إلى القومِ الأُلى جمعوا الجموعا
إلى القومِ الأُلى جمعوا الجموعا / إلى نَجدٍ كفَى نجداً هُجوعا
أبتْ شمسُ الهدى إلا طُلوعا / ففاضَ شُعاعُها يغشى الرُّبوعا
ويسطعُ في جوانِبها سُطوعا /
إلى غطفانَ إنّهُمُ استعدُّوا / وظنَّ غُواتُهم أن لن يُهدُّوا
بَني غَطفانَ جِدُّوا ثم جِدُّوا / جَرى القَدرُ المُتاحُ فلا مردُّ
بني غطفانَ صَبراً أو هلوعا /
مشى جُندُ النبيِّ فأيُّ جندِ / وأين مضى الألى كانوا بِنَجْدِ
تولَّى القومُ حَشْداً بعد حشدِ / حَذارَ البطشِ من جِنٍّ وأُسْدِ
ومن ذا يشتهِي الموتَ الفظيعا /
نساءَ الحيِّ ما صنعَ الرجالُ / أمكتوبٌ عليكنَّ القتالُ
لَكُنَّ الأمنُ إن فزعوا فزالوا / أما ومحمدٌ وهو الثَمالُ
لقد نلتنَّهُ حِرزاً منيعا /
إليهِ إليهِ إنّ بكنَّ ضعفا / وإنّ بهِ لمرحمةً وعطفا
وفيه من التُّقى ما ليس يَخفى / وما حاولتُ ترجمةً ووصفا
فلستُ لمثلِ ذلك مُستطيعا /
نزيلَ الشِّعبِ من يحَمِي سواكا / ولكن قل تَبارَكَ من هداكا
أترقدُ هاهنا وهمو هناكا / أما مِن كالئٍ يُرجَى لذاكا
إلى أن يبعثَ اللهُ الصّديعا /
ألا طُوبى لعبّادِ بن بشرِ / وعَمّارٍ كفايةِ كلِّ أمرِ
رسولَ اللهِ نحن لهم ويَجرِي / قضاءُ اللهِ إن طرقوا بِشرِّ
كعهدِكَ إذ جرى سمّاً نقيعا /
وأجرَى الأمرَ عَبّادٌ سويّا / فقامَ ونامَ صاحبهُ مَلِيَّا
وكان بأن يُناصِفَه حَرِيّا / مُحافظةً على المثلى وبُقيا
قَرِيعُ شدائدٍ وافى قريعا /
لِرَبِّكَ صلِّ يا عبّادُ فردا / وَزِدْ آلاءَهُ شُكراً وحمدا
ومُحكَمُ ذكرهِ فاجعلْهُ وِردا / فإنّ له على الأكبادِ بَردا
وإنْ أذكى الجوانحَ والضُّلوعا /
ولاح سوادهُ فرماهُ رامِ / أتى إثرَ الحليلةِ في الظلامِ
فَديتُكَ يا ابن بشرٍ من هُمامِ / أما تنفكُّ عن نزعِ السِّهامِ
تُحامِي عن صلاتِكَ ما تُحامِي / وجسمُك واهنُ الأعضاءِ دامِ
أمالكَ يا ابن بشرٍ في السَّلامِ / وقد جَرتِ الدِّماءُ على الرغامِ
ألا أيقِظْ أخاك من المنامِ / كفاكَ فقد بَلغتَ مدى التمامِ
وما تَدَعُ القُنوتَ ولا الخشوعا /
رأى عمّارُ خَطبكَ حين هبَّا / فلم يرَ مِثلَهُ من قبلُ خطبا
يقولُ وَنفسُه تنهدُّ كربا / أيدعوني الحِفاظُ وأنت تأبى
لقد كُلّفتُ أمراً منك صعبا / ولو أيقظتني لشَفيتَ قلبا
جرحتَ سوادَه جُرحاً وجيعا /
وأبصرَ شخصَه الرامي الملحُّ / فزلزلَ قلبَهُ للرُّعبِ نَضْحُ
وأمسك منه تَهتانٌ وسحُّ / وما إن راعه سَيفٌ ورُمْحِ
ولكنْ مسّه خَبَلٌ فَرِيعا /
تولَّى يخبط الظلماءَ ذُعرا / ويحسب دِرعَهُ كَفَناً وقبرا
ألا أدبِرْ جزاك اللهَ شرّا / ظَفِرتَ بصابرٍ وأبيت صبرا
فآثرتَ الهزيمة والرجوعا /
وجاء غُويرِثٌ يبغي الرسولا / ويطمَعُ أن يُغادِرَهُ قتيلا
كذلك قال يستهوِي القبيلا / غُوَيرِثُ رُمْتَ أمراً مستحيلا
فهل لك أن تثوبَ وأن تريعا /
أتيتَ مُحمداً تُبدي السَّلاما / وتُخفِي الغيظَ يضطرمُ اضطراما
تقول مُخاتِلاً أرِني الحُسَاما / وتأخذُه فلا تَرعَى الذماما
أغدراً يا له خُلُقاً وضيعا /
تهمُّ به ولستَ بمستطيعِ / فأين مَضارِبُ السَّيفِ الصنيعِ
وكيف وَهَتْ قُوى البطلِ الضليعِ / تعالى اللَّهُ من مَلِكٍ رفيعِ
يُريك جلاله الصُّنعَ البديعا /
سألتَ رسوله أفما تخافُ / وسيفُكَ في يَدِي موتٌ ذُعافُ
أراكَ من المواردِ ما يُعافُ / فلا فَرَقٌ عراكَ ولا ارتجافُ
فيا لكِ كَرّةً خسرتْ جميعا /
فقال محمدٌ ربّي يقيني / ويَمنعُ مُهجتي ويصونُ ديني
وصارِمَه تَلَّقى باليمينِ / ألا بُوركتَ من هادٍ أمينِ
تَردُّ أناتهُ الحُلْمَ النزيعا /
أخذتَ السّيفَ لو تبغِي القَصاصا / لما وَجَد المُسِيءُ إذاً مناصا
تقوله له بمن ترجو الخلاصا / إذا أنا لم أُرِدْ إلا اقتناصا
فلن تجد الوليَّ ولا الشفيعا /
يقول غويرثٌ كن خيرَ مولى / وأنتَ أحقُّ بالحسنى وأولى
فقال له أتؤمِنُ قال كلاّ / ولكنّي أُعاهِدُ ثم ولَّى
ودينُ اللَّهِ يَطلبُه سريعا /
وحدّثَ قَومَهُ يا قومِ إني / بخيرِ الناسِ قد أحسنتُ ظنّي
رأيتُ خِلالَه فرجعتُ أُثني / عليه وقد مضى الميثاقُ منّي
فلستُ لمن يُناوِئه تبيعا /
أعزَّ اللّهُ شيخَ الأنبياء / وأيّدهُ بآياتٍ وضاءِ
ألم تخبره تَرجمةُ الرغاءِ / بما يَجِدُ البعيرُ من البلاءِ
تَوجَّعَ يشتكي سُوءَ الجزاءِ / وفُقدانَ المروءةِ والوفاءِ
أيذبحُه ذووه على العياءِ / وبعد الجِدِّ منه والمضاءِ
رثى لِشكاتِهِ حقَّ الرثاءِ / وراضَ ذويه من بعدِ الإباءِ
فَمُتِّعَ بالسّلامةِ والبقاءِ / وراحَ فأيَّ حمدٍ أو ثناءِ
يُؤدّي الحقَّ أو يَجزِي الصّنيعا /