هَنيئاً أَيُّها المَلِكُ الأَجَلُّ
هَنيئاً أَيُّها المَلِكُ الأَجَلُّ / لَكَ العَرشُ الجَديدُ وَما يَظِلُّ
تَسَنَّمَ عَرشَ إِسماعيلَ رَحباً / فَأَنتَ لِصَولَجانِ المُلكِ أَهلُ
وَحَصِّنهُ بِإِحسانٍ وَعَدلٍ / فَحِصنُ المُلكِ إِحسانٌ وَعَدلُ
وَجَدِّد سيرَةَ العُمَرَينِ فينا / فَإِنَّكَ بَينَنا لِلَّهِ ظِلُّ
لَقَد عَزَّ السَريرُ وَتاهَ لَمّا / تَبَوَّأَهُ المَليكُ المُستَقِلُّ
وَهَشَّ التاجُ حينَ عَلا جَبيناً / عَلَيهِ مَهابَةٌ وَعَلَيهِ نُبلُ
تَمَنّى لَو يَقِرُّ عَلى أَبِيٍّ / تَذِلُّ لَهُ الخُطوبُ وَلا يَذِلُّ
وَقَد نالَ المَرامَ وَطابَ نَفساً / فَها هُوَ ذا بِلابِسِهِ يُدِلُّ
وَما كُنتَ الغَريبَ عَنِ المَعالي / وَلا التاجُ الَّذي بِكَ باتَ يَعلو
وَإِنَّكَ مُنذُ كُنتَ وَلا أُغالي / حُسامٌ لِلأَريكَةِ لا يُفَلُّ
فَكَم نَهنَهتَ مِن غَربِ العَوادي / وَكَم لَكَ في رُبوعِ النيلِ فَضلُ
وَما مِن مَجمَعٍ لِلخَيرِ إِلّا / وَمِن كَفَّيكَ سَحَّ عَلَيهِ وَبلُ
فَقَد عَرَفَ الفَقيرُ نَداكَ قِدماً / وَقَد عَرَفَ الكَبيرُ عُلاكَ قَبلُ
لَكَ العَرشانِ هَذا عَرشُ مِصرٍ / وَهَذا في القُلوبِ لَهُ مَحَلُّ
فَأَلِّف ذاتَ بَينِهِما بِرَأيٍ / وَعَزمٍ لا يَكِلُّ وَلا يَمَلُّ
فَعَرشٌ لا تَحُفُّ بِهِ قُلوبٌ / تَحُفُّ بِهِ الخُطوبُ وَيَضمَحِلُّ
أَبا الفَلّاحِ كَم لَكَ مِن أَيادٍ / عَلى ما فيكَ مِن كَرَمٍ تَدُلُّ
وَآلاءٍ وَإِن أَطنَبتُ فيها / وَفي أَوصافِها فَأَنا المُقِلُّ
عُنيتَ بِحالَةَ الفَلّاحِ حَتّى / تَهَيَّبَ أَن يَزورَ الأَرضَ مَحلُ
وَكَيفَ يَزورُ أَرضاً سِرتَ فيها / وَأَنتَ الغَيثُ لَم يُمسِكهُ بُخلُ
وَكَم أَحيَيتَ مِن أَرضٍ مَواتٍ / فَأَضحَت تُستَرادُ وَتُستَغَلُّ
وَأَخصَبَ أَهلُها مِن بَعدِ جَدبٍ / وَفاضَ عَلَيهِمُ رَغَدٌ وَنَفلُ
وَكَم أَسعَفتَ في مِصرٍ جَريحاً / عَلَيهِ المَوتُ مِن كَثَبٍ يُطِلُّ
وَكُنتَ لِكُلِّ مِسكينٍ وِقاءً / وَأَهلاً حينَ لَم تَنفَعهُ أَهلُ
وَكُنتَ فَتىً بِعَهدِ أَبيكَ نَدباً / لَهُ رَأيٌ يُسَدِّدُهُ وَفِعلُ
لِكُلِّ عَظيمَةٍ تُدعى فَتُبلي / بَلاءَ مُجَرِّبٍ يَحدوهُ عَقلُ
تَوَلَّيتَ الأُمورَ فَتىً وَكَهلاً / فَلَم يَبلُغ مَداكَ فَتىً وَكَهلُ
وَجَرَّبتَ الحَوادِثَ مِن قَديمٍ / وَمِثلُكَ مَن يُجَرِّبُها وَيَبلو
وَكُنتَ لِمَجلِسِ الشورى حَياةً / وَنِبراساً إِذا ما القَومُ ضَلّوا
فَلَم يُلمِم بِساحَتِهِ جَحودٌ / وَلَم يَجلِس بِهِ عُضوٌ أَشَلُّ
وَما غادَرتَهُ حَتّى أَفاقوا / وَمِن أَمراضِ عَيشِهِمُ أَبَلّوا
فَعِش لِلنيلِ سُلطاناً أَبِيّاً / لَهُ في مُلكِهِ عَقدٌ وَحَلُّ
وَوالِ القَومُ إِنَّهُمُ كِرامٌ / مَيامينُ النَقيبَةِ أَينَ حَلّوا
لَهُم مُلكٌ عَلى التاميزِ أَضحَت / ذُراهُ عَلى المَعالي تَستَهِلُّ
وَلَيسَ كَقَومِهِم في الغَربِ قَومٌ / مِنَ الأَخلاقِ قَد نَهِلوا وَعَلّوا
فَإِن صادَقتَهُم صَدَقوكَ وُدّاً / وَلَيسَ لَهُم إِذا فَتَّشتَ مِثلُ
وَإِن شاوَرتَهُم وَالأَمرُ جِدُّ / ظَفِرتَ لَهُم بِرَأيٍ لا يَزِلُّ
وَإِن نادَيتَهُم لَبّاكَ مِنهُم / أَساطيلٌ وَأَسيافٌ تُسَلُّ
فَمادِدهُم حِبالَ الوُدِّ وَاِنهَض / بِنا فَقِيادُنا لِلخَيرِ سَهلُ
وَخَفِّف مِن مُصابِ الشَرقِ فينا / فَنَحنُ عَلى رِجالِ الغَربِ ثِقلُ
إِذا نَزَلَت هُناكَ بِهِم خُطوبٌ / أَلَمَّ بِنا هُنا قَلَقٌ وَشُغلُ
حَيارى لا يَقِرُّ لَنا قَرارٌ / تُنازِلُنا الخُطوبُ وَنَحنُ عُزلُ
فَأَهلاً بِالدَليلِ إِلى المَعالي / أَلا سِر يا حُسَينُ وَنَحنُ نَتلو
وَأَسعِدنا بِعَهدِكَ خَيرَ عَهدٍ / بِهِ أَيّامُنا تَصفو وَتَحلو
فَأَمرُكَ طاعَةٌ وَرِضاكَ غُنمٌ / وَسَيفُكَ قاطِعٌ وَنَداكَ جَزلُ