هي الذات التي فوق البراقِ
هي الذات التي فوق البراقِ / تحن إلى ذرى السبع الطباقِ
لها بالجسم منها ثوب درٍّ / يشف على معانيها الدقاق
فمن ينأى إليها فهو دان / ومن يفنى عليها فهو باقي
وما بسوى المحبة كون شيءٍ / وليس الميل إلا بالتلاقي
وأنوار الجمال بكل قلب / تسمّى بالهوى والإشتياق
ولم يكن النعيم سوى التداني / ولم يكن العذاب سوى الفراق
وكل الكون في الدنيا حجاب / وفي الأخرى عن الوجه الملاقي
وأنت الكأس والأسرار خمر / ومجلسك التقى والله ساقي
فما لك لا تطير هوى وسكراً / وقد حييت بالكأس الدهاق
أزل نومي بشدوك يا نديمي / وأبدل لي خلافك بالوفاق
وحيِّ على المنى يا ابن المعاني / ولا تفتن بألفاظٍ رقاق
وخذ مني وناولني إلى أن / تراني قد وصلت إلى التراقي
ومن بالحق يقذف لاح جهراً / وما التفت له ساق بساق
هنالك تضمحل به رسومي / وأذهب بانسحاقٍ وانمحاق
ويبطل كل شيء كان حتى / مقالي ذا وفهمي مع مذاقي
ويبقى مثل ما قد كان ربي / على ما كان وهو أجل واقي
ويخفى الكون من غير اختفاء / ويبدو النور من غير انفهاق
ودنسناه بالأفهام حيناً / وبالأقوال والبحث المساق
إلى أن جاد غيث الفيض منه / بماء القدس وانفتحت سواقي
إذا قلنا عرفناه جهلنا / وهل فرع لأوج الأصل راقي
وريح المسك في الصندوق يفشو / ويعرف منه قدر الإنتشاق
وهل نور النجوم يلوح إلا / على مقدار إدراك المآقي
هو الحق المبين وكل شيء / سواه باطل بالإتفاق
قديم لا بمعنى فهم كون / وباق لا كقول الخلق باقي