المجموع : 7
حُرِمتُ رِضاكَ مِن عَدَمي وَخُسري
حُرِمتُ رِضاكَ مِن عَدَمي وَخُسري / وَكُنتُ أُعِدُّهُ لِصُروفِ دَهري
أُرَدِّدُ لَيتَ شِعري ما دَهاني / لَدَيكَ لَوِ اِنتَفَعتُ بِلَيتَ شِعري
مَتى أَسأَل بِسُخطِكَ ما جَناهُ / يَقُل مُستَخبِرٌ أَن لَستُ أَدري
بَلى حَضَروا وَغِبتُ وَكانَ نَقصاً / عَلَيَّ حُضورُهُم وَمَغيبُ ذِكري
فَإِن أَضعُف عَنِ اِستِصلاحِ شَأني / فَتِلكَ السِنُّ شاهِدَةٌ بِعُذري
وَكُنتُ أَعُدُّ طولَ العُمرِ غُنماً / فَعادَ بِضِدِّ ذَلِكَ طولُ عُمري
لَئِن حَشَدَ الرِجالُ عَلَيكَ دوني / لَما حَشَدوا عَلَيكَ بِمِثلِ شِعري
وَإِن خَدَموكَ بِالأَبدانِ إِنّي / لَأَبلَغُ خِدمَةً مِنهُم بِفِكري
إِذا سَوَّمتُهُنَّ مُسَيَّراتٍ / كَما اِتَّضَحَت نُجومُ اللَيلِ تَسري
يُجِبنَ اللَيلَ مِن شَرقٍ وَغَربٍ / وَعَرضَ الأَرضِ مِن بَرٍّ وَبَحرِ
عَلِمتَ بِأَنَّ ما قَدَّمتَ عِندي / حَرِيٌّ أَن يُبِرَّ عَلَيهِ شُكري
فَإِلّا أَحظَ مِنكَ فَلَيسَ ذَنباً / عَلَيَّ قُصورُ حَظّي دونَ قَدري
وَقَد أَوشَكتُ أَن يَتوى رَجائي / وَيُكدِيَ مَطلَبي وَيَخَسَّ أَمري
بِوَعدٍ بَعدَ وَعدٍ تَبتَديهِ / تَجَرَّمُ فيهِما سَنَتي وَشَهري
وَلَم يَقصُر وَفائي عَن مَداهُ / فَيُسلِمَني إِلى التَقصيرِ عُذري
وَلا شَرقَ اِمتِنانَكَ نَقصُ شُكري / وَلا غَطّى عَلى نُعماكَ كُفري
إِذا بَعُدَت دِيارُكَ عَن دِياري / دَجَت شَمسي وَغابَ ضِياءُ بَدري
وَلِليَومِ المُغَيَّبِ عَنكَ شَخصي / أَمارَةُ يَومِ نَحسٍ مُستَمِرِّ
حَلَفتُ بِوائِلٍ وَبِما تَرَقّى / شَريكٌ في مَناقِبِها اِبنُ عَمرِو
وَشَيبانُ بنُ ثَعلَبَةَ المَساعي / وَصَعبُ عَلِيِّها الأَعلى اِبنُ بَكرِ
لَقَد نافَستَ في الإِحسانِ حَتّى اِن / فَرَدتَ بِكُلِّ مَأثُرَةٍ وَفَخرِ
أَرى سَبَبي سَيَقوى بَعدَ ضَعفٍ / إِذا أَنا بِالوَزيرِ شَدَدتُ أَزري
مَتى يُطلِق بِعارِفَةٍ لِساني / فَلَيسَت مِن عَوارِفِهِ بِبِكرِ
وَكَم فَجِئَت يَداهُ يَدَيَّ بُغتاً / بِنَيلٍ مِن نَدى كَفَّيهِ غَمرِ
أُقيمُ عَلى التَشَوُّقِ أَم أَسيرُ
أُقيمُ عَلى التَشَوُّقِ أَم أَسيرُ / وَأَعدِلُ في الصَبابَةِ أَم أَسيرُ
لَجاجَ مُعَذِّلٍ في الوَجدِ يَبلى / وَلا إِقصارَ مِنهُ وَلا قُصورُ
