القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد شَوقي الكل
المجموع : 3
تَجَلَّدَ لِلرَحيلِ فَما اِستَطاعا
تَجَلَّدَ لِلرَحيلِ فَما اِستَطاعا / وَداعاً جَنَّةَ الدُنيا وَداعا
عَسى الأَيّامُ تَجمَعُني فَإِنّي / أَرى العَيشَ اِفتِراقاً وَاِجتِماعا
أَلا لَيتَ البِلادَ لَها قُلوبُ / كَما لِلناسِ تَنفَطِرُ اِلتِياعا
وَلَيتَ لَدى فُروقٍ بَعضَ بَثّي / وَما فَعَلَ الفُراقُ غَداةَ راعا
أَما وَاللَهِ لَو عَلِمَت مَكاني / لَأَنطَقَتِ المَآذِنَ وَالقِلاعا
حَوَت رِقَّ القَواضِبِ وَالعَوالي / فَلَمّا ضُفتُها حَوَتِ اليَراعا
سَأَلتُ القَلبَ عَن تِلكَ اللَيالي / أَكُنُّ لَيالِياً أَم كُنَّ ساعا
فَقالَ القَلبُ بَل مَرَّت عِجالاً / كَدَقّاتي لِذِكراها سِراعا
أَدارَ مُحَمَّدٍ وَتُراثُ عيسى / لَقَد رَضِياكِ بينَهُما مَشاعا
فَهَل نَبَذَ التَعصُّبُ فيكِ قَومٌ / يَمُدُّ الجَهلُ بَينَهُمُ النِزاعا
أَرى الرَحمَنَ حَصَّنَ مَسجِدَيهِ / بِأَطوَلِ حائِطٍ مِنكِ اِمتِناعا
فَكُنتِ لِبَيتِهِ المَحجوجِ رُكناً / وَكُنتِ لِبَيتِهِ الأَقصى سِطاعا
هَواؤُكِ وَالعُيونُ مُفَجَّراتٌ / كَفى بِهِما مِنَ الدُنيا مَتاعا
وَشَمسُكِ كُلَّما طَلَعَت بِأُفقٍ / تَخَطَّرَتِ الحَياةُ بِهِ شُعاعا
وَغيدُكِ هُنَّ فَوقَ الأَرضِ حورٌ / أَوانِسُ لا نِقابَ وَلا قِناعا
حَوالى لُجَّةٍ مِن لازَوَردٍ / تَعالى اللَهُ خَلقاً وَاِبتِداعا
يَروحُ لُجَينُها الجاري وَيَغدو / عَلى الفِردَوسِ آكاماً وَقاعا
خَفَضتُ لِعِزَّةِ المَوتِ اليَراعا
خَفَضتُ لِعِزَّةِ المَوتِ اليَراعا / وَجَدَّ جَلالُ مَنطِقِهِ فَراعا
كَفى بِالمَوتِ لِلنُذُرِ اِرتِجالاً / وَلِلعَبَراتِ وَالعِبَرِ اِختِراعا
حَكيمٌ صامِتٌ فَضَحَ اللَيالي / وَمَزَّقَ عَن خَنا الدُنيا القِناعا
إِذا حَضَرَ النُفوسَ فَلا نَعيماً / تَرى حَولَ الحَياةِ وَلا مَتاعا
كَشَفتُ بِهِ الحَياةَ فَلَم أَجِدها / وَلَمحَةَ مائِها إِلّا خِداعا
وَما الجَرّاحُ بِالآسي المُرَجّى / إِذا لَم يَقتُلِ الجُثَثَ اِطِّلاعا
فَإِن تَقُلِ الرِثاءَ فَقُل دُموعاً / يُصاغُ بِهِنَّ أَو حِكَماً تُراعى
وَلا تَكُ مِثلَ نادِبَةِ المُسَجّى / بَكَت كَسباً وَلَم تَبكِ اِلتِياعا
خَلَت دُوَلُ الزَمانِ وَزُلنَ رُكناً / وَرُكنُ الأَرضِ باقٍ ما تَداعى
كَأَنَّ الأَرضَ لَم تَشهَد لِقاءً / تَكادُ لَهُ تَميدُ وَلا وَداعا
وَلَو آبَت ثَواكِلُ كُلِّ قَرنٍ / وَجَدنَ الشَمسَ لَم تَثكَل شُعاعا
وَلَكِن تُضرَبَ الأَمثالُ رُشداً / وَمِنهاجاً لِمَن شاءَ اِتِّباعا
وَرُبَّ حَديثِ خَيرٍ هاجَ خَيراً / وَذِكرِ شَجاعَةٍ بَعثَ الشُجاعا
مَعارِفُ مِصرَ كانَ لَهُنَّ رُكنٌ / فَذُقنَ اليَومَ لِلرُكنِ اِنصِداعا
مَضى أَعلى الرِجالِ لَها يَميناً / وَأَرحَبُهُم بِحُلَّتِها ذِراعا
وَأَكثَرُهُم لَها وَقَفاتِ صِدقٍ / إِباءً في الحَوادِثِ أَو زِماعا
أَتَتهُ فَنالَها نَفلاً وَفَيئاً / فَلا هِبَةً أَتَتهُ وَلا اِصطِناعا
تَنَقَّلَ يافِعاً فيها وَكَهلاً / وَمِن أَسبابِها بَلَغَ اليَفاعا
