المجموع : 3
رأيت الحُبَّ ليس يُنال إلا
رأيت الحُبَّ ليس يُنال إلا / بحظٍّ من جَمالٍ أو نوالِ
وأنت من القباحةِ ذو نصيب / حقيق بالتصارم والتقالى
وما ستَرتْ عيوبَك عن عيونٍ / بَصيراتٍ يداك ببذلِ مالِ
فأيّة خَلّةٍ غرّتك حتى / خطبتَ بِها مَودّاتِ الرجالِ
أؤَمل بعدَ هذا الأسرِ حَلاَّ
أؤَمل بعدَ هذا الأسرِ حَلاَّ / وجِدِّ نوائب الأيام هَزلا
وأعلم أنّ جَور الدهرِ طوعا / سيُعقب بعدَه بالكُرِه عدلا
يقول ليَ اصطبارى قف رويداً / فأيّ سحائب الغَمَرات تُجلَى
ليالٍ خابطاتٌ في سُراها / وما تَدرِى أصبنَ القَصدَ أم لا
وأيامٌ تَراكضُ في مَداها / كأنّ وراءها طَرْدا وشَلاَّ
فمَن راغَمنَه رجَع الهُويْنا / ومن أخطأنه بلغ المَحلاّ
فكم أفقرن بالبؤسىَ غنيًّا / وكم أغنين بالنُّعمى مُقِلاّ
تُراها خُيِّرت فيما لديها / فما اختارت سواى لهنّ شُغلا
سهامٌ مؤلماتٌ كلَّ يومٍ / تُصيب ولا أرَى ريشاً ونَصلا
ولو كانت نبالُ بنى هُذَيْلٍ / لبِستُ لهن سابغَةً رِفَلاً
وما ذنبى إليها غير أنّى / جمعتُ محاسنا وحويتُ فضلا
فلولا أننى أرِعى فؤادى / بأوديةِ الأمانى متُّ هُزلا
أَعُدُّ ذنوبَها بيدى ومَن ذا / يُعدّ بعالجٍ والخبتِ رملا
إذا ما شئتَ أن تحيا سعيدا / فقل لا تؤِتنى يا ربِّ عقلا
فما عيشُ الوحوش بخير عيشٍ / به طابت به حُمقا وجَهلا
نبُثُّ لها الحبائلَ وهي ولْهَى / تجاوِبُ باغِما وتَرُبُّ طِفِلا
وما للمرء خيرٌ في حياةٍ / إذا أمسى على الإخوان كَلاَّ
لقد خلعَ التصابىَ مستَجدٌّ / نُصولُ هذراه غِمداً مُحلىً
تِقلُّ عن الغرام وأنتَ طِفلٌ / وتكبَرُ عن طلابِ اللهو كهلا
وفيما بين ذاك وذا شبابٌ / تمانعك الأحبَّةُ فيه وصلا
فأيّ زمانك الحُلوُ المُهنَّا / وأي قِداحِك القِدحُ المعُلَّى
لذاك بدأتُ بالهجران هِندا / كما عاجلتُ بالسلوان جُمْلا
وصرتُ إذا رأيتُ الظبَى يرنو / كأنّى ناظرٌ ليثاً مُدِلاّ
إذا ما هزَّ في بُرديْه عِطفا / هززتُ عليه من كفَّىَّ نَصلا
طروبٌ للوشاة إذا أعادوا / علَّى ملامةً فيه وعَذلا
وأحسنُ من قدودِ البِيض تهفو / قدودُ السُّمر في الهيجاء تُجلَى
فلا تُبرِقْ لىَ الحسناءُ ثَغر / ولا تُرِسلْ على المَنيْنْ جَثْلا
ولا تنفُثْ بسِحرٍ في جفونٍ / حلَلْتُ عقودَها كَحَلاً وكُحْلا
على أنّ الهوى في كلّ قلبٍ / ألذُّ من المنَى طَعما وأحلىَ
فلا يغرُرْك من ينجو سليماً / ولا تحسبْ عِلاجَ الحبّ سهلا
ولكنّى استعنتُ على فؤادي / بأصنافِ الرُّقَى حتى أبَلاّ
وحذَّرنى من الأحبابِ أنّى / رأيتُ دَماً لعُروةَ كيف طُلاَّ
أقلنى من ظباء بنى عَدى / فما أخشى ظباءَ الإنس كلاَّ
فهنّ إذا غَزوْنَ إلى قبيلٍ / أسرن مُعاهِدا وقتلن خِلاّ
وما أهوىَ سوى البَيداء داراً / وأفراساً تَضيعُ بها وإبلا
وأسمرَ يرعُد الأنبوبُ منه / غداةَ الروع خوفا أن يَزلاَّ
وأبيضَ تحسبُ الطُّبَّاعَ بثَّتْ / على مَتنيْه والحَدّين نملاَ
وممشوقٍ من الفِتيانِ يُدعَى / لكلِّ عظيمةٍ فيجيب هَلاَّ
