المجموع : 3
نُبَلّغُها تَحيَّةَ مُسْتهام
نُبَلّغُها تَحيَّةَ مُسْتهام / إلى تلك السَّجايا والخلالِ
كما سَرَتِ الصَّبا وَهْنَاً فأَهْدَت / على الهَضَبَاتِ أنْفَاسَ الغَوالي
ألذُّ من الحديثِ على الأماني / وإن كانَ التعللَ بالمحال
وَأشْهَى من ليالي الوصلِ تَتْرى / ويا شوقاً إلى تلكَ الليالي
محمدُ يا ابنَ عيسى ثم حسبي / مكانُكَ من دعائي وابتهالي
ويا ابنَ الحضرميِّ وكتَ تَسْمو / لِتَحْدُو من عُلاهُ على مثال
ويا كافي الكُفَاةِ ولو بِحُكْمِي / وقدرِكَ قلتُ يا مَوْلَى الموالي
تَنَقَّلْ حيث شيتَ فأنت بدرٌ / تنقَّلُ من كمالٍ في كمال
أو اثبتْ كلما أحْمَدْتَ أمراً / فإنَّكَ بعضُ أركانِ ابال
وأيَّاً ما فعلتَ فأنت ظِلٌّ / وَقَاكَ اللهُ فَيْئَاتِ الظّلال
إليكِ فقد عرفتكِ أُمَّ دَفْرٍ
إليكِ فقد عرفتكِ أُمَّ دَفْرٍ / فَلَنْ تَجِدِي إلى خَدْعِي سَبيلا
نفضتُ يديَّ منكِ على يقينٍ / صحيحٍ نَهْنَهَ الشكَّ العليلا
أتى دون الأَسَى المعتادِ صَبْري / وجلّ فهوَّنَ الصبرَ الجليلا
وقلَّبْتُ الورى ظهراً لِبَطنٍ / فلم أَحْمَدْهُمُ إلاَّ قليلا
تُرَاوِحُنَا المنيَّةُ أوْ تُغَادِي / فإنْ تَسْطِعْ فَدَعْهَا أنْ تَصولا
وَنَحْنُ نَجِدُّ في حبِّ الأَماني / لِنَجْنُبَهُنَّ صَعْباً أو ذَلُولا
هيَ الشَّهَوَاتُ لا تنفَكُّ تُصْغِي / إليهنَّ السَّوَامِعَ والعقولا
كأنا حيثُ لم نَسَعِ المنايا / فَطَبَقَتِ الحُزُونَةَ والسُّهولا
لِنَبْكِ على بَقيَّةِ آلِ حَزْمٍ / عُيُونْهُمُ شَبَاباً أو كُهُولا
على حاميهمُ أنْ يسْتَضَامُوا / وَمَانِعِ دَهْرِهِمْ أن يَسْتَطيلا
أَعزُّهُمُ على الأَيَّامِ جَاراً / وَأهدَاهُمْ إلى العَلْيَا دليلا
مضى وكأنَّهُ الدنيا تَوَلَّتْ / ولكن لا نَظيرَ ولا بَديلا
مُصَابٌ كفَّ دونكَ كلَّ صَبْرٍ / فلا تكففُ دموعَكَ أنْ تسيلا
ألمْ يكُ حُبُّهُ كَهْفاً منيعاً / ألم يكُ قُرْبُهُ ظِلاً ظليلا
ألم يكُ لليتامَى والأَيامَى / وليّاً حانياً وَلهاً وَصُولا
ألم يكُ حينَ يَدْجُو الخطبُ بَدْراً / ولكنْ لا سَرَارَ ولا أُفُولا
ألَمْ يُحْرِزْ نهايةَ كلِّ مَجْدٍ / يقولُ الفَصْلَ أو يُعْطِي الجزيلا
ولما لم يقمْ للعلمِ وَزْنٌ / فأَصْبَحَ جاهُ حامِله خُمُولا
تَجَرَّدَ دونَه سَيْفاً حُسَاماً / وَهَبَّ لأَهله ريحاً بَليلا
وكان لكلِّ مَكْرُمَةٍ إماماً / وكانَ بكلِّ صالحةٍ كفيلا
أقولُ وقد نعاهُ ناعياهُ / أحُمَّ لركنِ رَضْوَى أنْ يَزُولا
وما شمطاءُ ضامتها الليالي / على أنْ لا قريبَ ولا دَخيلا
