القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : القاضي الفاضِل الكل
المجموع : 5
لِعَينَيهِ عَلى العُشّاقِ إِمرَهْ
لِعَينَيهِ عَلى العُشّاقِ إِمرَهْ / وَلَيسَ لَهُم إِذا ما جارَ نُصرَهْ
فَأَمّا الهَجرُ مِنهُ فَهوَ إِلفٌ / وأَمّا الوَصلُ مِنهُ فَهوَ نَدرَهْ
إِذا ما سَرَّهُ قَتلي فَأَهلاً / بِما قَد ساءَني إِن كانَ سَرَّهْ
تَلِفتُ بِشَعرِهِ وَسَمِعتُ غَيري / يَقولُ سَلِمتُ مِن تَلَفي بِشَعرَه
لَقَد خَدَعَتكَ أَلحاظٌ مِراضٌ / وَتَمَّمَ بِالفُتورِ عَلَيكَ سِحرَه
فَيا حَذِرَ البَصيرَةِ كَيفَ حَتّى / وَقَعتَ كَما رَأَيتُ وُقوعَ غِرَّه
فَإِنَّ الحَربَ تَزرَعُها بِلَفظٍ / وَإِنَّ الحُبَّ تَجنيهِ بِنَظرَه
وَبَعدُ فَإِنَّ قَلبي في يَدَيهِ / فَإِن هُوَ ضاعَ مِنهُ أَذاعَ سِرَّه
وَأَعظَمُ حَسرَةٍ أَنّي بِدائي / أَموتُ وَفي فُؤادي مِنهُ حَسرَه
لَقَد جَمَعَ الإِلَهُ لِناظِرَيهِ / بِنَضرَةِ خَدِّهِ ماءً وَخُضرَه
وَحُمرَتُهُ بِماءِ العَينِ تُذكَى / وَما جَفَّت بِها لِلشِعرِ زَهرَه
وَعِندي أَنَّهُ لَبَنٌ وَخَمرٌ / وَقالَ حَسودُهُ ماءٌ وَجَمرَه
وَإِبريقُ المُدامِ بِريقٍ فيهِ / وَلَم أَشرَب فَكَيفَ وَجَدتُ سُكرَه
حَكى الإِبريقَ في عُنُقٍ وَريقٍ / وَقَد حَلّى الحَبابُ الدُرُّ ثَغرَه
يُرَوِّعُ قُرطَهُ مِن بُعدِ مَهوىً / فَإِن يُرعَدْ فَقَد أَبدَيتُ عُذرَه
وَلَولا جودُهُ ما كانَ ظُلماً / يُغَلِّظُ رِدفَهُ وَيُرِقُّ خَصرَه
وَلَولا بُخلُهُ ما كانَ نَظمي / لَهُ شَفَتانِ تَستَلِمانِ ثَغرَه
وَأَعجَبُ مِن ذُبولِهِما ظَماءً / وَقَد مَنَعا الوَرى مِن وِردِ خَمرَه
بِحُمرَةِ خَدِّهِ لِلشَعرِ خُضرَه / وَقَد زانَ البَياضَ سَوادُ طُرَّه
فَيا شَمساً تَبَدَّت لي عِشاءً / وَيا قَمَراً وَلَيسَ يغيبُ بُكرَه
قَد اِستَخدَمتَ في الأَفكارِ سِرّي / وَما أَطلَقَت لي بِالوَصلِ أُجرَه
وَقَد ضَمِنَ اِغتِرامي عَنكَ صَبري / وَكَم مِن ضامِنٍ يُبلى بِكَسرَه
وَلَم أَرَهُ عَلى الأَيّامِ إِلّا / عَقَدتُ مَحَبَّةً وَحَلَلتُ صُرَّه
وَلا عاتَبتُهُ إِلّا ثَناهُ / عَلَيَّ الغَيظُ وَهوَ عَليَّ شَفرَه
وَلا اِستَمطَرتُ سُحبَ العَينِ إِلّا / بَقيتُ بِأَدمُعي في الشَمسِ عُصرَه
بَكَيتُ عَلَيكَ يا مَولايَ حَتّى / صُرِعتُ وَلَيسَ في عَينَيَّ قَطرَه