فَتىً عَجَمَتهُ أَحداثُ اللَيالي / فَلا ذُلّاً رَأَينَ وَلا اِختِضاعا
سَجَنَّ مُهَنَّداً وَنَفَينَ تِبراً / وَزِدنَ المِسكَ مِن ضَغطٍ فَضاعا
شَديدٌ صُلَّبٌ في الحَقِّ حَتّى / يَقولَ الحَقُّ ليناً وَاِتِّداعا
وَمَدرَسَةٍ سَمَت بِالعِلمِ رُكناً / وَأَنهَضَتِ القَضاءَ وَالاِشتِراعا
بَناها مُحسِناً بِالعِلمِ بَرّاً / يَشيدُ لَهُ المَعالِمَ وَالرِباعا
وَحارَبَ دونَها صَرعى قَديمٍ / كَأَنَّ بِهِم عَنِ الزَمَنِ اِنقِطاعا
إِذا لَمَحَ الجَديدُ لَهُم تَوَلَّوا / كَذي رَمَدٍ عَلى الضَوءِ اِمتِناعا
أَخا سيشيلَ لا تَذكُر بِحاراً / بَعُدنَ عَلى المَزارِ وَلا بِقاعا
وَرَبِّكَ ما وَراءَ نَواكَ بُعدٌ / وَأَنتَ بِظاهِرِ الفُسطاطِ قاعا
نَزَلتَ بِعالَمٍ خَرَقَ القَضايا / وَأَصبَحَ فيهِ نَظمُ الدَهرِ ضاعا
فَخَلِّ الأَربَعينَ لِحافِليها / وَقُم تَجِدِ القُرونَ مَرَرنَ ساعا
مَرِضتَ فَما أَلَحَّ الداءُ إِلّا / عَلى نَفسٍ تَعَوَّدَتِ الصِراعا
وَلَم يَكُ غَيرَ حادِثَةٍ أَصابَت / مُفَلِّلَ كُلِّ حادِثَةٍ قِراعا
وَمَن يَتَجَرَّعِ الآلامَ حَيّاً / تَسُغ عِندَ المَماتِ لَهُ اِجتِراعا
أَرِقتَ وَكَيفَ يُعطى الغُمضَ جَفنٌ / تَسُلُّ وَراءَهُ القَلبَ الرُواعا
وَلَم يَهدَء وِسادُكَ في اللَيالي / لِعِلمِكَ أَن سَتُفنيها اِضطِجاعا
عَجِبتُ لِشارِحٍ سَبَبَ المَنايا / يُسَمّى الداءَ وَالعِلَلَ الوِجاعا
وَلَم تَكُنِ الحُتوفُ مَحَلَّ شَكٍّ / وَلا الآجالُ تَحتَمِلُ النِزاعا
وَلَكِن صُيَّدٌ وَلَها بُزاةٌ / تَرى السَرَطانَ مِنها وَالصُداعا
أَرى التَعليمَ لَمّا زِلتَ عَنهُ / ضَعيفَ الرُكنِ مَخذولاً مُضاعا
غَريقٌ حاوَلَت يَدُهُ شِراعاً / فَلَمّا أَوشَكَت فَقَدَ الشِراعا
سَراةُ القَومِ مُنصَرِفونَ عَنهُ / وَصُحفُ القَومِ تَقتَضِبُ الدِفاعا
لَقَد نَسّاهُ يَومُكَ ناصِباتٍ / مِنَ السَنَواتِ قاساها تِباعا
قُمِ اِبنِ الأُمَّهاتِ عَلى أَساسٍ / وَلا تَبنِ الحُصونَ وَلا القِلاعا
فَهُنَّ يَلِدنَ لِلقَصَبِ المَذاكي / وَهُنَّ يَلِدنَ لِلغابِ السِباعا
وَجَدتُ مَعانِيَ الأَخلاقِ شَتّى / جُمِعنَ فَكُنَّ في اللَفظِ الرِضاعا
عَزاءَ الصابِرينَ أَبا بَهِيٍّ / وَمِثلُكَ مَن أَنابَ وَمَن أَطاعا
صَبَرتَ عَلى الحَوادِثِ حينَ جَلَّت / وَحينَ الصَبرُ لَم يَكُ مُستَطاعا
وَإِنَّ النَفسَ تَهدَءُ بَعدَ حينٍ / إِذا لَم تَلقَ بِالجَزعِ اِنتِفاعا
إِذا اِختَلَفَ الزَمانُ عَلى حَزينٍ / مَضى بِالدَمعِ ثُمَّ مَحا الدِماعا
قُصارى الفَرقَدَينِ إِلى قَضاءٍ / إِذا عَثَرا بِهِ اِنفَصَما اِجتِماعا
وَلَم تَحوِ الكِنانَةُ آلَ سَعدٍ / أَشَدَّ عَلى العِدا مِنكُم نِباعا
وَلَم تَحمِل كَشَيخِكُمُ المُفَدّى / نُهوضاً بِالأَمانَةِ وَاِضطِلاعا
غَداً فَصلُ الخِطابِ فَمَن بَشيري / بِأَنَّ الحَقَّ قَد غَلَبَ الطِماعا
سَلوا أَهلَ الكِنانَةِ هَل تَداعَوا / فَإِنَّ الخَصمَ بَعدَ غَدٍ تَداعى
وَما سَعدٌ بِمُتَّجِرٍ إِذاما / تَعَرَّضَتِ الحُقوقُ شَرى وَباعا
وَلَكِن تَحتَمي الآمالُ فيهِ / وَتَدَّرِعُ الحُقوقُ بِهِ اِدِّراعا
