أَرائد قَومه اغتنم الرُجوعا
أَرائد قَومه اغتنم الرُجوعا / فَريح المَوت صوحت الرَبيعا
عداك الشيح وَالقَيصوم فَاحمد / مرادَك إِن أَصَبت بِهِ الضَريعا
وَضرع شؤونك أَحلبه فهذي / سنوك السُود جَفَّفت الضُروعا
لَقَد أَذوَت وَقشعت المَنايا الر / رَبيع الطلق وَالغَيث المَريعا
فَمالك مَنزل يَكفي نُزولا / وَلا لَكَ منهل يَحلو شُروعا
فَدَع ضرع الحَلوب عَلى جفاف / وَمِن أَوداجها احتلب النَجيعا
سُموم المَوت قَشع مستهلا / هموع الوَدق وَكافا لَموعا
وَقفت عَلى الرُبوع وَقوف صَب / تَجدّ بِقَلبه الذِكرى نَزوعا
رُبوع لا أَرى المَهدي فيها / ملث القطر أَعطشها رُبوعا
مَضى المَهدي بِالجَدوى فَكادَت / تَموت عفاته ظَمأ وَجوعا
مَضى جذلان يَسحب مطرفيه / بردع تَقي يَضوع وَلن يَضيعا
فَلا خاط الكَرى إِلّا كَليلا / وَلا شَق الهَوى إلا جَديعا
تَغيَّب مِثلَما غَربت ذكاء / وَلا نَرجو لَهُ أَبَداً طلوعا
وَحطمه الرَدى رُمحاً قَويما / وَفلَّله القَضا سَيفاً صَنيعا
وَهدَّم هادم اللذات مِنهُ / بِشاهقة العُلى حُصناً مَنيعا
خَليل صَفا أَجدَّ فَشيعته / لَنا مهج أَبَت عَنهُ رُجوعا
وَكانَت عِندَنا بقيا قُلوب / فَصبتها نَواظرنا دُموعا
وَما بَقيت لَنا إِلا جُسوم / بِها الصدمات كم تركت صدوعا
نحوم عَلى ثَراه كَأَن فيهِ / ضَياء العَين أُودع أَو أَضيعا
بِهِ أَغفى عَلى رَغد وَكُل / تَمنى أَن يَبيت لَهُ ضَجيعا
وَكَم رفّت حشاً حَرى عَلَيهِ / وَكَم جسم عَلَيهِ هَوى صَريعا
كَأَجنحة القَطا فَقدت رواها / فَزَّفت برهة وَهَوَت وُقوعا
وَبِعنا غالبات الدَمع فيهِ / رخاصا مثل يُوسف يَوم بِيعا
لحاه اللَه مِن دَهر غُرور / وَأَبعَد دارَها دُنيا خدوعا
إِذا كالَت مِن النَعمى بِصاع / لِشَخص جازَ فيهِ البُؤس صوعا
تَريشها نَوافذ لا شَريفا / بِعافية يَدَعنَ وَلا وَضيعا
وَلم نسلم وَلو أَنا اِرتَدينا / حَديد الأَرض أَجمعه دُروعا
وَمِن عَجب بِأَنا خاطبوها / عَلى شَغف وَنعرفها شُموعا
وَنطلبها كَذي ظَمأ يُباري / خلوب البَرق وَالآل اللموعا
وَما رَبحت بِها إِلا رِجال / تَوّلت حلي زخرفها نَزيعا
يَرون أَلّذ مطمعها ذعافا / وَأعذب وَردها سمّاً نَقيعا
أُولئك أَولياء اللَه فيهم / نَجلي الكَرب وَالخَطب الفَظيعا
أَلا فانظر أبا المَهدي مِنهُم / تَرى الوَجه المشفع وَالشَفيعا
حسام هدى جلاه اللَه لَما / أَراد بِدين شَيعته شُيوعا
كَأَن اللَه جَمّع وَهوَ فَرد / بِواحده بَني الدُنيا جَميعا
تَفقَّه كنهُ منطقه سَتلقى ال / بَيان العَذب وَالمَعنى البَديعا
وَعِ الحكم الَّتي إن تَلتَقفها / عرفت بِأَن وَحي اللَه يُوعى
يجيد شُروعه في بَحر علم / بِهِ بقراط لَم يَسطَع شُروعا
أَحب سَوانح الأَفكار حَتّى / نَفَت عَن وَرد مُقلته الهَجوعا
وَزاد وُلوعه في مكرمات / قَليل مِن يَزيد بِها ولوعا
وَحمله الهُدى أَعباء دين / مثقلة فكانَ بِها ضَليعا
أَمانة أحمد لَو قامَ فيها / ضَعيف الدين لَم يَك مستطيعا
شَريعة أحمد قَد نَبهته / فَنبهت البَصير بِها السَميعا
أَطاع إلهه حَتّى استرق ال / ملوك وَجاءَهُ العاصي مُطيعا
يَعز صَلاحه ملكاً تَراه / وَلم يَقد العَساكر وَالجُموعا
وَإِن ضَرب الظَلام علَيهِ سجفا / تَبدل ثَوب عزَّتهِ خُضوعا
يُوجه نَحوَ بَيت اللَه وَجها / كَوَجه الصُبح منفلقاً سطوعا
سِهام اللَيل تَصعد مِن قوام / لَهُ كَالقوس منحنياً ركوعا
يَرى بِالمنحنين الدين حفظاً / كَما يَتبوء القَلب الضُلوعا
إِذا اِستَسقيت بِنت الجوّ فيهِ / أَتاكَ بَريد حفّلها سَريعا
أَبا المَهدي كَيفَ أَقول صَبراً / وَلَست أَراكَ مِن قَدر جَزوعا
لِسان هداك قَد عَزاك عَنا / وَكفُّ تُقاك كَفكفتِ الدُموعا
عَرَفنا ضيق صَدر الرَحب لَما / رَأَينا صَدرك الرَحب الوَسيعا
أصول الدَوح حالاها سِواء / وَإِن جذَّ الرَدى مِنها الفُروعا
وَلَيسَ يَضير نُور الشَمس نجم / هَوى مِن بُرج مطلعه وُقوعا
وَهب أَخذ القَضا مِنا عِمادا / فَقَد أَبَقى لَنا العَمد الرَفيعا
حَسبنا وَجهَهُ اِبن جلاً إِذا ما / غَدا لثنية الجلى طُلوعا
أَجلُّ العالمين عُلاً وَتَقوى / وَأَزكاهُم وَأَكرَمَهُم صَنيعا
بَراه اللَه إِنساناً لِعَين الز / زمان وَلَم يَكُن فيهِ هلوعا
وَلا أَن مَسهُ شر جَزوعا / وَلا أَن مَسَهُ خَير مَنوعا
وَلم تَطرف لَه النَكبات طَرفا / وَلم تَرع الحَوادث مِنهُ روعا
إِذا لَسعت حِماة الجَهل قَلبا / فَسرُّ عُلومه يَرقي اللَسيعا
وَقور الحلم ذو خَلق كَريم / تَباعد عزّة وَدَنى خُشوعا
وَهلهلة المُوحد إِن وَعاها / اِنثَنى طَرَباً فَتحسبه خَليعا
مِن القَوم الذين تَرى عَلَيهُم / مِن الإِيمان سيما لَن تَضيعا
سِواء إِن لَقيت الشَيخ مِنهُم / أَو الناشي أَو الطفل الرَضيعا
سقت وَسمية الغُفران قَبرا / بِهِ المَهدي قَد أَمسى وَديعا
وَلا طف زهر رَوضته نَسيم / مِن الفَردوس باكره مَضوعا