المجموع : 3
لكلِّ فتى من الدنيا كمالُ
لكلِّ فتى من الدنيا كمالُ / فما نقصَ الورى إلا الفعالُ
ومن لم يرشدوهُ في صباهُ / تحكَمَ في شِيبتهِ الضَّلالُ
فما قلب الصغيرِ سوى كتابٍ / تسطرُ في صحائفهِ الخِلالُ
ونفسُ المرء في جنبيهِ نصلٌ / ولسنَ بغير حاملها النِصالُ
فكم رجلٍ ترى فيهِ صبياً / وكم من صبْيةٍ وهمُ رجالُ
وإن هيَ لم تكنْ صُقلتْ طواها / على صدإ فما يُجدي الصِّقالُ
ومن لم يغذُهُ أبواهُ طفلاً / هوى العلياءِ أسقمهُ الهزالُ
عزمتَ على التجنبِّ أم تدلُّ
عزمتَ على التجنبِّ أم تدلُّ / وهل لسواكَ في قلبي محلُ
أما يرضيكَ مني أنَّ نفسي / تذلُّ ومثلُ نفسي لا تذلُّ
وقدْ أحرقتَ قلبي ما تبالي / وفيهِ إليكَ شوقٌ ما يُبَلُّ
فسل عينيكَ ما لهما استحالا / دمي ودمي حرامٌ لا يُحلُّ
لقدْ كذبَ العواذلُ يومَ قالوا / سلا أو سوفَ ينساهُ فيسلو
وما أنا والسلُوُّ ونحنُ قومٌ / إذا بلغوا الهدايةَ لم يضلوا
أرى أيامَ عمري فيكَ تطوى / كأنكَ الشمسُ والأيامُ ظلُّ
بدتْ قمراً لهُ حظي ليالي
بدتْ قمراً لهُ حظي ليالي / وجسمي في هواها كالهلالِ
ولاحتْ في المرآةِ فقلْ سماءٌ / تولتْها الملائِكُ بالصقالِ
ترقرقَ حسنها فيها فقالتْ / وفي الطاووسِ طبعُ الاختيالِ
وكانتْ كالغصونِ أصبنَ نهراً / فداعبْنَ الظِّلالَ على الزلالِ
وكنتُ لها بواحدةٍ قتيلاً / فكيفَ بها اثنتينِ على قتالي
دعوها تدرِ منها ما درينا / وتنظر ما نظرنا من جمالِ
فما مرآتها إلا كتابٌ / يعدُّ لها جناياتُ الدلالِ
وما اتهمتْ محاسنها ولكنْ / يكونُ سجيةً مرحُ الغزالِ
عساها صدَّقتْ ما أخبروها / بأن الطيفَ يسمحُ بالوصالِ
فلازمتِ المرآةَ كما أراها / تحاولُ أنْ تُظَّفرَ بالخيالِ
وللحسناءِ آمالٌ وماذا / يؤملُ في السما غيرُ المحالِ
فيا مرآتها وصفاءَ قلبي / وعصرَ طفولتي وخلوَّ بالي
ويا حظّي وحاجبها ودهري / وطرتَها وعينها وحالي
تقلبتِ الليالي بي ولما / يرعني إن تقلبتِ الليالي
كأني صرتُ مرآةً لدهري / يرى يها محاسنهُ البوالي
فلم ينظرْ جبيني قَطُّ إلا / تنفسَ فيهِ بالهمِّ العُضالِ
فدَيتُكِ ساعةَ المرآةِ طولي / أمدكِ من لياليَّ الطوالِ
فما أحلى إذا وقفتْ إليها / تبالي بالجمالِ ولا تبالي
وبانتْ في الحليِّ طريقَ سبقٍ / لتستبقَ اليمينَ معَ الشمالِ
وأعيى كفها الشعرُ اختلافاً / كما تعيى الهدايةُ بالضلالِ
ولاحتْ في لواحظها سِمَاةٌ / كا تجري المنيةُ في النّصالِ
فلو نطقتْ لنا المرآةُ عنها / إذاً قالتْ تباركَ ذو الجلالِ