُ عيشاً / فقد تُستبطأُ السُحُبُ الثّقالُ
كتبتُ إليك في ظهرٍ لأني / فقيرٌ ليس لي واللهِ مالُ
وهذي قصّتي وإليك أشكو / ومني القولُ ثم لك الفَعالُ
فأبقاك المهيمنُ في نعيمٍ / وعزٍّ ما لَه أبداً زَوالُ
بدورُ الحيّ مالتْ للأفولِ
بدورُ الحيّ مالتْ للأفولِ / فلا تسألْ عن الحيّ القتيلِ
أقام على المنازلِ من ضميرٍ / وسار فؤادُه بين الحمولِ
ولولا الحبّ ما أبصرتَ جسمي / بربعِهمُ محيلاً في مَحيلِ
فهل علِمَ الأحبةُ أن قلبي / غداةَ البينِ آذنَ بالرحيلِ
وهل سُرَّ العواذلُ أن طَرْفي / قصيرُ النومِ في الليلِ الطويلِ
وفي تلك القِبابِ شِفاءُ وجدي / ولكنْ ما إليه من سبيلِ
ولو كُتِبَ الوفاءُ على الغواني / لما أصبحتُ ذا جسمٍ عليلِ
فإن أُحرقْ فمن زَفراتِ وجدي / وإن أغرقْ فمنْ دمعي الهَمولِ
طربْتُ الى الفراتِ وشوقتْني / حمائمُ لا تملُّ من الهديلِ
عسى الأيامُ تُدنيني إليهِ / وتُعطيني كما أهواهُ سولي
فروضُ العيشِ آلَ الى اصفرارٍ / وغصنُ اللهوِ مالَ الى الذبولِ
ولو نّ البخيلةَ ساعفَتْنا / بطيفٍ طارقٍ منها وَصولِ
لكنتُ أبلُّ من فِيه أُوامي / وأنقَعُ من مراشفِه غليلي
وأقطفُ ورد ذاك الخدِّ لثماً / ونرجسَ ذلك الطرْفِ الكحيلِ
وبي ظمأ تحكّم في فؤادي / الى رشفِ الرُضابِ السلسبيلِ
وذكّرني سعادَ على التَنائي / نسيمُ الروضِ ذا الريح القَبولِ
أراها لا تميلُ الى التَداني / ولا قلبي يميلُ على العويل
تحكّم دلُّها في كل قلبٍ / كما حكمَ العزيزُ على الذَليل
فإن تلبسْ ثيابَ الحُسنِ يوماً / فإن ملابسي خِلَعُ النُحولِ
ولما خيّم الرُقَباءُ حولي / جعلتُ الريحَ نحوكم رَسولي
فكم لي من نعيمٍ في النعامي / وكم لي من قبولٍ في القَبولِ
لعلّ العيسَ تحملُني إليكمْ / مواصلةَ التعجْرُفِ والذميلِ
أيا صَرْفَ الزمانِ بلغتَ مني / ومن تلك المعالمِ والطُلولِ
ألا إني انتصرتُ بآلِ نصْرٍ / فما أخشى استطالةَ مُستَطيلِ
سحائبُ أزمةٍ فرسانُ حربٍ / بدورُ دُجنّةٍ آسادُ غيلِ
له همٌّ كقدورهُمُ المُعلّى / وبشرٌ مثلُ فعلهمُ الجميلِ
إذا شهدوا النديّ فمن نداهُم / يشيَّدُ دارسُ الكرَمِ المَحيلِ
فإن ركِبوا فمجتمعُ الأعادي / يفرِّقُ عن جريحِ أو قَتيل
وإما استُصرِخوا لدفاعِ ضيمٍ / رأيتَ فعائلَ السيفِ الصقيلِ
فإن تُلحِقْ بهم يوماً سواهُمْ / فما السَعْدانُ كالمَرْعى الوَبيلِ
جلالُ الدين عشتَ قرينَ عزٍّ / يَبيتُ به عدوّك من خَمولِ
إذا شامتْ صروفُ الدهرِ عَضْباً / ثَناهُ عضبُ عزمِك ذا فَلولِ
ويومٌ ما به لذوي عثارٍ / هنالكَ من مُقيلٍ أو مَقيلِ
تجولُ ضراغمُ الفُرسانِ فيه / على عُقبانِ سابقةِ الخُيولِ
وقد طلعتْ رماحُ الخطّ غاباً / جرَتْ أنهاره بيضَ النُصولِ
وأطلع نقعَهُ سُحْباً ولاحتْ / بروقُ البيضِ في رعد الصهيلِ
وأدبرتِ العداةُ مقصِّراتٍ / به عن فعلِ ذي الباعِ الطويلِ
فإمّا بالسيوفِ مطوَّقاتٍ / وإما في حُجولِ للكُبولِ
فكنتَ أجلَّ من عُقِدَتْ عليهِ / غداةَ الحربِ ألويةُ الرعيلِ
إليك أتى ركابُ الشِعْرِ يطوي / فسيحاتِ الحُزونِ مع السهولِ
كزهرِ الروضِ قد جُرَّتْ عليه / ذُيول غلائلِ الريحِ البَليلِ
