المجموع : 6
بقدر الفضل تعتز الرياسهْ
بقدر الفضل تعتز الرياسهْ / وَباب النصر تفتحه السياسهْ
وَلَيسَ يُرَدّ عن أَملٍ مليكٌ / لَهُ فَضل الحزامة وَالكياسه
حَكيم عالم يقضي بفكر / له من نور مولاه فراسه
يبيت يعانق الآمال ليلاً / وَيصبح هاجراً رَوضاً وَطاسه
يؤم من العلا شأواً فشأواً / بعزم تتقي الأَيام باسه
فطوراً فوق سرحوبٍ أَغرٍّ / وَطوراً قَدَّ خطّارٍ أَماسه
وَطوراً صدر إيوان جليل / يحلل من عنا الأَمر التباسه
وَما هو غير إِسماعيل حقاً / وَما اِسماعيل ما يدريك باسه
أَقام الملك وَاستعلى وَعالى / فَشيد ركنه وبني أساسه
وَحلّى جيد مصر فمن يباهي / بهاتيك اللطائف وَالنفاسه
وَسوّغ منهل الآمال فيها / لواردها فَما يَخشى احتباسه
أَقام الدَهر بين يديه عَبداً / يَروّيه الثَنا وَيسرّ ناسه
وَحدّث عَنهُ أَقلامٌ وَكتبٌ / وَما أَحد تَرى بِسواه قاسه
وَسار مخبّراً عنه البَرايا / لِسانُ السَيف حَتّى أَرض كاسه
سَلوه عَن بَوادره وَماذا / دَهى الأَحباش إِذ دَعَت الحماسه
بغوا فدهتهمُ منه جيوشٌ / كِرامٌ كَالليوث ذوو افتراسه
بأَعلام يَلوح النصر منها / كَأَحلام كفتهم عن حراسه
فَيا للّه من يَوم عَصيب / تَزلزل إِذ دَرى الجبار باسه
أَتوا وَالبَغي يقدمهم وولوا / عَلى علم أَصاب الخزيُ راسه
وَذل عَزيزهم وَمشى الهوينا / عَلى استحيائه بعد الشراسه
وَردّ جماحه خيل وَرجْلٌ / أَلانت صعبه وَمحت شماسه
وَكان اليَوم يَوماً مكفهراً / جَليدُ القَوم أَنكر فيهِ باسه
فَكَم بطل عَلى طلل طَريح / كَأَن المور أَلبسه لباسه
وَكَم شَهم تبختر باغترار / دَهاه أَسمر فذرى اِنتِهاسه
فَما أَغنى صَليبٌ عَن قَتيلٍ / تحضّنه عَلى يَأس وَباسه
وَلا نادى منادي القَوم جَهراً / وَلا ليلاً دَرى جفنٌ نعاسه
فَلا تعجب لَهذا الفَوز وَاعلم / بقدر الفضل تعتز الرياسه
حَويتَ من الملاحةِ كُلَّ مَعنىً
حَويتَ من الملاحةِ كُلَّ مَعنىً / بِهِ قاد الغَرامُ لك النُفوسا
ملاحةَ يُوسف وَبَها زَليخا / وَمَنطقَ أَحمدٍ وَقضاءَ موسى
فَمثلُك من بِهِ نَجلو التَهاني / وَمثلُك مَن بِهِ نحسو الكؤوسا
شَقيقٌ أَم زُجاجةُ خندريسِ
شَقيقٌ أَم زُجاجةُ خندريسِ / دَعَت نَحوَ الهَوى داع النُفوسِ
يَطوفُ مهفهفُ الأَعطافِ مِنها / بِمَعنى في الرؤوسِ وَفي الكؤوس
كَأَني بَين أَقمارٍ وَشَمسٍ / إِذا جُلِيَت لَنا بين الجُلوس
وَإبريق لَنا يُهوي سُجوداً / يُخيَّلُ أَنَّه عَبدٌ مجوسي
كَأَنّ الكَأس فَاغر فاه طفلٌ / وَيَرضع ثَديَ مفروغٍ نَكيس
وَللأَنوار أَنوارٌ تَسامَت / وَللأَطيارِ تَغريدُ الأَنيس
وَفي الأَرض ابتهاجٌ وَانشراحٌ / تَزفُّ من الصَفا أَبهى عَروس
وَفي دَوّ السَما للغيمِ مورٌ / وَزجٌّ للبروقِ ذَوات بؤس
تَركتُ مَواطني وَنسيتُ ناسي
تَركتُ مَواطني وَنسيتُ ناسي / وَذُدْتُ النَفسَ عن طاسي وَكاسي
وَأَفرغتُ الفؤاد من الأَماني / وَمِن أَملٍ يَغرّ لطول باسي
وَهاجرتُ الهَوى وَذويه حَتّى / قَنعتُ بوحشتي عن إئتناسي
وَقلتُ لمهجتي داني فراغي / وَقلتُ لمقلتي وافي نعاسي
وَملتُ عن الصَفا وَالصحب هَجراً / وَعُدتُ أُعلِّمُ الذكرَ التناسي
تَبدّلتُ الجَميع بجوبِ دوٍّ / وَظهرِ مطيةٍ وَظلالِ راسي
وَصرت كَأَنّ عَيني لَيسَ تَبكي / وَعدتُ كَأَنّ هذا القَلب قاس
وَما للعبد بِالأَقدار شَيءٌ / وَلَيسَ تَقيهِ شدّةُ احتراس
اذا ما جار سلطانٌ ليأسٍ
اذا ما جار سلطانٌ ليأسٍ / وصال على النفائس والنفوسِ
ولم يجد المعزز من زمانٍ / فقم نشكو الجميعَ إلى الكؤوس
جميع ذوي الحقيقة والمعالي
جميع ذوي الحقيقة والمعالي / رجالُ محمدٍ ورجالُ عيسى
تراهم يَجهرون بكلِّ حقٍّ / وصدقٍ لاعنينَ لِدينِ موسى