المجموع : 10
إذا كان امرؤٌ لأتيِّ مالٍ
إذا كان امرؤٌ لأتيِّ مالٍ / قراراً كنت أنت له مسيلا
وقالوا لو أطلتَ المدحَ فيه / فقلتُ لهم ولم أظلم فَتيلا
لعمرُ أبيكمُ إنّ ابن يحيى / لأقربُ مُسْتَقىً من أن أُطيلا
ولو أنّي قربْتُ بهِ جَرُوراً / عبأتُ لوِردِهِ مَرساً طويلا
له عِرسٌ له شركاءُ فيها
له عِرسٌ له شركاءُ فيها / كسابلةٍ تضمُّهُمُ سبيلُ
يحِلّ لبعلها مائةٌ سِواها / لأن نصيبه منها قليل
إذا لم يُرضِها نشزتْ عليه / فتحرصُ أن يكون لها خليل
وهل عِرسُ الفتى إلا غَبيطٌ / يميل غبيطُها لولا العديل
فدَتْكِ النفسُ وهي أقلُّ بذلٍ
فدَتْكِ النفسُ وهي أقلُّ بذلٍ / صِلي حُسنَ المقالِ بحُسنِ فِعْلِ
أريني منكِ في أمري نُهوضاً / يُبيّن أن شُغلكِ بي كشغلي
أراكِ إذا حثثْتُكِ في كِتابي / ذكرتِ عنايةً ليستْ بهزل
وإن أغفلتُ حثَّكِ نمتِ عنّي / ولستُ لذاكَ يا أملي بأهل
تحرّوا في فَكاكِ الأسر عنّي / تحرّيَ مثلكم في فكّ مثلي
أبا بكر لك المثْلُ المعلَّى
أبا بكر لك المثْلُ المعلَّى / وخدُّ عدوّكَ التَّرِبُ الذليلُ
رأيتُ المطْلَ مَيداناً طويلاً / يَروضُ طِباعَهُ فيه البخيلُ
يُراودُ عن جَداهُ نَفسَ سوءٍ / ترى أن الجَدا رُزءٌ جليلُ
فما هذا المِطالُ فداكَ أهلي / وباعُكَ بالندى باعٌ طويلُ
أظنُّك حين تقدُر لي نَوالاً / يقلُّ لديك لي منه الجزيل
ويُعوزِكْ الذي ترضى لِمثلي / وإن لم يُعْوزِ الرأيُ الجميل
وعينُ الماجِد المفضالِ عينٌ / كثيرُ نوالهِ فيها قليل
وفيما بين مَطلِك واختلالي / يموت بدائه الرجلُ الهزيل
فلا تَقْدرْ بقدركَ لي نوالاً / ولا قَدرِي فتحقِرُ ما تُنيل
وأطلِقْ ما تَهُمُّ به عساهُ / كفافي أيها الرجلُ النبيلُ
وإلا فالسلامُ عليكَ منّي / نبتْ دارٌ فأسرعَ بي رحيلُ
وإني قائلٌ لك قولَ لاهٍ / نبيلٍ شأنُه شأنٌ نبيلُ
إذا ضاقتْ على أملٍ بلادٌ / فما سُدَّتْ على عزمٍ سبيلُ
وإن يكُ جانبٌ لا ظِلَّ فيه / فلي في جانبٍ ظلٌّ ظليلُ
وبئس الظلُّ ظلٌّ ليس فيه / لذي سببٍ يمرُّ به مَقيلُ
وكلُّ مُطالبٍ يزدادُ بُعداً / فمنه تَعوُّضٌ وبه بديلُ
وهذا الموتُ للأحياء طُرّاً / قرارٌ والحياةُ لهم مثيلُ
سيرعى ظِمْأَه قرنٌ فقرنٌ / وُيوردُ حوضه جيلٌ فجيلُ
وصرفُ الدهرِ يسلك في مدارٍ / يُجيلُ خطوبه فيها مُجيل
فآونةً يُدالُ على أناسٍ / وآونةً يديلهُمُ مُديل
وليس على يدٍ بقرار أمنٍ / ولا ليدٍ بثروتها كفيل
فما لي إثرَ منصرفٍ حنينٌ / ولا بي نحو منحرفٍ مَميل
وقد يتيسر الميئوسُ منه / كما يتعذرُ الأمرُ المُحيل
ومن يكُ من ثنائي مستقيلاً / فإني من جَداه مستقيل
