مَبيتي مِن دِمَشقَ عَلى فِراشِ
مَبيتي مِن دِمَشقَ عَلى فِراشِ / حَشاهُ لي بِحَرِّ حَشايَ حاشِ
لَقى لَيلٍ كَعَينِ الظَبيِ لَوناً / وَهَمٍّ كَالحُمَيّا في المُشاشِ
وَشَوقٍ كَالتَوَقُّدِ في فُؤادِ / كَجَمرٍ في جَوانِحَ كَالمِحاشِ
سَقى الدَمُ كُلَّ نَصلٍ غَيرِ نابٍ / وَرَوّى كُلَّ رُمحٍ غَيرِ راشِ
فَإِنَّ الفارِسَ المَنعوتَ خَفَّت / لِمُنصِلِهِ الفَوارِسُ كَالرِياشِ
فَقَد أَضحى أَبا الغَمَراتِ يُكنى / كَأَنَّ أَبا العَشائِرِ غَيرُ فاشِ
وَقَد نُسِيَ الحُسَينُ بِما يُسَمّى / رَدى الأَبطالِ أَو غَيثَ العِطاشِ
لَقوهُ حاسِراً في دِرعِ صَربٍ / دَقيقِ النَسجِ مُلتَهِبِ الحَواشي
كَأَنَّ عَلى الجَماجِمِ مِنهُ ناراً / وَأَيدي القَومِ أَجنِحَةُ الفَراشِ
كَأَنَّ جَوارِيَ المُهَجاتِ ماءٌ / يُعاوِدُها المُهَنَّدُ مِن عُطاشِ
فَوَلَّوا بَينَ ذي روحٍ مُفاتٍ / وَذي رَمَقٍ وَذي عَقلٍ مُطاشِ
وَمُنعَفِرٍ لِنَصلِ السَيفِ فيهِ / تَواري الضَبِّ خافَ مِنِ اِحتِراشِ
يُدَمّي بَعضُ أَيدي الخَيلِ بَعضاً / وَما بِعُجايَةٍ أَثَرُ اِرتِهاشِ
وَرائِعُها وَحيدٌ لَم يَرُعهُ / تَباعُدُ جَيشِهِ وَالمُستَجاشِ
كَأَنَّ تَلَوِّيَ النُشّابِ فيهِ / تَلَوّي الخوصِ في سَعَفِ العِشاشِ
وَنَهبُ نُفوسِ أَهلِ النَهبِ أَولى / بِأَهلِ المَحدِ مِن نَهبِ القُماشِ
تُشارِكُ في النَدامِ إِذا نَزَلنا / بِطانٌ لا تُشارِكُ في الجِحاشِ
وَمِن قَبلِ النِطاحِ وَقَبلَ ياني / تَبينُ لَكَ النِعاجُ مِنَ الكِباشِ
فَيا بَحرَ البُحورِ وَلا أُوَرّي / وَيا مَلِكَ المُلوكِ وَلا أَحاشي
كَأَنَّكَ ناظِرٌ في كُلِّ قَلبٍ / فَما يَخفى عَلَيكَ مَحَلُّ غاشِ
أَأَصبِرُ عَنكَ لَم تَبخَل بِشَيءٍ / وَلَم تَقبَل عَلَيَّ كَلامَ واشِ
وَكَيفَ وَأَنتَ في الرُؤَساءِ عِندي / عَتيقُ الطَيرِ ما بَينَ الخِشاشِ
فَما خاشيكَ لِلتَكذيبِ راجٍ / وَلا راجيكَ لِلتَخيّبِ خاشي
تُطاعِنُ كُلُّ خَيلٍ كُنتَ فيها / وَلَو كانوا النَبيطَ عَلى الجِحاشِ
أَرى الناسَ الظَلامَ وَأَنتَ نورٌ / وَإِنّي مِنهُمُ لَإِلَيكَ عاشِ
بُليتُ بِهِم بَلاءَ الوَردِ يَلقى / أُنوفاً هُنَّ أَولى بِالخِشاشِ
عَلَيكَ إِذا هُزِلتَ مَعَ اللَيالي / وَحَولَكَ حينَ تَسمَنُ في هِراشِ
أَتى خَبَرُ الأَميرِ فَقيلَ كَرّوا / فَقُلتُ نَعَم وَلَو لَحِقوا بِشاشِ
يَقودُهُمُ إِلى الهَيجا لَجوجٌ / يُسِنُّ قِتالُهُ وَالكَرُّ ناشي
وَأَسرِجَتِ الكُمَيتُ فَناقَلَت بي / عَلى إِعقاقِها وَعَلى غِشاشي
مِنَ المُتَمَرِّداتِ تُذَبُّ عَنها / بِرُمحي كُلُّ طائِرَةِ الرَشاشِ
وَلَو عُقِرَت لَبَلَّغَني إِلَيهِ / حَديثٌ عَنهُ يَحمِلُ كُلَّ ماشِ
إِذا ذُكِرَت مَواقِفُهُ لِحافٍ / وَشيكَ فَما يُنَكِّسُ لِاِنتِقاشِ
تُزيلُ مَخافَةَ المَصبورِ عَنهُ / وَتُلهي ذا الفِياشِ عَنِ الفِياشِ
وَما وُجِدَ اِشتِياقٌ كَاِشتِياقي / وَلا عُرِفَ اِنكِماشٌ كَاِنكِماشي
فَسِرتُ إِلَيكَ في طَلَبِ المَعالي / وَسارَ سِوايَ في طَلَبِ المَعاشِ