خُذوا من يَومكم لغدٍ متاعا
خُذوا من يَومكم لغدٍ متاعا / وسيروا في جهادِكمُ جِماعا
وكونوا في ادَّراء الخطب عنكم / يداً تَبني بها العَضُدُ الَّذراعا
ذروا خُلفاً على رأيٍ ورأيٍ / إلى ان يلقيَ الأمرُ القِناعا
وخلُّوا في قيادتكم حكيماً / يدبِّرُها هُجوماً او دِفاعا
رحيبً الصَدر ينهضُ بالرزايا / ويُحسنُ أن يُطيع وأن يُطاعا
حملتم ثِقْل جائرةٍ عسوفٍ / تميل بمن يحاولُها اضطِلاعا
ونادَيتم بذائعةٍ هَتوفٍ / نَمى خَبَرٌ بها لكُمُ وذاعا
تعلَّقَتِ العُيونُ بها احتفاءً / وأُتلِعَتِ الرقابُ لها اطلاعا
وأوجفتِ الشعوبُ على صداها / وقد عابَ العِيانُ بها السَماعا
تراهَنُ بينها عن كلِّ شَوط / بحلْبتكم وتُقتَرعُ اقتراعا
فقد وعَظَتْكُمُ سُودُ الليالي / ولم تعرفْ بما تعِظ الخِداعا
بأنَّ اشقَّ مطَّلَبٍ رأته / ضعيفٌ طالبٌ حقاً مُضاعا
فلا تكِلوا الأمورَ إلى قضاء / فما كانَ القضاءُ لكم رَضاعا
ولا تنسَوا بأن لكمْ عدوّاً / طويلاً وفي ازدراع الخُلفِ باعا
يُلوِّي كلَّ يَوم من قناةٍ / ويَبتدِع الشِقاقَ بها ابتِداعا
وانكُمُ بكَعْب السَوطِ منكم / قَرَعْتُم " رأس " مَن سنَّ القِراعا
قَرَعَتُم رأسَ مختَبطٍ رؤوساً / مماكرةُ ومالكَها صُداعا
مسكتُمْ من خِناقةِ أفعُوانٍ / شديدِ البطش يأبى الإنصِراعا
تعاصى والدُنى من كل حَدْبٍ / تهزُّ الصُلْبَ منه والنُخاعا
فمُدّوا كفَّكَم هَوناً فهَوناً / وجُرّوا منه أنياباً شِناعا
وفكُّوا شِدْقَ مُؤتذِبٍ خبيث / وسُلُّوا حَقَّكم منه انتزِاعا
ولا تَنْسَوا بأنَّ له عبيداً / شَراهم بابتسامته وباعا
حَباهم شرَّ ما يُحبَى خَؤونٌ / يغذَّي من كرامته الطِماعا
وعوَّضَهم عن الشَرَفِ المُبَقَّى / حُطام المالِ يذهَبُ والضِياعا
احَلَّ لهم دماءكمُ مَخاضا / وبؤَّأهم " حقوقَكمُ " رباعا
وملَّكهم رقابَكم فآبٍ / تملَّكَها وذو خَورَ أطاعا
فسقُّوهُم بكأسهمُ دِهاقاً / ذِعافَ الهَون والذلِّ اجتراعا
وجُروّهم على حَسَك الخطايا / ورُدُّوا كَيْدَهم بالصاع صاعا
وزيدوا بالدم العَبِق اتشاحاً / وبالوحي الذي يوحي ادِّراعا
وكانوا في احتراشِهمُ ذئاباً / فكونوا في ضَراوتكمْ ضِباعا
شَبابَ اليَوم إن غداً مَشوقٌ / يَمُدُّ لكم ليَحضُنَكم ذِراعا
يُمدُّكُمُ بروح من خُطوبٍ ! / تعوَّدَ انْ يمدَّ بها الصِراعا
وأنْ يعتاضَ عن جيل بجيلٍ / بها ويفضََّ بينهما النزاعا
رصاص البَغي يفجُرُكم ليجري / دمٌ يَزْكو به الوطنُ ازدِراعا
