أَجَدَّ اليَوم جيرَتُكَ اِحتِمالا
أَجَدَّ اليَوم جيرَتُكَ اِحتِمالا / وَحَثَّ حُداتهم بِهِم الجِمالا
فَلَم يَأووا لِمن تَبَلوا وَلَكِن / تَوَلَّت عيرُهم بِهِم عِجالا
وَقطَّعتِ النَّوى أَقرانَ حَيٍّ / تَحَمَّلَ عَن مَساكِنه فَزالا
عَلَوا بالرَّقمِ وَالدِّيباجِ بُزلاً / تَخَيَّلُ في أَزِمَّتِها اِختِيالا
وَفي الأَظعانِ آنسةٌ لَعوبٌ / تَرى قَتلي بِغَيرِ دَمٍ حَلالا
حَباها اللَّهُ وَهيَ لِذاكَ أَهلٌ / مَع الحَسَبِ العَفافةَ وَالجَمالا
أُمَيَّةُ يَومَ دارِ القَسرِ ضَنَّت / عَلَينا أَن تُتَوِّلنا نَوالا
دَنَت حَتّى إِذا ما قُلتُ جادَت / أَجَدَّت بَعدُ بُخلاً واِعتِلالا
لَعَمرُكَ ما أُمَيَّةُ غَيرُ خِشفٍ / دَنا ظِلُّ الكِناسِ لَهُ فَقالا
إِذا وَعدتكَ مَعروفاً لَوَتهُ / وَعَجَّلَتِ التَّجَرُّمَ وَالمِطالا
تُذَكِّرُني ثَناياها مِراراً / أَقاحي الرَّملِ باشرتِ الطِّلالا
لَها بَشَرٌ نَقيُّ اللَّونِ صافٍ / ومتنٌ خُطَّ فاِعتَدَلَ اِعتِدالا
إِذا تَمشي تأوَّدُ جانِباها / وَكادَ الخصرُ يَنخَزِلُ اِنخِزالا
فَإِن تُصبِح أُمَيَّةُ قَد تَوَلَّت / وَعادَ الوَصلُ صُرماً وَاِعتِلالا
تنوءُ بِها رَوادِفُها إِذا ما / وِشاحاها عَلى المَتنين جالا
فَقَد تَدنو النَوى بَعدَ اِغتِرابٍ / بِها وَتُفَرِّقُ الحَيَّ الحلالا
تُعَبِّسُ لي أُمَيَّةُ بَعدَ أُنسٍ / فَما أَدري أَسُخطاً أَم دَلالا
أَبيني لي فَرُبَّ أَخٍ مُصافٍ / رُزِئتُ وَما أُحِبُّ بِهِ بدالا
أَصُرمٌ مِنكِ هَذا أَم دَلالٌ / فَقَد عَنّى الدلالُ إِذن وَطالا
أَمِ اِستَبدلتِ بي وَمَللتِ وَصلي / فبُوحي لي بِهِ وَذَري الخِتالا
فَلا وَأَبيكِ ما أَهوى خَليلاً / أُقاتِلُه عَلى وَصلي قِتالا
فَكَم مِن كاشِحٍ يا أُمَّ بَكرٍ / مِن البَغضاءِ يأتَكِلُ اِئتِكالا
لَبِستُ عَلى قَنادِعَ مِن أَذاهُ / وَلولا اللَّهُ كُنتُ له نَكالا
يَقولُ فَتىً وَلَو وَزَنوهُ يَوماً / بِحَبَّةِ خَردَلٍ رَجَحَت وَشالا
أَنا الصقرُ الَّذي حُدِّثتَ عَنهُ / عِتاقُ الطَّيرِ تَندَخِلُ اِندِخالا
قَهرتُ الشعرَ قَد عَلِمَت مَعَدٌّ / فَلا سَقَطاً أَقولُ وَلا اِنتِحالا
وَمَن يَدنو وَلَو شَطَّت نَواكُم / لَكم في كُلِّ مُعظَمةٍ خَيالا
تَزورُ وَدونَها يَهماءُ قَفرٌ / تَشَكَّى الناعِجاتُ بِها الكَلالا
تَظَلُّ الخِمسُ ما يُطعَمنَ فيهِ / وَلَو مَوَّتنَ مِن ظَمإٍ بِلالا
سِوى نُطَفٍ بِعَرمَضِهِنَّ لَونٌ / كَلَونِ الغِسلِ أَخضَرَ قَد أَحالا
