المجموع : 7
غُرابُ البَينِ أسرَعَ في البُكورِ
غُرابُ البَينِ أسرَعَ في البُكورِ / فطارَ بمُهجةِ الطِّفلِ الصَّغيرِ
أتى يصطادُ يوماً فاجتَناهُ / كفاكهةٍ من الثَّمَر النَّضِيرِ
أذابَ اللهُ قلبَكَ من غُرابٍ / تَناوَلَ حَبَّةَ القلبِ الكسيرِ
وَرَدْتَ اليْومَ تَشرَبُ ماءَ دمعٍ / بهِ استغنيتَ عن ماءِ الغديرِ
عليكَ العهدُ لا تُبقي صغيراً / ولا تعفو عن الشَّيخِ الكبيرِ
بَسطتَ على بني الدُنيا جَناحاً / وآخرَ في السَّماءِ على النُّسورِ
عليكَ سلامُ ربِّكَ يا صغيراً / رَحَلتَ إلى الضَّريحِ من السَّريرِ
غفلنا عنكَ لم نُصحِبْكَ زاداً / فكانَ القلبُ زادَكَ في المسيرِ
عليكَ الحزنُ ليسَ لهُ نظيرٌ / لأنَّكَ لم يكنْ لكَ مِن نظيرِ
أصَبْتَ بعيَشِكَ العامَينِ رُشداً / كأنَّكَ عائشٌ عَدَدَ الشُّهورِ
حَرَصْنا أن تعيشَ لنا سليماً / فكانَ الحِرْصُ من عَبَثِ الأُمورِ
متى يسلوكَ باكٍ كلَّ يومٍ / تَجِدُّ بقلبهِ نارُ السَّعيرِ
ستسلوكَ القلوبُ نَعَمْ ولكنْ / متى صارَتْ تُرَاباً في القُبورِ
أفادَكَ نورُ قلبِكَ حُسْنَ رأيٍ / فما استمسكتَ بالدُّنيا الغَرُورِ
رأيتَ النَّاسَ في سَفَرٍ طوِيلٍ / فقُلْتَ الرأيُ في السَّفَرِ القصيرِ
إذا ذهبَ الكثيرُ من الكثيرِ
إذا ذهبَ الكثيرُ من الكثيرِ / فقد عَزَمَ القليلُ على المَسيرِ
وإن ذهبَ الكبيرُ ولم يُؤَثِرْ / فليسَ نخافُ مِن أثَرِ الصَّغيرِ
إذا سَلِمَتْ من النِّيرانِ نفسٌ / فلا ترتاعُ من حرِّ الهجيرِ
ومَن لم يَفترسِهُ ظُفْرُ لَيْثٍ / فليس يَدُوسهُ خُفُّ البعيرِ
يهونُ على يسيرٍ منكَ صَبْرٌ / لأنَّكَ قد صَبَرتَ على العسيرِ
وهل يرْتاعُ مِن خَوضِ السَّواقي / فتىً قد خاضَ في البحرِ الكبيرِ
عليكَ بطيبِ نَفْسٍ وارتياحٍ / وتسليمٍ إلى المَلِكِ القديرِ
فإنَّ الخوفَ داءٌ فَوْقَ داءٍ / يُذِيبُ إذا تَعلَّقَ بالضميرِ
وفِعْلُ اللهِ يُبطِلُ كُلَّ فِعلٍ / ويَغلِبُ طِبَّ داودَ البصيرِ
حياةُ النَّاسِ في الدُّنيا مَنامٌ / ويَقظتُهم لدَى النَّوْمِ الأخيرِ
وكلُّ العمرِ يومٌ أنتَ فيهِ / فما فَرْقُ الطويلِ عن القصيرِ
وبعضُ الحيِّ فَوْقَ البعضِ حتى / يموتَ فكُلُّ عبدٍ كالأميرِ
وبيتُ العَنْكبوتِ إذا رحلنا / يُعادَلُ بالخَوَرْنَقِ والسَّديرِ
ونفسُ المرءِ في الدُّنيا أسيرٌ / ومَوْتُ الجسمِ إطلاقُ الأسيرِ
فلا أسفٌ على الدُّنيا ولكنْ / على ما بعدَ ذاكَ من المصيرِ
ينامُ المجرِمونَ على قَتَادٍ / ونومُ الصالحينَ على حريرِ
وأندَمُ غافلٍ من صَمَّ سمعاً / قُبيلَ البينِ عن صوتِ النَّذيرِ
وإنَّ النُّصحَ في الحُكَماءِ يجري / كَجْريِ الماءِ في الرَّوضِ النَّضيرِ
وفي أُذُنِ الجَهولِ يضيعُ هَدْراً / كضَوءِ الصُّبحِ في عينِ الضَّريرِ
قضى في خَلقهِ ذو العَرشِ أمرا
قضى في خَلقهِ ذو العَرشِ أمرا / فصبراً أيُّها المحزونُ صَبْرا
لعَمرُ اللهِ إنَّ الصَّبرَ مُرٌُّ / وأكثَرُ ما أفادَ يكونُ مُرَّا