وشبَّ لها على شَمَط وَشَيْبٍ / وَيَأسٍ من زمانٍ أنْ يُقيلا
سليلاً ماجدِ الآباءِ قرمٍ / وطالا واستحقَّا أنْ يَطُولا
فأصبحَ في المقانبِ لا سُلَيْكاً / وأصْبَحَ في التنسُّكِ لا أبِيلا
إلى الحظَيْنِ من دنيا وَأُخْرَى / أقرَّ العينَ منه حين نيلا
أصابَ كليهما سًهْمُ المنايا / فلم تَمْلِكْ له إلا العَويلا
أقَبْرَ محمدٍ ولو اسْتَطَعْنَا / لقاءَ محمد لَشَفَى الغليلا
أظَلَّكَ كلُّ أوْطَفَ مُسْتَهِلِّ / يُسَقّيك الرحيقَ السَّلْسبيلا
وكيف نجدُّ في استسقاءِ غَيْثِ / لقبرٍ ضُمّنَ الغيثَ الهَطُولا
غزاءً يا بني حزمٍ عزاءً / فإنَّ لكلِّ نائبةٍ بديلا
وما عَزَّيْتُ قبلكمُ قبيلاً / أُصِيْبَ بواحدٍ يُدْعَى قبيلا
إلى من تَضْرَعونَ بكلِّ همٍّ / يَؤودُ أخَفُّهُ الجَلْدَ الحَمُولا
إلى من تُسْنِدُونَ بكلِّ خطبٍ / يكون جِلاؤُهُ الرأيَ الصَّقيلا
بمنْ تَسْتَظهِرونَ على الليالي / إذا حكمتْ فخفتمْ أنْ تَميلا
ومَنْ تَسْتَصْرِخونَ على الأَعادي / إذا استنكرتمُ منهمْ حَويلا
بني حزم وَطُوْلُكُمُ فُرُوعاً / يُبَيّنُ أنكُمْ طِبْتُمْ أُصُولا
أُعَزِّيكُمْ وليس معي عَزَاءٌ / ولكن لستُ أتْرُكُ أنْ أقولا
إليكَ أبَا الوليدِ هَوَايَ مَحْضَاً / بَعَثْتُ من القريضِ به رسولا
على أنّي أُنَادي منْ بعيدٍ / ولم أُحْمَ اللقاءَ ولا الوُصُولا
ولكن الزَّمَانَةَ قَصّرتْ بي / وَأجْلَى العُذْرِ ما رُزْقَ القَبُولا
وقد زارتْكَ خَيْلُ بناتِ فكري / ولكنْ لم تَزُرْكَ لِنَسْتَنيلا
وعندي من مكارمِ آلِ حَزْمٍ / طَوَائِلُ منه زِدْنَ رَجَايَ طولا
جمَالَكَ كلُّ حيٍّ سوفَ يَبْرِي / له صَرْفُ الرَّدَى سَهْماً قَتُولا
تصرَّفتِ الليالي كيفَ شاءَتْ / فَقَصْراً ليسَ يُجْدي أن تطولا
أبا حَسن دُعاءً أو خنيناً
أبا حَسن دُعاءً أو خنيناً / ولا آلوكَ إنْ كانَتْ خَبالا
أُنادي في التَّظلُّمِ منْ زَمَانٍ / عدا تلك الزِّيارَةَ والوِصالا
ولوْ أنَّ الخيالَ ينوبُ عني / لأبلغكَ الكَرَى قِصَصاً طوالا
ولولا أنْ أُدلّسَ في التلاقي / لَزُرْتُكَ حيثُ تَعْتَرِفُ الخيالا
فلم تَرَ بيننا وأبيكَ فَرْقاً / سوى أني أَحُقُّ إذا أحَالا
ذكرتُكَ ذكرةً جَذَبَتْكَ نحوي / فهل أحْسَنْتُ نَقْلاً أو نِقَالا
وأعلمُ أَنَّها كهواكِ سِحْراً / ولكن كيفَ تَسْتهْوِي الجبالا
بلى إنْ يدنُ طَيْفُكَ منْ وِسادي / فقد سَمَّيْتُها السّحَرَ الحلالا
وكيفَ يُحِسُّ طيفَكَ أو يراه / ولو نَصبَ الحبائلَ والحبالا
مُعَنّىً لا يزالُ سميرَ شوقٍ / عَهِدْتَ لِبَرْحِهِ ألا يَزَالا
