المجموع : 6
أَعِدْ نظَراً إلى الزَمنِ النَضيرِ
أَعِدْ نظَراً إلى الزَمنِ النَضيرِ / تَرَ الفَذَّ الوَحيدَ بِلا نَظيرِ
وما أَن لاحَ وَضَّاح المحيَّا / فقل إشراقُ بَدرٍ مُستَنيرِ
وَقَد برَقَت أسرَّتُه سُروراً / كَمثل وَميض برق مُستَطيرِ
كأنَّ نهارَه والليل صِيغَا / مِن الكافورِ والمِسكِ النَثيرِ
وَقد لبِسَ الأصيلُ هناكَ دِرعا / فَكأن علَيهِ رَدعاً في عَبيرِ
وَما متعَ الضُّحى إلا حَبانا / بِأَمتَعَ من مُحادَثة البَشيرِ
فمِنْ رِئي رَبيعيٍّ وَري / كإشراقِ الرياضِ عَلى الغَديرِ
تَبارَكَ مَن كَساه سَنىً وَحُسناً / وبارَكَ في الرواحِ وفي البكورِ
تَبَرّجَ أو تَبَلَّج فاشرَأَبَّتْ / لبَهجَتِهِ القُلوبُ مِن الصّديرِ
وَشَعشَعَ مِن سَنَاه فاستَتَبَّتْ / بَدائِع رُقْن من نَوْر ونُورِ
رأيتُ بِها العَذارَى طالِعاتٍ / شُموسا من سُموتٍ لِلخدورِ
مُضَمّخَةَ الذَوائِبِ بِالغَوالي / مُقَلّدَةَ الترائِب بالبخُورِ
أُعَاطي ذِكْرَها صَحبِي فَتَهفو / مَعاطِفُهم على حُكمِ السُرورِ
وَيَستَشرِي ارتِياحُهُم كأني / أصرّفُ بَينَهُم صَرْفَ الخُمورِ
فبُشرَى ثُم بُشرَى ثُمَّ بُشرَى / مُكرّرَةً عَلى كَرِّ العُصورِ
نطَقْتُ عَنِ المَكارِمِ والمَعالي / بِها وعَنِ المَنابِرِ والقُصورِ
وَعن دُنيا مُهنَّأةٍ ودينٍ / وَعن ذاتِ الصّليلِ وذي الصّريرِ
بِمَيْمُونِ المَطالِعِ والمَساعي / ومَأْمُون الستارِ أَو السُفُورِ
هِلالاً حَلَّ مَنْزِلَة الثريَّا / وَقَبَّل راحَة البَدْرِ المُنيرِ
وَشِبْلاً يَهْصُر الآسادَ بأساً / أَلَمَّ بغَابَة الأَسَد الهَصُورِ
ونَجْداً يَسْتَخِفُّ الشمّ حِلْماً / نَحا رضْوى وَحَطَّ عَلى ثَبيرِ
وَمُزْناً يَسْتَهِلُّ نَدىً وجُوداً / أَتى بَحراً يُطُمُّ عَلَى البُحورِ
أميرُ الدَّهْر يومٌ فيه وافَى / أبو يَحيَى الأمير ابنُ الأميرِ
لدارِ المُلك صَار وسار يُمْناً / فأسْعِدْ بالمَصيرِ وبالمَسيرِ
يؤُمُّ بها إمامَ العَدْلِ يَحْيَى / سرَاجاً كالسّريجِي الشّهيرِ
لِيُوسِعَها التِزاماً والتثاما / كَما ازْدَحم الحَجيجُ عَلى السُتورِ
وأَكرَمُ زائرٍ نجْلٌ أقرَّت / عُلاه عَيْن نَاجِلهِ المَزُورِ
تجلَّى يَمْلأ الدُّنيا جَلالاً / وأَكنافَ السهولَةِ والوُعورِ
