عِديني مِنكِ هَجراً أَو فِراقا
عِديني مِنكِ هَجراً أَو فِراقا / فَلَستُ أُطيقُ نَأياً وَاِشتياقا
فَلَو حَمَّلتِ ما حَمَّلتِ قلبي / سَنيراً أَو ثَبيراً ما أَطاقا
مَلَأتِ جَوانِحي بِالبَينِ ناراً / فَخِفتُ عَلَيكِ في قَلبي اِحتِراقا
تَدَيَّرتِ العَقيقَ فَكانَ فَأَلاً / ثَناني عَن لِقائِكُمُ وَعاقا
وَلَمّا أَن نَزَلتِ شَقيقَ خَبتِ / تَعَلَّمتِ الخِيانَةَ وَالشِقاقا
وَأَرضاكِ البُكا فَوَدِدتُ أَنّي / أُصَيِّرُ كُلَّ عُضوٍ فِيَّ ماقا
وَلَمّا أَن أَيِست مِنَ التَلاقي / مَنَعتُ جُفونَ عَيني أَن تَلاقى
بِرُوحي مَن أُفارِقُهُ وَأَدري / بِأَنّي لا أُطيقُ لَهُ فِراقا
أُعاتِبُهُ عَلى وَجَلٍ سِراراً / وَأَلمَحُهُ سِراراً وَاِستِراقا
وَأَنفاسِي تَغارُ إِذا التَقَينا / فَتَمنَعُنا حَرارَتها العِناقا
وَحَرفٍ مِثلِ حَرفِ النِيقِ حُثَّت / عَلى لَغَبٍ فَأَلغَبَتِ النِياقا
كَأَنّي راكِبٌ في البِيدِ مِنها / إِلى الحاجاتِ بَرقاً أَو بُراقا
بَراها الشَوقُ حَتّى أَشبَهَتهَا / بُراها أَيطَلاً مِنها وَساقا
فَما أَبقى بِها التَأويبُ طِرقاً / وَلا تَرَكَ الوَجيفُ لَها طِراقا
إِلى مَلِكٍ عَلا في كُلِّ فَضلٍ / إلى أَن طَبَّقَ السَبعَ الطِباقا
أَبي العُلوانِ مُوسِعِ كُلِّ رِزقٍ / إِذا ما الرِزقُ عِندَ سِواهُ ضاقا
فَتىً تَلَقاهُ في سِلمٍ وَحَربٍ / أَجَلَّ فَتىً يُلاقي أَو يُلاقى
تَمَلَّكَنِي نَداهُ وَكُنتُ حُرّاً / فَما أَبغي لَهُ أَبَداً إِباقا
وَقَيَّدَني فَقيَّدتُ القَوافي / فَأَحكَمَني وَأَحكَمَها وِثاقا
وَقَد زُرتُ المُلوكَ فَلا جَلالاً / جَهِلتُ مِنَ المُلوكِ وَلا دُقاقا
فَلَم أَرَ مِثلَهُ في الناسِ خَلقاً / إِذا فَتَّشتُ عَنهُ وَلا خَلاقا
أَذالَ الخَيلَ في طَلَبِ المَعالي / وَأَفنى السُمرَ وَالبِيضَ الرِقاقا
سَعى وَسَعى الكِرامُ إِلى مَداهُ / فَما لَحِقُوهُ إِذ رامُوا اللَحاقا
تَراهُ فَلا تَرى ما بَينَ شَرقٍ / وَغَربٍ مِثلَهُ إِلّا اِتِّفاقا
يَفُوقُ عَلى المُلوكِ حِجىً وَفَضلاً / فَسَلهُ إِذا اِنتَشى وَإِذا أَفاقا
كَأَنَّ عَلى الأَسِرَّةِ مِنهُ بَدراً / وَلَكِن قَطُّ ما عَرَفَ المَحاقا
تَوَدُّ الشَمسُ لَو خُلِقَت مَداساً / لَهُ وَالشُهبُ لَو صُنِعَت نِطاقا
لَقَد كَسُدَ الثَناءُ بِكُلِّ أَرضٍ / وَقَد صَيَّرتَ أَنتَ لَهُ نفاقا
وَلَمّا أَن عَلَوتَ عَلى البَرايا / وَفُقتُهَمُ عَلا شِعري وَفاقا
فَكَم بِكرٍ زَفَفتُ إِلَيكَ مِنهُ / فَكانَ نَدى يَدَيكَ لَها صِداقا
فَلا تَطلُب لَها صَوناً فَإِنّي / ضَمِنتُ لَها اِنطِلاقاً لا طَلاقا
وَمَرتٍ مِثلِ لُجِّ البَحرِ مَدَّت / بِهِ الظَلماءُ مِن سَبَجٍ رِواقا
شَطون البِيدِ غامِضَةٍ صُواهُ / رَمَيتُ بِهِ السَجَوجاةَ الدِفاقا
إِذا خِفنا الضَلالَ بِهِ هَدانا / جَبينُكَ حينَ يَأتَلِقُ اِئتِلاقا
هَناكَ العِيدُ يا مَلِكاً جَواداً / أَنافَ عَلى بَني الدُنيا وَراقا
فَلا زالَت جُيوشُكَ مالِكاتٍ / عَلى الأَعداءِ شاماً أَو عِراقا
بَغى باغٍ عَلَيكَ فَعاقَبَتهُ / لَكَ الدُنيا فَذاقَ كَما أَذاقا
فَعِش لِلمَكرُماتِ أَثير عَيشٍ / تُحالِفُهُ اصطِباحاً وَاغتِباقا
فَقَدرُكَ كُلَّ يَومٍ قَد تَسامى / وَجَدُّكَ كُلَّ يَومٍ قَد تَراقى