المجموع : 15
أَقول وَقَد دَعى رَكبي الرَحيلُ
أَقول وَقَد دَعى رَكبي الرَحيلُ / وَناداني التَغرُّبُ فَالقفولُ
سَلامٌ يا عليُّ وَلا أُبالي / أُودّعكم وَلي ظَنٌّ جَميل
وَعَلّ اللَه يَجمعُنا قَريباً / فَليسَ عَلَيهِ شَيء يَستحيل
فَكُن سَمعي وَكُن بَصري رَقيباً / فَقَد يَرعى عَلى البُعد الخَليل
وَإنّا كَوكبَا هَذي المَعاني / كِلانا في مطالعه يَجول
وَإنا دَوحتَا جَنات مجدٍ / لَنا مِن رُوحها ظلٌّ ظَليل
فَخذها وَادَّكر ودّي فَإِني / أَقول وَقَد دَعى رَكبي الرَحيل
أَلا طالَ التباعدُ فاستطالا
أَلا طالَ التباعدُ فاستطالا / وَغَيَّرنا النَوى حالاً وَقالا
فَهَذا اليَوم يَمضي بانتحابٍ / وَهَذا اللَيل بالأَفكار طالا
أُدير لَواحِظاً بِالدَمع غَرقَى / وَحَسبي لا أَرى إِلا خَيالا
وَكَم ذا الصَبر وَالدُنيا تُعادي / لَقَد أَوسعتُ دُنياي اِحتِمالا
فَهَذا القَلب يَنفصل انفصالا / وَهَذا الوَجد يَتصل اتصالا
كَأَني بَين ملعبة الأَماني / خَيال في كَرى ذي اليَأس جالا
أَهيم وَبَيننا أَمد مَديدٌ / وَقَد طالَ المَدى وَالدَهر صالا
وَإِني سَوف أَدفعه بحزم / يَردّ جماحه مَهما تَعالى
فَإما أَن أَعانيه مَجالا / وَإما أَن أصانعه احتيالا
فَدون صروفه صَدرٌ صُدورٌ / وَصبر يَترك الماضي حالا
فَدَعهُ كَما يَشاء فَثم يَوم / سيسقط مِن لَياليه الحبالا
مَتى كانَ اللقاء نَصيب عُمري / وَما شَيء دَهى إلا وَزالا
فَيا مَولاي ذا خَطب تَولى / وَبشر إِن عزك قَد تَوالى
لَقَد ناحَت على الأَيك البَلابلْ
لَقَد ناحَت على الأَيك البَلابلْ / فَهيجت الخَواطر وَالبَلابلْ
فَقامَ الغُصن يخطر في دَلال / وَقَد لَعبت بعطفيه الشَمائل
تَناول من أَزاهره كؤوساً / فَأَضحى مِن خَلاعته يناول
تَظنّ الوُرق أن بِهِ جُنوناً / فَتستدعي الجداول بِالسَلاسل
فَقال الغُصن ما للطوق فَضلٌ / وَفي ساقي مِن النَهر الخَلاخل
فقم يا صاحبي نحسو الحميّا / وَنذكر للمنى تلكَ الرَسائل
وقم نَشكو الخُمول وَما جَناه / لعدل الراح في ظل الخَمائل
وَدَعني حَيث قال الجَدّ دَعني / وَمل بي وَاعتدل فالدهر مائل
وَلطّف بالرَحيق حَريقَ صَدرٍ / تُضرّمُه الشَواغل بالشواعل
فَكَم في القَلب من حُزن مَديد / طَويل البَث لَم يَظفر بطائل
يَمرّ الليل أَنجمه حَيارى / عَلى ما مرّ يَضربنَ الكلاكل
وَيَمضي اليَوم في كد وَكدحٍ / تغرِّرُنا البكور مع الأَصائل
نُصانع مزعجات الدَهر لَكن / تبعِّدنا وَلو قَربت وَسائل
وَنستجدي الزَمان صَفاءَ قَلبٍ / وَما زالَ الزَمان بِذاك باخل
عَفا الرَحمَن عَنهُ عَلام هَذا / وَقَلب ذاهبٌ وَالعَقل ذاهل
وَفيم يَجور أَو ما يَبتغيه / وَكَيدي عِندَه تحصيل حاصل
أهان فعز إِذ عزت أَمانٍ / أَضاع الجدّ فهوَ اليَوم هازل
تحاسب في علاه وَهوَ فَردٌ / جحافيل الميادن وَالمحافل
فَياللَه مِن مجد رَفيع / يمازج بَأسه لُطفُ الشَمائل
تَرفّع عَن مُدانٍ في المَعالي / لذلك لا يماثله مماثل
صرفت عَن الوَرى نطقي وودّي / بما مشهوده يغني الدَلائل