كأنّى في الضحى أَرسَلتُ صَقْرا / وفي جُنح الدجى سِمْعا أزَلاَّ
أشير له ففيهمُ وَحىَ طَرفى / وخيرُ القول ما إن قَلَّ دلاَّ
أنا ابن جلاَ وطلاَّعُ الثنايا / وصاحبُ سيرةٍ تروَى وتُملَى
تحكَّكْ بالرئيِس وفز بشكرى / وحقاً تطلُبُ الجرباءُ جِذْلا
تلاقِ المجدَ بَّراقَ المُحيَّا / وثغرَ الجُود يضحَك مستهِلاّ
ومطروقَ الفِناءِ لزائريه / تقولُ كلابُه أهلا وسهلا
شمائلُ تسِرق الأقوامُ منها / وتَفضَح بامتحانٍ من تحلَّى
وهبْ أنّ الرجالَ حكَتْه قولا / فهل يحكونه قولا وفعلا
يطوفُ الوفدُ في الآفاق حتَى / تُحَطَّ به الرحائل حيث حلاَّ
إذا نزلوا فما لهمُ ارتحالٌ / ومن ذا يجتوى بَرْداً وظِلاَّ
وكلُّ فضيلةٍ ذُكِرَتْ لقوم / رأَوه بذكرِها أحرَى وأولىَ
هو البطلُ الذي خَصَم الليالي / فبيَّن في وقاشعها وأبلىَ
نحيد خُصومه عنه ومَن لا / يخافُ الليثَ أقبلَ مصمئِلاَّ
يَروع بصمتهِ من شاءَ منهم / وتخشَى الطيرُ بازيا تَجلَّى
شهدتُ بأنه الدرُّ المصفَّى / وأنفسُ قيمةً منه وأغلَى
وقالوا هل سواهُ بقِى أناسٌ / يليقُ بها المديح فقلتُ كلاَّ
بل يا ربما نُسِبوا ادعاءً / إلى كرمٍ كما نُسبَ المُعلَّى
أَلا يا أيّها الرحبُ السجايا / ومن يسقىِ بكأسِ الجود عَلاَّ
عهِدتُ نداك يورِقُ منه عُودِى / ويُمرِعُ إن شكت كفَّاىَ مَحْلاَ
وما زالتْ عُلاك أُحِلُّ منها / ربّى من رامنى فيهنّ زلاَّ
وكم لكَ من أيادٍ قد تشكّتْ / إليك مناكبي منهنّ ثِقْلا
نظمتُ من الثناءِ لها زَبورا / لفرطِ الحسن في المِحراب يُتلَى
فما لي يثلِمُ الأعداءُ حدِّى / ويختلق الوشاة عليَّ بُطلا
ويرمونى بزور القول حتّى / تمنَّى جانبي لو كنّ نَبْلا
فيا للهِ حيث وضعتُ جنبى / أمارسُ عَقربا منهم وصِلاَّ
محالُهمُ يمُدّ الىَّ باعا / وباطلُهم يحُطُّ علىَّ رِجلا
خُصومٌ ينظرون إلىَّ شَزْرا / ومن ذا يقهَر الخصمَ المُوَلَّى
ولو لم أشجُهم بدَمِى ولحمى / لقد أفنَوْهما شُربا وأَكلا
ولا واللهِ ما قارفتُ ذنباً / ولا جدَّت يدِى للنصح حَبلا
ولا استذكرتُ ما أوليتَ إلا / رأيتُ خِيانتى والغدرَ بَسْلا
وأُقسم بالمطايا مُشعَراتٍ / غداة النحر قد خُلِخلن عُقْلا
وبالغُبر الأشاعثِ لا دِهانٌ / تُرجِّلهم ولا الهاماتُ تُفلَى
وبالجمرات تحذِفُ أخْشَبَيْها / أناماُ تبتِغي مَنَّا وفَضلا
وبالحَرميْن تَملأُ عَرصَتَيْها / من الآفاقِ ركبانٌ ورَجْلىَ
وبالبيتِ المقدَّسِ والموَفِّى / قِرى الأضيافِ عنه والمصلَّى
بأنى ما لبِستُ الغشَّ ثَوبا / ولا أسكنتُ قلبي فيك غِلاَّ
وما هي غيرُ أقوالٍ تُوشَّى / ولستَ ترى لها فرعا وأصلا
وأنت الحاكم العدلُ القضايا / إذا حار امرؤ فيما تولَّى
أعوذ بحسن رأيك منك فيها / وأن ألقَى من الخُصماء خَبلا
فإن حزَّ الفَوارِى في أديمى / فلا عيبٌ إذا ما السيفُ فُلاَّ
أرى الأموالَ في اللؤماء تثوِى
أرى الأموالَ في اللؤماء تثوِى / وتجتنبُ الكرامَ من الرجالِ
كذاك الدُّرُّ في مِلحٍ أُجاجٍ / وليس يكون في عَذبٍ زُلالِ