المجموع : 10
حَياةٌ ما نُريدُ لَها زِيالا
حَياةٌ ما نُريدُ لَها زِيالا / وَدُنيا لا نَوَدُّ لَها اِنتِقالا
وَعَيشٌ في أُصولِ المَوتِ سَمٌّ / عُصارَتُهُ وَإِن بَسَطَ الظِلالا
وَأَيّامٌ تَطيرُ بِنا سَحاباً / وَإِن خيلَت تَدِبُّ بِنا نِمالا
نُريها في الضَميرِ هَوىً وَحُبّاً / وَنُسمِعُها التَبرُّمَ وَالمَلالا
قِصارٌ حينَ نَجري اللَهوَ فيها / طِوالٌ حينَ نَقطَعُها فِعالا
وَلَم تَضُقِ الحَياةُ بِنا وَلَكِن / زِحامُ السوءِ ضَيَّقَها مَجالا
وَلَم تَقتُل بِراحَتِها بَنيها / وَلَكِن سابَقوا المَوتَ اِقتِتالا
وَلَو زادَ الحَياةَ الناسُ سَعياً / وَإِخلاصاً لَزادَتهُم جَمالا
كَأنَّ اللَهَ إِذ قَسَمَ المَعالي / لِأَهلِ الواجِبِ اِدَّخَرَ الكَمالا
تَرى جِدّاً وَلَستَ تَرى عَلَيهِم / وُلوعاً بِالصَغائِرِ وَاِشتِغالا
وَلَيسوا أَرغَدَ الأَحياءِ عَيشاً / وَلَكِن أَنعَمَ الأَحياءِ بالا
إِذا فَعَلوا فَخَيرُ الناسِ فِعلاً / وَإِن قالوا فَأَكرَمُهُم مَقالا
وَإِن سَأَلَتهُمو الأَوطانُ أَعطَوا / دَماً حُرّاً وَأَبناءً وَمالا
بَني البَلَدِ الشَقيقِ عَزاءَ جارٍ / أَهابَ بِدَمعِهِ شَجَنٌ فَسالا
قَضى بِالأَمسِ لِلأَبطالِ حَقّاً / وَأَضحى اليَومَ بِالشُهَداءِ غالي
يُعَظِّمُ كُلَّ جُهدٍ عَبقَرِيٍّ / أَكانَ السِلمَ أَم كانَ القِتالا
وَما زِلنا إِذا دَهَتِ الرَزايا / كَأَرحَمِ ما يَكونُ البَيتُ آلا
وَقَد أَنسى الإِساءَةَ مِن حَسودٍ / وَلا أَنسى الصَنيعَةَ وَالفِعالا
ذَكَرتُ المِهرَجانَ وَقَد تَجَلّى / وَوَفدَ المَشرِقَينِ وَقَد تَوالى
وَداري بَينَ أَعراسِ القَوافي / وَقَد جُلِيَت سَماءً لا تُعالى
تَسَلَّلَ في الزِحامِ إِلَيَّ نِضوٌ / مِنَ الأَحرارِ تَحسَبُهُ خَيالا
رَسولُ الصابِرينَ أَلَمَّ وَهناً / وَبَلَّغَني التَحِيَّةَ وَالسُؤالا
دَنا مِنّي فَناوَلَني كِتاباً / أَحَسَّت راحَتايَ لَهُ جَلالا
وَجَدتُ دَمَ الأُسودِ عَلَيهِ مِسكاً / وَكانَ الأَصلُ في المِسكِ الغَزالا
كَأَنَّ أَسامِيَ الأَبطالِ فيهِ / حَوامِمٌ عَلى رِقٍّ تَتالى
رُواةُ قَصائِدي قَد رَتَّلوها / وَغَنَّوها الأَسِنَّةَ وَالنِصالا
إِذا رَكَزوا القَنا اِنتَقَلوا إِلَيها / فَكانَت في الخِيامِ لَهُم نِقالا
بَني سورِيَّةَ اِلتَئِموا كَيَومٍ / خَرَجتُم تَطلُبونَ بِهِ النِزالا
سَلو الحُرِيَّةَ الزَهراءَ عَنّا / وَعَنكُم هَل أَذاقَتنا الوِصالا
وَهَل نِلنا كِلانا اليَومَ إِلّا / عَراقيبَ المَواعِدِ وَالمِطالا
عَرَفتُم مَهرَها فَمَهَرتُموها دَماً / صَبَغَ السَباسِبَ وَالدِغالا
وَقُمتُم دونَها حَتّى خَضَبتُم / هَوادِجَها الشَريفَةَ وَالحِجالا
دَعوا في الناسِ مَفتوناً جَباناً / يَقولُ الحَربُ قَد كانَت وَبالا