وأعجب ما أراني الدهرُ أني / وفي عهدي وعهدك مستحيل
ولو صمّمتَ لم يُعجزك نفعي / وأنَّى يعجزُ المرءُ الحَويل
سألتمس المنافعَ من مَليكٍ / إذا طالبتُه فهو الكفيل
وتعلمْ أيّنا المغبونُ منا / عِياناً أو يقوم لك الدليل
أحَدُّكَ عند لائمتي حديدٌ / وحدُّكَ عند منفعتي كليل
ستحكم بيننا القُلسُ النَّواجي / ويُبعد بين دارينا الذميل
لجأتُ إليكم فخذلتموني / وضِفْتكُم فما قُرِيَ النزيل
ورمتُك فاستطلْتُ بلا نوالٍ / فما لنزاهتي لا تستطيل
سلوتُ مراضعي وصِبا شبابي / فكيف يعزُّ أن يُسْلَى خليل
سيجزي اللَّهُ ما أوليتموني / لكم صاعٌ بصاعِكُمُ مَكيل
وأحسبُ أن عِرضَك عن قليلٍ / أبا بكر هو العِرضُ الفتيل
ولي عِرضٌ تكانفهُ لسانٌ / كأنّ كليهما سيفٌ صقيل
فهذا غيره الدنسُ المُخزّي / وهذا غيره الطبِعُ الكليل
صحبتَ ذوي المكارمِ آل وهبٍ / بلؤمِك إذ أمالهمُ الدليل
فأيقنَ كلُّنا أنْ سوفَ تحمي / جُرامتَها بشوكتها النخيل
وما في الناسِ أجودُ من شجاعٍ
وما في الناسِ أجودُ من شجاعٍ / وإنْ أعطى القليلَ من النوالِ
وذلك أنّه يُعطيك مِما / تُفيء عليهِ أطرافُ العوالي
وحسبُك جودُ مَنْ أعطاكَ مالاً / جباهُ بالطّرادِ وبالنّزال
شرى دمَهُ ليحويَهُ فلمّا / حواهُ حوى به حمدَ الرجال
تطوَّلْ يا قريع بني فراسٍ
تطوَّلْ يا قريع بني فراسٍ / فإنك من ذوي الأيدي الطوالِ
وكلُّ يدٍ أطالَ الحظُّ منها / بلا طَوْلٍ مُقَصِّرَةُ المنالِ
وما يبقَى على الحدثانِ شيءٌ / سوى شرفٍ من الأفعالِ عالي
هي الدنيا تزولُ بساكنيها / فأفضلها البعيدُ من الزوالِ
وقد مُكّنْتَ من دَرَجٍ وِثاقٍ / فلا تَجْبُن من الرُّتَب العوالي
واعدِدْ سحنةً للحظّ ليستْ / كعمروٍ إنه مني ببالِ
فإن الحظَّ لا شركاءَ فيه / وليس بمؤنسٍ حظٌّ مخالي
لَكالمرعَى الخصيبِ بلا سَوامٍ / أو البلدِ الرحيبِ بلا حلالِ
فلا تأنس أبا حسنٍ بحظٍّ / ومَعمرُهُ من الأخيارِ خالي
ألا يومَاً إلى مثلي مُذالاً / بكم في حَشْوة السَّقَطِ المذالِ
وقد حظيَتْ بحظكُمُ رزايا / يُطأطىءُ ذكرُها صيد القَذالِ
كعمروٍ أو كأندادٍ لعمروٍ / ألا يا قومُ للكفر الجُلالِ
أتُشحنُ روضةٌ عَرُضَت وطالتْ / بأشباهِ النعامِ أو الرّئالِ
دعوتُك خاضعاً من تحتِ تحتٍ / فلا تشمخْ فتُدعَى من مُعالِ
وينصرني عليك الناسُ نصراً / يطولُ به على الطاغي دلالي
وقبلَكَ ما نُصرتُ على ظلومٍ / وما أعملتُ أطرافَ الإلالِ
ولكني أَويتُ من اعتصامي / إلى عَيْطاءَ شاهقةِ القِلالِ
وتلك أعزُّ لي منْ كل رمحٍ / وصَمصام إذا دُعِيتْ نَزالِ