غُروراً كانَ ما وَعَدَتكَ سُعدى / وَأَحلى الوَعدِ مِن سُعدى الغُرورُ
لَبَرَّحَ أَوَّلٌ في الحُبِّ مِنها / وَشارَفَ أَن يُبَرِّحَ بي أَخيرُ
تَصُدُّ وَفي الجَوانِحِ مِن هَواها / وَمِن نيرانِ هِجرَتِها سَعيرُ
وَيَحمى الهَجرُ في الأَحشاءِ حَرّاً / وَإيقاداً كَما يحمى الهَجيرُ
أُليحُ مِنَ الغَواني أَن تَرى لي / ذَوائِبَ لائِحاً فيها القَتيرُ
وَجَهلٌ بَيِّنٌ في ذي مَشيبٍ / غَدا يَغتَرُّهُ الرَشَأُ الغَريرُ
تُعَنّينا مُصاحَبَةُ اللَيالي / وَيُنصِبُنا التَرَوُّحُ وَالبُكورُ
رَأَيتُ المَأَ أُلِّفَ مِن ضُروبٍ / يُؤَثِّرُ في تَزايُدِها الأَثيرُ
مَتى يَذهَب مَعَ الأَيّامِ يَنفَد / نَفادَ الحَولِ تُنفِدُهُ الشُهورُ
لَقَد نَطَقَ البَشيرُ بِما اِبتَهَجنا / لَهُ لَو كانَ يَصدُقُنا البَشيرُ
بِجَيشٍ تُستَباحُ بِهِ الضَواحي / وَتَعتَصِمُ العَواصِمُ وَالثُغورُ
يَحينُ رَدى العِدى فيهِ وَيُهدى / لَها اليَومُ العَبوسُ القَمطَريرُ
كَأَنَّ عَلى الفُراتِ وَجيزَتَيهِ / جِبالَ تِهامَةَ اِرتَفَعَت تَسيرُ
يُتَلّى في أَواخِرِها تَبيعٌ / وَيَقدُمُ في أَوائِلِها ثَبيرُ
فَمَن يَبعُد بِهِ عَنها مَغيبٌ / يُدَنِّ رَبيعَةَ الفَرَسِ الحُضورُ
يُدَبِّرُها وَشيكُ العَزمِ تُلقى / إِلَيهِ كَي يُنَفِّذَها الأُمورُ
بَعيدُ السِرِّ لَم يَقرُب بِبَحثِ ال / مُنَقِّبِ ما كَمى عَنهُ الضَميرُ
مَكايِدُ لا تُخِلُّ بِها أَناةٌ / وَإِن عَجِلَ المُحَرِّضُ وَالمُشيرُ
بَوالِغُ لَو يُطاوِلُها قَصيرٌ / لَقَصَّرَ عَن مَبالِغِها قَصيرُ
تَراءاهُ العُيونَ بِلَحظِ وُدٍّ / لِطَلعَتِهِ وَتُكبِرُهُ الصُدورُ
بَهِيٌّ في حَمائِلِهِ جَميلٌ / وَفَخمٌ في مُفاضَتِهِ جَهيرُ
إِذا جيبَت عَلَيهِ الدِرعُ راحَت / وَحَشوُ فُضولِها كَرَمٌ وَخيرُ
أَميرٌ تارَةً تَأتي بِعَدلٍ / إِمارَتَهُ وَتاراتٍ وَزيرُ
يَكُرُّ نَوالُهُ عَلَلاً عَلَينا / كُرورَ الكَأسِ أَترَعَها المُديرُ
قَليلٌ مِثلُهُ وَأَقَلُّ شَيءٍ / وَأَعوَزُهُ مِنَ الناسِ النَظيرُ
جَديرٌ أَن يُلَفَّ الخَيلَ شُعثاً / بِخَيلٍ خَلفَها رَهَجٌ يَثورُ
يُجَلّى سُدفَةَ الهَيجا بِوَجهٍ / يُضيءُ عَلى العُيونِ وَيَستَنيرُ
