المجموع : 3
نَهاري كُلُّه قلقٌ وفكرُ
نَهاري كُلُّه قلقٌ وفكرُ / وليلى كلُّه أرقُ وذكرُ
يُقسنِّي الهوَى كمداً وحُزناً / فأمرُهما لِحَتفي مُستَمرُّ
فقُم نَخطُب عَروساً بنتَ كرمٍ / لها الأموالُ والألبابُ مَهرُ
عَجوزٌ قد أسنَّت وهيَ بِكرٌ / ومن عَجبٍ عجوزٌ وهي بكرُ
مفرحةٌ يَفِرُّ الهَمُّ منها / فليسَ يضمُّها والهَمَّ صدرٌ
إذا برزَت وجُنحُ اللَّيلِ داجٍ / تبلَّجَ من سَناها فيهِ فَجرُ
غَنيتُ بِكأسِها وبِها ولِم لا / ومن هذينِ لي وَرِقٌ وَتبرُ
يطُوفُ بها علَينا بدرُ تِمِّ / مُنيرٌ عُمرهُ خَمسُ وعَشرُ
يَجولُ على مُتونِ الخَصرِ منه / نِطاقٌ مالهُ منه مَقرُّ
لنا بكُؤسِه وَبمُقلتيهِ / كما حكمَ الهَوى سَكرٌ وشُكر
نَردُّ بهِا إِليهِ وهيَ بِيضٌ / ويأخذُها إِلينا وهيَ حُمرُ
إِذا وافي بِها يهتُّز عطفاً / فغُصنُ نقاً وشَمسُ ضحىً وبَدرُ
لهُ مِثلُ الطَّلا خَدٌّ وَريقٌ / ومِثلُ حَبابِها لفظٌ وثَغرُ
متَى ما رُمتُ مِن عِطفيهِ ضماً / نَهاني عنهُ مِن جَفنيهِ كَسرُ
ومِن بِدعِ الهوَى والحُبِّ أنيِّ / إليهِ مِن لواحِظهِ أفِرُّ
يُريني في التَّنائي والتَّداني / سَريعاً ما يَسوءُ وما يَسُرُّ
وينهَرُ سائلاً مِن دمعِ عَيني / ويجري منهُ في خَدَّي نَهرُ
كَلفتُ به أَغنَّ الطَّرفِ أجوَى / له قدٌّ كغُصنِ البانِ نَضرُ
فَليسَ كمثلِه رشأٌ غريرٌ / ولا كمحمَّد مَلِكٌ أَغَرُّ
أَظُنُّ البدرَ لمَّا لُحتَ حَارا
أَظُنُّ البدرَ لمَّا لُحتَ حَارا / وَغصُنَ البانِ لَمَّا مِلتَ غارا
وأَنَّ الظبَّي منكَ غَضيضُ طَرفٍ / فَتِلكَ ثلاثُةُ أضحَوا حَيارى
فَصُن وجهاً فتَنَتَ به قُلوباً / أَجنَّت منكَ شَوقاً وادِّكار
فلا تمنع ذوي فقرٍ زكاةً / فإنَّ زكاةَ حُسنكِ أن يعارا
ألم تجمع من الأضدادِ حُسناً / بديعاً قد كفاكَ الاقتدارا
جَبيناً قد حَوى صبُحاً وليلاً / وخداً قد حوَى ماءً ونارا
وأجفاناص مريضاتٍ مراضاً / تَرى في ضِمنِ صِحتَّها انكسارا
ولما أَن رآكَ البدرُ شَمساً / كشفتَ جمالهُ كشفَ السِّرارا
فإنَّ الحُسنَ فيكَ غَدا مِثالاً / بلا شَكِّ تَصوَّر واستَدارا
فأنتَ الرُّوحُ لم تُدرك عُقولٌ / حَقيقتَها وفيها العَقلُ حارا
أُديرُ الطَّرفَ كي أَلقى حَبيبي
أُديرُ الطَّرفَ كي أَلقى حَبيبي / لِيَشمَلَني بِرُؤياهُ السُّرورُ
وذَاكَ ضَلاَلةٌ منيِّ وإِلاَّ / مَتَى رُؤِيت على الأَرضِ البُدورُ