عَداكَ الحادثاتُ إلى عِداكا
عَداكَ الحادثاتُ إلى عِداكا / فما للنّاسِ مَعنىً ما عَداكا
ولا بَرَحَ المُصادِقُ والمُعادي / إذا ما نابَ نائبةٌ فِداكا
فأنتَ سنَنْتَ للنّاسِ المَعالي / وإن لم يَبلُغوا فيهما مَداكا
إذا نظَر الملوكُ إليكَ يَوماً / رأَوْك لأمْرِ مُلكِهمُ مِلاكا
فإن يَكُ مُلكُهمْ أمسَى سَماءً / فَرَأْيُكَ لم يَزْل فيها سِماكا
خُلقْتَ منَ العُلا والمجدِ حتّى / تَضمّنتِ الفضائلَ بُرْدَتاكا
فلو كان العُلا والمجدُ شَخصاً / يَراهُ النّاظرونَ لكنتَ ذاكا
نَصُدُّ عنِ الغمائمِ هاطلاتٍ / إذا مطَر الوفودَ غَمامتاكا
ونَسمَعُ عن كرامِ النّاسِ ذكْراً / ونَنظرُ ما نَرَى أحداً سِواكا
فلا نَعْبا بأنْ سَخِطَ اللّيالي / وأهلُوها إذا حُزنا رِضاكا
لقد مَرِضتْ لنا الآمالُ حتّى / شَفاها اللهُ لمّا أن شَفاكا
فلا حُرِمَ السَّناءَ بكَ المعالي / ولا خلَتِ المَمالكُ من سَناك
فما اكتحلَتْ بوَجهِ السَّعْدِ يَوماً / من الدُّنيا سوى عَينٍ تَراكا
تَقسَّمتِ الوُفودُ غداةَ سارَتْ / وخَيلُ الدَّهرِ تَعترِكُ اعْتراكا
فسار الطّارقاتُ إلى الأعادي / وسار الطّارِقونَ إلى ذُراكا
بنو الدّهرِ العُفاةُ لديكَ لكنْ / بَناتُ الدّهرِ تَقصِدُ مَن قَلاكا
مَنِ استَكْفاكَ أمرَهمُ كفيلٌ / إذا راب الزّمانُ بما كَفاكا
لك المَعروفُ دونَ النّاسِ مُلْكٌ / يَداكَ بصِدقِ ذلكَ شاهِداكا
ولمّا صارَ حَمدُ النّاسِ وحْشاً / نَصبتَ من الجميلِ له شِباكا
أرى الإمساكَ من عاداتِ قَومٍ / وما اعتادَتْ سوى بَسْطٍ يَداكا
فأعجَبُ كيف مَعْ تلك السَّجايا / أطاقَ بكفِّك القلَمُ امتِساكا
لدِيوانَيْ حسابِكُمُ وشِعْري / أرَى في الرَّعْيِ للذِّمَمِ اشْتِراكا
مَعاشيَ هاهُنا ما زالَ يُجْرَى / ومَدحُكَ هكذا يُتْلَى هُناكا
فما في أمرِ إدراري مَعابٌ / ولا دُرَري إذا جُعِلَتْ حُلاكا
أُنَظَمُهنَّ أشعاراً رِقاقاً / إذا ما غَيرُها أضحَى رِكاكا
وما شُكري لمِا أَولَيْتَ إلاَّ / رَهينٌ ما أُطيقُ له فَكاكا
إذا طلَب الحسودُ لدَيكَ شَأْوي / نهَتْه عن مُطاولتي نُهاكا
وكيف أخافُ للواشي مَقالاً / وقد عُقدَتْ على طَوْدٍ حُباكا
إلى المَولَى الصِّفيّ سَرتْ رِكابي / وحَسْبُك بالصَّفيِّ إذا اصْطَفاكا
وَليُّ الدَّولةِ الحاكي نَداهُ / وَليَّ المُزْنِ والقَطْرَ الدَّراكا
لتَهنِكَ كَعبةٌ زارتْكَ شَوقاً / إليك ورَّفهَتْ كَرماً خُطاكا
ودَوحةُ سُؤْدَدٍ تَدعوكَ فَرْعاً / فَزادَ اللهُ مَفْخَرَ مَن نَماكا
أتَتْ بك أوّلاً وأتتْ أخيراً / تَزورُكَ بعدَ ما شَطَّتْ نَواكا
بمَقْدَمكَ اعْتراها من سُرورٍ / مُشابِهُ ما بمَقْدَمها اعْترَاكا
لكَ البُشرَى بها ولَها قديماً / لقد عَظُمَتْ وجَلّتْ بُشرَياكا
طَرِبتُ لجَمْع شَملك بَعْدَ لأْيٍ / لَعلّك جامعٌ شَمْلي كَذاكا
أرى لي طِيّةً عَرُضَتْ وطالَتْ / وليسَ مَطيّتي إلاّ نَداكا
ولي وَطَنٌ ولي وَطَرٌ جَميعاً / سَيُدْني لي بَعيدَهُما جَداكا
وسَوقُ الرّاحتَيْنِ إليّ سَهْلٌ / عليكَ إذا استَهلتْ راحتاكا
أَحِنُّ إلى السُّرَى وَعلَيَّ قَيْدٌ / منَ التَّعويقِ يَمنَعُني الحَراكا
فحُلَّ عِقالَ نِضْوٍ من رَجائي / يَسِرْ بي من ديارِكمُ ابْتِراكا
وأيّاً ما حلَلْتُ فلي لسانٌ / مَلئٌ بالثّناء على عُلاكا
فحيثُ نزلْتُهُ يَأْتيكَ شُكْري / على بُعْدٍ وتَأْتيني لُهاكا
وما مَدْحي وإنْ خطبَتْه قَومٌ / سوى عَبَقٍ بثَوبِ عُلاكَ صاكا
فلا يَزلِ الزّمانُ بكُلِّ حال / يُطيعُك صَرْفُهُ في مَن عَصاكا
رأيتُك في يَدِ الإقبالِ سَيْفاً / فلا شامَتْكَ كَفُّ من انْتَضاكا
ولا لَقّاكَ مَن تَرجوهُ يأساً / فإنّكَ لستَ تُؤْيسُ مَن رَجاكا