بِها نَدرأ قوادمَ مِن حَمامٍ / مُلقّاةٍ تُشَبِّهُها النِّصالا
إِذا ما الشَّوقُ ذَكَّرَني الغَواني / وأسوقها المُمَلأَةَ الخِدالا
وَأَعناقاً عَلَيها الدرُّ بيضاً / وأعجازاً لَها رُدُحاً ثِقالا
ظَلَلتُ بذكرِهِنَّ كَأَنَّ دَمعي / شَعيباً شَنَّة سرباً فَسالا
رَأَيتُ الغانِياتِ صَدَفنَ لَمّا / رَأَينَ الشَّيبَ قَد شَمِلَ القَذالا
سَقى أَرواحَهُنَّ عَلى التنائي / مُلِحُّ الوَدقِ يَنجَفِلُ اِنجِفالا
إِذا أَلقى مَراسِيهُ بِأَرضٍ / رأَيتَ لسيرِ رَيِّقِه جفالا
يُزيلُ إِذا أَهَرَّ بِبَطنِ وادٍ / أُصولَ الأثلِ وَالسُّمُرَ الطِّوالا
عَلى أَنَّ الغَوانيَ مُولَعاتٌ / بأن يَقتُلنَ بالحَدَقِ الرِّجالا
إِذا ما رُحنَ يَمشينَ الهُوَينا / وَأَزمَعنَ المَلاذَةَ وَالمِطالا
تَرَكنَ قُلوبَ أَقوامٍ مِراضاً / كَأَنَّ الشوقَ أَورثَهُم سُلالا
قَصدنَ العاشِقينَ بنَبلِ جِنٍّ / قَواصِدَ يَقتَتِلنَهُمُ اِقتِتالا
كَواذِبُ إِن أُخِذنَ بِوَصلِ وُدٍّ / أَثَبنَكَ بَعدَ مُرِّ الصَّرمِ خالا
فَلَستُ بِراجعٍ فيهِنَّ قَولاً / إِذا أَزمَعنَ لِلصرمِ اِنتِقالا
تَشَعَّبَ وُدُّهُنَّ بَناتِ قَلبي / وَشَوقُ القَلبِ يورِثُه خَبالا
نواعِمُ ساجِياتُ الطرفِ عينٌ / كَعينِ الإِرخِ تَتَّبِعُ الرِّمالا
أَوانِسُ لَم تلوِّحهُنَّ شَمسٌ / وَلَم يَشدُدنَ في سَفَرٍ رِحالا
نَواعِمُ يَتَّخِذنَ لِكُلِّ مُمسَى / مُروطَ الخَزِّ وَالنَّقَبَ النعالا
يَصُنَّ مَحاسِناً وَيُرينَ أُخرى / إِذا ذو الحِلمِ أبصَرهُنَّ مالا
رأَينا حَوشَباً يَسمو وَبَيني / مَكارِمَ لِلعَشيرَةِ لن تُنالا
رَبيعاً في السنين لمعتَفيه / إِذا هَبَّت بصُرّادٍ شَمالا
حَمولاً لِلعَظائِمِ أَريحيّاً / إِذا الأَعباءُ أَثقلتِ الرِّجالا
وَجَدتُ الغُرَّ مِن أَبناءِ بَكرٍ / إِلى الذهلَينِ تَرجِعُ وَالفِضالا
بَنو شَيبانَ خَيرُ بُيوتِ بَكرٍ / إِذا عُدّوا وأمتَنُها حِبالا
رِجالاً أُعطيَت أَحلامَ عادٍ / إِذ اِنطَلَقوا وأيديها الطِّوالا
وَتَيمُ اللَّهِ حَيٌّ حَيُّ صِدقٍ / وَلَكِنَّ الرَّحى تَعلو الثِّفالا
أَعِكرِمَ كُنتَ كالمبتاعِ بَيعاً / أَتى بيعَ الندامَةِ فاِستَقالا
أَقِلني يا ابنَ رَبعيّ ثنائي / وهَبها مِدحَةً ذهبت ضَلالا
تفاوتني عَمايَ بِها وَكانَت / كَنظرةِ مَن تَفَرَّس ثُمَّ مالا
حَبَوتُكَ بِالثَّناءِ فَلَم تَثُبني / وَلَم أَترُك لِمُمتَدِحٍ مَقالا
فَلَستُ بِواصلٍ أَبَداً خَليلا / إِذا لَم تُغنِ خُلَّتُه قِبالا