وَكَم زَمَنٍ نُواصِلُهُ وَكُنّا / نَقولُ لِذاكَ كَيفَ قَطَعتَ عِشرَه
صَبَبتُ عَلَيهِ لَمّا زادَ دَمعي / فَأَنكَرَهُ فَقُلتُ الماءُ نَثرَه
وَخَوَّفَني مِنَ الأَوزارِ فيهِ / وَمَن لِمُحِبِّهِ لَو نالَ وِزرَه
وَحَلَّمَني هَواهُ فَصِرتُ فيهِ / أُسامِحُ كُلَّ مَن لَحِقَتهُ ضَجرَه
بَدا بَدَراً جَلاهُ لَيلُ شَعرٍ / وَقَد أَهدى لَهُ الشَفَقَ المَزَرَّه
وَجُملَةُ ما أُريدُ بِأَن يَراني / مَكانَ الخَيطِ مِنهُ وَهوَ إِبرَه
وَقُلتُ لَهُ لَقَد أَحرَقتَ جَسمي / وَأَنتَ بهِ فَكَيفَ سَكَنتَ سِرَّه
فَلَو قَبَّلتَني وَقَبِلتَ مِنّي / فَقالَ أَخافُ بَعدَ الحَجِّ عُمرَه
تَمَيدَنَ خَدُّهُ لِخُيولِ لَثمي / وَصَولَجَ صُدغَهُ وَالخالُ أُكرَه
إِذا عايَنتُهُ وَبَدا رَقيبي / فَيا لَكَ حُمرَةً نُسِخَت بِصُفرَه
أَراني كُنتُ في وَطَنِ التَصابي / وَأَشعارُ المَشيبِ دَليلُ سَفرَه
وَما أَخصَبتَ يا نَورَ الأَقاحي / وَإِن أَجدَبتَني إِلَا لِمَطرَه
وَيَنهَرُني نَهارُ الشَيبِ زَجراً / وَلَيلُ شَبيبَتي قَد كانَ سُترَه
وَإِن رابَتكَ أَقوالي فَإِنّي / حَمَلتُ وَقارَهُ وَحَمَلتُ وِقرَه
وَلَيسَ يُجَوِّزُ الأَيّامَ إِلّا ال / تَخَيُّرُ وَالتَخيُّلُ لِلمَسَرَّه
وَخِلٌّ لا يُخِلُّ بِشَرطِ وُدٍّ / وَلا يُبدي لَعَينِكَ وَجهَ عِذرَه
وَبَعضُ الحِلمِ في الأَوقاتِ جَهلٌ / وَيُعجِبُني الحَليمُ وَلَو بِمَرَّه
وَكَم قَد سَرَّ في سَمعي مَلامٌ / أَخَذتُ لُبابَهُ وَتَرَكتُ قِشرَه
وَما في الأَرضِ أَشعُرُ مِن أَديبٍ / يَقولُ الشِعرَ في البُخَلاءِ سُخرَه
يَروقُنيَ الكَريمُ وَلَو بِفلسٍ / وَلا أَهوى البَخيلَ وَلَو بِبَدرَه
وَكُلُّ مَذاقَةٍ تَحلو وَتُحلي / سِوى طَعمِ السُؤالِ فَما أَمَرَّه
مَرَرتُ عَلى حُطامٍ مِن حُطامٍ / وَيَملِكُني الصَديقُ بِحُسنِ عِشرَه
وَأَمّا سوءُ حَظّي مِن صَديقي / فَذاكَ مِنَ الرُسومِ المُستَقِرَّه
وَخِلٍّ كانَ مودِعَ كُلِّ سِرٍّ / فَكُنتُ أَصونُهُ وَأَصونُ سِرَّه
حَفِظتُ عُهودَهُ وَأَضاعَ عَهدي / وَلَم يَكُ لي بِطُرْقِ الغَدرِ خِبرَه
وَكَم آمَنتُهُ خَدعي وَمَكري / وَلَم آمَن خَديعَتَهُ وَمَكرَه
بَذَلتُ لَهُ عَلى العِلّاتِ خَيري / وَلَكِن ما كَفاني اللَهُ شَرَّه
وَما أَدخَلتُ نارَ الهَجرِ قَلباً / بَقي مِن حُبِّهِ مِثقالُ ذَرَّه