أَيُطلَبُ حَقَّهُم بِالروحِ قَومٌ / فَتَسمَعُ قائِلاً رَكِبوا الضَلالا
وَكونوا حائِطاً لا صَدعَ فيهِ / وَصَفّاً لا يُرَقَّعُ بِالكَسالى
وَعيشوا في ظِلالِ السِلمِ كَدّاً / فَلَيسَ السِلمُ عَجزاً وَاِتِّكالا
وَلَكِن أَبَعدَ اليَومَينِ مَرمىً / وَخَيرَهُما لَكُم نُصحاً وَآلا
وَلَيسَ الحَربُ مَركَبَ كُلِّ يَومٍ / وَلا الدَمُ كُلَّ آوِنَةٍ حَلالا
سَأَذكُرُ ما حَييتُ جِدارَ قَبرٍ / بِظاهِرِ جِلَّقَ رَكِبَ الرِمالا
مُقيمٌ ما أَقامَت مَيسَلونٌ / يَذكُرُ مَصرَعَ الأُسُدِ الشِبالا
لَقَد أَوحى إِلَيَّ بِما شَجاني / كَما توحي القُبورُ إِلى الثَكالى
تَغَيَّبَ عَظمَةُ العَظَماتِ فيهِ / وَأَوَّلُ سَيِّدٍ لَقِيَ النِبالا
كَأَنَّ بُناتَهُ رَفَعوا مَناراً / مِنَ الإِخلاصِ أَو نَصَبوا مِثالا
سِراجُ الحَقِّ في ثَبَجِ الصَحارى / تَهابُ العاصِفاتُ لَهُ ذُبالا
تَرى نورَ العَقيدَةِ في ثَراهُ / وَتَنشَقُ في جَوانِبِهِ الخِلالا
مَشى وَمَشَت فَيالِقُ مِن فَرَنسا / تَجُرُّ مَطارِفَ الظَفَرِ اِختِيالا
مَلَأنَ الجَوَّ أَسلِحَةً خِفاقاً / وَوَجهَ الأَرضِ أَسلِحَةً ثِقالا
وَأَرسَلنَ الرِياحَ عَلَيهِ ناراً / فَما حَفَلَ الجَنوبُ وَلا الشَمالا
سَلوهُ هَل تَرَجَّلَ في هُبوبٍ / مِنَ النيرانِ أَرجَلَتِ الجِبالا
أَقامَ نَهارَهُ يُلقي وَيَلقى / فَلَمّا زالَ قُرصُ الشَمسِ زالا
وَصاحَ نَرى بِهِ قَيدَ المَنايا / وَلَستَ تَرى الشَكيمَ وَلا الشِكالا
فَكُفِّنَ بِالصَوارِمِ وَالعَوالي / وَغُيِّبَ حَيثُ جالَ وَحَيثُ صالا
إِذا مَرَّت بِهِ الأَجيالُ تَترى / سَمِعتَ لَها أَزيزاً وَاِبتِهالا
تَعَلَّقَ في ضَمائِرِهِم صَليباً / وَحَلَّقَ في سَرائِرِهِم هِلالا
أَبولّو مَرحَباً بِكِ يا أَبولّو
أَبولّو مَرحَباً بِكِ يا أَبولّو / فَإِنَّكِ مِن عُكاظِ الشِعرِ ظِلُّ
عُكاظُ وَأَنتِ لِلبُلَغاءِ سوقٌ / عَلى جَنَباتِها رَحَلوا وَحَلّوا
وَيَنبوعٌ مِنَ الإِنشادِ صافِ / صَدى المُتَأَدِّبينَ بِهِ يُقَلُّ
وَمِضمارٌ يَسوقُ إِلى القَوافي / سَوابِقُها إِذا الشُعَراءُ قَلّوا
يَقولُ الشِعرَ قائِلُهُم رَصيناً / وَيُحسِنُ حينَ يُكثِرُ أَو يُقِلُّ
وَلَولا المُحسِنونَ بِكُلِّ أَرضِ / لَما سادَ الشُعوبُ وَلا اِستَقَلّوا
عَسى تَأتينَنا بِمُعَلَّقاتٍ / نَروحُ عَلى القَديمِ بِها نُدِلُّ
لَعَلَّ مَواهِباً خَفِيَت وَضاعَت / تُذاعُ عَلى يَدَيكِ وَتُستَغَلُّ
صَحائِفُكِ المُدَبَّجَةُ الحَواشي / رُبى الوَردِ المُفَتَّحِ أَو أَجَلُّ
رَياحينُ الرِياضِ يُمَلُّ مِنها / وَرَيحانُ القَرائِحِ لا يُمَلُّ
يُمَهِّدُ عَبقَرِيُّ الشِعرِ فيها / لِكُلِّ ذَخيرَةٍ فيها مَحَلُّ
وَلَيسَ الحَقُّ بِالمَنقوصِ فيها / وَلا الأَعراضُ فيها تُستَحَلُّ
