القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابن الخَيّاط الكل
المجموع : 5
عَتَادُكَ أَنْ تَشُنَّ بِها مُغَارا
عَتَادُكَ أَنْ تَشُنَّ بِها مُغَارا / فَقُدْها شُزَّباً قُبّاً تَبَارى
كَأَنَّ أَهِلَّةً قَذَفَتْ نُجُوماً / إِذا قَدَحَتْ سَنابِكُها شَرارا
وَهَلْ مَنْ ضَمَّرَ الْجُرْدَ المَذَاكي / كَمَنْ جَعَلَ الطِّرادَ لَها ضِمارا
كَأَنَّ اللَّيْلَ مَوْتُورٌ حَرِيبٌ / يحاوِلُ عِنْدَ ضَوْءِ الصُّبْحِ ثَارا
فَلَيْسَ يَحِيدُ عَنْها مُسْتَجِيشا / عَلَى الإِصْباحِ عِثْيَرَها الْمُثارا
أَخَذْنَ بِثَأْرِهِ عَنَقاً وَرَكْضاً / مَدَدْنَ عَلَى الصَّبَاحِ بِهِ إِزارا
وَقَدْ هَبَّتْ سُيُوفُكَ لامِعَاتٍ / تُفَرِّقُ في دُجُنَّتِهِ نَهارا
أَمَا وَالسَّابِقاتِ لَقَدْ أَبَاحَتْ / لَكَ الشَّرَفَ الْمُمَنَّعَ وَالْفَخَارا
فَزُرْ حَلَباً بِكُلِّ أَقَبَّ نَهْدٍ / فَقَدْ تُدْنِي لَكَ الْخَيْلُ الْمَزَار
وَكَلِّفْ رَدَّها إِنْ شِئْتَ قَسْراً / عَزائِمَ تَسْتَرِدُّ الْمُسْتَعارا
فَأَجْدِرْ بِالْممَالِكِ أَنْ تَراها / لِمَنْ كانَتْ مَمَالِكَهُ مِرارا
وَإِنْ وَلَدَتْ لَكَ الآمالُ حَظَّاً / فَما زالَتْ مَواعِدُها عِشَارا
إِذا عَايَنْتَ مِنْ عُودٍ دُخاناً / فَأَوْشِكْ أَنْ تُعايِنَ مِنْهُ نارا
وَيَأْبى اللهُ إِنْ أَبَتِ الأَعادي / لِنَاصِرِ دينِهِ إِلاَّ انْتِصارا
وَمَا كَبُرَتْ عَلَيْكَ أُمُورُ مَجْدٍ / إِذا أَصْدَقْتَها الْهِمَمَ الْكِبارا
وَمَا هِمَمُ الْفَتى إِلاَّ غُصُونٌ / تَكُونُ لَها مَطالِبُهُ ثِمارا
أَلَسْتَ ابْنَ الَّذي هَطَلَتْ يَداهُ / نَدىً سَرَفاً لِمَنْ نَطَقَ اخْتِصارا
وَأَعْطى الأَلْفَ لَمْ تُعْقَرْ بِنَقْصٍ / وَما غُنِّي وَلا شَرِبَ الْعُقارا
وَأَشْبَعَ جُودُهُ غَرْثى الأَمَانِي / وَرَوَّى بَأُسُهُ الأَسَلَ الْحِرارا
وَقَادَ إِلى الأَعَادِي كُلَّ جَيْشٍ / تَقُودُ إِلَيْهِ رَهْبَتُهُ الدِّيارا
وَلَوْ قُلْتُ ابْنُ مَحْمُودٍ كَفَتْنِي / صِفَاتُ عُلاَكَ فَضْلاً وَاشْتِهار
وَهَلْ يَخْفَى عَلَى السَّارِينَ نَهْجٌ / إِذا ما الْبَدْرُ في الأُفُقِ اسْتَنارا
مِنَ الْقَوْمِ الأُولى جَادُوا سِرارا / وَعَادَوْا كُلَّ مَنْ عَادَوْا جِهارا
وَمَا كَتَمُوا النَّدى إِلاَّ لِيَخْفَى / وَيَأْبى الْغيْثُ أَنْ يَخْفى انْهِمارا