سَتُرجِعُهُ لِيَ الأَيّامُ طَوعاً / وَتَعطِفُهُ التَجارِبُ وَهوَ مُكَره
لِيَ الثِقَةُ الَّتي مَلَأَت يَميني / مِنَ الثِقَةِ الَّذي أَملَيتُ شُكرَه
أُذِمُّ الدَهرَ مِن ذَمّي بِمَدحي / وَذَمَّ خَليلَهُ مَن ذَمَّ دَهرَه
رَبِيُّ رِياسَةٍ وَأَبِيُّ نَفسٍ / وَرَأسُ سِيادَةٍ وَأَمينَ حَضرَه
مِنَ القَومِ الَّذينَ لَهُم حَديثٌ / إِذا نُشِرَ اِستَطابَ المِسكُ نَشرَه
وُجوهُ رِياسَةٍ لَهُمُ وُجوهٌ / وَسِرُّ الجودِ في تِلكَ الأَسِرَّه
تَفانَوا في سَبيلِ المَجدِ لَكِن / لَهُم ذِكرٌ أَطالَ اللَهُ عُمرَه
لَقَد أَحبَبتُهُ سَلَفاً رَميماً / فَعادَ لِإِثرِهِ في المَجدِ أَثرَه
وَما أَخشى عَلَيكَ عِثارَ سَبقِ / أَيَخشى نَيِّرُ الآفاقِ عَثرَه
وَعَثرُ السَمحِ لَمحٌ فَاِرتَقِبها / حُظوظاً أَبطَأَت لِتَجي بِكَثرَه
وَقَد تَتَضاعَفُ الأَنواءُ جِدّاً / إِذا الأَقمارُ كانَت مُستَسِرَّه
وَلِلأَيّامِ في الحُكمِ اِختِلافٌ / وَهَمُّ عَشِيَّةِ يُمحى بِبُكرَه
فَيا مَن سَرَّهُ مِنّي قُصوري / إِذا المَسبوقُ يوضِحُ مِنكَ عُذرَه
حَسِبتُ كِتابَهُ خَدّاً صِقيلاً / ذَكَرتُ عِذارَهُ فَلَثَمتُ سَطرَه
وَشِعرٍ ما حَسِبتُ أَخَفَّ روحاً / وَأَثقَبَ زُهرَةً وَأَغَضَّ زَهرَه
جَلاهُ عَلَيَّ في أَثوابِ لَيلي / فَأَبصَرَ مِنهُ لَيلُ الهَمِّ فَجرَه
وَفَجَّرَتِ البَلاغَةُ مِنهُ بَحراً / أَرَدتُ عُبورَهُ فَخَشيتُ عَبرَه
إِذا غَرِقَ اِمرُؤُ في سيفِ بَحرٍ / فَلا تَذكُر عَلى شَفَتَيكَ قَعرَه
أَلَذُّ مِنَ الرِضا مِن بَعدِ سُخطٍ / وَأَعذَبُ مِن وِصالٍ بَعدَ هَجرَه
قَليلُ اللَفظِ لَكِن في المَعاني / إِذا حَصَّلتَها بِالنَقدِ كَثرَه
وَيُؤنِسُ ثُمَّ يُؤيِسُ مِثلَ بَحرٍ / تَراهُ فَيَستَهينُ الغَمرُ غَمرَه
وَفي شِعرِ الوَرى غُرٌّ وَدُهمٌ / وَهَذا كُلُّ بَيتٍ مِنهُ غُرَّه
قَوافٍ شارِداتٌ طالِعاتٌ / لِإِمرَةِ قادِرٍ لَم تَعصِ أَمرَه
وَجِئتَ بِها عَلى قَدرٍ فَجاءَت / تُرينا مِنكَ في التَقديرِ قُدرَه
وَلَيسَ كَمَن يُغيرُ عَلى المَعاني / فَإِن ظَهَرَ اِدَّعى بِالنَقدِ غِرَّه
رَقيقُ الطَبعِ مُرهَفُهُ فَأَمّا / خَواطِرُهُ فَمِثلُ السَيفِ خَطرَه
وَقَد عَرَفَ الأُمورِ وَعَرَّفَتهُ / فَصارَ لَهُ بعُقبَى الأَمرِ خِبرَه