ويُخصِب من رياضِ حقلٌ / يُراح القادمونَ ! به انتِجاعا
و " سَوطُ " الفاجرينَ يُعيد لحناً / له تترنَّحُ الدنيا استِماعا
وقَعرُ السجن حيثُ مشتْ " فرنسا " / من " البستيل " ترتَفِعُ ارتفاعا
والوانٌ من " التعذيب"! تَهدي / سجلَّ " الثورة " الكبرى شُعاعا
واشباحٌ تُراوحكم قِباحٌ / تَروعُ حَصاتَكم ساعاً فساعا
هي الاشباحُ من عهد تَرامى / على عهد فترتجفُ ارتِياعا
شبابَ اليوم إنكمُ ثمارٌ / سيقطفُها الغدُ الآتي سِراعا
جَنى جيلٌ يعبِّئُ للرزايا / مصايرَه وللذُل اقتناعا
على جيلٍ كأنَّ عليه مما / بَنَى البانون من وِزْرٍ قلاعا
بذَوب الفكر يفتتح القَضايا / ويختِمها بمهجته اندفاعا
دَمَ " الشهداء " لا تذهَبْ هباءً / ولا تجمُدْ بقارعةٍ ضَياعا
ولا تشكُ الظِماء فان فينا / دماءً سوفَ تشربُها تِباعا
ولا تَخَلِ الجفاءَ فلم تُغَيَّبْ / يدٌ تُرعى ولا ذمم تُراعى
فما كَدم " الشهيد " اذا تَنادى / كثيرٌ ناثِروهُ اذا تَداعى
وما تَهَب الصنائع للبَرايا / كما يَهَبُ " الشهيد " لها اصطِناعا
انَفقِدُكم ! ولا نَرعىَ حفاظاً / وتَرعَى البيتَ فاقدةٌ صُواعا
اذن! فالثَأر نَنشُده كِذاباً / وصوتُ الحق نسمعُه خِداعا
اذن! فسَيُوسِعُ التاريخُ رجماً / كِلَينا من " أطَلَّ " ومن أضاعا
ونحن – اذن – نَسومُ دماً زكيّاً / بعاجلةٍ شِراءً وابتِياعا
فالىُّ " زكاً " يُصان – اذن – ويُقْنَى / وايُّ شذاة طهرٍ لن تُباعا
ونحن – اذن – على الأشلاء نُزجي / رغائبَنا ! ونُسمنُها رِتاعا
فليتَ الحزنَ تُطبقُ فوق سالٍ / سحابتُه وتأبى الإِنقِشاعا
وليت الليلَ يغمرهُ دخاناً / وليت الصبحَ يُمطرُه التياعا
وليت مُنىً يُراودها فِجاراً / تُعاوِده لتنهَشَه ضِباعا
وليت ضميرَه يثب افتزاعا / من الذكرى وينتفِضُ التذاعا
وليت العارَ يبرحُ مستضيفاً / سريرتَه اصطيافا وارتِباعا
وليت امامَ عينيه احتراقاً / جَرىَ كالشمع حاضرهُ وماعا
وليت خيالَ ماضيه مَسيخاً ! / يَلوح على ملامحِه انطِباعا
دمَ " الشهداء " انتَ اعزُّ مُلكاً / وقاعُك اشرفُ الدنيا بِقاعا
وانت الخُلدُ بالأنهار يَجري / وبالمِسك انتَشَى أرَجاً وضَاعا
دمَ الشهداء كنتَ النارَ شبَّتْ / على الباغين تندَلِعُ اندلاعا
تلُفُ طَغامَهمْ نِكساً فنِكساً / إلى يَومٍ تَلفُّهُمُ جِماعا
إلى يوم تُطيح بما أقاموا / وما اختَطُّوا فتَنسِفُهُ اقتِلاعا
