رِدى مُرَّ الحتُوفِ وَلا تُراعِي
رِدى مُرَّ الحتُوفِ وَلا تُراعِي / فَما خَوفُ المَنِيَّةِ مِن طِباعي
وَعَزماً صادِقاً فَلَكَم مَضيقٍ / بِصِدقِ العَزمِ صارَ إِلى اِتِّساعِ
وَمَن هابَ المَنيَّةَ أَدرَكَتهُ / وَماتَ أَذَلَّ مِن فَقعٍ بِقاعِ
ذَريني وَالمُلوكَ بِكُلِّ أَرضٍ / أُكايلُها الرَدى صاعاً بِصاعِ
فَما أَيمانُهُم تَعلو شمالي / وَلا أَبواعُهُم تَعدُو ذِراعي
تُخَوِّفُني اِبنَةُ العَبديِّ حَتفي / وَإِقحامي المَهالِكَ وَاِفتِراعي
وَتَعذِلُني عَلى إِنفاقِ مالي / وَتَزعُم أَنَّهُ لِلفَقرِ داعِ
فَقُلتُ لَها وَقَد أَربَت وَزادَت / رُوَيدَكِ لا شَقيتِ فَلَن تُطاعي
أَما وَالأَريَحيَّةِ إِنَّ سَمعي / لِما تَهذي العَواذِلُ غَيرُ واعِ
أَأَحفلُ بِالفِراقِ وَكُلُّ شِعبٍ / تُصَيِّرُهُ المَنونُ إِلى اِنصِداعِ
وَأَرهبُ أَن أَمُوتَ وَكُلُّ حَيٍّ / سَينعاهُ إِلى الأَقوامِ ناعِ
وَأَخشى الفَقرَ وَالدُنيا مَتاعٌ / وَرَبّي بِالكِرامِ أَبَرُّ راعِ
دَعيني أَركَبُ الأَهوالَ إِنّي / رَأَيتُ رُكوبَها فيهِ اِتِّداعي
فَما لِلمَرءِ خَيرٌ في حَياةٍ / إِذا ما عُدَّ مِن سَقَطِ المَتاعِ
فَإِنَّ بِأَرضِنا بَقَراً شِباعاً / وَلَكِن بَينَ آسادٌ جِياعِ
وَهَل يَهنا البَهيمَةَ خِصبُ مَرعىً / إِذا ما آنَسَت صَوتَ السِباعِ
إِذا راعَ الوداعُ قُلوبَ قَومٍ / فَلي قَلبٌ يَحِنُّ إِلى الوداعِ
وَإِن يَنزَع إِلى الأَوطانِ غِمرٌ / فإِنَّ إِلى النَوى أَبَداً نِزاعي
يُراعُ لِفُرقَةِ الأَوطانِ نِكسٌ / ضَعيفُ العَزمِ أَخلى مِن يَراعِ
وَكَم مِن فُرقَةٍ طالَت فَكانَت / بُعَيدَ اليَأسِ داعِيَةَ اِجتِماعِ
تُقارِعُني الحَوادِثُ عَن مُرادي / وَأَرجُو أَن يُذلِّلَها قِراعي
وَإِنّي وَالعُلى فَرَسا رِهانٍ / كَما أَنا وَالنَدى أَخَوا رَضاعِ
وَلَستُ إِذا الهُمومُ تَأَوَّبَتني / مُلاقيها بِآراءٍ شَعاعِ
وَلَكِنّي سَأَلقاها بِعَزمٍ / وَباعٍ في المَكارِمِ أَيّ باعِ
سَئِمتُ تَقَلُّبي فَوقَ الحَشايا / وَنَومي بِالهَواجِرِ وَاِضطِجاعي
إِذا يَوماً نَبَت بي دارُ قَومي / فَما تَنبُو المَطِيُّ عَنِ اِنتِجاعي