وَما يُخفي غِناهُ عَن صَديقٍ / وَلَكِن ما أَراهُ أَراهُ فَقرَه
جَزاكَ اللَهُ خَيراً عَن صَديقٍ / بِتَخفيفِ الأَسى أَثقَلتَ ظَهرَه
عَرائِسُ يَجتَليها وَجهُ نَقدي / فَتَنقُدُ مِن صَفاءِ الوُدِّ مَهرَه
لَئِن سَهُلَت لَقَد صَعُبَت وَأَضحَت / كَرَوضٍ دونَهُ الطُرُقاتُ وَعرَه
فَلا تَعتَدَّ كُلَّ النَظمِ شِعراً / فَتَحسَبَ كُلَّ سَودا مِنهُ تَمرَه
تَعِلَّةُ حاضِرٍ وَنَشيدُ سَفرٍ / وَمَرشَفُ ناهِلٍ وَأَنيسُ قَفرَه
تُخَفِّضُ فَترَةَ الأَفكارِ عَنّي / وَكَم دَبَّت لَها بِالسُكرِ فَترَه
فَخُذها بِنتَ لَيلَتِها اِرتِجالاً / وَلَكِن أَصبَحَت شَمطاءَ سُحرَه
لَئِن طالَت لَقَد طابَت وَراقَت / عَلى نَظَرِ الخواطِرِ حُسنَ نَظرَه
وَسارَت أَو غَدَت لِلنَجمِ نَجماً / فَطَيَّرَها وَأَوقَعَ ثَمَّ نَسرَه
تُعَرِّفُني إِلَيهِ وَلا أَراهُ / وَتَعقِدُ لي مِنَ الفُضَلاءِ أُسرَه
عَقائِلُ سَنَّ شَرعُ الشِعرِ أَنّي / أبٌ مَن شاءَ كُنتُ بِهِنَّ صِهرَه
مَلَكتُ قِيادَها بِيَمينِ فِكري / وَقَد عُتِقَت لِوَجهِ المَجدِ حُرَّه
أَطالَ اللَهُ عُمرَكَ في سُعودٍ / تَجُرُّ ذُيولَها فَوقَ المَجَرَّه
لِكُلِّ مَوَدَّةٍ أَجرٌ وَأَجري
لِكُلِّ مَوَدَّةٍ أَجرٌ وَأَجري / عَلى وُدّي لَكُم تَضييعُ أَمري
وَأَنّي إِن جَرى ذِكرٌ بِحَفلٍ / دَفَعتُم بِالأَسى في صَدرِ ذِكرى
عَلى هَذا وَفيهِ وَمِنهُ ما لا / يَفي صَبري بِهِ بِأَقَلِّ شُكري
ظَنَنتُكُمُ عَلى دَهري سُيوفاً / فَقَد كُنتُم عَلَيَّ سُيوفَ دَهري
فَكَم دارَت عَلَيَّ كُئوسُ هَمٍّ / كَما دارَت عَلَيَّ كُئوسُ خَمرِ
فَلا تَأخُذ إِذا عَربَدتُ يَوماً / عَلَيكَ إِذا جَنَيت عَلَيَّ سَكري
وَكَم مِن لَيلَةٍ عُكِسَت عَلَينا / فَما كانَت كَما كانَت لِقَدرِ
فَخَيرٌ تِلكُمُ مِن أَلفِ شَهرٍ / وَشَرٌّ هَذِهِ مِن أَلفِ شَهرِ
فَلا تَضرِب لَهُ أَجَلاً بِفَجرٍ / فَقَد مَخِضَت وَما طَرَقَت بِفَجرِ
وَما يَرمي الزَمانُ بِغَيرِ سَهمٍ / وَلا أَلقى السِهامَ بِغَيرِ نَحرِ
عَلى يَبَسٍ كَما أُخبِرتُ لَكِن / غَريقٌ خاطِري في أَلفِ بَحرِ
وَما عَدَّ الغَريقُ المَوجَ فَاِترُك / مُطالَبَتي بِعَدِّ ذُنوبِ دَهري
أَتَطلُبُ بِالبَيانِ غَريقَ بَحرٍ / مَتى طُلِبَ الغَريقُ بِجَلبِ دُرِّ
كَأَنَّ الدَهرَ في تَعذيبِ سِرٍّ / لِما يأتيهِ مِن تَعذيبِ سِرّي
