يشقُّ عليَّ أن تشقى بحبسِ
يشقُّ عليَّ أن تشقى بحبسِ / وأنْ تبقى لرشٍّ أو لكنْسِ
تكبَّلُ بالحديد وكنتُ أخشى / محاذَرَةً عليك من الدمقس
وعزَّ عليَّ أن تبقى بدار / وما يُلفى بها غيرُ الأخسِّ
أتَخْدِمُ كلَّ مبتذَل حقير / إذا ما بيعَ لا يُشرى بفلس
وكنتُ أغار إن رمقتك عينٌ / تلوِّثُ عرض صاحبها برجس
تطوف بك الوجوه الغبر منهم / كما طافت شياطين بإنسي
ولو مُكِّنْتُ مما أشتهيه / خَدَمْتُك دون أصحابي بنفسي
تقول سَلَوْتَني ونَقَضْتَ عهدي / وخُنْتَ مودَّتي ونَسيتَ أُنسي
معاذ الله أن أسلوك يوماً / ويومي في غرامك فوق أمس
تُحدِّثُ عن هواك دموعُ عيني / بألسنةٍ من العبرات خرس
يجول عليك طول اللَّيل فكري / وأُصبِح فيك محزوناً وأُمسي
وأذكرُ ما مضى من طيب عيش / فآكل راحتي وأعضُّ خمسي
فمن غزلٍ يروق لديك مني / ومن نغم يَلَذُّ وشرب كأس
فآهاً ثم آهاً ثم آهاً / على قمرٍ يدير شعاع شمس
فما أغلى ليالينا وأحلى / لقد بيعت لشِقْوَتِنا ببخس
ليالي كانت اللَّذات فيها / وأيَّام لنا أيّام عرس
مَضَتْ تلك السنون وفرّقتنا / حوادث من خطوب الدهر بؤس
رماها من قضاء الله رامٍ / فأنْفَذَ سَهْمَه من غير قوس
ومن لي أن أزورك كلَّ يوم / وأن أسعى على عيني ورأسي
عسى لطفٌ من الرحمن يأتي / ويسعدني بسعدٍ بعد نحس
كما سَعِدَ العراقُ به ولاذَت / برأفته أفاضل كلّ جنس
أرى ما يطمع الراجين فيه / فأطمعُ في نجاتك بعد يأس
سأُفْرِغُ للثناء عليه فكري / وإملاء القريض عليك طرسي
ومنه إليك قد حان التفاتٌ / فأبشِرْ في إزالة كل نكس
فبادر بالدعاء له وأخْلِص / وأنْذِر نَتْفَ لحيةِ كلّ وكس