فَإِن ناداك نطقي يا أَميري / وَذاكَ الحَق قال القَلب يا خل
رَأَيت بِكَ الإخاء وَما صفاه / وَفي مَغناك أَنزلت الرَواحل
فَقَرَّ لي المَقامُ عَلى اضطرابٍ / وَساغ الورد إِذ جفَّت مَناهل
بِكَ استأنست وَاستجليت صفواً / فَأُنسيتُ الأَحبةَ وَالمَنازل
فَلما أن بَعدتَ وَسرت عَني / وَحالَت دُون لقياك المَراحل
شَجى قَلبي بَدا وَعَدَت شُجونٌ / لَها في طَيّه أَبَداً قَلاقل
وَعادَ لي الفراق فَعاودتني / هُمومٌ في الفُؤاد لَها مَراجل
فَعد يا سَيدي عوداً عَزيزاً / لِيَحزنَ فارحٌ وَيُساءَ عاذل
فَإِنك للعلا رُكن رَكين / وَإِنك للعدا الشَهم الحُلاحل
وَمَحبوبٍ يَجورُ عَلى مُحبٍّ
وَمَحبوبٍ يَجورُ عَلى مُحبٍّ / ببيض الهند مِن سودٍ كِحالِ
فَيُنجزنا الوَعيد بنارِ صدٍّ / وَيَمطلُنا لَدى وَعد الوِصال
عَلا كَالشَمس فَهوَ قَريبُ مَرآىً / لِناظره بعيدٌ في المَنال
فَيا كَم قَد شَكَوتُ لَهُ غَرامي / وَتهيامي وَمِن بلبال بالي
وَتاه تَعزُّزاً وَجفا وَناءى / وَأَغرب في التمنُّع وَالدَلال
فَلَما عيل صَبري في هَواه / وَقَد قلّ احتمالي وَاحتيالي
بَعثتُ لَهُ بمرآةٍ يَرى ما / بِهِ قَد صارَ هَذا الحال حالي
فَلما أَن رأى بَدراً مُنيراً / بَديع الحُسن في فلك الجَمال
غَدا صَبّاً به مثلي إِلى أَن / تَبيّن بَينَ ذي شغل وَخال
فَقُلت لَهُ أتعذرُ يا حَبيبي / مُحبّاً هَكذا يَقضي اللَيالي
فَقال أَرى الهَوى مثل الحُميّا / لَذيذَ البدء مَرهوبَ المآل
وَما كُنّا عَلمناه وَلَكن / تَعالى العشقُ عَن همم الرِجال
زَهى مِنها جَبينٌ كَالهِلالِ
زَهى مِنها جَبينٌ كَالهِلالِ / عَلى غُصنٍ يَميلُ مَع الدَلالِ
وَنمّ بجفنها سحرٌ خفيٌّ / يَصون بسيفه وِردَ الزلال
فَقمتُ لوصلها شَوقاً فقالَت / بَعيدُ النَيلِ وَصلٌ مِن غَزال
فَحلَّلتُ البُنودَ وَلَست أَدري / وَدَغدغتُ النُهودَ وَلا أُبالي
وَهذي عادَتي بَين الغَواني / وَتِلكَ حَقيقَتي في كُلِّ حال
إِذا حاوَلتُ ماطلني دلالا
إِذا حاوَلتُ ماطلني دلالا / وَإَن طالبتُ وَصلاً قال لا لا
يبادر بِالَّذي يَقضيه ظُلماً / وَأَخشى عِندَما أَشكو نكالا
ذَللتُ لَهُ لِكَي يُرضيه ذلي / فَلَما أن دَرى بِالحال حالا
فَلا عَجبٌ إِذا ما الصَبر وَلّى / وَحزنٌ في الحَشا مني تَوالى
وَما للقلب لا يُكوَى جذاذاً / وَدَمعي ثَمّ يَتّصل اتصالا
أَرى الأَشواق بِالأَفكار تطوى / إِلى أَرض بِها المَحبوب جالا
فَأَبكي إِن نَأى شَوقاً إِلَيهِ / وَأَخشى عِندَما يَصل انفصالا
وَغانيةٍ تَفوقُ البَدرَ حُسناً
وَغانيةٍ تَفوقُ البَدرَ حُسناً / وَتسبى بِالجَمال وَبِالكَمالِ
إِذا ناولتَها الصَهباءَ يَوماً / رَأَيتَ الشَمسَ تسجدُ للهلال
بِها نوّرتَ للأَيام وَجهاً / كَما نوّلتَها بَين اللَيالي
وَما زالت يَدي في حلٍّ بندٍ / وَعَيني حَيث رائعةُ الجَمال
وَمثلي لَيسَ تنكره الغَواني / وَلَيسَ يَهاب داهيةَ الرِجال
أَيا هذي الملاحةُ وَالجَمالُ