بُدُورُ الأَرْضِ ضَاحِيَةً عَلَيْها / وَأَطْيَبُ مَنْ ثَوى فِيها نُجِارا
إِذا ما زُلْزِلتْ كانوا جِبالاً / وَإِنْ هِيَ أَمْحَلَتْ كانوا بِحارا
وَأَنْتَ أَشَدُّهُمْ بَأْساً وَأَنْدَا / هُمُ كَفّاً وَأَكْثَرُهُمْ فَخارا
وَأَوْفَاهُمْ إِذا عَقَدُوا ذِماماً / وَأَحْمَاهُمْ إِذا حَامَوْا ذِمارا
وَأَمْرَعُهُمْ لِمُرْتَادٍ جَنَاباً / وَأَمْنعُهُمْ لِمَطْلُوبٍ جِوَارا
لَقَدْ لَبِسَتْ بِكَ الدُّنْيَا جَمالاً / فَلَوْ كَانَتْ يَداً كنْتَ السِّوَارا
يُضِيءُ جَبِينُكَ الْوَضَّاحُ فيها / إِذا ما الرَّكْبُ في الظُّلْمآءِ حَارا
فَما يدْرِي أَنَارُ قِراكَ لاَحَتْ / لَهُ أَمْ بَرْقٌ غَيْثِكَ قَدْ أَنَارا
تَمَلَّ أَبا الْقِوامِ شَرِيفَ حَمْدٍ / رَفَعْتُ بِهِ عَلَى الدُّنْيا مَنارا
ثَناءُ ما حَدَاهُ الْفِكْرُ إِلاَّ / أَقَامَ بِكُلِّ مَنْزِلَةٍ وَسَارا
إِذا أُثْنِي بِحَمْدِكَ قَالَ قَوْمٌ / بِحَقِّ الرَّوْضِ أَنْ حَمِدَ الْقُطارا
غَفَرْتُ ذُنُوبَ هذا الدَّهْرِ لَمّا / أَصارَ إِلَيَّ رُؤْيَتَكَ اعْتِذَارا
وَرَدَّ لِيَ الصِّبا بِنَداكَ حَتّى / خَلَعْتُ لَدَيْهِ في اللَّهْوِ الْعِذارا
سَأَشْكُرُ ما مَنَنْتَ بِهِ وَمِثْلِي
سَأَشْكُرُ ما مَنَنْتَ بِهِ وَمِثْلِي / لأَهْلِ الْمَنِّ فَلْيَكُنِ الشَّكُورُ
وَأَحْمَدُ حُسْنَ رَأْيِكَ فِيِّ حَمْداً / يَدُومُ إِذا تَطاوَحَتِ الدُّهُورُ
وَإِنْ تَكُ مُسْتَقِلاً ما أَتَانِي / فَمِثْلُكَ يُسْتَقَلُّ لَهُ الْكَثِيرُ
وَأَذْكى ما يَكُونُ الرَّوْضُ نَشْراً / إِذا ما صَابَهُ الْقَطْرُ الْيَسِيرُ
وَلا وَأَبِي الْعُلَى ما قَلَّ نَيْلٌ / بِنَيْلِ أَقَلِّهِ غَنِيَ الْفَقِيرُ
وَلا فُوْقَ الْغِنى جُودٌ فَحَسْبِي / كَفى بِالْمَحْلِ عارِضُكَ الْمَطِيرُ
وَلا عِنْدِي مَكانٌ لِلْعَطايا / فَقُلْ لِلسَّيْلِ قَدْ طَفَحَ الْغَدِيرُ
فِداؤُكَ مَعْشَرٌ سُئِلُوا فَأَجْدَوْا / فَإِنَّكَ غَيْرَ مَسْئُولٍ تَمِيرُ
فَكَيْفَ بِأُمَّةٍ لُؤُمُوا وَذَلُّوا / فَلا خَلْقٌ يَجُودُ وَلا يُجِيرُ
رَأَيْتُكَ حاضِراً فِي حالِ غَيْبٍ / وَبَعْضُ الْقَوْمِ كالْغَيَبِ الْحُضُورُ
لَقَدْ سُدَّتْ مَوارِدُ كُلِّ خَيْرٍ / وَساحَ بِكَفِّكَ الْكَرَمُ الْغَزِيرُ
عَلَى رُغْمِ الزَّمانِ أَجَرْتَ مِنْهُ / وَقَدْ قَلَّ الْمُمانِعُ وَالْمُجِيرُ
تَخَطّى النّائِباتِ إِلَيَّ جُودٌ / كَما فاجاكَ فِي الظَّلْماءِ نُورُ