سَأَطلُبُ حَقَّ آبائِي وَحَقّي / وَلَو مِن بَينِ أَنيابِ الأَفاعي
وَإِنَّ المَوتَ في طَلَبِ اِرتِفاعٍ / لَدَيَّ وَلا حَياتي في اِتِّضاعِ
وَثَوبُ اللَيثِ فِيَّ إِذا تَبَدَّت / فَريسَتُهُ وَإِطراقُ الشُجاعِ
يُخادِعُني عَنِ العَليا رِجالٌ / وَأَينَ بَنو الفَواعِلِ مِن خِداعي
أَأَبقَى تابِعاً وَلَدَيَّ فَضلٌ / يَسومُ الناسَ كُلَّهُمُ اِتِّباعي
يُطاوِلُني بِقَومي كُلُّ عَبدٍ / تَنَقَّلَ مِن لَكاعٍ في لَكاعِ
أَهُمُّ بِهَجوِهِم فَأَرى ضَلالاً / هِجائي دونَ رَهطِ اِبنِ الرِقاعِ
أَنا اِبنُ السابِقينَ إِلى المَعالي / وَأَربابِ المَمالِكِ وَالمَساعي
حَلَلنا مِن رَبيعَةَ في ذُراها / وَجاوَزنا الفُروعَ إِلى الفِراعِ
وَقَد عَلِمت نِزارٌ أَنَّ قَومي / سُيوفُ ضِرابها يَومَ المَصاعِ
وَأَنّا المانِعُونَ حِمى مَعَدٍّ / وَأَهلُ الذَبِّ عَنها وَالدِفاعِ
نُهينُ لَها التِلادَ وَلا نُحاشي / وَنُوطِئُها البِلادَ وَلا نُراعي
وَنَشري البَيِّعاتِ بِكُلِّ خَطبٍ / عَناها لا لِبَيعٍ وَاِبتِياعِ
وَما زالَت مَدى الأَيّامِ فينا / لَها راعٍ وَساعٍ أَيّ ساعِ
وَما حِفظُ العُلى وَالمَجدِ شَيءٌ / مِنَ الأَشياءِ كَالمالِ المُضاعِ
وَإِن نَفخَر نِجِيءُ بِكُلِّ مَلكٍ / حَليمٍ قادِرٍ عاصٍ مُطاعِ
بَنَينا عِزَّنا وَرَسى عُلانا / بِضَربِ الهامِ وَالكَرَمِ المُشاعِ
بِنا يَستَنسِرُ العُصفُورُ تِيهاً / وَتَخشى الأسدُ صَولاتِ الضِباعِ
وَمَجهولٌ إِذا يُعزى كَشَيءٍ / وَإِنسانٌ وَأَخفى مِن نُخاعِ
تَرَكناهُ كَأَنتَ وَذا وَأَضحى / كَمِثلِ الطَودِ ما بَينَ البِقاعِ
وَإِرِّيسٍ جَعَلناهُ رَئيساً / يَسومُ الناسَ غَيرَ المُستَطاعِ
فَصارَ يُعَدَّ ذا رَأيٍ وَعَقلٍ / وَكانَ يُعَدَّ في الهَمَجِ الرِعاعِ
وَأَرعَنَ باذِخٍ صَعبِ المَراقي / صَكَكناهُ فَآذن بِاِنقِشاعِ
فَلا يَستَغرِقَنَّ الحُمقُ قَوماً / فَكَم مِن رفعَةٍ سَبَبُ اِتِّضاعِ
فَإِنَّ سُيُوفَنا ما زالَ فيها / شِفاءٌ لِلرُؤوسِ مِن الصُداعِ
يَخَبِّرُ تُبَّعٌ عَنها وَكِسرى / بِذا وَالمُنذِرانِ وَذُو الكَلاعِ
فَكَم قِدماً رَبَعنا مِن رُبوعٍ / بِهنَّ وَكَم أَبَرنا مِن رَباعِ