المجموع : 4
أَتَدري مَن بها تلك الديارُ
أَتَدري مَن بها تلك الديارُ / وتعلم ما غطا ذاك الخمارُ
أقامتْ ضرّةُ القمرين فيها / فكلُّ بلاد ساكنها نهارُ
فتاة حُكّمتْ في كلّ حسنٍ / وليس لغيرها فيه الخيارُ
ففي كلّ القلوب لها وجيبٌ / كما كلُّ القلوبِ لها ديارُ
فحسبك يا زمانُ فمنك عندي / قبيحٌ لا يحسّنهُ اِعتذارُ
أَأَنسى الغدرَ منك وَأنت إلْفِي / وغِشَّكَ لي وَأنتَ المُستشارُ
وعندي من حديثك ما لوَ اِنّي / سمرتُ به لشاب له الصّغارُ
خيالُك يا أُميمَةُ كيف زارا
خيالُك يا أُميمَةُ كيف زارا / على عَجَلٍ وما أمِنَ الحِذارا
سرى يطأ الحتوفَ إليَّ وهْناً / ومن تبع الهوى ركب الخِطارا
أتى ومضى ولم يَنقَعْ غليلاً / سوى أن هاج للقلبِ اِدّكارا
وكم من ليلةٍ نادمتُ فيها / سَنا قمرٍ كُفيتُ به السِّرارا
جلوتُ بصبح طلعته الدّياجي / فعاد اللّيلُ من وَضَحٍ نهارا
ولمّا أن رجوتُ له اِنعطافاً / وَلم أَخَفِ اِنحرافاً وَاِزوِرارا
نَظرتُ إِليه نَظرةَ مُستميحٍ / أحالتْ وردَ وجْنَتِه بَهارا
دعِ الدِّرّاتِ يحلبُها اِحتكاراً / رجالٌ لا يرون الذُّلَّ عارا
وعدِّ عن المطامع في حقيرٍ / يَزيدك عندَ واهبهِ اِحتِقارا
وَإِن كانَ اليَسارُ يجرّ مَنّاً / عليك به فلا تُرِدِ اليَسارا
وَلا تَخشَ اِلتواءَ الدّهر يوماً / فإنّ الدّهرَ يَرجعُ ما أعارا
عَلى ملكِ الملوك سلامُ مولىً / يَخوضُ إِلى وِلايتهِ الغِمارا
تقلقلَ دهره في النّاس حتّى / علقتَ به فكنتَ له القَرارا
حلفتُ بمعشرٍ شُعثِ النّواصي / غداةَ النّحرِ يرمون الجِمارا
ومضطجعِ النّحائر عند وادٍ / أُمِيرَ نجيعِهنّ به فمارا
ومن رَفعتْ لزائره قريشٌ / سراعاً عن بنيّتهِ السِّتارا
ومَن لبّى على عرفات حتّى / توارى من ذُكاءٍ ما توارى
لقد فُقتَ الأُلى سلفوا ملوكاً / كما فاقتْ يمينُهُمُ اليَسارا
وجُزتَهُمُ وما كانوا بِطاءً / وطُلتَهُمُ وما كانوا قِصارا
وَكانَ الملكُ قَبلك في أناسٍ / وَما بَلَغوا الّذي لِيديك صارا
وَلو أَنّ الأُلى مِن آلِ كسرى / رَأوك تَسوس بالدّنيا اِقتِدارا
لما عَقدوا على فَوْدَيهِ تاجاً / ولا جعلوا بمِعصَمِه السِّوارا
وأنتَ أشفُّهُمْ خَلْقاً وخُلقاً / وأكرمُهمْ وأزكاهمْ نِجارا
وأظهرهم وقد ظفروا اِمتناناً / وأطهرهم وقد قدروا إزارا
وَأطلقهمْ يداً بندىً وبؤسٍ / وأمنعهمْ وأحماهمْ ذِمارا
وأَطعَنهمْ بذي خَطَلٍ وريداً / وأضربُهمْ بذي فِقَرٍ فِقارا
فَللّهِ اِنصلاتك نحو خَطبٍ / خلعتَ إلى تداركه العِذارا
وحولك كلُّ أبّاءٍ حَرونٍ / يُحرّم في معاركه الفِرارا
إذا ما هجتَه هيّجتَ منه / وقد حَدَق العُداة به قِطارا
وَإِنْ أَيقظتَه في ليل شَغْبٍ / فقد أوقدتَ منه فيه نارا