وكم عزَّ الذليل بلا قتالٍ / وكم ذلَّ العزيزُ مع القتالِ
حلفتُ برأي سيدِنا المُصَفَّى / إذا فالاه غامضةً مُفالي
ونقصي بعد رُجْحاني لديه / وقد يئسَ الموازنُ من عَدالي
لقد أوقعتَ من أمرين أمراً / أتى منه فسادي أو خبالي
فإما أنْ تكون ثللتَ عرشي / وإمَّا أن تكون أهَلْتَ جالي
أتلتمسُ الشفاءَ لديك حالي / فتُمنَى منك بالداء العُضال
مِطالٌ منك قد أضنى اصطباري / وظلمٌ منك قد أفنى احتيالي
وكان مطالُ مدحي بالمساعي / هداك اللَّه أحسن من مطالي
فماطِلْني الجزاءَ تؤُلْ بمدحي / من الأمدِ البعيدِ إلى مآل
حلفتُ لقد حكمتَ بغيرِ عدلٍ / أمنتَ وأنت تشغلني اشتغالي
لحيتَ ليَ الزمانَ وأنت عُطلٌ / وضافرت الزمان وأنت والي
وكيف ولِمْ أمنتَ عليك عتبي / وسَيْلي بالأوابد وانثيالي
أكنتَ ظننت سهوي عن حقوقي / أم استيقنتَ جبني وانخذالي
أم استعهدتَ حلمي واغتفاري / أم استكفيتَ حزمي في حَوالي
كلا الحسبين يوجب أن يُضاهَى / فساجِلني فإنك ذو سِجال
أخفتَ عواقب السوءى فخَفْها / فكلُّ إساءةٍ مَجْنى وَبال
أم استعليتَ عن إتيانِ سوءٍ / فكنْ في ذاك فوقي أو حِيالي
كلا الأمرينِ من كرمٍ وحزمٍ / فإنك فيه ذو عمٍّ وخالِ
وعظتُك أيها الإنسانُ وعظي / فلا أكُ واعظَ الدّمنِ الخوالي
وأنت الحيُّ كُلُّ الحيّ فاتركْ / غروبَ الوعي للرممِ البوالي
ورَجِّ تغافلي لك وانخداعي / ولا ترجُ اختداعي واغتفالي
تواردْنا ونحنُ على ودادٍ / فلا نصدرْ ونحنُ على تَقالي
فلستُ بمنْ يُعلَّلُ بالهَواهي / ولستُ بمنْ يفزَّعُ بالسعالي
وسعتَ الناسَ إنصافاً وبرّاً / وإفضالاً فهم لك كالعيالِ
سواي فإنني أُوسعت خسفاً / بلا جُرمٍ وأعجبَكَ احتمالي
على أني أعادي مَنْ تُعادي / كما أني أوالي منْ توالي
بلَى ذنبي ولستُ أتوبُ منه / ولو أني قُليتُ على المقَالي
لسانٌ بالثناء عليك رطبٌ / وقلبٌ من مديحك في مَجال
أعِدْ نظراً أبا حسنٍ فإني / أراك وهِمتَ في أمري وحالي
ولا واللَّه ما تَسْوَى أمورٌ / تراها قيمتي أبداً قِبالي
أزور فلا أرى منك اهتشاشاً / كما أني أَغيبُ فلا تبالي
وقد يؤتَى هَجورٌ من سُلُوٍّ / كما يؤتى زَؤُورٌ من ملالِ
ولم أكثر فأوجب عُذر قالٍ / ولم أهجر فأوجب عذرَ سالي
فمَا بالُ الجفاء جفاءُ سالٍ / وما بالُ اللقاء لقاءُ قالي
لقد أشجيتَني بالظلم حتى / جعلتُ تعجّبي جُلَّ اشتغالي
وكم أرضيتَ من قومٍ وقومٍ / خُدودهُم تَسافلُ عن نِعالي
أبيتَ فِصالهم من بعد رِيٍّ / وما أرويتني وترىَ فصالي
بُخِستُ وفُضّلوا حتى كأنيّ / حُبِيتُ بنقصِهم وحُبوا كمالي