أَيا هذي الملاحةُ وَالجَمالُ / يَحق لك التمنُّعُ وَالدَلالُ
وَحق لي التذللُ في غَرامي / وَحق لعُذَّلي ما كانَ قالوا
بروحي أَفتديك شَقيقَ رُوحي / وَحاشا لا أَقول فداك مال
أَتَرضى أَن أَذل وَأَنتَ عزّي / وَأَن أَرجو الوصال وَلا وصال
قَفا بي في المعاهد وَالطلولِ
قَفا بي في المعاهد وَالطلولِ / وَهاتيك المرابع وَالخَميلِ
رسوم عافياتٌ دارساتٌ / بدت من بعدهم تَحكي نحولي
وَرقرق أَدمعاً تدع الفَيافي / كَمستبق الغَمائم وَالسيول
فَكَم قَد كانَ لي فيها بدورٌ / أَفلنَ وَلَم يَكُن وَقت الأفول
وَكَم لي فيهِ من خدّ أَسيلٍ / كَمثل الرَوض برّاقٍ صَقيل
وَقَد حالَت بنا عَنهُ اللَيالي / فَطالَ نَوىً بحزنٍ مستطيل
وَقَد سارَ التَلاقي لا يرجَّى / فَمن للصبِّ بالصبر الجَميل
خَليلي لَو رَأَت عَيناك يَوماً / دَعانا للَأَسى داعي الرَحيل
فَودّعنا الأَحبة وَالتَصابي / وَقَد ضنت بهم كفُّ القفول
لتهنأ أَعيُنٌ لَم تَدرِ سهداً / وَقَلبٌ خال عن قال وَقيل
أَقول لربّة الجنات لَيلاً / أَطيلي النوح يا وَرقا أَطيلي
فَكَم في العَين من دَمعٍ مَديدٍ / وَكَم في القَلب من حُزنٍ طَويل
أَقول وَفي المَدامع لي سَفينٌ / مِن الأَجفان تُرسل في رَسيل
وَجسمي في الهَوى دَنفٌ وَقَلبي / عَليلٌ ذا وَهَذا في غَليل
دَعاني كَي أَسيل الغَرب غَرباً / لمشرق رَبة الخَدّ الأَسيل
فَما أَعداني بِالأسقام إِلّا / سقامُ الناعس الساجي الكَليل
كَثير لَو تَرى صَرعى ظُباه / فَكَم لَكَ من أَسيرٍ أَو قَتيل
بَلَوتُ من التفرّق كُلَّ صَعبٍ / وَخَطبٍ مِن عَنا الدُنيا مَهول
حَمى الأَحياءَ عَني غِيلُ لَيثٍ / وَغناني الصَهيل من الرَعيل
فَدون وَصالهم فَصلُ المَواضي / وَدَفع الصَدر في صَدر الذُبول
وَإِني في الهَوى شَهمٌ حمولٌ / وَإِن حَثَّ النَوى بِنَوى الحَمول
وَما أَرضى سِوى خلِّي خَليلاً / وَلَيسَ يَفيد نصحك يا خَلِي لي
عَذولي في الصَبابة كُن عَذيري / وَإِن يَك في الحَشا أَمضى نصول
أَنا عَبد الغواية وَالغَواني / وَحرّ بَين أَقراني وَجيلي
وَلي نَفسٌ أَعز من الرَواسي / قَنعت من الكَثيرة بِالقَليل
فَلولا الدَهر عادى مثل مَجدي / وَعاد الكَلب يَسكن بَطن غيل
وَغلّ سَواعدي صَرف الليالي / وَفي سجن الخمول غَدا مقيلي
إِذاً لسموتُ هامات المَعالي / وَسُدتُهمُ قَبيلا عن قَبيل
وَلَكن تِلكَ عاداتُ اللَيالي / وَشيمة دَهرنا الباغي العجول
يقدّم كُل مَرفوضٍ وَيَقضي / بِتأخير الكِرام من الفحول
دراه قَبلنا في كُل أَمرٍ / بَنو الأَيام أَرباب العُقول
فَهَل تَر حامداً للدهر صُنعاً / وَهَل تَسمع لَهُم رِكزَ العويل
وَأَحزن عاقل قَد أَلجأته / دَواعي الدَهر لِلوَغد الجَهول
يُقرّبُ خامِلاً لا يَرتضيه / وَيبعده الزَمان عن الخَليل
يُقبِّل للخديعة خدَّ حربا / وَيَرشفُ للضرورة ثَغرَ غُول
أَرى عُمري عَلى الدُنيا قَصيراً / وَلَكن بِالهُموم عَظيم طُول
وَما مَوت الفَتى بِالعز مَوتٌ / وَلَكن عيشةُ الحرّ الذَليل