إِذا نَظَرَت قُلوبُكُمُ إِلَيهِ / عَلا لِلحادِثاتِ وَطالَ باعا
أعرني النجم أوهب لي يراعا
أعرني النجم أوهب لي يراعا / يزيد الرافعيين ارتفاعا
مكان الشمس أضوأ أن يُحلى / وأنبه في البرية أن يذاعا
بنو الشرق الكرام الوارثوه / خلال البر والشرف اليَفاعا
تأمل شمسهم ومدى ضحاها / تجد في كل ناحية شعاعا
قد اقتسموا ممالكه فكانت / لهم وطنا من الفصحى مشاعا
هم زادوا القضاء جمال وجه / وازدوا غُرة الفتيا ألتماعا
أبوا في محنة الأخلاق إلا / لياذا في العقيدة وأمتناعا
أووا شيبا وشبانا إليها / تخالهم الصحابة والتِّباعا
إذا أُسد الثرى شبعت فعفت / رأيت شبابهم عفّوا جياعا
فلم تر مصر أصدق من أمين / ولا أفوى إذا ريعت دفاعا
فتى لم يعط مِقوده زمانا / شرى الاحرارَ بالدنيا وباعا
عظيم في الخصومة ما تجنى / ولا ركب السباب ولا القذاعا
تمرّس بالنضال فلست تدرى / أأقلاما تناول أم نباعا
ويابن السابق المزرى أرتجالا / بروّاض القصائد وابتداعا
أما يكفى أباك السبق حتى / أتى بك أطول الشعراء باعا
شدا الحادى بشعرك في الفيافي / وحركت الرعاة به اليراعا
وفات الطير ألفاظا فحامت / على المعنى فصاغته صناعا
إذا حضر البلابَل فيه لحنٌ / تبادرت الحمام له استماعا
مشى لُبنان في عرس القوافي / وأقبل ربوة واختال قاعا
وهز المنكبين لمهرجان / زها كالباقة الحسنى وضاعا
وأقبلت الوفود عليه تترى / كسرب النحل في الثمرات صاعا
غدا يزجى الركاب وراح حتى / أظل دمشق وانتظم البقاعا
ترى ثَم القرائح والروابي / تبارين افتنانا واختراعا
ربيع طبيعة وربيع شعر / تخلل نفح طِيبِهما الرباعا
كأنك بالقبائل في عكاظ / تجاذبت المنابر والتلاعا
بنت ملكا من الفصحى وشادت / بوحدتها الحياة والاجتماعا
فعادت أمة عجبا وكانت / رعاة الشاء والبدو الشعاعا
أمير المهرجان وددت أنى / أَرى في مهرجانك أو أراعى
عدت دون الخفوف له عواد / تحدَّين المشيئة والزَّعاما
وما أنا حين سار الركب إلا / كباغي الحج همَّ فما استطاعا
أقام بغبنه لم يقض حقا / ولا بلّ الصبابة والنزاعا
طرابلس أنثنِى عِطفي أديم / وموجى ساحلا وثبى شراعا
كسا جنباتك الماضي جلالا / وراق عليه مِيسمه وراعا
وما من أمس للاقوام بد / وإن ظنوا عن الماضي انقطاعا
ألم تسقي الجهاد وتطعميه / وتحمى ظهره حقبا تباعا
شراعك في الفِنيقيين جلَّى / وذكرك في الصليبين شاعا
كأنى بالسفين غدت وراحت / حيالك تحمل العلم المطاعا
صلاح الدين يرسلها رياحا / وآونة يصففها قلاعا
أليس البحر كان لنا غديرا / وكانت فلكنا البجع الرتاعا
غمرنا بالحضارة ساحليه / فما عيَّا بحائطها اضطلاعا
توارثناه أبلج عبقريا / ذلول المتن منبسطا وساعا
ترى حافاته انفجرت عيونا / ورفت من جوانبه ضياعا
فما زدنا الكتاب الفخم حرفا / ولا زدنا العصور الزُهر ساعا
قعدنا معقد الآباء منه / فكنا البَهم قد خلف السباعا
كأن الشمس مسلمة اصابت / عفيفا في طيالسه شجاعا
تَحَجَّبُ عن بحار الله حتى / إذا خطرت به نضت القناعا
وما رأت العيون أجل منها / على أجزاء هيكله اطلاعا
فما كشروقها منه نعيما / ولا كغرو بها فيه متاعا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025