على أني أحاولُ بعضَ حَقّي / وأيسر ما أَسدُّ به اختلالي
أراك إن اعتزلتك ذاتَ يومٍ / أبا حسنٍ سيوحشُك اعتزالي
فكيف إن ارتحلتُ إلى بلادٍ / تَباعدُ عنك تصبر لارتحالي
أليس من الشدائد أن تراني / على وُدّي وقد شُدَّتْ رحالي
بل وكفتْك وحشتُنا جميعاً / إذا بكرتْ لطِيَّتها جمالي
ولكنْ قد وثقتَ بصدق وُدّي / وآمَنك اختبارُك من زيالي
ولِمْ لا واعتقادُك في فؤادي / مُساكنُ مهجتي أخرى الليالي
هَويتُك ناشئاً قبَل التلاقي / هوىً حدثاً تكهَّلَ باكتهالي
ولم يكُ للرُّواءِ هواي لكنْ / لمحمودِ الشمائلِ والخصالِ
وكلُّ مودةٍ قبلَ اختيارٍ / فتلك هوى طِباعٍ لا انتحال
رأت ما فيك نفسي رأيَ حدسٍ / فلم يخطئ سَدادي واعتدالي
فلما أن لقيتك واعترفنا / جلا عني ظلامَ الليلِ جالي
وقال الرأيُ لي قولاً فصيحاً / وقعت على الهدى بعد الضلالِ
فكيف أميل بين هوىً ورأي / إلى صُرمٍ وقد شدَّ اعتقالي
لقد حرسا وصالك من ملالي / وصرمي شئت صرمي أو وصالي
فلو بودلتُ بالدنيا جميعاً / علقتُكَ وانحرفتُ عن البِدال
ولا يظلمْك من قبلِ التلاقي / هوىً سبقَ اختياري وانتحالِي
ولا حاباك بعدَ الخُبر رأيٌ / رأى فضل اليمينِ على الشمالِ
وكم أصبحتَ معتلّاً عليه / فجادل عنك أنواعَ الجدالِ
وأيسرُ حجةٍ للرأي مما / تكامل فيك يَعصِفُ باعتلالي
ومثلك يا أبا حسنٍ حقيقٌ / بصَوْني عن فراقك واعتقالي
لشكرِ محبتي قبل التلاقي / وشُكْم مودتي بعدَ التبالي
أعيذك أن يَرى مثلي عدوٌّ / لديك بحال مطَّرَحٍ مُذالِ
فيوسعُ رأيكَ المحمود ذمّاً / ويطعنُ في اختياركَ غيرَ آلي
وهبْ أني عدمتُ الفضلَ طرّاً / سوى علمي بفضلك في الرجالِ
أما في ذاك عندك ما يعفّي / على ما بعد ذلك مِنْ خلالي
كفافي يا أبا حسن يسيرٌ / وشكري ذو المثاقيلِ الثقالِ
وكم شيء له بَذْرٌ يسيرٌ / ورَيْعٌ مثلُ أطواد الجبالِ
أنا السيفُ المجرّدُ في الأعادي / أبا حسن فلا تُغفلْ صقالي
أترضَى أن تقلّدني حساماً / وبي طَبَعٌ وجفني غيرُ حالي
معاذَ اللَّه أن ترضى بهذا / وأنت بحيثُ أنت من المعالي
فجدد لي الصقالَ وحلّ جفنى / يكنْ لك يومَ تُلبسني جمالي
وصنّي يومَ سلمك إنَّ صوني / يسرُّك يوم حربك بابتذالي
ألم تعلم هداك اللَّه أنّي / أبَرُّ على المُناضل والمُغالي
متى حققتُ لم أقعُدْ بحقي / وإن جادلْتُ لم يُخشَ انجدالي
رويدَك إنني كاسيكَ بُرداً / جديداً من قريضٍ غيرِ بالي
تَنافسُه مَسامعُ سامعيه / ويَطوى مُنشديه على اختيالِ
مديحاً إنْ تُثبه يكن مديحاً / من الحُلل المحبَّرة الغوالي
وإن تظلمْه تجعلْه هجاء / أشدَّ على الكريم من النبالِ