أَقَرَّ اللَهُ يَومَ فِراقِ وَجهي / بِفُرقَتِهِ سَخينَةَ عَينِ مِصرِ
وَما يَجري إِذا ما سِرتَ عَنها / لَعَلَّ النيلَ بَعدَكَ لَيسَ يَجري
وَهَل يَعرى ضُحاها أَو دُجاها / مِنَ النُورَينِ مِن شَمسٍ وَبَدرِ
وَما يَدري الجَهولُ بِقَدرِ نَفعي / وَأَدري أَنَّهُ بَعدي سَيَدري
سَأُصبِحُ بَعدَها في خَيرِ دارٍ / وَيُصبِحُ فَوقَها في شَرِّ قَبرِ
وَلَم أَتَأَلَّ لَكِن لي رَجاءٌ / بِهِ أَرجو كَريمَ المُستَقَرِّ
أَتُنكِرُ إِن نَزَلتُ عَلى كَريمٍ / كَرامَتُهُ لِمُستَقرٍ مُقِرِّ
أَإِخواني وَإِخواناً لِجَهري / أَعُدُّكُم وَأَيُّ أَخٍ لِسِرِّ
ما يَعدوكُمُ خَيرٌ بِخَيرٍ / بِهِ تدلونَ نَحوي أَو بِشَرِّ
وَما أَغلَقتُ عَنكُم كَفَّ يُسري / وَلَم أَكشِف إِلَيكُم وَجهَ عُسري
وَما أَخلَيتُكُم مِن ذِكرِ خَيرٍ / فَلِم تُخلونَ مِنّي خَيرَ ذِكرِ
أَيَنصُرُني عَدُوّي في هَواهُم / عَلى حَربي أَباهُ وَهوَ دَهري
مَعاذَ اللَهِ غَيرُكُمُ لِنَصري / وَلَو شِئتُم لَما قُمتُم بِنَصري
نَعَم أَكفاءُ آمالٍ تجيب / إِذا نادَيتُ واحِدَةً بِعَشرِ
لَهُم إِن أَمكَنَت فُرَصٌ وَفاتَت / عَلى الحالَينِ إِقدامي وَصَبري
فَلا تَجلِب عَلَيَّ بِنَقصِ مالي / فَلَم أَجلِب عَلَيكَ بِنَقصِ عُمري
فَلا سُبُلٌ إِلى البُقيا بِشَخصي / وَلا سُبُلٌ إِلى البُقيا بِذِكري
أَراني اليَومَ أَربَحَ مَن تَراهُ / لِأَنّي أَشتَري عُمراً بِوَفرِ
وَما أَخرَجتُ مِن صُندوق مالي / نَقَلتُ بِهِ إِلى صُندوقِ عُمري
فَمَن هالوا عَلَيهِ ثَرىً فَقيراً / فَقَد هالوا عَلَيَّ ثَرايَ مُثرِ
وَكانَ القَبرُ مِنهُ مَحَطَّ جَنبٍ / وَكانَ القَبرُ مِنّي كيسَ تِبرِ
وَكَم حُفَرٍ مُعَطَّلَةٍ كَبِئرٍ / مُعَطَّلَةٍ وَإِن شيدَت كَقَبرِ
أَلا يا لَيتَ لي أُذناً وَعَيناً / إِذا ما لَيلَتي عَقِمَت بِفَجرِ
إِذا ما اِستَبطَئوا مَن نَفَّذوهُ / وَوَصّوهُ عَلى تَعميقِ حَفرِ
وَوَلَّوني الظُهورَ وَأَفرَدوني / بِمَن وَلَّوهُ تَجهيزي وَطُهري
قَليلٌ ما أُزَوِّدُ مِن ثيابي / قَليلٌ ما يُقيمُ بِهِنَّ عِطري
وَساروا بي إِلى سِجنِ اللَيالي / أَسيرٌ لا يُؤَمِّلُ فَكَّ أَسرِ
أَلا يا حامِلي بادِر فَإِنّي / غَريبٌ بَينَهُم في مُستَقَرّي
وَقَد كَذَبَت عُيونٌ ثَمَّ تَبكي / وَقَد كَذَبَت عُيونٌ ثَمَّ تَجري
