القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مَعرُوف الرُّصافِيّ الكل
المجموع : 2
بدت كالشمسَ يحضُنها الغروب
بدت كالشمسَ يحضُنها الغروب / فتاةٌ راع نَضْرتها الشُحوب
منزّهة عن الفحشاء خَوْد / من الخَفِرات آنسة عَروب
نَوار تستجِدّ بها المعالي / وتَبلى دون عفتها العيوب
صفا ماء الشباب بوجنتيها / فحامت حول رَوْنقه القلوب
ولكنّ الشوائب أدركتْه / فعاد وصفْوُه كَدِر مَشوب
ذوي منها الجمال الغَضّ وجداً / وكاد يَجِف ناعمه الرطيب
أصابت من شبيبتها الليالي / ولم يُدرك ذؤابتها المشيب
وقد خلَب العقول لها جبين / تلوح على أسرّته النُكوب
ألا أن الجمال إذا علاه / نقاب الحزن منظره عجيب
حليلة طيّب الأعراق زالت / به عنها وعنه بها الكروب
رعى ورعت فلم تر قطّ منه / ولم ير قط منها ما يَريب
تَوَثَّق حبل وُدّهما حضوراً / ولم يَنْكث توثّقه المغيب
فغاضب زوجَها الخلطاءُ يوماً / بأمر للخلاف به نُشوب
فأقسم بالطلاق لهم يميناً / وتلك ألِيَّةٌ خطأ وحوب
وطلّقها على جهل ثلاثاً / كذلك يجهل الرجل الغَضوب
وأفتى بالطلاق طلاق بَتٍّ / ذوو فتياً تعصّبهم عصيب
فبانت عنه لم تأت الدنايا / ولم يَعْلَقْ بها الذام المَعيب
فظلّت وهي باكية تنادي / بصوت منه ترتجف القلوب
لماذا يا نجيب صَرَمت حبلي / وهل أذنبت عندك يا نجيب
وما لك قد جفَوت جفاء قالٍ / وصرت إذا دعوتُّك لا تجيب
أبِن ذنبي إليَّ فدتك نفسي / فإني عنه بعدئذ أتوب
أما عاهدتني باللّه أن لا / يفرّق بيننا إلاّ شَعوب
لئن فارقتني وصددت عني / فقلبي لا يفارقه الوَجيب
وما أدماء ترتع حول رَوض / ويرتع خلفها رشأٌ ربيب
فما لفتت إليه الجِيد حتى / تَخَطّفه بآزمتَيْه ذيب
فراحت من تحرُّقها عليه / بداء ما لها فيه طبيب
تشُمّ الأرض تطلُب منه ريحاً / وتَنْحَب والبُغام هو النحيب
وتَمْزَع في الفلاة لغير وجهٍ / وآونةً لمَصْرَعه تؤوب
بأجزع من فؤادي يوم قالوا / برغم منك فارقك الحبيب
فأطرق رأسَه خجلاً وأغضى / وقال ودمع عينيه سَكوب
نجيبة أقصري عنّي فإني / كفاني من لظى الندم اللهيب
وما واللّه هجرك بإختياري / ولكن هكذا جرت الخطوب
فليس يزول حبّك من فؤادي / وليس العيشُ دونك لي يَطيب
ولا أسلو هواك وكيف أسلو / هوىً كالروح فيّ له دبيب
سلي عنيّ الكواكب وهي تسري / بجنح الليل تطلُع أو تغيب
فكم غالبتها بهواك سُهداً / ونجم القطب مُطّلع رقيب
خذي من نور رنْتَجْنٍ شعاعا / به للعين تنكشف الغيوب
وألْقِيه بصدريَ وأنظريني / ترىْ قلبي الجريح به ندوب
وما المكبول ألقيَ في خِضَمّ / به الأمواج تصعد أو تَصوب
فراح يغُطّه التيار غطّاً / إلى أن تمّ فيه له الرسوب
بأهلَكَ يا ابنة الأمجاد منّي / إذا أنا لم يعُد بكِ لي نصيب