تَخِذْتَ بِهِ يَداً عِنْدَ الْقَوافِي / يَقُومُ بِشُكْرِها الْفِكْرُ الْمُنِيرُ
وَأَيْنَ الشُّكْرُ مِمّا خَوَّلَتْهُ / جَهِلْتُ وَرُبَّما جَهِلَ الْخَبِيرُ
سَماحٌ رَدَّ رُوحاً فِي الأَمانِي / وَمَعْرُوفٌ بِهِ جُبِرَ الْكَسِيرُ
وَشِعْرٌ لَوْ يَكُونُ الشِّعْرُ غَيْثاً / لَباتَ وَنَوْؤُهُ الشِّعْرِى الْعَبُورُ
مَعانٍ تَحْتَ أَلْفاظٍ حِسانٍ / كَما اجْتمَعَ الْقَلائِدُ وَالنُّحُورُ
يُخَيَّلُ لِي لِعَجْزِي عَنْهُ أَنِّي / بِما أَوْلَيْتَ مِنْ حَسَنٍ كَفُورُ
وَتَعْذِلُنِي الْقَوافِي فِيكَ طُوْراً / وَطَوْراً فِيكَ لي مِنْها عَذِيرُ
وَأَعْلَمُ أَنَّ طَوْلَكَ لا يُجازى / وَهَلْ تُجْزى عَلَى الدُّرِّ الْبُحُورُ
وَتَسْمُو هِمَّتِي فَإِخالُ أَنِّي / عَلَى ما لَسْتُ واجِدَهُ قَدِيرُ
أُعَلَّلُها بِمَدْحِكَ كُلِّ يَوْمٍ / وَما تَعْلِيلُها إِلاّ غُرُورُ
أَمِثْلُكَ مُنْعِماً يُجْزى بِشُكْرٍ / لَقَدْ أَلْقَتْ مَقالِدَها الأُمُورُ
وَما الْعَنْقاءُ بِالْمَكْذُوبِ عَنْها / حَدِيثٌ بَعْدَ ما زَعَمَ الضَّمِيرُ
وَلا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بَعْدَ ذا فِي / أَمانٍ أَنْ يَكُونَ لَهُ نَظِيرُ
أَغَرُّ مُهَذَّبٌ حَسَباً وَفِعْلاً / يَخِفُّ لِذِكْرِهِ الأَمَلُ الْوَقُورُ
بَني لِبَنِي أَبِي الْعَيشِ الْمَعالِي / فَتىً يَحْلُو بِهِ الْعَيْشُ الْمَرِيرُ
أُناسٌ لا يَزالُ لِمُجْتَدِيهِمْ / عَلَيْهِمْ مِنْ مَكارِمِهِمْ ظَهِيرُ
هُمُ انْتُجِبُوا مِنَ الْحَسَبِ الْمُزَكّى / كَما قُدَّتْ مِنَ الأَدَمِ السُّيُورُ
وَهُمْ فَكُّوا مِنَ الإِخْفاقِ ظَنِّي / بِطَوْلِهِمُ كَما فُكَّ الأَسِيرُ
وَقامَ بِنَصْرِ آَمالِي نَداهُمْ / أَلا إِنَّ النَّدى نِعْمَ النَّصِيرُ
فَإِنْ لَمْ أَحْبُهُمْ وُدِّي وَحَمْدِي / فَلا طَرَدَ الْهُمُومَ بيَ السُّرُورُ
وَقُلْتُ شَبِيهُ جُودِهِمُ الْغَوادِي / إِذا هَطَلَتْ وَمِثْلُهُمُ الْبُدُورُ
أَظُنُّ الدَّهْرَ جاءَكَ مُستَثِيراً
أَظُنُّ الدَّهْرَ جاءَكَ مُستَثِيراً / فَقَدْ أَحْقَدْتَهُ كَرَماً وَخِيرا
تَبِيتُ عَلى نَوائِبه مُعِيناً / وَتُضْحِي مِنْ حَوادِثِهِ مُجِيرا
وَتَصْرِفُ صَرْفَهُ عَنْ كُلِّ حُرٍّ / وَتَمْنَعُ خَطْبَهُ مِنْ أَنْ يَجُورا
فَكَمْ أَنْقَذْتَ مِنْ تَلَفٍ أَخِيذاً / وَكَمْ أَطْلَقْتَ مِنْ عُدْمٍ أَسِيرا