وليس بلفظةٍ لي فيك لكنْ / بما للناسِ منْ قيلٍ وقالِ
يرون مدائحاً جُزيتْ بظلم / فألسنُهُم أحدُّ من النصالِ
وكم من ناصر لي لم أُرِدهُ / يماحل ظالمي عني مِحالي
وأعوانُ الضعيف أُولو احتشادٍ / لنصرته وعنه ذو نضال
وكم شعرٍ مدحتُ به ظلوماً / فصار هجاءَه لا بافتعالي
ولو أني أشاء سكتُّ عنه / مجاهرةً ودبّ له اغتيالي
ولكنَّ المحقَّ له نصيرٌ / من الأيام والعُقَب المتالي
وذمُّ الناس مجلوبٌ رخيصٌ / لأيسرِ علَّةٍ والحمدُ غالي
وأهلُ الظرف منصورون قِدْماً / لهم من كل طائفةٍ موالي
فلا تبعثْ عليكَ لسانَ حفلٍ / وحفلٍ بعد حفلٍ واحتفالِ
أقاسي ساهراً إذا لا تقاسي / رياضتي القريضَ ولا ارتجالي
وأركبُ أخمصي إذ لا تُراعي / حَفَايَ كيف كان ولا انتعالي
سأدعو اللَّه مبتهلاً إليه / عليك مع الدعاة على إلالِ
وإن لم يبتهل جهراً لساني / عليك فنيّتي لك بابتهالِ
أما يرعى جلالَ الحقِّ حُرٌّ / وإن حَجدت بَصيرتُه جلالي
دعِ الأجمالَ مُرتَحِلَهْ
دعِ الأجمالَ مُرتَحِلَهْ / تَخُبُّ بركبها عَجِلَهْ
وعاطِ أخاك عاتقةً / بقَارِ الدَّنّ مشتملَهْ
تراها حينَ تبذُلها / كجمرِ النار مُشْتَعلَهْ
إذا ما الدنُّ أسبلَها / لنا من عَيْنِه الهَمِلَهْ
حسبتَ سبائِكَ العقيا / نِ تجري منه منتزلَهْ
يطوف بكأسِها رشأٌ / كغصنِ البانةِ الخضلَهْ
وما للغصنِ نضرتُه / ولا حركاتُه الشَّكِلَهْ
وما للغصنِ مقلتُه / ولا ألحاظُهُ الثمِلَهْ
وما للغُصنِ طُرَّتُه / ولا أصداغُه الزَّجِلَهْ
وما للغصن غُرَّتُه / ولا وجناتُه الخجِلَهْ
قوائمهُ بما حملتْ / هُ من أردافِه وَحِلَهْ
إذا ما قابَل الأبصا / رَ ظلَّتْ فيه منتضلَهْ
يُعذّبُ قلبَ مَنْ يهوا / ه بين قطيعةٍ وصِلَهْ
وتشفعُ ذاك مُسمعةٌ / لنا بالسّحْرِ مُكْتحلَهْ
قد اكتهلت صناعتُها / لرُودٍ غير مُكْتهلَهْ
تُجِيد الشدوَ مُوقعةً / وضاربةً ومُرتجلَهْ
إذا غنتكَ ذُقْت العي / شَ من نَغماتها الصَّحلَهْ
مخففةٌ ولم تبلغْ / مقالةَ قائل نحِلَهْ
مثقَّلةٌ ولم تبلغْ / مقالة قائل رهِلَهْ
ولكن بين ذلكُمُ / قواماً فهي مُعتدِلَهْ
يودُّ الصبُّ لو أمستْ / بسالفَتَيْه منتعِلَهْ
محاسن كلّ مخلوقٍ / لها في الحسنِ مُمتثِلَهْ
كأن على روادفها / ستور الليلِ مُنسدلَهْ
ولكن لا وفاء لها / فنفس محبها وجِلَهْ
فقُل لمتيَّمٍ أضْحتْ / له بالدلّ مختبلَهْ
عليك أبا الحُسين أخاً / وخَلّ الساحة الدَّغِلَهْ
فتىً كمُلت محاسِنُهُ / فنفسُ خليلهِ جَذِلَهْ
من الشعراءِ والعلما / ءِ أهل الألسنِ الجَدِلَهْ
مَهَذَّبةٌ خلائقُهُ / بما حُمّلتْ مُحتمِلَهْ
