المجموع : 3
ترحَّل من هوِيت وكل شمسِ
ترحَّل من هوِيت وكل شمسِ / ستكْسِفُ أو ستغرب حين تُمسي
وما ألهاك عن ذكرى حبيبٍ / كعدِّك أمسَ يومٍ بعد أمس
رأيتُ الدهر يجرح ثم يأسو / يؤسِّي أو يعوِّضُ أو يُنَسِّي
أبت نفسي الهُلاع لرزء شيءٍ / كفى شجواً لنفسي رزءُ نفسي
أتهلعُ وحشةً لفراقِ إلفٍ / وقد وطنتُها لحلول رَمْس
سأتخذ الزَّماعَ خليل صدقٍ / يرادفني على وجناءَ عَنس
إلى ملك يَهشُّ إلى المعالي / ولا يبتاع مكرمةً ببخس
أبي أيوبَ قرم بني زُريقٍ / وكل قبيلة تسمو برأس
بَدا فبدت مَخايلُ من كريمٍ / طويل الباع أروعَ غير نكس
كأن عَجاج موكبه تجلَّى / هناك بوجهه عن قَرنِ شمس
يحفُّ بشخصه من أقربِيه / غيوثُ مَفاقرٍ وليوثُ بأس
مَرَوا دِرَرَ الحروب دماً وقاسوا / من الهيجاء ضِرساً بعد ضرس
فما نيلتْ أنوفهُمُ بذمٍّ / ولا رِيمت رؤوسهُمُ بعَكس
تراهم في النديِّ إذا نَدَوه / كأن حلومهم هضباتُ حَرْس
وإن لاقيتَهم في يوم روعٍ / لقيت الجن في أشباح إنس
همُ الجبل الذي لو زال يوماً / لأضحى الملكُ لا يُرسيه مُرْسي
ألم يَرني الأمير حبستُ شعري / عليه ولم أُذِله بمدح جِبس
ولم أكُ شارباً إلا بعذب / وإن أعطِشت خمساً بعد خمس
فداه معاشرٌ نكَّبتُ عنهمْ / وما أفديه بالعرَض الأخس
إذا امتُدِحوا وإن لم يُستثابوا / حسبتَ وجوهَهم طُليت بوَرْس
وما جَربتُهم إلا بغيري / وما استخشنتُ جانبهم بلمسي
إليه بعثتها ترمي بشخصي / ولم أكُ قبل ذاك لها بحِلس
على ثقةٍ بأن لها لديه / مُناخاً بالسعادة غير شأس
وأن سَيريش ما أبريه منها / بشحم مثل هُدَّاب الدِمَقس
وكان إذا عَراه الحق أعطى / بخمس من أنامله وخمس
عطايا بين بشر واعتذارٍ / وليست بين إذلالٍ وعبس
أهابت بالرجاء لُهَى يديه / إليَّ إليَّ لات أوانَ يأس
لعَمْرُ محامد حُمِلت إليه / لمَا بيعت بضائعُها بوكْس
جعلتُ على ملوك الأرض طُراً / مجازَ مطيتي وعليه حَبْسي
جفتني أنْ صددتُ ولي لديها
جفتني أنْ صددتُ ولي لديها / أسيرا ذِلّةٍ بدنٌ ونفسُ
وأغضبها انصرافُ الطرفِ عنها / وفيه عليَّ خُسران ووكسُ
ولكني عشِيتُ لنورِ شمس / ملاحظتي لها سَرقٌ وخَلْس
وأنَّى لي بنظرةِ مستديم / إذا ما قابلتْ عينيَّ شمس
وكم صدَّتْ وإن لم أجنِ ذنباً / وأعقبَ صدَّها قَطْبٌ وعبْس
فلم أعتب لذاك وإن أضاقت / عليَّ الأرضَ حتى قلت حبْس
أيا شمس النهارِ سَناً وعزّاً / يقصِّر عنهما نظرٌ ولمسُ
أحِلٌّ أن تنامي عن سهادي / ولي مذ بانَ عني النومُ خمس
ولم آمل غداً لكِ فيه عدل / وإلا قلتُ خير منه أمس
أبشُّ وتعبسين وذاك بخسٌ / وليس يحل في الإسلام بخس
تطيعين الوشاةَ إذا وشَوْا بي / وأكثرُ قيلهم دَحْسٌ وحدس
وكم واشٍ وشى بكِ غير آلٍ / فآب وحظُه تَعْس ونكس
أميّز كل شيءٍ من أموري / سوى أمري لديكِ ففيه لبس
أيسفكُ للوشاة دم ثمينٌ / وقيمةُ كل ما يَحكون فَلسُ
غرستِ هوى فَربيه بحفظٍ / فليس يُرَبّ بالتضييع غرس
صرمتَ اليوم حبلَكَ من لَميس
صرمتَ اليوم حبلَكَ من لَميس / على ما في فؤادك من رسيس
كأنك قابلتْك بأنف عمروٍ / ورأس مثل حُلَّتهِ خَليس
متى يستنشق الفيلين عفواً / بلا حسٍّ هُناك ولا حَسيس
وتشكو الخندريس أذىً إذا ما / تنفَّس في كؤوس الخندريس
على عمرو عَفاء من نديمٍ / إذا حُمدَ النديم ومن جليس
سمعتُ بعمرٍو الجنِّيِّ قِدماً / ولم أره يكون مع الأنيس
فأظهره الإله لنا بعمرٍو / أبي الخرطوم ذي الأنفِ الرئيس
نفيس في الأنوفِ على خسيس / وقد تجد النفيسَ على خسيس
إذا عيناك قوبلتا بعمرو / ذكرتَ حديث طَسمٍ أو جديس
من الخِلقِ التي تُركت قديماً / ومن طُرُزِ العمالقة اللبيس
دسيسٌ لليهود إلى النصارى / ليفضَحهم فَقُبِّح من دسيس
يَصَمُّ عن المواعظ والملاهي / ويعجبه حديث الفَنْطليس
ألا يا ابن الوزير ألا انتزعْهُ / ولا تغرسه قُبِّح من غَريس
وقائلةٍ أتخشى بأس عمرٍو / وأنت كعهدنا رئبالُ خِيس
فقلتُ أخافُهُ وصدقتِ إني / هِزبرٌ لا يزالُ على فَريس
ولكن أيُ ليثٍ قِرْنُ فيلٍ / كفى بالفيل من قرن بئيس
عجبتُ لوقْفتي بباب عمرو / ولم يكُ قط بالعلق النَفيس
ولكن ما خسرتُ وذاك أني / وُعظتُ بلؤمه أُخرى العجيس
هو الكيْسُ اشتريناه بكيسٍ / ومن لا يشتري كيساً بكيس
ألا يا عمرو فضلك في النصارى / كفضل الأربعاء على الخميس
فلا تبخل بعرضك حين تُهجَى / فإنك منه في خَلقٍ دريس
وقد فعلتْ بك القالاتُ قبلي / كفعلِ النار بالحطب اليبيس