إِذا لَمَعَت بَوادي البِشرِ فيهِ / رَأَيتَ البَرقَ يَلبَسُهُ الصَبيرُ
وَما مِن مَورِدٍ أَدنى لِرَيٍّ / مِنَ الأَنهارِ تَملِكُها البُحورُ
مَلَكتَ شُطوطَ دِجلَةَ شارِعاتٍ / تَقابَلُ في جَوانِبِها القُصورُ
بِناءٌ لَم يُشَفِّق فيهِ بانٍ / وَلا هَمٌّ مِنَ الباني قَصيرُ
تَوَرَّدُهُ الوُفودُ مِنَ النَواحي / فَيَرضى راغِبٌ أَو مُستَجيرُ
فَلا تَبرَح تَتِمُّ عَلَيكَ نُعمى / وَلا تَبرَح يَدومُ لَكَ السُرورُ
لَكَ الخَطَرُ الجَليلُ تُهالُ مِنهُ / قُلوبُ القَومِ وَالقَدرُ الكَبيرُ
شَكَرتَ الناصِرَ النَعَمَ اللَواتي / يَقِلُّ لِبَعضِها الشُكرُ الكَثيرُ
وَما قابَلتَ عارِفَةً بِأُخرى / كَنُعمى باتَ يَجزيها الشَكورُ
وَفَرتُ عَلَيكَ مالَكَ وَهوَ عِلقٌ / مَرَزّاً لَيسَ عادَتَهُ الوُفورُ
فَعَوِّض مِنهُ جاهاً أَرتَضيهِ / وَمِثلُكَ عِندَهُ العِوَضُ الخَطيرُ
فَجُدتَ وَجُزتَ بي أَقصى الأَماني / وَمِن عاداتِكَ الجودُ الشَهيرُ
تُراكَ مُخَلِّفي في غَيرِ أَرضي / وَإِنهاضي إِلى بَلَدي يَسيرُ
وَقَد شَمِلَ اِمتِنانُكَ كُلَّ حَيٍّ / فَهَل مَنٌّ يُفَكُّ بِهِ أَسيرُ
وَأَعتَقتَ الرِقابَ فَمُر بِعِتقي / إِلى بَلَدي وَأَنتَ بِهِ جَديرُ
حَذِرتُ الحُبَّ لَو أَغنى حِذاري
حَذِرتُ الحُبَّ لَو أَغنى حِذاري / وَرُمتُ الفَرَّ لَو نَجّى فِراري
وَمازالَت صُروفُ الدَهرِ حَتّى / غَدَت أَسماءُ شاسِعَةَ المَزارِ
وَما أُعطى القَرارَ وَقَد تَناءَت / وَهَذا الحُبُّ يَمنَعُني قَراري
يَغارَ الوَردُ أَن سَفَرَت وَيَبدو / تَغَيُّرُ كَأبَةً في الجُلَّنارِ
هَواكِ أَلَجَّ في عَيني قَذاها / وَخَلّى الشَيبَ يَلعَبُ في عِذاري
بِما في وَجنَتَيكِ مِنِ اِحمِرارِ / وَما في مُقلَتَيكِ مِنِ اِحوِرارِ
لَئِن فارَقتُكُم عَبَثاً فَإِنّي / عَلى يَومِ الفِراقِ لَجِدُّ زارِ
وَكَم خَلَّيتُ عِندَكِ مِن لَيالٍ / مُعَشَّقَةٍ وَأَيّامٍ قِصارِ
فَهَل أَنا بائِعٌ عَيشاً بِعَيشٍ / مَضى أَو مُبدِلٌ داراً بِدارِ
أَعاذِلَتي عَلى أَسماءَ ظُلماً / وَإِجراءِ الدُموعِ لَها الغِزارِ
مَتى عاوَدتِني فيها بِلَومٍ / فَبِتِّ ضَجيعَةً لِلمُستَعارِ
لِأَسلَحَ حينَ يُمسي مِن حُبارى / وَأَضرَطَ حينَ يُصبِحُ مِن حِمارِ