فَكَم مِن أَنْفُس لِهُداهُ مِيلٌ / وَكَم مِن أعْينٍ لِسَناهُ صُورِ
وَجاشَتْ مِنْ حَوالَيْهِ جُيوشٌ / تَجُلُّ بِحارُهُنَّ عَن العُبورِ
وَراياتٌ كأَفْئِدَة الأَعادِي / إِذا خَفقت وأَجنحة الطيورِ
تُخَبِّر ألسُنُ العَيِيَاتِ عنْها / بِما يُعْيِي عَلَى اللسِنِ الخَبيرِ
فَإنْ تُصْبِحْ لَها الدُّنيا طُرُوساً / فَقَد صُفَّت عَلَيها كالسطورِ
هُمامٌ صِيغَ مِن كَرَم وَمجدٍ / وأُوتِيَ شيمتي خَيْرٍ وَخِيرِ
تَقَحّم غَمْرة الأخْطارِ لَمّا / سَما هِمَماً إِلى نَيْلِ الخَطيرِ
وأنْكَرُ ما لَديهِ غِرارُ سَيْفٍ / بِلا فَلٍّ ووَفرٌ في وُفورِ
وآنقُ ما يَكُرُّ اللحظَ فيهِ / نَجيعٌ حائِرٌ أثْناءَ مُورِ
يزور الحَرْب مُرْتاحاً إلَيها / ويَألفُ حِجْرَها دُونَ الحُجورِ
بِآيَةِ مَا غَذَتْهُ وأَرْضَعَتهُ / صَغيراً في حِجى الكَهلِ الكَبيرِ
وَسَلَّتْ مِنْه صدْق الضّربِ عَضْباً / مُبيراً كُلّ كَذّابٍ مُبيرِ
وَقوراً والجبالُ تخرُّ مِمَا / يُزَلزلُ جانِبَ الأرْضِ الوَقورِ
كأنَّ علَيهِ نَذْراً أنْ يُوَافي / رَجاها فَهوَ يُوفي بِالنذورِ
يَجُرُّ جُيوشَها حالاً فَحالا / ليَرتَفِعَ انتِصاباً لِلْهَجيرِ
ويختارُ السُّروج على الحَشايا / مِهاداً والحَديد عَلى الحَريرِ
غَدَتْ تهراق أنْصُلُه دِماءً / بِهامَةِ كلّ خَتَّارٍ فَخورِ
وتَقذفُها مُهَنّدَةً ذُكورا / وما قَذْفُ الرِّمَى شِيَمُ الذُّكورِ
وَإنْ فجَرتْ أعادِيه انْتِقاضاً / ولَجَّتْ في العُتوّ وفي النُّفورِ
فَماءُ حديدِهِ لهُمُ طَهُورٌ / يُصَبُّ عَلَيهِمُ بِيَد الطَّهورِ
ألَمْ ترَ كيفَ حاطَ الشّرْقَ رِدءاً / يَرى التّمكينَ مِنْ عَزْمِ الأمورِ
ومَلَّ الغرْبُ غرْبَ ظُباه عَوداً / ثَناهُ إِلى الغُروبِ عَن الغُبورِ
تَولّى الناصِرِيّةَ مِنهُ أَوْلى / وَلِيّ لِلإمارَةِ أوْ نَضيرِ
وَرَدَّ جَلالةً في كُلِّ جُلَّى / عَلى أدراجِها نُوَبَ الدّهورِ
فَكَم جَبرَتْ لُهاهُ من كَسيرٍ / وَكَم فكَّتْ ظُبَاهُ مِن أَسيرِ
وَكَم خَطبتْ على الأسوارِ هامٌ / رَماها الجِدُّ بالجَدِّ العثورِ
تُحَذِّر مِن مُواقَعَةِ المَعاصي / وَتَنْهَى عَن مُتابَعَة الغُرورِ
تَجَهَّمَتِ البَشيرَ فلَمْ يرُعْها / بِمُصْطَلَمَاتِها غَيرُ النّذيرِ
