أشاقكَ مِن غرامِكَ ما يشوقُ
أشاقكَ مِن غرامِكَ ما يشوقُ / وهاجتكَ المرابعُ والبروقُ
اِذا هدرتْ رواعدُها حَسِبْنا / عِشارَ السحبِ يزجرُها الفنيقُ
مرابعُ كم لبثتُ بهنَّ دهراً / ولستُ مِنَ الصبابةِ أستفيقُ
وقفتُ على معالِمها ودمعي / ووجدي ذا الحبيسُ وذا الطليقُ
فلا وجدي يبوخُ له لهيبٌ / ولا دمعي يشحُّ عليه موقُ
أسائلُ مِن غرامي عن أُناسٍ / ديارُهمُ اليمامةُ والعقيقُ
وأحمِلُ ما أُطيقُ فاِنْ تناءوا / حملتُ مِنَ الهوى ما لا أُطيقُ
ولي قلبٌ بنارٍ الشوقِ صالٍ / وطرفٌ في مدامعِه غريقُ
أضمُّ عليه اِشفاقاً يميني / مِنَ الذكرى فينَفُضُها الخفوقُ
سبيلُ الحبِّ يسلُكُها فؤادي / واِنْ أمسى بما جلبتْ يضيقُ
اِذا ما قلتُ قد نكَّبتُ عنه / بدتْ لي في مجاهلِه طريقُ
تُتَيمِّنُي اللواحظُ فاتراتٍ / وَيملِكُ صبوتي القدُّ الرشيقُ
وأفواهٌ يُمَجُّ اليَّ منها / على ظَمَئي بها مسكٌ فتيقُ
فما يُدرى أخمرٌ بتُّ أُسقَى / بها أم في مُجاجِتها رحيقُ
أحبتَّنا نسيتُمْ طيبَ عيشٍ / على الجرعاءِ كان بكم يروقُ
وأياماً بكاظمةٍ حبانا / بطيبِ زمانِها العيشُ الرقيقُ
أُريقُ بها دمَ الاِبريقِ صرفاً / وغصنُ شبابنا غضُّ وريقُ
مدامٌ في النديمِ لها غروبٌ / وفي كفِّ المديرِ لها شروقُ
يَلَذُّ بها الصَّبُوحُ وَيطَّبينا / الى ساعاتِ نشوتِها الغَبُوقُ
كأنَّ نوافحاً في الروضِ باتتْ / يُضَوِّعُها لنا الخمرُ العتيقُ
خليليَّ اتركا عَذَلي فقلبي / به مِن نارِ أشواقي حريقُ
ودمعي في ديارِهمُ سفوحٌ / على عَرَصاتِ أربعِها دفوقُ
أأصبرُ بعدَما قد سارَ ليلاً / أُهيلُ الحيِّ وارتحلَ الفريقُ
وأسمعُ منكما ما لا عدوُّ / يفوه به الغَداةَ ولا صديقُ
فما أنا ذلكَ الكَلِفُ المعنَّى / بحبِّهمُ ولا الصبُّ المشوقُ
وما روضٌ سقاه المزنُ حتى / غدا النُّوّارُ وهو به أنيقُ
تضرَّحَ فيه خدُّ الوردِ حتى / تبرَّمَ في مُلائتهِ الشقيقُ
وفاحَ به عقيبَ القَطْرِ عرفٌ / يهانُ لنشرهِ القُطُرُ السحيقُ
بأحسنَ أو باطيبَ مِن نظيمٍ / بألبابِ الأنامِ له علوقُ
اِذا أنشدتُه انفرجتْ قلوبٌ / بها مِن شدَّةِ البُرَحاءِ ضيقُ
نظيمٌ خاطري في كلَّ وقتٍ / ببارعِ ما يُنظِّمُه خليقُ
يسابقُ في المدى الأشعارَ حتى / يَقفِنَ فلا تَخُبُّ ولا تسوقُ
وكيف تُنالُ غايتُه وفيه / وما فيها
مِنَ السهمِ المروقُ /