دمَ " الشهداء " اهِدِ الجمعَ يُبصِرْ / طريقاً منك يزدَهِرُ التِماعا
أهبَّ له الحواضر والبوادي / وعرِّفْه المَشارفَ والتِلاعا
متى يَقْحَمْ قِطاعاً من شُرور / فأقحِمْه بسَوْرتِه قِطاعا
وسدِّدْ من خُطاه إذا توانى / وجدِّدْ من قُواه اذا تَداعى
وكن إن لفَّه ليلٌ شُعاعاً / وان طال الطريق به متاعا
دفعتَ بما استطعتَ الضُرَّ عنه / فزده ما استطعتَ بك انتِفاعا
وزِدْه ما استطعتَ لك انصياعا / وعما يُغضِبُ الوطَنَ امتِناعا
وزِده في الخُطوب بك اعتِزازاً / وحَوْلَ شعارِك الألِقِ اجتماعا
وكنْ فيما اندفَعْتَ شِعارَ جيلٍ / حثيثِ الخطو يأبَى الإرتجاعا
وأعلِنْ بانفطامِك عن شَبابٍ / به يتعلَّلُ الشيخ ارتِضاعا
عن الشهوات في الحكمِ ازدجاراً / وعن حكم يُلاث بها ارتِداعا
دمَ " الشهداء " مهما اسطَعْتَ فادفَع / وحَسْبُ الحر جُهداً ما استطاعا
إلى الغَمَرات افئدة تَنَزَّى / من " الغَمرات " تَخْشَى الانخِلاعا
تُحبُّ الموتَ تغمرُه التحايا / وتأبَى ان تَطيرَ به شَعاعا
وتَخْشَى الخُلدَ مُفزعةً نفوساً / وتهواه مُكرِّمةً طُباعا
وما انفكت على رِجْلٍ وأخرى / تُخالفها نُكوصاً وانصِياعا
فأكرِهْها وقُل سيري بسَوطٍ / يُدَمِّي من أبَى سَيْراً وطاعا
بسَوْطٍ من جُلودٍ ملزماتٍ / بهَدْي الناس يقتَطِعُ اقتِطاعا
تَوَكَّلَ ان يسودَ الناس حكمٌ / يُساوي من أُجيعَ بمن أجاعا
ويُسقطُ من شِفاهِهُمُ سَواداً / ويمحُو من مَعاجِمهم رَعاعا
وقل سيري ولا تقفي انتِكاصاً / وانتَ فَسَلْ ولا تقفِ انقِطاعا
وقل سيري فما يَعْيَا دليلٌ / حَدا من قبلكم فَهَدَى وضاعا
وقل سيري اتباعَ أخي افتِداءٍ / مَشَت من خَلفه الأمم اتباعا
جلبتُ لها " السُمُوَّ " فأوسعتني / من النُّكران ما يصِمُ اتضاعا
وذُقْتُ الوحشةَ الكبرى فكانت / أنيسَ الناعمين بها اضطجاعا
وكنت لها انا المجهول علماً / وأخلاقاً وحكماً واشتِراعا
ومخترعٍ يتيه على كِبراً / ولو لم أجرِ لم يجدِ اختِراعا
وفذٍ " عبقريّ من نَتاجي / تَرَعْرَعَ " صيتُه " ونما وشاعا
تجاهَلَني وكنتُ له خيالاً / وأهملني وكنت له يَراعا
وآخرَ ذي فُتوحٍ أشجعيٍّ / سفحتُ له ليرتبيَ اليَفاعا
تناسى من له اقتادَ السرايا / ومن كانَ الشَّجاعةَ والشُّجاعا
ويا اكفانَهم كوني لواءً / وسيعاً يحضُن الهِممَ الوِساعا
وسُدي ثُلمةً من كل خَرْقٍ / يَزيدُ الخَرقُ شقتَّه اتساعا
وزِيدِي في خضَمِّ المجد مَوْجاً / وكوني من سفائِنه شِراعا