عِمادَ الدّين خلِّ عنِ الهوينى / فإنّ لكلّ جاثمةٍ مَطارا
وَداوِ الدّاءَ قبل تقول فيه / طبيبُ الدّاءِ أعيا فَاِستَطارا
فَإنّ الحربَ منشؤُها حديثٌ / وكان الشرُّ مبدؤه ضِمارا
وربَّ ضغائنٍ حَقُرتْ لقومٍ / رَأينا مِن نَتائِجها الكبارا
فَماذا غرّهم وَسِواك ممَّنْ / يَزيد به مجرِّبه اِغتِرارا
وَقَد شَهِدوا بفارسَ منك يوماً / ومِرجَلُ قومها بالبغيِ فارا
جَنوا حَرباً وَظنَّوا الرِّبح فيها / وكم ربحٍ جَررتَ به الخسارا
شَكا الظّمأَ الحديدُ ضحىً فرَوَّتْ / بسالتُك الأسنَّةَ والشِّفارا
وصُلتَ على جموعِهُمُ بجُرْدٍ / أطارتهم سَنابِكُها غُبارا
قتيلهُمُ رأى الموتَ اِغتِناماً / وأمُّ قتيلهمْ تهوى الإسارا
أزَرْتُك يا مليكَ الأرض منِّي / ثناءً ما اِستلبتُ به الفَخارا
فَمدحُك قد كَساني الفخرَ بُرداً / وأسكنني من العَلْياءِ دارا
يخال النَّاظرون إليَّ أنّي / كَرَعْتُ وقد سمعت به عُقارا
فدونك كلَّ سيَّارٍ شرودٍ / يزيد على مدى الدهرِ اِنتِشارا
تُطيف به الرُّواةُ فكلُّ يومٍ / يَرون له خَبيئاً مُستثارا
إِذا شَربوه كانَ لَهمْ زلالاً / وإن نَقَدوه كان لهمْ نُضارا
وإنْ قرنوه يوماً بالقوافي / مضى سَبْقاً وولّاها العِثارا
أَدام اللَّهُ ما أَعطاك فينا / وخوَّلك المحبّةَ والخيارا
ولا زالت نواريزُ اللّيالي / تعود لما تُرجّيه مزارا
وأسعدك الإلهُ بكلِّ يومٍ / سعوداً لا تُحطّ له مَنارا
وَلا أَعرى لكم أبداً شعاراً / ولا أقوى ولا أخلى ديارا
ولا أمضى بغير رضاك حُكماً / ولا أجري به فَلَكاً مُدارا
سألتُك ربّةَ الوجه النّضيرِ
سألتُك ربّةَ الوجه النّضيرِ / وذاتَ الدَّلِّ والطَّرْفِ السَّحورِ
صِلِي دَنِفاً ببذلِكُمُ مُعنّىً / وَيُقنِعهُ القَليلُ منَ الكثيرِ
أَيحسُنُ صدُّكمْ وبكمْ حياتي / وأنْ أظما وعندكُمُ غديري
وَإِنّي أَستطيل إِذا هَجرتمْ / وسادي مدّةً اللّيلِ القصيرِ
وجأشُكمُ كما تهوون منِّي / وجأشي منكُم قلقُ الضّميرِ
إذا لَم أَستَجِرْ بكُمُ فمن ذا / يَكون عَلى صَبابتكمْ مُجيري
حَذِرتُكُمُ وكم للّهِ عندي
حَذِرتُكُمُ وكم للّهِ عندي / صنيعٌ في كفايتِهِ حِذاري
وَلَو أنّي أشاءُ لَكنتْ مِنكمْ / مكانَ النّجمِ في الفلك المُدارِ
وَلَم أَرَ مِنكُمُ إلّا خُطوباً / فَلولا الشّيبُ شاب لها عذاري
رَددتم رَبَّ آمالٍ طِوالٍ / يلوذ بكمْ بآمالٍ قصارِ
وَكُنتُ وَقَد حَططتُ بكمْ رِحالي / نزلتُ بكمْ على غير اِختيارِ
فَلا خَصِبَتْ بلادُكُمُ بجَدْبٍ / ولا جيدَتْ بأنواءٍ غِزارِ
ولا نظرتْ عيونٌ مُدْلِجاتٌ / بهنّ على الظّلام ضِياءَ نارِ
وإنّي آملٌ فيكمْ وشيكاً / وإنْ موطلتُ عنه بلوغَ ثاري