سَقى تِلكَ الأَباطح والرِمالا
سَقى تِلكَ الأَباطح والرِمالا / عِهادُ الغيثِ ينهملُ اِنهمالا
وَحَيّا اللَهُ بالجَرعاء حيّاً / رعَيتُ به الغَزالةَ والغَزالا
دياراً كُنتُ آمنُها نزولاً / ولا أَخشى لدائرةٍ نِزالا
إِذا هَزَّت غَوانيها قُدوداً / تهزُّ رجالُها أَسَلاً طِوالا
لَعمرُكَ ما رُماة بَني أَبيها / بأَصمى من لواحظها نِبالا
وَبي منهنَّ واضحةُ المحيّا / هضيمَ الكشح جاهرةً دَلالا
تُعير الظَبيَ مُلتَفَتاً وَجيداً / وَتَكسو الغصنَ ليناً واِعتِدالا
تُميط لثامَها عَن بدرِ تَمٍّ / تجلّى فوق غرَّتها هِلالا
أَغارُ من الرياح إذا أَمالَت / مهفهفَ قدِّها يوماً فَمالا
تقابلُها إذا هبَّت قَبولا / وتشمَلُها إذا نَسَمت شَمالا
وَما أَغرى الفؤادَ بحبِّ خودٍ / مَنوعٍ لن تُنيل ولن تُنالا
سَبت جَفنيَّ نومَهما لكيلا / أواصلُ في المَنام لها خَيالا
وَلَستُ إذا طلبتُ الوصلَ منها / بأَوَّلِ عاشقٍ طلبَ المُحالا
غَبطتُ الركبَ حين بها اِستقلّوا / فَكَم حملت جِمالُهم جمالا
أَقولُ لصاحبي لمّا تجلَّت / وَجَلَّت أَن أُصيبَ لها مِثالا
أَبدرُ الأفق لاحَ فقال كلّا / مَتى كانَت منازلُهُ الحِجالا
وربَّ لوائمٍ أَوقرنَ سَمعي / مَلاماً ظلَّ يوقرُني مَلالا
هجرنَ بذمّهنَّ الهجرَ مِنها / ولا هجراً عرفنَ ولا وِصالا
وَلَو أَنّي أكافيهنَّ يوماً / جَعلتُ خدودَهنَّ لها نِعالا
وَكَم حاولتُ صَبري في هَواها / فَقال إليكَ عنّي واِستَقالا