يُضَيِّقُ صَدرُهُم مِنّي فَسيحاً / وَلَو أَدرَكتُ ذَلِكَ ضاقَ صَدري
دَعو ذاكَ الحَبيبَ لَقىً كَسيراً / تَمامَ نَهارِهِ مُلقىً بِكَسرِ
فَآخِرُ أَمرِهِ أَن يُخرِجوهُ / وَذَلِكَ فيهِ آخِرُ كُلِّ أَمرِ
فَجَرّوني وَلَيسَ بِيَ اِمتِناعٌ / وَلَولا المَوتُ أَعيا حَرفُ جَرِّ
وَخاضَ حَزينُهُم في حَوزِ إِرثي / وَجَدَّ وَصولُهُم في قَطعِ إِثري
فَإِن يَكُ في المُقامِ هُناكَ دينٌ / فَإِنَّ الهَمَّ يَقبَلُ فيهِ عُذري
وَقُل لِمُوَدِّعِيَّ تَحَمَّلوا بي / فَلا يَصعُب عَلَيكُم صَعبُ أَمري
مُقامي ساعَةً إِن أَضجَرَتكُم / فَإِنَّ وَراءَها تَفريقَ دَهرِ
سَأَخرُجُ مِن صَديقي مِن عِيانٍ / وَمِن سَمعٍ وَمِن نُطقٍ وَفِكرِ
وَيوحِشُ ناظِري مِن مَوتِ شَخصي / وَيوحِشُ مسمَعي مِن مَوتِ ذِكري
سَقاني القَطرُ إِنّي صِرتُ قَفراً / بِلا روحٍ وَمَهجوراً بِقَفرِ
فَلَو جَلَبوا بِجَبري كَسرَ عَظمٍ / لَما طالَبتُهُم فيهِ بِجَبرِ
وَصارَ الوَفرُ وَفرَهُمُ هَنيئاً / وَكانَ الوَفرُ لَما كُنتُ وَفري
أَلا يا رَبِّ بارِك في غِناهُم / وَلا تَجعَلهُ مُقتَضِياً لِفَقري
وَلا تُكثِر فَإِنَّ القَطرَ يَعفو / وَلا تُضعِف فَإِنَّ الريحَ يُذري
وَلا تُروِ السَماءُ القُطرَ عَنّي / فَما بَخِلَت سَماءُ يَدي بِقَطرِ
مُقيماً تَحتَ لَيلٍ لَيسَ يَسري / بِهِ النَجمُ الَّذي في المَيلِ يَسري
يَهابُ الطَيفُ مَسراهُ إِلَيهِ / وَيَعثُرُ بَينَ صُفّاحٍ وَصَخرِ
فَإِن فَرِحوا لِتَركِهِمُ بِخَيرٍ / فَوا حَزَني لِتَركِهِمُ بِشَرِّ
فَقامَ بِهِم لِأُسرَتِهِ المُعَزّي / وَقامَ لَهُ بِغَسلَتِهِ المُعَرّي
أَسُكّانَ القُصورِ لَئِن قُطِعتُم / فَقَد قُطِّعتُ مِن سُكّانِ قَصري
وَما يَبقى لِمَيتٍ عِندَ حَيٍّ / سِوى تَسليمَةٍ وُصِلَت بِهَجرِ
يَمُرُّ عَلَيهِ بِالذِكرى قَليلاً / وَيُضجِرُ فِكرَهُ فَيَقولُ مُرّي
أَلا مُرّوا إِلى الذِكرى فَإِنّي / وَإِن خَفَّ التَرابُ غَريقُ بَحرِ
وَلَو عَينُ الشَفيقِ بَدَت لِوَجهي / لَفاضَت أَدمُعاً إِذ غاضَ بِشري
وَكَم طَمِعَ الفَتى في غَيرِ كُنهٍ / وَعُرَّ لِصَحبِهِ مِن غَيرِ عُرِّ
أَيَشكو العَيشُ مِن قَومٍ عُقوقاً / وَيَرجو المَوتَ مِنهُم فَضلَ بِرِّ
فَلَيتَهُمُ إِذا ما مَرَّ ذِكري / عَفَوا عَنّي فَبَعضُ القَومِ مُرّي