فَلا عَجَبٌ وَإِنْ وافى بِأَوفى الْ / فَوادِحِ أَنْ يَسُوءَ وَأَنْ يَسُورا
وَهَلْ قَصَدَ الزَّمانُ سِوى كَرِيمٍ / حَماهُ أَنْ يَضِيمَ وَأَنْ يَضِيرا
وَما زالَتْ صُرُوفُ الدَّهْرِ تَحْدُو / إِلى الأَخْيارِ شَراً مُسْتَطِيرا
تُسِيءُ إِلى ذَوِي الْحُسْنى وَتَحْبُو / مُقَيِلَ عِثارِها الْجَدَّ الْعَثُورا
وَلَوْ راعى ذَوِي الأَخْطارِ دَهْرٌ / رَعى ذا الْمَجْدَ وَالشَّرَفَ الْخَطِيرا
وَلَو دُفِعَ الْحِمامُ بِعِزِّ قَوْمٍ / لَكُنْتَ أَعَزَّ ذِي عِنٍّ نَصِيراً
هُوَ الْقَدَرُ الَّذِي لَمْ تَلْقَ خَلْقاً / عَلَى دَفْعٍ لَهُ أَبَداً قَدِيرا
سَواءٌ مَنْ يَقُودُ إِلَيْهِ جَيْشاً / وَمَنْ يَحْدُو مِنَ الأَقْوامِ عِيرا
وَما ينَفْكُّ هذا الدَّهْرُ حَتّى / يَصِيرَ إِلى الْفَناءِ بِنا الْمَصِيرا
فيا لِيَ مِنْهُ صَوّالاً فَتُوكاً / وَيا لِيَ مِنْهُ خَلاّباً سَحُورا
كَذلِكَ شِيمَةُ الأَيّامِ فِينا / تَسُوءُ حَقِيقَةً وَتَسُرُّ زُورا
وَكَمْ سُكّانِ دُنْياً لَوْ أَفاقُوا / لَما سَكَنَتْ قُلُوبُهُمُ الصُّدُورا
أَهَبَّ عَلَيْهِمُ الْحَدَثانُ رِيحاً / بِكُلِّ عَجاجَةٍ تُغْري مُثِيرا
تَحَدّاهُمْ كَأَنًَّ عَلَيْهِ فِيهِمْ / يَمِيناً أَوْ قَضى بِهمُ النُّذُورا
فَيا عَيْشا مُنِحْناهُ خِداعاً / وَيا دُنْيا صَحِبْناها غُرُورا
وَيا دَهْراً أَهابَ بِنا رَداهُ / لِيُتْبِعَ أَوَّلاً مِنّا أَخِيرا
أَما تَنْصَدُّ وَيْحَكَ عَنْ فَعالٍ / ذَمِيمٍ لا تَرى فِيهِ عَذِيرا
سَمَوتَ إلى سَماءِ الْفَخْرِ حَتّى / تَناوَلْتَ الْهِلالَ الْمُسْتَنِيرا
وَطُفْتَ بِدَوْحَةِ الْعَلْياءِ حَتّى / خَلَسْتَ بِكَيْدِكَ الْغُصْنَ النَّضِيرا
كأَنَّ أَبا الْغَنائِمِ كانَ مِمَّنْ / تَعُدُّ وَفاتَهُ غُنْماً كَبِيرا
كَأَنَّكَ كُنْتَ تَطْلُبُهُ بِثَأْرٍ / غَشُومٍ لا تَرى عَنْهُ قُصُورا
خَطَوْتَ الْعالَمِينَ إِلَيْهِ قَصْداً / كَأَنَّكَ قَدْ سَأَلْتَ بِهِ خَبِيرا
إِلى أَنْ أَغْمَدَتْ كَفّاكَ مِنْهُ / حُساماً زانَ حامِلَهُ شَهِيرا
مُصابٌ لَوْ تَحَمَّلَهُ ثَبِيرٌ / دَعا وَيْلاً وَأَتْبَعَها ثُبُورا
يُذَكِّرُنِي سَدِيدَ الْمُلْكِ وَجْداً / وَكُنْتُ لِمِثْلِهِ أَبَداً ذَكُورا
فَما أَطْفَأْتَ مِنْ نارٍ لَهِيباً / إِلى أَنْ عُدْتَ تُذْكِيها سَعِيرا
وَما طالَ الْمَدى فَيَسُوعَ عُذْرٌ / بِأَنْ يَكْبُوا الْجَوادُ وَاَنْ يَخُورا