يؤرِّقُهُ بعادُكَ كلَّ ليلٍ / تَوَهَّمَ طُوْلَ زَفْرَتِهِ فَطَالا
كأنَّ نجومَهُ أقداحُ شَرْبٍ / إذا زِيدتْ هُدىً زادتْ ضلالا
أبا حسنٍ وإن الحسنَ ممَّا / تشيرُ به مَقَالاً أو فَعَالا
لك الفضلُ الذي هُوَ فيكَ طَبْعٌ / إذا احتقبوهُ غَصباً وانتحالا
فنلتَ حقائقَ الأشياء علماً / كفاكَ البحثَ عنها والسؤالا
نَمَتْكَ إلى المكارمِ والمعالي / إذا نَجمٌ تَكَارم أو تعالى
صُقورٌ أو بدورٌ أو بحورٌ / وإنْ لم تلقَ مثلَهُمُ رجالا
إذا شَهِدُوا القتالَ فسوف تدري / لأَيَّةِ علةٍ شهدوا القتالا
بنو الهيجاء طاروا في وَغضاها / وإنْ كانتْ حُلثوْمُهُمُ ثِقَالا
إذا رتَّبْتَهُمْ شَنُّوا عليها / جِياداً ضُمَّراً وَقَنَاً طِوَالا
ونعم النازلونَ على الرَّوابي / إذا ما الشَّمْسُ أحْرَقَتِ الظّلالا
إذا التقتِ الرِّياحُ بحيثُ تدعو / بِصَوْبِ المُزْنِ حَالَفَها ابْتهِالا
ولو أني أشاءُ لأبْلَغَتْني / ذُرَاكَ وإن أساءَ بها فعالا
قلائصُ ما رَحَلْنَاهُنَّ إلا / رأيتَ بهنَّ عُصْماً أو رِئالا
كأنصافِ البُرَى وَتدِقُّ عنها / شَواها دِقَّةً تَسَعُ الخلالا
إذا انبَعَثتْ رأيتَ قِسِيَّ نَبْعٍ / وَتحْسَبُها إذا بَلَغَتْ مُحَالا
تُناسبُ شَدْقماً أو أنْكَرتْهُ / وصارَ لها السّرى عمّاً وخالا
تُراعُ من السّقابِ إذا رأتها / وتشتاقُ الأزمةَ والرِّحالا
وقد ألِفَتْ بناتِ القَفْرِ حتّى / حسبتَ الغولَ يُحْذيها النّعالا
إذا لَمَع السَّرَابُ تَبَادرتْهُ / فأحْسَبُهَا تريدُ به اشْتِمَالا
وبينَ جُفُونِها مِنْها نِطافٌ / إذا سَمِعَ الغليلُ بهنَّ حالا
لعلَّكَ يا عليُّ لها مَعَادٌ / فَيَسْقيها غِمارَاً أو سِجَالا
وتبسطَ أو تمدَّ لها يميناً / غدا نوءُ السّماك لها شِمالا
عَدَاني أنْ أزورَكَ صَرْفُ دَهْرٍ / ألحَّ فما أطيقُ له احْتِيالاَ
وَهَمٌّ من همومٍ لو تَوَخَّى / طريقَ الرِّيح كان لها عِقَالا
أبيعُكَ يا ابن بَيَّاعٍ فُؤَادي / وَغَيْرِي مَنْ إذا نَدِمَ اسْتَقَالا
وَأصْفِيكَ الودادَ وَغيْرُ وُدِّي / إذا حالتْ صروفُ الدَّهرِ حالا
إليك هوايَ تكرمةً وَبِرّاً / إذا كانَ الهوَى قِيْلاً وَقَالا
ومعذرةً بسيرِ بناتِ صَدْري / إليكَ بها اخْتِصَاراً واحتفالا
ودونكها وأنت أجلُّ قَدْراً / ولكنْ عادةٌ حُذِيتْ مِثَالا
فإنْ حَظِيتْ وأرُجو أنْ سَتحظى / فإنَّ الشمسَ نَوَّرتِ الهلالا
وإن ضاعتْ لديك فأنتَ شمسٌ / يشبُّ تَعَسُّفي فيها الذُّيالا
على خَطرٍ لو أنّ الليل مِنْهُ / لعادَ شبابُ راكبه اكتهالا
وغبّ تَعَقبٍ لو كان منه / فِرِنْدُ السيْفِ ما قَبِلَ الصّقالا