نَزَعْتُ عَنِ الصِّبَا وَعَصَيْتُ نَفْسِي
نَزَعْتُ عَنِ الصِّبَا وَعَصَيْتُ نَفْسِي / وَدَافَعْتُ الْغَوَايَةَ بِالتَّأَسِّي
وَقُلْتُ لِصَبْوَتِي وَالْعَيْنُ غَرْقَى / بِأَدْمُعِهَا رُوَيْدَكِ لا تَمَسِّي
فَقَدْ وَلَّى الصِّبَا إِلَّا قَلِيلاً / أُنَازِعُ سُؤْرَهُ بِفُضُولِ كَأْسِي
وَمَنْ يَكُ جَاوَزَ الْعِشْرِينَ تَتْرَى / وَأَرْدَفَهَا بِأَرْبَعَةٍ وَخَمْسِ
فَقَدْ سَفَرَتْ لِعَيْنَيْهِ اللَّيَالِي / وَبَانَ لَهُ الْهُدَى مِنْ بَعْدِ لَبْسِ
نَظَرْتُ إِلَى الْمِرَاةِ فَكَشَّفَتْ لِي / قِنَاعَاً لاحَ فِيهِ قَتِيرُ رَأْسِي
وَكُنْتُ وَكَانَ فَيْنَاناً أَثيثاً / أُنَازِعُ شِرَّتِي وَأَذُودُ بَأْسِي
فَعُدْتُ وَقَدْ ذَوَى مِنْ بَعْدِ لِينٍ / أُدَارِي صَبْوَتِي وَأُسِرُّ يَأْسِي
فَمَا أَمْسِي كَيَومِي حِينَ أَغْدُو / عَلَى كِبَرٍ وَمَا يَوْمِي كَأَمْسِي
وَمَا الأَيَّامُ إِلَّا صائِبَاتٌ / تَمُرُّ بِكُلِّ سَابِغَةٍ وَتُرْسِ
أَبَادَتْ قَبْلَنَا إِرَمَاً وَعَاداً / وَطَارَتْ بَيْنَ ذُبْيَانٍ وَعَبْسِ
وَأَلْوَتْ بِالْمُضَلَّلِ وَاسْتَمَالَتْ / عِمَادَ الشَّنْفَرَى وَهَوَتْ بِقُسِّ
فَلا جمشِيدُ دَافَعَ إِذْ أَتَتْهُ / بِحَادِثِها وَلا رَبُّ الدِّرَفْسِ
عَلَى هَذَا يَسِيرُ النَّاسُ طُرَّاً / وَيَبْقَى اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ نَفْسِ