قَصَرْتَ مَداهُ حَتّى كادَ يَوْماً / بِهِ أَنْ يَسْبِقُ النّاعِي الْبَشِيرا
وَلَمْ يَكْسُ الْفَتى كَمَداً طَوِيلاً / كَمَفْقُودٍ نَضى عُمْراً قَصِيرا
وَلَمْ أَجِدِ الْكَبِيرَ الرُّزْءِ إِلاّ / سَلِيلَ عُلاً فُجِعْتَ بِهِ صَغِيراً
عَلَى أَنَّ الْكِرامَ تَعُدُّ لَيْثاً / هَصُوراً مِنْهُمُ الرَّشَأَ الْغَرِيرا
تَرى أَيّامَهُمْ أَعْوامَ قَوْمٍ / وَساعاتِ الْفَتى مِنْهُمْ شُهُورا
فَلا يَبْعُدْ حِبِيبٌ بانَ عَنّا / وَإِنْ كانَ الْبعادُ بِهِ جَدِيرا
وَكَيْفَ دُنُوُّ مَنْ طَوَتِ اللَّيالِي / كَما تَطْوِي عَلَى الظَّنِّ الضَّمِيرا
فَيا رامِيهِ عَنْ قَوْسِ الْمَنايا / أَصَبْتَ بِواحِدٍ عَدَداً كَثِيرا
ويا راجيه يجعله ظهيراً / نبا لك حادث قطع الظهورا
ويا حاثِي التُّرابِ عَلَيْهِ مَهْلاً / كَسَفْتَ بَهاءَهُ ذاكَ الْبَهِيرا
فَلَو أَنِّي اسْتَطَعْتُ حَمَلْتُ عَنْهُ / ثَقِيلَ التُّرْبِ وَالْخَطْبَ الْكَبِيرا
أَصُونُ جَمالَهُ وَأُجِلُّ مِنْهُ / جَبِينَ الْبَدْرِ أَنْ يُمْسِي عَفِيرا
بِنَفْسِي نازِحٌ بِالغَيْبِ دانٍ / يُجاوِرُ مَعْشَراً غَيَباً حُضُورا
أَقامَ بِحَيْثُ لا يَهْوى مُقاماً / وَلا يَبْغِي إِلى جِهَةٍ مَسِيرا
وَلا هَجْراً يَوَدُّ وَلا وِصالاً / وَلا بَرْداً يُحِسُّ وَلا هَجِيرا
أَقُولُ سَقى مَحَلَّتَهُ غَمامٌ / يَمُرُّ بِها مِراراً لا مُرُوراً
وَرَوَّضَ ساحَتَيْهِ كَأَنَّ وَشْياً / يَحُلُّ بِها وَدِيباجاً نَشِيرا
إِذا خَطَرَ النَّسِيمُ عَلَيْهِ أَهْدى / إِلى زُوّارِهِ أَرَجاً عَطِيرا
وَما أَرَبِي لَهُ فِي ماءِ مُزْنٍ / وَقَدْ وَدَّعْتُ مِنْهُ حَياً مَطِيرا
وَلَوْلا عادَةُ السُّقْيا بِغَيْثٍ / إِذاً لَسَقَيْتُهُ الدُّرَّ النَّثِيرا
وَقَلَّ لِقَدْرِهِ مِنِّي وَقَلَّتْ / لَهُ زُهْرُ الْكَواكِبِ أَنْ تَغُورا
أَحِنُّ إِلى الصَّعِيدِ كَأَنَّ فِيهِ / شِفايَ إِذا مَرَرْتُ بِهِ حَسِيرا
وَاسْتافُ الثُّرى مَذْ حَلَّ فِيهِ / وَأَلْصِقُهُ التَّرائِبَ وَالنُّحُورا
وَلَوْلا قَبْرُهُ ما كُنْتُ يَوْماً / لأَلْثِمَهُ وَأَعْتَنِقَ الْقُبُورا
عَلَيْكَ بِأَدْمُعٍ آلَيْنَ أَلاّ / يَغِضْنَ وَلَوْ أَفَضْنَ دَماً غَزِيرا
يَزُرْنَكَ مُسْعِداتٍ مُنْجِداتٍ / رَواحاً بِالتَّفَجُّعِ أَوْ بُكورا
فَأَوْلى مَنْ يُقاسِمُكَ الأَسى فِي / خُطُوبِكَ مَنْ تُقاسِمُهُ السُّرُورا
