صَبا شَوقاً فَحَنَّ إِلى الدِيارِ
صَبا شَوقاً فَحَنَّ إِلى الدِيارِ / وَنازَعَهُ الهَوى ثَوبَ الوَقارِ
وَهاجَ لَهُ الغَرامَ غِناءُ وُرقٍ / هَواتِفُ في غُصونٍ مِن نُضارِ
صَدَحنَ غُدَيَّةً فَتَرَكنَ قَلبي / وَكانَ الطَود كَالشَيءِ الضِمارِ
رُوَيداً يا حمامُ بِمُستَهامٍ / مَشُوقٍ مَنَّهُ طولُ السفارِ
بَراهُ الشَوقُ بَري القِدحِ جِدّاً / فَغادَرَهُ بِقَلبٍ مُستَطارِ
فَوا عَجَباً لَكُنَّ تَنُحنَ خَوفَ ال / فراق وَما بَدَت خَيلُ المِعارِ
وَلَم تُصدَع لَكُنَّ عَصاً بِبَينٍ / وَلَم تَعبَث لَكُنَّ نَوىً بِعارِ
وَأَنتُنَّ النَواعِمُ بَينَ بانٍ / وَخَيريٍّ يَرِفُّ وَجُلَّنارِ
وَبَينَ بَنَفسَجٍ يَزدادُ حُسناً / كَلَونِ القَرصِ في وُجنِ الجَواري
تَرِدنَ نمِيرَ دِجلَةَ لا لِغَبٍّ / بِطاناً مِن بَواكيرِ الثِمارِ
لَدى أَوكارِكُنَّ بِحَيثُ تاجُ ال / خَليفَةِ لا بِأَجوازِ البَراري
فَكَيفَ بِكُنَّ لَو نِيطَت شُجوني / بِكُنَّ وَنارُ وَجدي واِدِّكاري
مُنيتُ مِنَ الزَمانِ بِعَنقَفيرٍ / قَليلٌ عِندَها حَزُّ الشِفارِ
فِرَاقُ أَحِبَّةٍ وَذَهابُ مالٍ / وَضَيمُ أَقارِبٍ وَأَذاةُ جارِ
فَلا وَاللَهِ ما وَجدٌ كَوَجدي / وَلا عُرِفَ اِصطِبارٌ كَاِصطِباري
وَلائِمَةٍ وَأَحزَنَها مَسيري / وَقَد شَرِقَت بِأَدمُعِها الغِزارِ
تَقولُ وَقَد رَأَت عِيسي وَرَحلي / وَصَدّي عَن هَواها وَاِزوِراري
عَلى مَ تَجشَّمُ الأَهوالَ فَرداً / بُغبِرِ البِيدِ أَو لُجَجِ البِحارِ
أَمالاً ما تُحاوِلُ أَم عُلُوّاً / هُديتَ أَمِ اِجتِواءً لِلدِيارِ
أَتَقنَعُ بِالعَلاةِ مِنَ العَلالي / بَديلاً وَالمُثارِ مِن الوِثارِ
فَقُلتُ لَها غِشاشاً وَالمَطايا / إِلى التَجليحِ حاضِرَةُ الحَضارِ
ذَريني لا أَبا لَكِ كَيفَ يَرضى / بِدارِ الهُونِ ذُو الحَسَبِ النُضارِ
فَظِلُّ السِدرِ عِندَ الذُلِّ أَولى / بِأَهلِ المَجدِ مِن ظِلِّ السِدارِ
فَكَم أُفني عَلى التَسويفِ عُمراً / أَتى في إِثرِ أَعمارٍ قِصارِ
وَحتّامَ الخُلودُ إِلى مَكانٍ / عَلى مَضَضٍ بِهِ أَبَداً أُداري
وَلَو أَنّي أُداري قِرمَ قَومٍ / كَريمَ المُنتَهى حامي الذِمارِ
عُذِرتُ وَقُلتُ لِلنَّفسِ اِطمَئِنّي / وَمِلتُ إِلى التَحَلُّمِ وَالوَقارِ
وَلَكِنّي أُداري كُلَّ قَرٍّ / يُجَلُّ إِذا يُعَدُّ مِنَ القَرارِ
كَليلِ الطَرفِ عَن سُبُلِ المَعالي / بَصيرٍ بِالمَآثِرِ وَالإثارِ
تَعَلَّقَ مِن عُرى قَومي بِسَبٍّ / ضَعيفٍ لَيسَ بِالسَبَبِ المُغارِ
فَأَصبَحَ كالحُبارى مُقذَحِرّاً / بِحِذرِيَةٍ لَهُ لا كَالحِذارِ
فَيا شَرَّ الدُهورِ جُزيتَ شَرَّ ال / جَزاءِ وَذُقتَ فُقدانَ الشّرارِ
لترأَمَ كُلَّ ذي شَرَفٍ قَديمٍ / وَتَذرُوا ما بِرَأسِكَ مِن ذِرارِ
فَقَد كَلَّفتَني خُطَطاً أَشابَت / قَذالى قَبلَ خَطٍّ في عِذاري
وَلَو أَجرضتُ مِنكَ بِغَيرِ ريقي / لَكانَ بِأَعذَبِ الماءِ اِعتِصاري
فَقُل لِلشّامِتينَ بِنا عِلاناً / هَنيئاً بِالمَهانَةِ وَالصَغارِ
مَكانَكُمُ فَسِخّوا فَالمَعالي / صِعابٌ لَيسَ تُدرَكُ بِالسِّرارِ
فَقَد نِلتُ المُنى غَضّاً بِجِدٍّ / وَعَزمٍ لا يَقِرُّ عَلى قَرارِ