وَإنْ غَرَّ الغُواةَ ذُرى جِبالٍ / يُرَوْنَ بِها نُسوراً في وُكورِ
فَلَيْسُوا في حُصون بَل سُجونٍ / وَلَيْسُوا في قُصور بَلْ قُبورِ
وَسُكّانُ الجَنوبِ وَجانِبَيْها / سَيُسحِتُهُم بِه عَصْفُ الدّبورِ
وَلَوْلا أنّها رَكدتْ رِياحٌ / لباءَتْ مِنهُ باليومِ العَسيرِ
وَزاغَتْ زُغبَةٌ ثُمَّ استَقَامتْ / فقَد عادَتْ بِعَفْوٍ مِنْ قَديرِ
وَشاد نَجاةَ شدَّادٍ خُضوعٌ / وَفي أَعمارِهِم حَتْمُ الدُّثورِ
وزَانَ زَناتَةً أنْ لم يَشُقْها / شِقاقٌ جامِعٌ وِزْراً لزورِ
وبَيْنَ الزاغِبينَ وبَينَ زُغْبٍ / تَحَوَّل عُرْفُها نحْوَ النّكيرِ
ورُبَّ مُسَوَّد لِبَني سُوَيْدٍ / مَقود بِالجَرائرِ فِي جَرِيرِ
وَجبْت مِن بَني الجَبارِ أودَى / عَلَى صُغْرٍ بِلَهْدَمِهِ الطّريرِ
وَضَحَّى بالعُصَاةِ بَنِي تَميم / ضُحى يَوْم عَبُوسٍ قَمْطَريرِ
أَدارَ عَلَيْهِمُ كَأسَ المَنَايا / فَما اسْطاعُوا بِها رَدَّ المُديرِ
تَجَرَّعَها لَهَاهُم وهي صَابٌ / بِمَا رَغِبَتْ عن الشهْدِ المَشُورِ
وَفي سَحقِ ابن إسحاق اعْتِبار / ومَا أفْضَى إِلَيهِ مِن الثبورِ
مَحاهُ وكانَ ذا دَهْي طَويلٍ / بِأبْتَرَ مِنْ صَوارمِهِ قَصيرِ
وَإِنْ هوَ لَمْ يُباشِره ضرَاباً / فخِيفَتُهُ طَوتْه إلى النشورِ
وَكَم غَشِيَ الوَغى ولَه زَئيرٌ / فبُدِّلَ بالزّفيرِ من الزَئيرِ
وَطارَ إِلى غِمار المَوْتِ صَقْراً / فَحُطَّ إِلى البُغاثِ عَن الصُّقورِ
سُيوفُ بَني أَبي حَفْصٍ نَفَتهُ / وَقادَتْهُ إِلى سُوءِ المَصيرِ
وَلَوْلاهَا لَسَعَّرَها حُرُوباً / كَما اضْطَرَمَتْ علَيْهِ لَظَى السَّعيرِ
عُداتك في يدَيك وَإن تَناءَتْ / فَلِمْ تسْتنَّ في طُرُقِ الغُرورِ
إليكَ تَفِرُّ مِنْكَ بِلا ارْتِيابٍ / كَأعجازٍ تُرَدُّ عَلى صُدورِ
وَلِيَّ العَهدِ دَعوةَ مُسْتَجيبٍ / لِدَعْوتِهم وَقَوْلةَ مُسْتَجيرِ
جَرَى بِكُمُ القَريضُ إِلى مَداهُ / وَجَرّرَ ذَيْلَ مُختالٍ فَخورِ
وآلَى الشعرُ لا يَألُو سُمُوّا / بِمَدْحِكُمُ عَلى الشِّعرى العبورِ
وَإِني كُلَّما غَفَلُوا ونَامُوا / أسَامِر في الثّناءِ ابْنَيْ سَميرِ
وَأسْنَى البَذْل من مَوْلَىً جَوادٍ / إصَاخَتُهُ إلى عَبْدٍ شكورِ
