المجموع : 11
أَميرَ المُؤمِنينَ أَراكَ إِمّا
أَميرَ المُؤمِنينَ أَراكَ إِمّا / ذَكَرتُكَ عِندِ ذي حَسبٍ صَغا لي
وَإِن كَرَّرتُ ذِكرَكَ عِندَ نَغلٍ / تَكَدَّرَ سِترُهُ وَبَغى قِتالي
فَصِرتُ إِذا شَكَكتُ بِأَصلِ مَرءٍ / ذَكَرتُكَ بِالجَميلِ مِنَ المَقالِ
فَلَيسَ يُطيقُ سَمعَ ثَناكَ إِلّا / كَريمُ الأَصلِ مَحمودُ الحِلالِ
فَها أَنا قَد خَبَرتُ بِكَ البَرايا / فَأَنتَ مَحَكُّ أَولادِ الحَلالِ
نُفوسُ الصيدِ أَثمانُ المَعالي
نُفوسُ الصيدِ أَثمانُ المَعالي / إِذا هَزَّت مَعاطِفَها العَوالي
وَأَبدَت أَوجُهُ البيضِ اِبتِساماً / يُطيلُ بُكاءَ آجالِ الرِجالِ
وَمَن عَشِقَ العَلاءَ وَخافَ حَتفاً / غَدا عِندَ الكَريهَةِ وَهوَ سالي
وَلَم يَحُزِ العُلى إِلّا كَمِيٌّ / رَحيبُ الصَدرِ في ضيقِ المَجالِ
تَيَقَّنَ أَنَّ طيبَ الذِكرِ يَبقى / وَكُلَّ نَعيمِ مُلكٍ في زَوالِ
لِذاكَ سَمَت بِرُكنِ الدينِ نَفسٌ / تَعَلَّمَ رَبُّها طَلَبَ الكَمالِ
سَمَت فَأَرَتهُ حَرَّ الكَرَّ بَرداً / وَيَحمومَ المَنِيَّةِ كَالزَلالِ
فَأَلبَسَ عِرضَهُ دِرعاً حَصيناً / وَصَيَّرَ جِسمَهُ غَرَضَ النِبالِ
تَبَوَّأَ جَنَّةَ الفِردوسِ داراً / وَحَلَّ عَلى الأَرائِكِ في ظِلالِ
وَخَلَّفَ كُلَّ قَلبٍ في اِشتِغالٍ / وَكُلَّ لَهيبِ صَدرٍ في اِشتِعالِ
بِروحي مَن أَذابَ نَواهُ روحي / وَأَفقَدَ فَقدُهُ عِزّي وَمالي
وَلَم أَكُ قَبلَ يَومِ رَداهُ أَدري / بِأَنَّ الطُربَ بُرجٌ لِلهِلالِ
وَقالَوا قَد أُصِبتَ فَقُلتُ كَلّا / وَما وَقَعُ النِبالِ عَلى الجِبالِ
وَلَم أَعلَم بِأَنَّ الرَمسَ يُمسي / بِمَوجِ الحَربِ مِن صَدَفِ اللَآلي
أَيا صَخرَ الجَنانِ أَدَمتَ نَوحي / فَها أَنا فيكَ خَنساءُ الرِجالِ
وَفَت لي فيكَ أَحزاني وَدَمعي / وَخانَ عَلَيكَ صَبري وَاِحتِمالي
بَذَلتَ النَفسَ في طَلَبِ المَعالي / كَبَذلِكَ لِلُّهى يَومَ النَوالِ
تُسابِقُ لِلوَغى قَبلَ التَنادي / كَسَبقِكَ بِالعَطا قَبلَ السُؤالِ
شَدَدتَ القَلبَ في خَوضِ المَنايا / وَوَبلِ النُبلِ مُنحَلَّ العَزالي
لَبِستَ عَلى ثِيابِ الوَشيِ قَلباً / غَنيتَ بِهِ عَنِ الدِرعِ المُذالِ
تَهُزُّ لِمُلتَقى الأَعداءِ عِطفاً / يَهِزُّ رَطيبَهُ مَرَحُ الدَلالِ
فَعِشتَ وَأَنتَ مَمدوحُ السَجايا / وَمُتَّ وَأَنتَ مَحمودُ الخِلالِ
أَرُكنَ الدينِ كَم رُكنٍ مَشيدٍ / هَدَدتَ بِفَقدِ ذُيّاكَ الجَمالِ