إِذا أَحبابُهُ أَمسَوا عَشِيّاً / أَعَدّوا وَاِستَعَدّوا لِلبَوارِ
إِذا أَهوى لِمَرقِدِهِ بِلَيلٍ / فَيا خَزيَ البَراذِعِ وَالسَراري
وَيا بُؤسَ الضَجيعِ وَقَد تَطَلّى / بِخِلطَي جامِدٍ مَعَهُ وَجارِ
وَما كانَت ثِيابُ المُلكِ تُحشى / جَريرَةَ بائِلٍ فيهِنَّ خارِ
فَلَو أَنّا اِستَطَعنا لَاِفتَدَينا / قَطوعَ الرَقمِ مِنهُ بِالبَوارِ
يُبيدُ الراحَ في يَومِ النَدامى / وَيُفني الزادَ في يَومِ الخُمارِ
يَعُبُّ فَيُنفِدُ الصَهباءَ جِلفٌ / قَريبُ العَهدِ بِالدِبسِ المُدارِ
رَدَدناهُ بِرُمَّتِهِ ذَليلاً / وَقَد عَمَّ البَرِيَّةَ بِالدَمارِ
وَكانَ أَضَرَّ فيهِم مِن سُهَيلٍ / إِذا أَوبا وَأَشأَمَ مِن قُدارِ
تَفانى الناسُ حَتّى قُلتُ عادوا / إِلى حَربِ البَسوسِ أَوِ الفِجارِ
فَلَولا اللَهُ وَالمُعتَزُّ بِدنا / كَما بادَت جَديرٌ مِن وَبارِ
تَدارَكَ عُصبَةً مِنّا حَيارى / عَلى جُرفٍ مِنَ الحَدَثانِ هارِ
تَلافاهُم بِطولٍ مِنهُ جَمٍّ / وَعَفوٍ شامِلٍ بَعدَ اِقتِدارِ
إِمامُ هُدىً يُحَبَّبُ في التَأَنّي / وَيُخشى في السَكينَةِ وَالوَقارِ
إِذا نَظَرَ الوُفودُ إِلَيهِ قالوا / أَبَدرُ اللَيلِ أَم شَمسُ النَهارِ
لَهُ الفَضلانِ فَضلُ أَبٍ وَأُمٍّ / وَطيبُ الخيمِ في كَرَمِ النِجارِ
هَزَرناهُ لِأَحداثِ اللَيالي / فَأَحمَدنا مَضارِبَ ذي الفَقارِ
أَميرَ المُؤمِنينِ نَداكَ بَحرٌ / إِذا ما فاضَ غَضَّ مِنَ البِحارِ
لَأَنتَ أَمَدُّ بِالمَعروفِ كَفّاً / وَأَوهَبُ لِلُّجَينِ وَلِلنُضارِ
وَأَحفَظُ لِلذِمامِ إِذا مَتَتنا / إِلَيكَ بِهِ وَأَحمى لِلذِمارِ
لَئِن تَمَّ الفِداءُ كَما رَجَونا / بِيُمنِكَ بَعدَ مُكثٍ وَاِنتِظارِ
فَمِن أَزكى خِلالِكَ أَن تُفادي / إِلى الأَهلينَ مِنهُم وَالدِيارِ
بَذَلتَ المالَ فيهِم كَي يَعودوا / إِلى الأَهلينَ مِنهُم وَالدِيارِ
فَيا لَكِ فَعلَةً يُهدى نَثاها / إِلى أَهلِ المُحَصَّبِ وَالجِمارِ
حَبَوتَ بِحُسنِ سُمعَتِها وَصيفاً / فَنالَ بِنُبلِها شَرَفَ الفَخارِ
رَعَيتَ أَمانَةً مِنهُ وَنُصحاً / وَأَنتَ مُوَفَّقٌ في الاِختِيارِ
وَفازَ مِنَ الوَفاءِ لَكُم عَزيزاً / وَخاطَرَ عِندَ تَغريرِ الخِطارِ