وَقولوا ما أَرَدتُم أَن تَقولوا / فَلَيسَ القَولُ مِن اَمني وَذُعري
خُذو حَذَراً مِنَ الأَيّامِ إِنّي / أَخَذتُ وَما أَفادَ الأَخذُ حِذري
وَإِن يَتَوَرَّعوا عَن نَحتِ ذِكري / فَتَحتَ الجَنبِ مِنّي أَيُّ وَعرِ
ثِقوا بِإِجابَتي يا أَهلَ وُدّي / يَكونُ السَمعُ ذا وَقرٍ بِوَقرِ
وَأَنَّ اللَهَ يَسمَعُكُم جَميعاً / وَأَنَّ الكاتِبينَ عَلَيَّ تَجري
فَإِن قُلتُم مِنَ الأَقوالِ حُرّاً / فَقَد يُثنى عَلى حُرٍّ بِحُرِّ
وَإِنَّ عَقائِلَ الأَعراضِ تُمسي / إِذا سَكَنَت ثَراها تَحتَ خِدرِ
وَقَذفُ المُحصَناتِ كَما عَلِمتُم / وَيَومُ الحَشرِ لَيسَ بِيَومِ هَذرِ
فَلا تَحشُر بِقَبرِكَ غَيرَ ما قَد / يَسُرُّكَ أَن تَراهُ يَومَ حَشرِ
إِلَهي لا تُعَذِبني فَإِنّي / مُقِرٌّ وَالتَجاوُزُ عَن مُقِرِّ
أَقِل يَومَ الصِراطِ عِثارَ خَطوي / فَإِنّي مُثقَلٌ مِن حَملِ وِزري
بِخِفَّةِ مَنطِقي في الذِكرِ خَفِّف / إِذا الداعي دَعاني ثِقلَ ظَهري
أَبا قُرب النَعِيِّ مِنَ البَشيرِ
أَبا قُرب النَعِيِّ مِنَ البَشيرِ / وَيا لَيلَ المُصيبَةِ مِن سَميري
وَيا سَيفاً حَمائِلُهُ المَعالي / وَما خِلتُ الغُمودَ مِنَ القُبورِ
وَيا ذِكراً وَيا ذَكَراً تَوَلّى / مُقيماً لِلإِناثِ وَلِلذُكورِ
وَيَأَهلَ العُلا بَكّوا هِلالاً / لَيالي التِمِّ عُدَّ مِنَ الشُهورِ
بِنَفسِيَ أَنتَ مِن نَفسٍ تَوَلَّت / وَسِرُّ عُلاً أُقِلُّ عَلى سَريرِ
وَأَخذُكَ مِن رِجالٍ كَالمَنايا / وَأَخذُكَ مِن قُلوبٍ كَالصُخورِ
وَقَطفُكَ مِن ذُرا شَجَرِ العَوالي / تَسَرَّبَ بَينَها خُلُجُ الذُكورِ
وَرَفعُكِ في حُجورٍ مِن سَماءِ / وَحَطُّكَ مِن سَماءٍ في جُحورِ
وَخَطفُكَ مِن يَدٍ تَهمي وَتَحمي / فَتَختَصِمُ النِصالُ مَعَ النُحورِ
وَشَيَّعتُ السَحابَ بِسُحبِ دَمعٍ / يُشَيِّعُها العَواصِفُ مِن زَفيري
فَمِن صَبرٍ تَداعى لِلتَداعي / وَمِن حُزنٍ تَداعى بِالنَفيرِ
وَغَضُّكَ أَيَّ عَينٍ لَم تُجِلها / فَتَعرِفَ في العِدا عَينَ الظُهورِ
كَبيرٌ ما جَناهُ الدَهرُ فيهِ / فَلِم صَغَّرتَ ثَكلِيَ في الصَغيرِ
فَيا لَلَهِ مِن هَمٍّ طَويلاٍ / وَيا لِلناسِ مِن جَفنٍ قَصيرِ
وَيا ثُكلَ الجُفونِ جَفا كَراها / وَيا هَمَّ القُلوبِ مِنَ السُرورِ
بَني أَيّوبَ قَد أَذوَت وَأَدوَت / أُذاةُ صُدورِكُم ذاتَ الصَدورِ