قَفا بي صاحبيَّ فَإِنّ قَلبي / يقبّلني وَأَشواقي دَليلي
لنذكر ههنا تِلكَ اللَيالي / وَهَذي الدار تَزهى بِالنزول
وَقولي للحبيبة إِذ تثنت / تَثنّي الغُصن في كَف القبول
وَنَحنُ بجنة الأَهوا حُلولٌ / رَعاك اللَه يا حسن الحلول
وَأَطمعني الزَمان فَكانَ ظَني / جَميلاً في الهَوى بِالمستحيل
فَلما أَن قَضى بِالبين دَهري / وَحارَبَني بتصريفٍ وَبيل
جَمعتُ للوعتي صَبراً جَميلاً / وَهَل جمع الضرام مع الجَميل
أُكلَّفُ بَثَّ ما أَلقى قَبولاً / إِليهم علّ أَحظى بِالقَبول
أَميل إِذا سرت عَنهُم سحيراً / وَبَيني وَالأَحبة فَوق ميل
سليماً بَعدما بانوا عليلاً / وَانتشقُ السَليم من العَليل
قضتها المزعجات لغير صَبٍّ / فَباتَ منعَّماً داني الوصول
وَبتّ أَنوح مشتاقاً وَأَدعو / مساجلةَ الهَدير مع الهَديل
وَرب مسدّد أَخطا المَرامي / وَقَد نالَ الإِصابة ذو الفضول
وَكَم حرّ تَرى يَمشي ذَليلا / وَعَبد النَقد يَركض بالحجول
وَكَم درّ عَلى وَثنٍ نثير / وَظبي صاده راعي الوعول
وَكَم في الناس من قال وَقيل / وَكَم ذل العَزيز لَدى ذَليل
رَعى الرَحمَن أَيامي وَقَومي / عَلى يَأس وَبُعدٍ من وصول
فَلا أَنا بِالَّذي يَسلو وَلاهم / إِذا راموا التَواصلَ يَرجعوا لي
لعمرك إنني ما زالَ جهلي
لعمرك إنني ما زالَ جهلي / إِلى أَن هذّبت طبعي الليالي
فكم أَغراني الغيدُ الغَواني / وَكَم ذا سرّني خدع الرجال
وَكَم أَحسنت ظَني في صحابي / وَإخواني وَأخداني وَآلي
وَكم أمّلتُ من أَملٍ بعيدٍ / وَكَم طوّلتُ فكراً في محال
تراني قَد بلوتُ الناس دهراً / فما فيهم سِوى قيلٍ وَقال
فلما كذَّب التجريبُ ظَني / وَعلّمني الهُدى علم الضَلال
رَجَعتُ أَقول بئس العَصر عَصري / وَبئس الناس أَصحابي الخَوالي
عليك بخمسة إن رمتَ فَضلاً
عليك بخمسة إن رمتَ فَضلاً / لَدى أَهل الكياسة وَالمَعالي
فَلا تحقر وَلا تغتب خَليلاً / فَتلك مذمّةٌ بَين الرِجال
وَنَفسك لا تَرى إِلا بعين / بها نظرت إليك أُولو الكمال
وَلا تطلب لإنسان عيوباً / فَلَست تَرى وَلو حاوَلت خالي
وَكُن في الناس مثلَ الناس دوماً / جَميلَ الذكر مَألوفَ الخصال
فَيا بحر العُلوم فدتك نَفسي / تَأَمّل منطقي واسمع مقالي
وَلا يحزنك يا ذا الفَضل قولي / فَقَد أَهديت للبحر اللآلي
يذكرني الجبينُ نهارَ أُنسي
يذكرني الجبينُ نهارَ أُنسي / وحالكُ شعرِه ما سوءُ حالي
وإن أَبصرتُ لطفَ الخصرِ منهُ / بكيتُ عَلى محبتِه انتحالي
إذا أَبصرت من خُدَماءِ خلٍّ
إذا أَبصرت من خُدَماءِ خلٍّ / سِوى وَجهِ البشاشة قم تحوَّلْ
فما فعلوا فَعن رَأي وإلا / تُحذِّرُ أنَّ صاحبَهم مُغفَّلْ
فلان لا تصدق منه قولاً
فلان لا تصدق منه قولاً / ولو شهد الرَسولُ بما يَقولُ
سِوى إن قال إنَّ اللَه رَبٌّ / وإن محمداً فينا رَسول
وَكُنت اذا اغتربتُ أحنُّ شَوقاً
وَكُنت اذا اغتربتُ أحنُّ شَوقاً / إِلى سكنٍ وَأَوطانٍ وَخلِّ
فصرتُ اليَوم حَيثُ أَقمتُ ضَيفاً / وَحَيثُ أَسيرُ أسحبُ طَيف ظلّي