وَلا تَعْلَقُ بِصَبْرٍ بَعْدَ بَدْرٍ / ذَمَمْنا الصَّبْرَ عَنْهُ والصَّبُورا
وَإِنْ قالُوا اسْتَرَدَّ الدَّهْرُ مِنْهُ / مُعاراً كَيْفَ تَمْنَعُهُ اْلمُعِيرا
فَلِمْ أَعطاكَهُ نَجْماً خَفِياً / وَعادَ لأَخْذِهِ قَمَراً مُنِيرا
أَبا الذَوّادِ ما كَبِدٌ أُذِيبَتْ / بِشافِيَةٍ وَلا قَلْبٌ أطِيرا
فَهلَْ لَكَ أَنْ تُراقِبَ فِيهِ يَوْماً / يُوَفّى الصَابِرونَ بِهِ الأُجُورا
وَلَوْلا أَنْ أَخافَ اللهَ مِنْ أَنْ / يَرانِي بَعْدَ إيمانٍ كَفُورا
لَما عَزَّيْتُ قَلْبَكَ عَنْ حَبِيبٍ / وَكُنْتُ بِأَنْ أُحَرِّقَهُ بَصِيرا
وَلَمْ نَعْهَدْكَ فِي سَرّاءِ حالٍ / وَلا ضَرّائِها إِلاّ شَكُورا
فَصَبْراً لِلْمُلِمِّ وإِنْ أَصَبْنا / جَناحَ الصَّبْرِ مُنْهاضاً كَسِيرا
أَلَمْ تَعْلَمْ وَكانَ أَبُوكَ مِمَّنْ / إِذا خَطَبَ الْعُلى أَغْلى الْمُهُورا
بِأَنَّكُمُ أَطَبُّ بِكُلِّ أَمْرٍ / إِذا ما ضَيَّعَ النّاسُ الأُمُورا
وَأَيُّ الْخَطْبِ يَنْقُصُ مِنْ عُلاكُمْ / وَأَيُّ النَّزْفِ يَنْتَزِحُ الْبُحُورا
وَأَيُّ عَواصِفِ الأَرْواحِ يَوْماً / تَهُبُّ فَتُقْلِقُ الطُّوْدَ الْوَقُورا
وَإِنَّكَ شائِدٌ وَأَخُوكَ مَجْداً / سَيَخْلُدُ ذِكْرُهُ حَسَناً أَثِيرا
إِذا وُقِّيتُما مِنْ كُلِّ خَطْبٍ / فَما نَبْغِي عَلَى زَمَنٍ ظَهِيرا
وَما الْقَمَرانِ إِذْ سَعِدا وَتَمّا / بِأَبْهَرَ مِنْكُما فِي الْفَضْلِ نُورا
أُرانِي لا أَسُومُ الصَّبْرَ قَلْبِي / فَأُدْرِكُهُ يَسِيرا أَوْ عَسِيرا
كَأَنِّي مُبْتَغٍ لَكُما شَبِيهاً / بِهِ أَوْ مُدَّعِ لَكُما نَظِيرا
فَلا أَخْلى الزَّمانُ لَكُمْ مَحَلاّ / وَ لاعَدِمَتْ سَماؤُكُمُ الْبُدُورا
بِنَفْسِي مَنْ تُضِيءُ بِهِ الدَّياجِي
بِنَفْسِي مَنْ تُضِيءُ بِهِ الدَّياجِي / وَيُظْلِمُ حِينَ يَبْتَسِمُ النَّهارُ
وَمَنْ أَمَلِي لِزَوْرَتِهِ غُرُورٌ / وَمَنْ نَوْمِي لِفُرْقَتِهِ غِرارُ
يُكَدَّرُ وَصْلُهُ وَالْوُدُّ صافٍ / وَيَبْعُدُ كُلَّما قَرُبَ الْمَزارُ
وَأَحْلى ما ظَفِرْتَ بهِ وِصالٌ / إِذا هُوَ لَمْ يَشِنْهُ الانْتِظارُ
خِيارٌ حِينَ تَنْسُبُهُ خِيارُ
خِيارٌ حِينَ تَنْسُبُهُ خِيارُ / لرَيْحانِ السُّرُورِ بِهِ اخْضِرارُ
كَأَنَّ نَسِيمَهُ أَنْفاسُ حِبٍّ / فَلَيْسَ لِمُغْرَمٍ عَنْهُ اصْطِبارُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025