تملّ شَباب مُلكِكَ في سُرورٍ / وسرْوُك والعُلى مِلْءُ السّريرِ
وَدُمْ للدّين والدُّنيا أَميراً / وَما غَيْرُ المُهَنَّدِ مِنْ وَزيرِ
إلى الإلْفَيْن مِنْ أهْلٍ وَدار
إلى الإلْفَيْن مِنْ أهْلٍ وَدار / تأوّبني اشْتِياقِي وَادِّكاري
وَحَنّ القَلب أعْشاراً إلَيها / حَنِينَ الوالِهات مِن العشارِ
فبِتُّ كأني تَوْقاً وشَوْقاً / عَلَى مِثْلِ الأسِنَّة والشفارِ
وَما حَشْوُ الضُّلُوعِ سِوى أُوارٍ / وَما نَوْمُ الجُفون سِوى غِرارِ
وكَيْفَ يَقَرّ صَبّ مُسْتهامٌ
وكَيْفَ يَقَرّ صَبّ مُسْتهامٌ / دَنَا بَعْدَ النزوحِ مِنَ القرارِ
ضَميري واجدٌ بهَوى المصَلَّى / كوجد أخي قُشير بالضِّمارِ
لآصالٍ بهِ حسنت وَطَابَت / كَما حدّثْتَ عَنْ نوْر العَرارِ
وما جارَ الغَرامُ عليَّ حتَّى / تأكّد بَيْننا سَبَبُ الجِوارِ
وأبرَحُ ما يكون الشوق يَوْماً / إذا دَنَت الدّيار منَ الدّيارِ
بِعَيْشِكَ عَاطِني أنباءَ دارِ
بِعَيْشِكَ عَاطِني أنباءَ دارِ / بِها أغْنَى عَن القَدحِ المُدارِ
إذَا قَرُبتْ يَهيجُ لها اشتِياقي / وإنْ نزَحتْ يُمَثِّلها ادِّكارِي
وَدَعْ لَوْمي إِذا أبصَرْت ميلي / فَسُكرُ الشّوْق مِن سُكْرِ العُقارِ
فُطِرْتُ عَلى الحَنين إلى المَغاني / فقَلْبي في انصِداعٍ وانْفِطارِ
بَدَتْ أعلامُها فخَفِيتُ سُقماً / كأنيَ بعْضُ أقْمارِ السِّرارِ
ونازَعَني اصطبارِيَ بَرْحُ وَجدي / وأنَّى لِلْمُعنَّى بِاصْطِبارِ
بِنَفْسِي مُثلِجَاتٍ لِلصدُورِ
بِنَفْسِي مُثلِجَاتٍ لِلصدُورِ / لَهَا سِمَتانِ مِنْ نارٍ وَنُورِ
حَوامِلُ وَهْيَ أَبْكَارٌ عَذَارَى / تُزَفُّ عَلَى الأَكُفِّ مَعَ البُكُورِ
بَياضُ الطَّلحِ ما تَنْشَقُّ عَنْهُ / وَفَوْقَ أَدِيمِها صَهَبُ الخُمُورِ
كَبَرْدِ الطَّلِّ حِينَ تُذَاقُ طَعماً / وَفِي أَحْشَائِها وَهَجُ الحَرورِ
لَها حالان بَيْنَ فَمٍ وَكَفٍّ / إِذَا وَافَتكَ رائِقَةَ السُّفُورِ
فَتَغْرُبُ كَالأَهِلَّةِ فِي لَهَاةٍ / وتَطْلعُ في يَمينٍ كالبُدورِ
أَلا اسْمَعْ فِي الأَميرِ مَقَالَ صدْقٍ
أَلا اسْمَعْ فِي الأَميرِ مَقَالَ صدْقٍ / وَخُذْهُ عَنِ امْرِئٍ خدَم الأَمِيرا
مَتَى يَكْتُبْ تَرِدْ وَشَلاً أُجَاجاً / وَإِنْ يَرْكَبْ تَرِدْ عَذْباً نَمِيرا