ألا قل في الطلاق لمُوقِعِيه / بما في الشرع ليس له وجوب
غَلَوتم في ديانتكم غُلُوّاً / يَضيق ببعضه الشرع الرحيب
أراد اللّه تَيْسيراً وأنتم / من التعسير عندكم ضُروب
وقد حلّت بامتكم كُروب / لكم فيهنّ لا لَهم الذنوب
وهَي حبل الزواج ورقّ حتى / يكاد إذا نفختَ به يذوب
كخيط من لعاب الشمس أدلت / به في الجوّ هاجرةٌ حَلوب
يمزّقه من الأفواه نفثٌ / ويقطعه من النَسَم الهُبوب
فدى ابنَ القَيم الفقهاءُ كم قد / دعاهم للصواب فلم يُجيبوا
ففي أعلامه للناس رُشد / ومُزْدَجَر لمن هو مستريب
نحا فيما أتاه طريق علم / نحاها شيخه الحبر الأريب
وبيّن حكم دين اللّه لكن / من الغالين لم تعه القلوب
لعلّ اللّه يُحدث بعدُ أمراً / لنا فيَخيبَ منهم منَ يخيب
يعيش الناس في حال أجتماع
يعيش الناس في حال أجتماع / فتحدُث بينهم طرق انتفاع
وتكثُر للتعاوُن والتفادي / على الأيام بينهم الدواعي
ولو ساروا على طرق انفراد / لما كانوا سوى هَمَجَ رعاع
رأيت الناس كالبنيان يسمو / بأحجار تُسَيَّع بالسِياع
فيُمسك بعضه بعضاً فيَقْوى / ويمنع جانبَيه من التداعي
كذاك الناس من عجم وعُرْب / جميعاً بين مَرعِيّ وراع
قد اشتبكت مصالحهم فكلٌ / لكلٍ في مجال العيش ساع
ولولا سعيُ بعضهم لبعض / لعاشوا عيش عادية السباع
إذا ربّ الحسام ثَناه عَجزٌ / تدارك عجزه رب اليراع
وأن قلم الأديب عراه زَيْغ / تلافي زيغه سيف الشجاع
وأن صَفِرت يدٌ من رَيْع زرع / أعيد ثراؤها بيدٍ صَناع
بذاك قضى اجتماع الناس لمّا / أن اعتصموا بحبل الاجتماع
يساند بعضهم في العيش بعضاً / مساندة ارتفاق وانتفاع
فتعلو في ديارهم المباني / وتُخصِب في بلادهم المراعي
وتستعلي الحياة بهم فتُمسي / من العيش الرغيد على يَفاع
وما مدينّة الأقوام إلاّ / تعاوُنهم على غُرّ المساعي
ولم يَصْلُح فساد الناس إلا / بمال من مكاسبهم مُشاع
تشاد به الملاجىء لليتامى / وتُمتار المطاعم للجياع
وتبنى للعلوم به مبان / تُفيض العلم مؤتلقَ الشعاع
وإلاّ فالشقاء لهم حليف / وما حمل الشقاء بمستطاع
ومما سرَّني أني أناجي / رجالاً في الفَخار ذوي ابتداع
سعَوْا لحماية الأطفال منّا / بما أُوتُوه من كرم الطباع
فقاموا بالذي يُعلي ويُسلي / يصونون الضعاف من الضَياع
وما هذي الحياة سوى صراعٍ / يتم بفوز مفتول الذراع
وما سادت شعوب الخلق إلاّ / بتهيئة البنين لذا الصراع
إذا لم يُعْن بالأطفال قوم / فهَضْبة مجدهم رهن انصداع
ولا تزكو المَناشىء في أناس / يرون الطفل من سَقَط المتاع
وما هاج العواطف في فؤادٍ / كحال الطفل في زمن الرَضاع
فشكراً للكرام وكلَّ شكر / لمن عضدوا الكرام بمَدِّ باع

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025