تخفُّ له العقولُ ولا عجيبٌ / كذاك الخمرُ تلعبُ بالعُقولِ
هديةُ مخلصٍ لكمُ محبٌّ / عساكَ تُنيلها خِلَعَ القَبولِ
أظنّ البدرَ نازعك الكمالا
أظنّ البدرَ نازعك الكمالا / فباتَ يُريهِ إخمصَك الهِلالا
وقد تركتْ ذوابلَك الليالي / تدورُ على أسنّتها ذُبالا
وليس الغيثُ إلا ما أراهُ / بكفّكَ سحّ وَبْلاً أو وَبالا
لك الحسنُ البليغُ لسانَ فعلٍ / إذا طلبَ المقالَ به استقالا
وأين السيفُ من فتكاتِ عزْمٍ / نَهوضٍ لا كُلولَ ولا كَلالا
بأبيضَ خاطبٍ نثر الأعادي / وأرؤسَهُم يَميناً أو شِمالا
الى سُمْرٍ أشاعِرُهُ أُديرَتْ / فنظمت الرجالَ لكَ ارتجالا
ومثلُكَ في انفرادِك بالمَعالي / تعالى أن نُصيبَ له مِثالا
غمامٌ أطلعَ الآراءَ شمساً / وشمسٌ مدّتِ الأيدي ظلالا
ومثلُك ملء عينِ الدهرِ حُسْناً / وملء قلوبِ أهليهِ جَلالا
له عزْمٌ كنائلِه شباباً / الى حِلْمٍ كحِنْكَتِهِ اكْتِهالا
تقلدتِ الخلافةُ منه عَضْباً / كَفاها في الجلادِ به الجِدالا
تُجرِّدُه فيكْسوها جَميلاً / وتُغمِدُه فيكسوها جَمالا
إذا ما همّ يعرفْ نُكولاً / ولمْ يُنكِرْ أعاديه نَكالا
بخيلٍ كلّما اندفعَتْ قِسيّاً / تفوّقَ من فوارسِها نِبالا
تَرى البيضَ القصارَ مطابقاتٍ / على أرجائها السمرُ الطوالا
وكفُّ النصرِ قد كتبتْ سجِلاً / بأنّ الحربَ ما خُلقَتْ سِجالا
ومعذورٌ قريعُك إذ تولّى / بجيشٍ من قِراعِك قد تَوالى
بعثتَ به إليه مسوَّماتٍ / خفاقاً تحمِلُ النُوَبَ الثِقالا
نفَوْتَ العاصفات لها بِطاءً / إذا ما العاصفاتُ جرَتْ عِجالا
ولم يترُكْ أبو الفتحِ المُعلّى / لبابٍ يتقيه به انقِفالا
وظنّ النيلُ وهو أخوكَ نيلاً / عليهِ مَعقِلاً فغَدا عِقالا
ولما قرّ لم يعهَدْ نُزولاً / ولما فرّ لم يحْمِدْ نِزالا
ولم يكُ يا شُجاعُ فتًى جباناً / ولكنّ القتالَ كفى القِتالا
فإنْ تَنب الجيادُ الجردُ عنهُ / فإنّ الليثَ يحتقِرُ النِمالا
وإن طلت لقومك مُسرعات / فذاك لأنهم ركِبوا الضَلالا
رعيتَ رعيّةَ ظنو احتماءً / غداةَ رأوا من الحِلْمِ احتِمالا
ومثلُك مَنْ رأى لهمُ اعتداءً / فقابلَهُ برحمَتِه اعتِدالا
ولولا رأفةٌ لا نلكَ فيهمْ / أعادَ صخورَ ثغرِهم رِمالا
ولم تعدِلْ قبائلُه على ما / تبيّن من شجاعتِهم قِتالا
وسوف يكون شعرُ العبدِ نصراً / لنصرٍ عاجلٍ يأتيك فَالا
فداكَ معاشرٌ سمِعوا سُؤالاً / لقاصِدِهمْ فما عرَفوا سوى لا
صرفتُ إليكَ آمالي اعتزاءً / كما صرّفْتَهم عني اعتِزالا
وقلت لمن توثقها عُراةُ / وقد خانوا انفِصاماً وانفِصالا
وقفتَ مسائلاً طَلَلاً مَحيلاً / ورحتَ مطالباً أملاً مُحالا
ليَهْنكَ بل ليَهْنِ الناسَ عيدٌ / رأوا فيه جبينَك والهِلالا
رأوْا فيه جبينَك والهِلالا / فحازَ النقصَ إذ حُزْتَ الكَمالا
وربّ مشبّهِ بكَ بدرَ تَمٍّ / تلألأ إذ سفرت لهُ تلالا
رأى منكَ الخليفةُ ما رآه / فأبْشِرْ إذ أنالَكَ ما أنالا
ورحتَ موشّحاً حُلَلاً فقُلْنا / حلالاً قد خُصِصْتَ به حَلالا
وأمرُ المُلْكِ آلَ إليك طوعاً / أقسمَ لا يفارقُه وآلى
فدُمْ كالسُحْبِ إن بعُدَتْ مَنالاً / فقد قرُبَتْ لمُسْتَسْقٍ نَوالا