رُبوعُكَ بَعدَ بَهجَتِها طُلولٌ / وَحاليها مِنَ الأَنوارِ خالِ
تَنوحُ لِفَقدِكَ الجُردُ المَذاكي / وَتَبكيكَ الصَوارِمُ وَالعَوالي
يَحِنَّ إِلى يَمينِكَ كُلُّ عَضبٍ / وَتَشتاقُ الأَعِنَّةُ لِلشَمالِ
أَتَسلُبُكَ المَنونُ وَأَنتَ طَودٌ / وَتَرخِصُكَ الكُماةُ وَأَنتَ غالِ
وَتَضعَفُ عَزمَةُ البيضِ المَواضي / وَتَقصُرُ هِمَّةُ الأَسَلِ الطِوالِ
وَلَم تُحطَم قَناةٌ في طِعانٍ / وَلَم تُفلَل صِفاحٌ في قِتالِ
وَلا اِضطَرَمَت جِيادٌ في طِرادٍ / وَلا اِعتَرَكَت رِجالٌ في مَجالِ
وَلا رَفَعوا بِوَقعِ الخَيلِ نَقعاً / وَلا نُسِجَ الغُبارُ عَلى الجِلالِ
وَتُمسي اللاذِخِيَّةُ في رُقادٍ / تَوَهَّمُ فِعلَها طَيفَ الخَيالِ
وَلَم تُقلَع لِقَلعَتِهِم عُروشٌ / إِذا اِستَوَتِ الأَسافِلُ وَالأَعالي
وَلا وادي جَهَنَّمَ حينَ حَلَّوا / بِهِ أَمسى عَليهِم شَرَّ فالِ
سَأَبكي ما حَييتُ وَلَستُ أَنسى / صَنائِعَكَ الأَواخِرَ وَالأَوالي
وَلَو أَنّي أُبَلَّغُ فيكَ سُؤلي / بَكَيتُكَ بِالصَوارِمِ وَالعَوالي
بِكُلِّ مُهَنَّدِ الحَدَّينِ ماضٍ / تَدُبُّ بِهِ المَنِيَّةِ كَالنَمالِ
يُريكَ بِهِ رُكامُ المَوتِ مَوجاً / وَتَمنَعُهُ الدِماءُ مِنَ الصِقالِ
وَأَسمَرَ ناهَزَ العِشرينَ لَدنٍ / رُدَينيِّ المَناسِبِ ذي اِعتِدالِ
يُضيءُ عَلى أَعاليهِ سِنانٌ / ضِياءَ النارِ في طَرَفِ الذُبالِ
وَأَشقي مِن دِماءِ عِداكَ نَفساً / تَنوطُ القَولَ مِنها بِالفِعالِ
لَعَلَّ الصالِحَ السُلطانَ يَجلو / بِغُرَّةِ وَجهِهِ ظُلمَ الضَلالِ
وَيُجريها مِنَ الشِعبَينِ قُبّاً / إِلى الهَيجاءِ تَسعى كَالسَعالي
يُحَرِّضُها الطَرادُ عَلى الأَعادي / كَأَنَّ الكَرَّ يُذكِرُها المَخالي
عَلَيها كُلُّ ماضي العَزمِ ذِمرٍ / كَمِيٍّ في الجِلادِ وَفي الجِدالِ
وَيَشفي عِندَ أَخذِ الثَأرِ مِنهُم / نُفوساً لَيسَ تَقنَعُ بِالمَطالِ
وَأَعلَمُ أَنَّ عَزمَتَهُ حُسامٌ / وَلَكِنَّ التَقاضي كَالصِقالِ
حَديثُ الناسِ أَكثُرُهُ مُحالُ
حَديثُ الناسِ أَكثُرُهُ مُحالُ / وَلَكِن لِلعِدى فيهِ مَجالُ
وَأَعلَمُ أَنَّ بَعضَ الظَنِّ إِثمٌ / وَلَكِن لِليَقينِ بِهِ اِحتِمالُ
وَكُنتُ عَذَرتُكُم وَالقَولُ نَزرٌ / فَما عُذري وَقَد كَثُرَ المَقالُ
وَقُلتُم قيلَ ما لا كانَ عَنّا / فَمَن لي أَن يَكونَ وَلا يُقالُ
فَيا مَن ضاعَ فيهِ نَفيسُ عُمري / وَقُوِّضَ فيهِ مالي وَالرِجالُ