فَيا عَجَباً لِدَفنِ النورِ لَيلاً / وَجُنحُ اللَيلِ يَجلو كُلَّ نورِ
بَرَزنا بِالأَميرِ إِلى فَلاةٍ / يَبيتُ طَليقُها عَينَ الأَسيرِ
وَوَدَّعناهُ قَلباً في ضُلوعٍ / وَأَودَعناهُ سِرّاً في ضَميرِ
وَسَلَّمناهُ دُرَّةَ أَيِّ بَحرٍ / سَنَلقاهُ قَرينَ نُحورِ حورِ
رَدَدناهُ مُعاراً وَاِحتِسَبنا / فَلَم نَسخَط عَلى قَدَرِ المُعيرِ
وَجَدَّدنا لِلُطفِ اللَهِ حَمداً / لِإِمتِناعِ العُلا بِالمُستَعيرِ
خَفَضنا أَرفَعَ الأَصواتِ فيهِ / عَلى رَفعِ الغَليلِ المُستَطيرِ
فَأَطلَعنا دُموعاً مِن جُفونٍ / كَما اِبتَسَمَت شِفاهٌ عَن ثُغورِ
وَأَدَّبَنا تَجَلُّدُ ثاكِليهِ / وَإِن نادى المَدامِعَ بِالنَفيرِ
وَيُعدِمُنا العُيونَ وَلَيتَ أَنّا / حُجِبنا في الظُهورِ عَنِ الظُهورِ
سَيُعدَمُ ذا النَسيمُ فَيا غَليلي / تَزَوَّد قَبلَ يُحجَبُ بِالقُبورِ
وَعَتبي لِلزَمانِ بِغَيرِ ذَنبٍ / كَما عُتِبَ الصَباحُ مِنَ البَصيرِ
فَلَو نَطَقَ الزَمانُ لَقالَ فينا / كَم أَرسَلَنا إِلَيهِم مِن نُذيرِ
بَسَطتُ لِعاشِقي الأَتراكِ عُذراً
بَسَطتُ لِعاشِقي الأَتراكِ عُذراً / فَلَستُ لَهُم عَذولاً بَل عَذيرا
وَيُدمي البَطنَ إِن أَضحى صَغيراً / وَيَحمي الظَهرَ إِن أَمسى كَبيرا
وَيَبذُلُ يَومَ تَلبَسُهُ حَديداً / وَيَمنَعُ يَومَ تَلبَسُهُ حَريرا
وَيُسمِعُهُ إِذا دَخَلا بُغماً / وَيُسمِعُهُ إِذا خَرَجا زَئيرا
يُرَبّيهِ عَلى الغَرَضَينِ فَاِفهَم / فَإِنّي لا أُكاشِفُكَ الضَميرا
فَإِن يَنشَط يُنَك طِفلاً غَريراً / وَإِن يَعجِز يَنِك شَيخاً كَبيرا
تَقَشَّفَ حينَ ناكَهُم ظِباءً / وَوَقتَ فُسوقِهِ ناكَ الحَميرا
وَأَقبَلَ ظالِمٌ لا بَل ظَلامٌ / يَلومُ البَدرَ أَن عَشِقَ البُدورا
وَقُلتُ فَكُنتُ عَنهُ لَهُ وَكيلا / مَلِيّاً بِالَّذي يُملي خَبيرا
يَلوطُ بِهِ صَغيراً ثُمَّ يَجفو / إِذا ما الدَهرُ أَلبَسَهُ القَتيرا
فَذَر كُلَّ البِغا شَيخاً كَبيرا / فَتَلقى عِندَهُ فَرَجاً كَبيرا
وَقالوا قُصَّها عَن رَأيِ عَينٍ
وَقالوا قُصَّها عَن رَأيِ عَينٍ / فَقُلتُ فَإِنَّها في عَينِ فِكري
أَرى شَيبي مُعاراً فيهِ بَعضي / لِبَعضٍ إِنَّ ذاكَ لِنَشرِ سِرِّ
فَلا تُنكِر لَهُ تَعبيسَ وَجهي / فَقَد أَعطى تَبَسُّمَهُ لِشَعري

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025