إلى إحسان مولانا الرفاعي
إلى إحسان مولانا الرفاعي / بكشكول الرَّجاء مددت باعي
هو القطب الذي لا قطب يدعى / سواه في الأنام بلا نزاع
عريض الجاه ذو قدر كريمٍ / طويل الباع بل رحب الذراع
تَولَّدَ من رسول الله شبلٌ / به دانت له كلُّ السباع
وقبّل كفَّ والده جهاراً / غدت بالنور بادية الشعاع
وشاهدنا الثقات وكل فرد / رآها بانفراد واجتماع
فتلك فريّة لم يخط فيها / سواه من مطيع أو مطاع
عشقت طريق حضرته عياناً / وأما الغير يعشق بالسماع
بذكر جلاله وعلاه نمشي / رويداً فوق أنياب الأفاعي
فماء زلاله يروي غليلي / وروضي إن تنكرت المراعي
ولم أعبأ بجعجعة وطحن / فذاك الصخر خرّ من اليفاع
مجيري إن تعاقبت الرزايا / وغوثي إن تكاثرت الدواعي
إذا ما الدهر جلَّلَنا بخطب / وأورث صدعه سوء الصداع
بهمته العليّة إن توالت / نكيل خطوبه صاعاً بصاع
أبا العلمين سيِّدنا المفدى / على وجل أتيتُ إليك ساعي
أتيتك زائراً أبغي قبولاً / ففيك توصلي ولك انقطاعي
أتيت إليك أشكو من ذنوب / تولدها بنا قبح الطباع
فما كذبت بما أرجو ظنوني / ولا خابت بنا تلك المساعي
لقد عصرتنيَ الأيام حتَّى / جرى من مقلتي لبن الرضاع
لك الهمم التي شهد المعادي / بها إذ لا سبيل إلى الدفاع
إذا خفقت رياح العزم منها / أمِنَّا في حماه من الضياع
وليس سواه في حزم وعزم / يبين لنا المضيع من المضاع
فهذا ملجأ من حلَّ فيه / يَعُدْ من غير خوف وارتياع
أُمَرِّغُ حُرَّ وجهي في ترابٍ / به التمريغ للجنَّات داعي
وقفنا والجفون لها مسيل / بهاتيك الأماكن والبقاع
فكم من مقلة للشوق أذرت / وأجرت دمعها دون امتناع
فيا بن الأكرمين جعلت مدحي / بكم خير ارتداء وادّراع
إذا ما رمت أنّ أحصي ثناكم / طلبت بذاك غير المستطاع
ألا إنَّ الذنوب لقد توالت / وجاءت وهي حاسرة القناع
فقد أصبتنيَ الدنيا إليها / وغرَّتني بأنواع الخداع
فخذ بيدي بأرض الحشر يوماً / يساوي بالجبان وبالشجاع
وأدركني ومن نفسي أجرني / وأنعم في قبولك باصطناعي
فقد ناجيتها لما أتينا / رويدك وابشري أن لا تراعي
وإنِّي عُدتّ في نفسي وجسمي / مليئاً بالهدى والانتقاع
بلى روحي لديك لقد أقامت / تشاهدُ نقطة السر المذاع
أُوَدِّعُ حضرة ملئت جلالاً / وليس لنا سواها اليوم راعي
كريم بالسلام لدى حضوري / ولكني بخيل بالوداع