متى نرجو لغُمتّنا انكسَافاً
متى نرجو لغُمتّنا انكسَافاً / وقد أمسى الشقاق لنا مَطافا
ملأنا الجوّ بالجدل اصطخاباً / وكنّا قبلُ نملؤه هُتافاً
وما زلنا نَهيم بكلّ وادٍ / من الأقوال نُرسلها جُزافا
ونُرجف في البلاد بكل رُعبٍ / يهُزّ فرائص الأمن ارتجافا
ونتّهم الحكومة باعتسافٍ / ونحن أشدّ ظلماً واعتسافا
وكم من ناعب في القوم يدعو / بوَشك البين تحسبه الغدافا
تباكينا على الوطن اختداعاً / فأنبتنا بأدمعنا الخلافا
أجاعتنا المطامع فاختلفنا / لنملأ في موائدنا الصِحافا
ولكنّا من الوطن المُفدى / نَخيط على مطامعنا غلافا
أرى أنف الحوادث مشمخرّاً / غداً يتشمّم الحدث الجُرافا
ويُوشِك أن يُمزّق منخرَيه / عطاس يملأ الدنيا رُعافا
فهل لوزارة الغازي اقتدار / تردّ به الهزاهز والنِقافا
أقول ولو يَسوء القومَ قولي / بياناً للحقيقة واعترافا
قد اختلف البريّة واختلفنا / فكنّا نحن أسوأها اختلافا
فلا تغُررك أحزاب شداد / بأنّ لهم أقاويلاً لِطافا
فإن بواطن القوم احتراص / وإن أبدت ظواهرهم عَفافا
وما اختلفوا لمصلحة ولكن / ليأكل أقوياؤهم الضعافا
هو الدينار مُنية كل راج / وبغية كل من دَأب احترافا
نحِجّ لأجله بيت المخازي / ونكثر حول كعبته الطوافا
ترى كل الأنام به سُكارى / وغيرَ هواه ما ارتشفوا سلافا
فحبّ سواه في الأفواه جارٍ / ولكن حبّه بلغ الشغافا
هو الحرب التي زحفت إليها / كتائب كل من طلب الزحافا
وكم قد رَنّ في أمل مُخاف / فأمن صوته الأمل المُخافا
إذا خطب الوضيعُ به المعالي / أقام له بنو الشرف الزِفافا
أرى الأحزاب من طمع وحِرص / قد اخترقوا إلى الفتن السجافا
يُجانف بعضهم في الرأي بعضاً / وبئس الرأي ما التزم الجنافا
لئن خطَأت من راموا اتحاداً / فما صَوّبت من راموا ائتلافا
فإن مشارب العُدوان منها / كلا الحزبين يرتشف ارتشافا
وهم كأُولي الديانة كل حزب / يراه أحقّ بالحق اتصافا
وماذا نفع أقوال سِمان / إذا أفعالهم كانت عِجافا
وأنّى يُصلح الأوطان قوم / بها أشتى تدابُرهم وصافا
فكُن منهم على طرف بعيداً / وحاذر أن تكون لهم مُضافا
فهم كالبحر يهلك راكبوه / ويسلم منه من لزم الضفافا