فتى لا عقدُه واهٍ / ولا عَزَماتُهُ فَشِلَهْ
نلقبه شَنُوفيّاً / برغم عُداته السفلَهْ
شنوفٌ من صنوفِ العِلْ / مِ بالآذانِ متصلَهْ
ولا يعدمْ أبو بكرٍ / يداً بثرائه مَذلَهْ
لعرضِ الجار صائنةٌ / لعرضِ المالِ مُبتذِلَهْ
ولا نعدمْ سجايا في / ه للخيرات مُعتملَهْ
إذا الحرِّيَّةُ انتقلتْ / فليستْ منه مُنتقلَهْ
هو الجَمّاش للعليا / ء لا للغادة الغزِلَهْ
له لَقَبٌ من التجمي / شِ يشبه نَفْسَه الجذِلَهْ
وأخطَلُ دَهْرِه شعراً / بغير سَجيَّةٍ خَطِلَهْ
وأحنفُ دهره حِلماً / بغير سريرةٍ نَغِلَهْ
كِلا هذا وذاك حَياً / تبيت بُروقُه عمِلَهْ
كفى بهما إذا ظَلَّتْ / ستورُ الليل مُنْسَدلَهْ
حملتُ لذا وذاك يداً / قواي بحملها بَعِلَهْ
فنفسي في مقامهما / إلى الرحمن مُبْتَهِلَهْ
بعثتُ قريحتي لهما / فجاءت وهي مُحْتَفلَهْ
عدلتُ عن الصّبا صَعَري وَمَيْلي
عدلتُ عن الصّبا صَعَري وَمَيْلي / وشمَّرَتِ الخطوبُ فضولَ ذَيْلي
وأوضح لي المشيبُ سبيلَ رشدٍ / وكنتُ كخابطٍ عَشواءَ ليلِ
أبوه بلبلٌ ضاوٍ ويُكْنى
أبوه بلبلٌ ضاوٍ ويُكْنى / أبا صقرٍ فكنيتهُ مُحالَهْ
يجودُ بعِرْضهِ للشتمِ عفواً / ويبخلُ بالقُلامةِ والخُلالهْ
وللأوغادِ أموالٌ تراها / مصوناتٍ بأعراضٍ مُذالَهْ
ولم يكُ مَنْ نماهُ أبٌ كريمٌ / ليبذُلَ عرضه ويصونَ مالهْ
تمحّلَ نِسبةً أعيت أباه / وكان المرءُ يعجزُ لا المحالَهْ
أساء الرأيُ أم عزبَ الرسولُ
أساء الرأيُ أم عزبَ الرسولُ / وقد حضرتْ شَمولٌ والشمولُ
أظنُّ الرأيَ ساء ولِمْ وأنَّى / وذاك النُّور ليس له أفولُ
أحينَ بسطتَ فضلك زال عني / كريمٌ من حِفاظِك لا يزولُ
وحالتْ صفحةٌ ما كان رأيٌ / يريني أنها أبداً تحولُ
أيا أملي أتمرعُ بطنَ كفٍّ / لعافٍ واللقاءُ له مُحولُ
ألا إنّ القصاصَ لخِيمُ سوءٍ / أبتْه لك العمومةُ والخؤولُ
فمالك في القصاص فدتك نفسي / وقدْرُك عن منافستي يطولُ
حلفت لتجزلنّ لي العطايا / ورأيك أنك البرُّ الوصولُ
أما في الطّوْل جمعك بين برّي / وتقريبي وقد وقعَ القبولُ
نعم وتزيدني ما أنت أولى / به ويُحقُّ فضلك ما أقولُ
وتضمنُ ذاك أعراقٌ كرامٌ / تهزُّك لي وأخلاقٌ سُهولُ
كأنك بي أقولُ وقد أتاني / رسولُك بعدما غالته غولُ
بدأتَ بمعشرٍ ليسوا عيالاً / عليك فلو بدأت بمن تعولُ
بل الثقلان كلُّهمُ عيالٌ / عليك لأنك الغيثُ الهطولُ
ونحوك تُعمِل السَّفرَ المطايا / وفي أذرائك الإنسُ الحُلولُ
كأن عفاةَ فضلك في مجالٍ / وكيف تريث عودةُ منْ يجولُ
يردُّهمُ انهيالك بالعطايا / وما ينهالُ منك هناكُ جولُ