وَلَيسَت بِالمَجالِ لِنَقدِ باغٍ / وَراءَ يَراعِهِ حَسَدٌ وَغِلُّ
رضاكم بالعلاقة لي كفيل
رضاكم بالعلاقة لي كفيل / وقربكم الزمان وما ينيل
هجرتم فاحتملت لكم فعدتم / وشحناء المحبة لا تطول
وما جاملتموا أهلا ولكن / ذهبتم مذهبا وهو الجميل
وكنت إذا التمست لكم بديلا / أعاتبكم به عز البديل
حفظت الودّ والودّ انتقال / وإن الحافظين له قليل
وبت أصون في الحب اعتقادي / ورأى لا تغيره أصيل
فيا كتبي أياديك الأيادي / ويا رسلي جميلكم الجميل
ويا أملي سأذكر طول أنسى / بوجهك حين أوحشني الخليل
ويا دهري شكرت وكان منى / لما قد مر نسيان طويل
ويا عصري و للممدوح تنمى / لك الغرر السنية والحجول
أرى سبل الرجاء إليه شتى / ولكن خيرها هذا السبيل
أمهما قام عزمك أو تصدى / دنا الأقصى ودان المستحيل
وتعلم أن بالحساد داء / وأن شفاءهم في أن يقولوا
تزينت المنازل واستعدّت / فأهلا أيها القمر الجليل
تودّ العين لو زيدت سوادا / وأنك في سوادَيها نزيل
هرعنا والقلوب يثبن وثبا / وللعبرات بالبشرى مسيل
فهلل حيث كل العز يسعى / وحيث الفضل جملته يميل
ونبسط أيدى النجوى كأنا / سراة هزها النجم الدليل
كأني بالحمام أصاب ركنى
كأني بالحمام أصاب ركنى / فمال وأى ركن لا يميل
وأدركني ونجم صباى عال / فخَّر النجم وازدوج الأفوال
فلا يغرركما ولدىَّ بعدى / زُها الدنيا ومنظرها الجميل
حبيبك من تحب ومن تجل
حبيبك من تحب ومن تجل / ومن أحببت للحالين أهل
ومن يجزيك عن ودّ بودّ / ومالك مهجتي سمح وعدل
إذا ما الحب لم يكسبك عزا / فكل مودّة في الناس ختل
وفضل منك أن ترعى ودادا / وليس لمن تودّ عليك فضل
بلوت الناس خدنا بعد خدن / فما للمرء غير النفس خل
وطالعت الأمور فكل صعب / إذا لزم الرجال الصبر سهل
أدِل على الخطوب إذا أدلت / وأتركها تهون ولا أذل
وألقى النازلات بحدّ عزم / يفل النازلات ولا يفل
وأحقر كل كذاب المعالى / ولو أن السماك له محل
وأعلم أن للدهر اختلافا / وأن الجدّ ينهض أو يزل
وأن النفس للإنسان كل / إذا بقيت عليه وزال كله
عرفت سجية الدنيا فدعها / تمرّ على سجيتها وتحلو
وإن لم تأتك الدنيا بظل / فجاوزها إلى دنيا تظل
إذ المأمول والآمال حيرى / وغيث الناس والأيام محل
عزيز الشرق هل للشرق ذكر / مع الأيام أم طوِى السجل
وهل لبنيه من مسعاك ركن / فركنهم ضعيف مضمحل
أَعِد له النوابغ فهو منهم / ومما يرفع الأوطان عطل
ولم أر كالرجال مع الليالي / إذا كثرت على البلدان قلوا
ولا كالعلم يجمع كل شمل / وليس لأمة في الجهل شمل
ولا كالمجد ميسورا قريبا / لشعب فيه إقدام وعقل
صفعنا روحه بيد المعاني
صفعنا روحه بيد المعاني / فألفينا لها صبرا جميلا
ومن طل الإقالة من شجاع / وأشفق من مضاربه أقيلا
أقول لفارس والحزب يدعو