وَكَم قَد رامَهُ ضِدّي بِسوءٍ / فَراحَ وَآلُهُ في الحَربِ آلُ
سَأَلتُكَ لا تَدَع لِلقَولِ وَجهاً / فَيَكثُر حينَ أَذكُرُكَ الجِدالُ
وَإِنّي مَع صُدودِكَ وَالتَجَنّي / وَفيٌّ لَيسَ لي عَنكَ اِنتِقالُ
أَغارُ إِذا سَرى بِحِماكَ بَرقٌ / وَأَغضَبُ كُلَّما طَرَقَ الخَيالُ
وَأُوثِرُ أَن يَنالَ دَمي وَوَفري / وَمَحبوبي عَزيزٌ لا يُنالُ
لِأَنّي لا أَخونُ عُهودَ خِلٍّ / وَلَو حَفَّت بِيَ النُوَبُ الثِقالُ
وَإِنّي إِن حَلَفتُ لَهُ يَميناً / فَما غَيرُ الفِعالِ لَها شِمالُ
فَيا مَن سَرَّني بِاللَفظِ مِنهُ / وَلَكِن ساءَني مِنهُ الفِعالُ
إِلى كَم أَلتَقيكَ بِوَجهِ بِشرٍ / وَفي طَيّ الحَشا داءٌ عُضالُ
وَأَحمِلُ مِن عُداتِكَ كُلَّ يَومٍ / حَديثاً لَيسَ تَحمِلُهُ الجِبالُ
وَأَسمَعُ مِن وُشاةِ الحَيِّ فينا / كَلاماً دونَ مَوقِعِهِ النِبالُ
وَأُرسِلُ مَع ثِقاتِكَ مِن حَديثي / عِتاباً دونَهُ السِحرُ الحَلالُ
وَمَهما لَم يَكُن في السَيفِ أَصلٌ / لِجَوهَرِهِ فَما يُجدي الصِقالُ
جَعَلتَ جَميعَ إِحساني ذُنوباً / وَطالَ بِكَ التَعَتُّبُ وَالدَلالُ
وَقُلتَ بِكَ اِنهَتَكتُ وَذاكَ زورٌ / وَإِنَّ الزورَ مَوقِعُهُ مُحالُ
فَما نَفعي بِحُسنٍ في خَليلٍ / إِذا لَم يَصفُ لي مِنهُ الخِلالُ
إِذا عَدِمَ الفَتى خُلقاً جَميلاً / يَسودُ بِهِ فَلا خُلِقَ الجَمالُ
إِذا عَلِمَ العِدا عَنكَ اِنتِقالي
إِذا عَلِمَ العِدا عَنكَ اِنتِقالي / فَخُذ ما شِئتَ مِن قيلٍ وَقالِ
وَنالوا مِنكَ بِالأَقوالِ عِرضاً / وَقَيناهُ بِأَطرافِ العَوالي
وَقَد كانَ العَذولُ يَوَدُّ أَنّي / أُسيغُ لَهُ اليَسيرَ مِنَ المَقالِ
فَكَيفَ إِذا تَيَقَّنَ فيكَ زُهدي / وَكانَ يَسُرُّهُ عَنكَ اِشتِغالي
فَكَم سَخِطَ الأَنامُ وَأَنتَ راضٍ / وَكَم رَخُصَ المِلاحُ وَأَنتَ غالي
وَكَم هَدَمَت حِمى قَومي خُطوبٌ / تَهُدُّ الراسِياتِ وَأَنتَ عالي
وَكَم مِن وَقعَةٍ لِعِداكَ عِندي / نَذَرتُ بِها دَمي وَنَذَرتُ مالي
وَكَم هَمَّت كِلابُ الحَيِّ نَهضاً / وَقَد حَمَتِ الأُسودُ حِمى الغَزالِ
وَكَم لامَت عَليكَ سَراةُ أَهلي / فَأَحسَبُ قَولَ آلي لَمعَ آلِ
وَكَم خاطَرتُ فوكَ بِبَذلِ نَفسي / وَأَعلَمُ أَنَّ بالي فيكَ بالي
وَكَم صَبٍّ تَفاءَلَ في حَبيبٍ / وَفى لي إِنَّ حِبّي ما وَفى لي
وَكَم جَرَّبتُ قَبلَكَ مِن مَليحٍ / فَأَمسى جيدُ حالِيَ مِنهُ حالي
