رمتني النائبات بقر كليسا
رمتني النائبات بقر كليسا / فلم أرقط لي فيها أنيسا
بلاد عريت من كل خير / وجل بنائها اضحى دريسا
غزاها عسكر البلغار يوماً / فأحرقها وصيرها وطيسا
فلم تبرح أماكنها خراباً / تكدر عند رؤيتها النفوسا
ومعظم أهلها روم ولكن / من الأذناب ما عرفوا الرؤوسا
عجبت لهم خلوا من كل ودّ / وقد عرف الوداد بال عيس
وبينهم طوائف من يهود / مهدلة اللحي تحكي التيوسا
لهم في سلب مال الناس سحر / فأين عصا نبي اللَه موسى
وأما المسلمون فهم قليل / يضاهي العشران تحصي النفوسا
فكم فيهم جهولاً لا يبالي / إذا علنا تعاطي الخندريسا
كأن الدين بينهم غريب / لقد حرم المرافق والجليسا
ومنهم من إلى العربي يرنو / بطرف لم يكن إلا عبوسا
كأن بمقلتيه ضرام نار / إلا فلتخسأوا لسنا مجوسا
فلم أر بينهم أهلاً لود / سوى المفتي أفديه رئيسا
همام حاز أخلاقاً حسانا / ولطفاً فيه جرح القلب يوسى
جزاه اللَه عنا كل خير / ولا لاقى مدى الأيام بوسا
غدونا في ديار نائيات / عن العمران تحسبها رموسا
إذا جن الظلام بها علينا / وهيج من ضمائرنا الرسيسا
خلعنا سابغات الصبر عنا / وصيرنا الدموع لنا لبوسا
وبتنا تندب الأوطان وجداً / ونذكر عيشة كانت عروسا
وأياماً مع الأحباب ولّت / لقد كانت لياليها شموسا
فيا رباه كم يلقى فؤادي / وقد أصبحت من صبري يؤوسا
سقاني الدهر كأس الهون حتى / أذاقني الأداهم والحبوسا