وكلُّ حَلاوةٍ طَعْمٌ شَهيٌّ / وأكثَرُها وَجَدناهُ مُضِرَّا
رماكمْ يا كِرامَ النَّاسِ سهمٌ / أصابَ فتىً سليمَ القلبِ حُرَّا
مَضَى عَجَلاً وخلَّفَ طُولَ حُزنٍ / يدومُ عليهِ في الأحياءِ دَهرا
هو الغصنُ الذي جَنَتِ المنايا / عليهِ بقصفهِ ظُلماً وغَدرا
أبَرُّ مُهذَّبٍ قولاً وفِعلاً / وأفضلُ مُخلِصٍ سرّاً وجهرا
علكيمْ بالتَّأسِّي فهو طِبٌّ / بهِ داءُ الأسَى في القلبِ يَبْرا
أقامَ الدُّودُ ينهشُ قلبَ صخرٍ / وقامت تندُبُ الخنساءُ صَخرا
فأفنَى الدَّهرُ صخراً في بِلاهُ / وراحت أدمُعُ الخنساءِ هَدْرا
لكلِّ هياكلِ الأرواحِ هَدْمٌ / ولو فَسَحتْ لها الأيَّامُ عُمرا
وعَيشُ المرءِ حُلمٌ قد تَقَضَّى / فأعقَبَ حَسْرَةً وأطالَ ذِكرا
وذاكَ طريقُنا نمشي عليهِ / إلى دارٍ وراءَ القبر أُخرَى
لعَمرُكَ إنَّهُ سفَرٌ طويلٌ / تَفانَى قيصرٌ فيهِ وكِسرَى
فطُوبَى للذي يَعتَدُّ زاداً / لهُ حتى يُصيبَ لهُ مَقرَّا
سلامُ اللهِ مِن أعلَى سَماهُ / على صَفحاتِ ذاكَ الرَّمسِ يُقرا
حَوَى بدرَ التَّمامِ وهل سمِعتُمْ / ببدرٍ أنزَلَتْهُ النَّاسُ قَبرا
سَقتْهُ مَراحِمُ الرَّحمن سُحباً / مُؤرَّخةً وغيثُ الجُود قَطْرا
وقُلتُ لها بعَشيكِ ذٌقتِ راحاً
وقُلتُ لها بعَشيكِ ذٌقتِ راحاً / فقد شاهدتُ في جَفنيكِ سُكرا
فولَّتْ وهيَ عابسةٌ وعادَتْ / فقالت لا وعيشِكَ لم أذُقْ را
فقلُتُ ولِمْ حذفتِ الحاءَ قالت / أخافُ العَتْبَ إن أبديتُ عُذرا
فقلتُ وهل لمثلي العَتبُ قالت / أخافُ تَشَمُّ أنفاسي فتَبْرا
غزالةُ مَعشَرٍ فيها نِفارُ
غزالةُ مَعشَرٍ فيها نِفارُ / وما فيهِ على الغِزلانِ عارُ
تُبيحُ دَمَ المُحِبِّ بمُقلتَيْها / فيسلَمُ كاشحٌ ويُصابُ جارُ
لها في مُلتَقَى الحيَّيْنِ دارٌ / ولكن لا تزورُ ولا تُزارُ
مِن العَرَب الكرامِ لها أُصولٌ / ولكنْ لا ذِمامَ و لا جِوارُ
إذا عَقَدَتْ لِواءَ الحربِ يوماً / فحبَّاتُ القلوبِ لها غُبارُ
تُحدِّثُ في ربيعةَ عن كُلَيبٍ / بعزَّتِها فتسَمعُها نِزارُ
إذا عَبِثَ الدَّلالُ بمعطفَيها / تَعرَّضَ دونَ هِزتَّهِ الوَقارُ
بوَجْنتِها شَقائقُ قد تبدَّى / بحُمرتها مِن الآسِ اخضِرارُ
فتلكَ شَقائقُ النُّعمانِ ليستْ / بِهنَّ يدٌ ولا عينٌ تُدارُ
تُرينا الجمرَ في خدٍّ أسيلٍ / ومن لَحظاتها تُسبَى الجِمارُ
كتابٌ مثلُ مِصباحٍ صغيرُ
كتابٌ مثلُ مِصباحٍ صغيرُ / يُضئُ بنورِهِ البيتُ الكبيرُ
سَوادٌ في بياضِ الطِّرسِ منهُ / بَياضٌ في سَوادِ الجهلِ نُورُ
حَوَى في طيِّهِ لفظاً قليلاً / ولكن تحتهُ مَعنىً كثيرُ
لقد جَمَعَ العَرُوضَ معَ القوافي / على وَجْهٍ تناوُلُهُ يسيرُ
فحيَّا اللهُ واضِعَهُ وزِيدَتْ / لهُ عمَّا أفادَ بهِ الأُجورُ
يحقُّ لكلِّ تلميذٍ ثناءٌ / عليهِ يَسوقُهُ قلبٌ شكُورُ
مَضَى مَن كانَ أذكَى مِن إياسٍ
مَضَى مَن كانَ أذكَى مِن إياسٍ / بحكمتِهِ وأشعَرَ مِن زُهَيرِ
فقُلْ يا اُبنَ الكَرامةِ قِرَّ عيناً / لبُطرسَ أرِّخوهُ خِتامُ خَيرِ