وَلَولا أَنَّ في التَجريبِ فَضلاً / لَما فَضُلَ اليَمينُ عَلى الشِمالِ
أَظُنُّكَ إِذ حَوَيتَ الحُسنَ طُرّاً / وَإِذ وَفَّيتَ أَقسامَ الجَمالِ
قَصَدتَ بِأَن جَعَلتَ العُذرَ عَيباً / عَساهُ يَقيكَ مِن عَينِ الكَمالِ
فَسَوفَ أَسوءُ نَفسي بِاِنقِطاعي / بِحيثُ أُسِرُّ نَفسَكَ بِاِرتِحالي
إِذا ما شِئتَ أَن تَسلو حَبيباً / فَأَكثِر دونَهُ عَدَدَ اللَيالي
أَصَمَّ اللَهُ أَسمَعَنا المَلاما
أَصَمَّ اللَهُ أَسمَعَنا المَلاما / وَقَصَّرَ عُمرَ أَطوَلِنا مَطالا
وَأَعمى طَرفَ أَعذَرِنا لِحاظاً / وَعَجَّلَ حَتفَ أَسرَعِنا مَلالا
وَهَدَّ جَنانَ أَثبَتِنا جَناناً / إِذا عَزَمَت أَحِبَّتُنا اِرتِحالا
وَأَرغَدَنا عَلى التَفريقِ عَيشاً / وَأَحسَنَنا لِفَقدِ الإِلفِ حالا
لَحى اللَهُ الطَبيبَ لَقَد تَعَدّى
لَحى اللَهُ الطَبيبَ لَقَد تَعَدّى / وَجاءَ لِقَلعِ ضِرسِكَ بِالمُحالِ
أَعاقَ الظَبيَ عَن كِلتا يَديهِ / وَسَلَّطَ كَلبَتَينِ عَلى غَزالِ
تَنَبَّأَ فيكَ قَلبي فَاِستَرابَت
تَنَبَّأَ فيكَ قَلبي فَاِستَرابَت / بِهِ قَومٌ وَعَمَّهُمُ الضَلالُ
وَصَدَّهُمُ الهَوى أَن يُؤمِنوا بي / وَقالوا إِنَّ مُعجِزَهُ مُحالُ
فَمُذ سَلَّمتَ سَلَّمَتِ البَرايا / إِلَيَّ وَقيلَ كَلَّمَهُ الغَزالُ
أُجِلَّكَ أَن تُواجَهَ بِالقَليلِ
أُجِلَّكَ أَن تُواجَهَ بِالقَليلِ / وَلَم أَقدِر عَلى القَدرِ الجَزيلِ
فَأَترُكُ خيرَةً هَذا وَهَذا / وَأَطمَعُ مِنكَ بِالعُذرِ الجَميلِ
لَئِن سَلَّ الزَمانُ لَنا مَناصِل
لَئِن سَلَّ الزَمانُ لَنا مَناصِل / فَصُنعُ الوُدَّ عِندي غَيرُ ناصِل
وَإِن أَخَّرتُ عَن مَولايَ سَعيِي / فَإِنّي بِالدُعاءِ لَهُ مُواصِل
وَإِنّي إِن وَصَفتُ لَهُ وَلائي / كَأَنّي طالِبٌ تَحصيلَ حاصِل
وَلَم يَكُ ذَلِكَ التَأخيرُ إِلّا / لِما أَلقاهُ مِن أَلَمِ المَفاصِل
يُسائِلُني صَديقي عَن كِتابٍ
يُسائِلُني صَديقي عَن كِتابٍ / فَأُنكِرُهُ وَأَشغَلُ عَنهُ بالي
وَأَزعُمُ أَنَّهُ خَطٌّ سَقيمٌ / وَطِرسٌ دارِسٌ كَالشِنَّ بالي
مَخافَةَ أَن أَرومَ لَهُ ارتِجاعاً / فَيَقطَعَ دونَهُ حَبلَ الوِصالِ
وَلَستُ بِواصِفٍ يَوماً حَبيباً / أُعَرِّضُهُ لِأَهواءِ الرِجالِ
إِذا أَبطا الرَسولُ فَظُنَّ خَيراً
إِذا أَبطا الرَسولُ فَظُنَّ خَيراً / فَسوءُ الظَنِّ في عَجَلِ الرَسولِ
فَلولا أَن يَرى ما يَشتَهيهِ / لَعادَ إِلَيكَ في أَمَدٍ قَليلِ