فلا تتقدمِ الضعفاءَ منا / إلى معروفك الجُلُدُ الحُمولُ
أَفُكِّهَ معشرٌ ولهم فضولٌ / وأُغللنا وليس لنا فضولُ
كمصباحِ الكرام بني بويبٍ / أبى حسنٍ لشانئهِ الهُبولُ
وما بي أن أنافسه نفيساً / وكيف يُنافَسُ الحرُّ البذولُ
تحيَّةُ روحِ ندمانٍ ومجنى / فكاهاتٍ تُجَرُّ لها الذيولُ
وإن نفاستي حظاً عليه / للؤمٌ في الخليقةِ بل سُفولُ
ولكنَّ المكانَةَ منك حظُّ / تجورُ لها الفلاسفةُ العُدولُ
وفُكِّه معشرٌ ضعفاءُ مثلي / ولكن كلُّهم طبِنٌ حيولُ
كشهريٍّ لديك ومعشريٍّ / طفيليَّينِ شأنُهما الوُغولُ
إذا شاءا أطافا كلَّ يومٍ / بحيث يخالفُ النَّهمُ الأكولُ
وكلّ فتىً له وجهٌ وثيقٌ / متى ما شاء أمكنه النزولُ
وإنا في صناعتنا لرهطٌ / ودولتُنا بدولتكم تدولُ
طفيليّون من نحلُل ذراهُ / فأمُّ طعامِه الأمُّ الثكُولُ
ولكن خانني شركاءُ سوءٍ / وغلّوا لا صفا لهُمُ الغُلولُ
وإن عادوا إلى أخرى سواها / تُتُبِّعتِ الطوائلُ والذحولُ
وأحسبهم ستُنذرهم بيأسٍ / عقولٌ لا تباعُ بها العقولُ
وإن عاد الرئيسُ لبخس حقي / غضبتُ وغضبتي أمرٌ يهولُ
ولستُ كمنْ له قلمٌ مطاعٌ / تُهال الرَّجلُ منه والخيولُ
ووجهٌ مثلُ بدر السعد أمسى / وليس عليه من ليلٍ سُدولُ
عذلتكمُ على استمرار ظُلمي / ولولا الظلم ما عذلَ العذولُ
على أني أرى ما نلتموه / إليّ لدى تأمُّله يؤولُ
إذا ما ليلةٌ قصُرتْ عليكم / فليس لها هناك عليّ طولُ
وأرجو توبةً منكم نصوحاً / وبعضُ القومِ توبتُهُ خُتُولُ
منحتُكها مطفَّلةً تُباري / ذبابَ السيفِ ليس لها نُكولُ
ولو أني أشاءُ لقلتُ غيرَى / ظلامتُها جفاؤك يا ملولُ
تشكَّى ما اشتكاه أنينُ مُضنىً / وتحكي ما حكى دمعٌ همولُ
فإن تكُ محضري كَلّاً ثقيلاً / ففي الكرماء تُحتَمل الكلولُ
وما بي سلوةٌ فأقول سيروا / فإن الريحَ طيبةٌ قبولُ
وأنتَ إذا المثابةُ ظلَّلتْنا / دليلُ هُدىً يلوذ به الضَّلُولُ
ونِعْم الجذْل للتدبير نأوي / إليه إذا تضعضعت الجذولُ
ضَمومٌ كلما انفرجتْ صدوعٌ / صَدوعٌ كلما التبست شكولُ
فدبّر لي عليك عساك تُنقي / ضميرك لي وقد ينقي الغَسُولُ
ومما أشتكي أني فريدٌ / وأن الناس كلهم بُعولُ
أباتَ المالُ نسوتَهم حبالى / وبتُّ وزوجتي بِكرٌ بتولُ
ومالي زوجة إلا الأماني / مُعلّلةً بلا لقحٍ تشولُ
وقلبي بينكم عانٍ بعانٍ / عليه من روادفهِ كُبولُ
يقابلُ والعيونُ مُصحَّحاتٌ / ويدبِر والعيونُ إليه حُولُ
فيالهفي ويا أسفي أمثلي / لكلّ مذلَّةٍ جملٌ ذلولُ
أأثْني حرْبتي عن كل قِرنٍ / له من طرفهِ سهمٌ قتولُ
يصيب مقاتلي ومعي سلاحي / وأنتم حاضرون ولا أصولُ