أقول لفارس والحزب يدعو / وجريي بينهم جرى الغزالة
أفي التوارة مكتوب بتبر / طوال الناس أسبق للوكالة
بنى عبد السلام على أبيكم
بنى عبد السلام على أبيكم / من الرضوان غادية وظل
لكم بيت لواء العلم فيه / دعائم عزه شرف ونبل
بنوه بنو النبوّة قبل عاد / زكا أصل لكم فيه وفضل
رمى الدهر المكارم والمعالى / فركنهما ضعيف مضمحل
وخطب الدين والدنيا جليل / ولكن قدر من فَقدا أجل
يحج لقبره بؤس عفاة / ورب القبر بالفردوس حِل
بِعلِّيين لا بالأرض أمسى / وشأن النجم عن أرض يجل
وصافح بعضنا في العيد بعضا / وصافحه وملائكة ورسل
وعند الله ينشر بعد طى / حياة كلها في الخير فعل
لقاء الموت غاية كل حى / ولكن للحياة هوى مضل
فإن تسمع بزهد القوم فيها / فإن الحب يكثر أو يقل
وعند الموت تَحسَر كل نفس / لها في العيش أو طار وأهل
مضى المعطى وما تدرى يداه / ومن يأسو الجراح ومن يَبُل
ومن وزن الزمان فتى وشيخا / إذا الفتيان قبل الشيب ضلوا
وقور في الحوادث لا يبالى / سيوف البغى تغمد أو تسل
وأقطع من سيوف الهند حدا / لسان لا يهاب ولا يزل
كبير في المواقف لا جهول / بآداب الخطاب ولا مخل
يسيل فصاحة ويفيض علما / وخطبة بعضهم عِى وجهل
فسر عبدالسلام إلى كريم / يلوذ به الكريم ويستظل
بكاك الناس أحبابا وأهلا / بأحسن ما وفي للخل خل
وذاقت فقد خادمها بلاد / له في جيدها منن وفضل
تعقَّلَ في محبتها فتيا / وأخلص في المحبة وهو كهل
وليس يؤثِّر الإخلاص شيئا / إذا لم يصحب الإخلاص عقل
سيوف أبيه من خمسين عاما
سيوف أبيه من خمسين عاما / لواصق بالجدار بغير سَل
علاها العنكبوت فكان غمدا / على غمد قديم العهد حِل
ولي كالخيل إصطبل ولكن / أفارقه وأترك فيه ظلي
سلوا باراللواء و صُلت عني / ومصطبة السِرى الشيخ الأجل
من المرِشال أطلب ردّ روحي / وعودة فارسي وفكاك خلى
وأنذر إن تفضل صوم عام / ومثلي من يصوم ومن يصلى
وإلا مت دون الحق جوعا / كذلك مكسويني مات قبلي
ويا كينبود فم كسرت قلبي / وأمسِ الحادثات كسرن رجلي
وما الدكتور مجنون بسعد / ولا هو بالمحِّلل شتم عدلي
ولكن قِبلة الدكتور مصر / وسودان يراه لها كظل
بقصر النيل بات وكل سجن / وإن كان الخورنق لا يسلي
أقضِّى الليل حول السجن شوقا / للحيته أناجيها أطِلى
تشير من النوافذ لي وتُومى / كغانية هنالك ذات دل
ولولا الديدبان دنوت منها / وكنت أنا الممشط والمفلى
مررنا بالهلال على كريد
مررنا بالهلال على كريد / وقد ملأ الفضاء بها جمالا
بدوا والركب في شوق إليه / يضئ لنا رُباها والجبالا
فهلل رفقتي واستقبلوه / كما يستقبل الملك احتفالا
فقلت رويدكم هلا ذكرتم / شبيها كان أمس هنا فزالا
فلم أر في وجوه القوم شيئا / ولم أر مدمعا للقوم سالا
فقلت الأمر للمولى تعالى / يصرف ملكه حالا فحالا