قضيتُ من الدُّعابةِ نخبَ لهوٍ / وما ترك المداعبةَ الرسولُ
وقد زاح المزاحُ وآن جدٌّ / كجدّ الليثِ حفّتْهُ الشبولُ
ولست بمُوعدٍ بالشرّ لكن / كذا تُدْلي شقاشقها الفحولُ
لك الآلاءُ عندي والأيادي / فلِمْ أمست تخالِطُها تُبُولُ
وقد سيرْتُ أنكمُ غيوثٌ / تجودُ ولا تكون لها وُحولُ
وما من مُزْنِكم ما فيه دجنٌ / ولا من ريحكم هَيْفٌ جَفُولُ
وإني لَلفتى القوّالُ فيكم / وإنك لَلفتى فينا الفعُولُ
ومالي لا أقول وقد أقرّتْ / ليَ الشبانُ طُرّاً والكهولُ
وأوضاح الأغرّ مفضَّلاتٌ / ولكن دونَ غرِّتهِ الحُجُولُ
وعهدُك صِبغةُ اللَّه استُجدّتْ / فلا تَكُ كالخضابِ لها نُصولُ
ولاحِظْني بطرفِك لا حديداً / ولا مستكرهاً فيه فلولُ
وأتبِع نائلاً بغنىً وشيكٍ / فإنَّ القطر تتبعه السُّيولُ
ورفّلْني ونفّلْني فعندي / ثناءٌ فيك مِرقالٌ ذَمُولُ
وليس معارضي إلا زهيرٌ / ومن أبكته حَوْمَلُ والدخولُ
وما أمتنُّ شكري وامتداحي / وهل لك من حُلى مدحي عُطولُ
ألست معَانَ معرفة وعُرفٍ / فكيف يغُول مدحَك من يغولُ
عطايا تُعتفى منها العطايا / وعقلٌ تُسْتَقى منه العقولُ
وما ارتفعت كهمَّتك الثريّا / ولا وألتْ كجاريك الوعولُ
فزِدني منك تقريباً وبِشراً / فإن الجنسَ تتبعُهُ الفصولُ
وما بي نيلُ ما استوهبتُ لكن / تُحَبُّ لحُبّ ساكنها الطُّلولُ
ولم تزل الكرامةُ أو سواها / فروعاً تُستبان بها الأصولُ
وحَظّي بالوصالِ إليك حظي / ولكن الوصالَ هو الوصولُ
وإذنُ الوجهِ لا الحُجَّابِ إذنٌ / وفي الأحشاء لا الدارِ الدخولُ
وليس حُصولُ فائدةٍ حصولاً / إذا ما أخطأ الغرضَ الحصولُ
فهبْ لي ذاتَ نفسِك ولْتُبِنها / من الإكرام آياتٌ مُثولُ
وما استبطأْتُ طولك في عتابي / كما يستبطِئُ الخَرِقُ العَجُولُ
ولا خطر التَّسَحُّبُ لي ببالٍ / كما يتسحَّبُ الحَمِقُ الجهولُ
على أني أرى التسببَ أمسى / وهىً أو كاد يدركُهُ البُطولُ
وليس يشدُّه إلا كتابٌ / مُضمَّنُ عزمةٍ فيها بُذولُ
وما أنا بالمقصّر في التقاضي / ولا أنت الدَّفوعُ ولا المطولُ
وإنِّي لَلمغَوَّثُ عند خوفي / وإنك للمعاوِنُ لا الخذولُ
وإني للمغفلُ حين يُرعَى / وإنك أنت لا الراعي الغفولُ
صحبْتُك جاعلاً سيماك فألي / وحسبي حين تشتبه الفُؤولُ
ولم أزجرْ هناك الطيرَ لكنْ / ثناؤك حين تحتفِل الحُفولُ
أُرجّي من نوالِك فيضَ بحرٍ / إذا ما أنكد الوشلُ الضَّهولُ
وما الراجي بمحرومٍ لديكم / ولا المشنوءُ عندكم السؤولُ
وقد سر المكارمَ أن أُدِلْتُم / كما سر المجمَّرةَ القفولُ
وما أفعالكم بمفعَّلاتٍ / وقولي في مدائحكم مقولُ