وَآثَرَكُم وَلَم يُؤثِر عَلَيكُم / وَقَد شَرَعَت لَهُ دُنيا المُعارِ
إِذا ما قَرَّبوهُ وَآنَسوهُ / غَلا في البُعدِ عَنهُم وَالنِفارِ
حَياءً أَن يُقالَ أَتى بِغَدرٍ / وَنُبلاً أَن يَحُلَّ مَحَلَّ عارِ
وَهِمَّةُ مُستَقِلِّ النَفسِ يَسمو / بِهِمَّتِهِ إِلى الرُتَبِ الكِبارِ
شَكَرتُكَ بِالقَوافي عَن شَفيعي / إِلَيكَ وَصاحِبي الأَدنى وَجاري
وَمَولاكَ الَّذي مازِلتَ تَرضى / وَتَحمَدُ غَيبَهُ في الاِختِيارِ
فَلا نَعدَم بَقاءَكَ في سُرورٍ / وَعِزٍّ ما سَرى الظَلماءَ سارِ
سَأَلتُكَ بِالكُمَيتِيِّ الصَغيرِ
سَأَلتُكَ بِالكُمَيتِيِّ الصَغيرِ / وَصورَةِ وَجهِهِ الحَسَنِ المُنيرِ
وَما يَحويهِ مِن خُلُقٍ رَضِيٍّ / يُشادُ بِهِ وَمِن أَدَبٍ كَبيرُ
وَتَجويدِ الحُروفِ إِذا اِبتَداها / مُقَوَّمَةً وَتَعديلِ السُطورِ
أَلَم تَعلَم بِأَنَّ بَني فُراتٍ / أُلو العَلياءِ وَالشَرَفِ الكَبيرِ
وَأَنَّ عَلى أَبي العَبّاسَ سيما / تُخَبِّرُ مِنهُ عَن كَرَمٍ وَخيرِ
إِذا عُرِضَت مَحاسِنُهُ عَلَينا / شَكَرناهُ عَلى نُصحِ الشَكورِ
نُؤَمِّلُهُ لِرَغبَتِنا إِلَيهِ / وَنَأمَلُهُ وَزيراً لِلوَزيرِ
أَناةً أَيُّها الفَلَكُ المُدارُ
أَناةً أَيُّها الفَلَكُ المُدارُ / أَنَهبٌ ما تَطَرَّفُ أَم جُبارُ
سَتَفنى مِثلَ ما تُفني وَتَبلى / كَما تُبلي فَيُدرَكُ مِنكَ ثارُ
تُنابُ النائِباتُ إِذا تَناهَت / وَيَدمُرُ في تَصَرُّفِهِ الدَمارُ
وَما أَهلُ المَنازِلِ غَيرُ رَكبٍ / مَطاياهُم رَواحٌ وَاِبتِكارُ
لَنا في الدَهرِ آمالٌ طِوالٌ / نُرَجّيها وَأَعمارٌ قِصارُ
وَأَهوِن بِالخُطوبِ عَلى خَليعٍ / إِلى اللَذاتِ لَيسَ لَهُ عِذارُ
فَآخِرُ يَومِهِ سُكرٌ تَجَلّى / غَوايَتُهُ وَأَوَّلُهُ خُمارُ
وَيَومٍ بِالمَطيرَةِ أَمطَرَتنا / سَماءٌ صَوبُ وابِلِها العُقارُ
نَزَلنا مَنزِلَ الحَسَنِ بنِ وَهبٍ / وَقَد دَرَسَت مَغانِهِ القِفارُ
تَلَقَّينا الشِتاءَ بِهِ وَزُرنا / بَناتَ اللَهوِ إِذ قَرُبَ المَزارُ
أَقَمنا أَكلُنا أَكلُ اِستِلابٍ / هُناكَ وَشُربُنا شُربٌ بِدارُ
تَنازَعنا المُدامَةَ وَهيَ صِرفٌ / وَأَعجَلنا الطَبائِخَ وَهيَ نارُ
وَلَم يَكُ ذاكَ سُخفاً غَيرَ أَنّي / رَأَيتُ الشَربَ سُخفُهُمُ الوَقارُ
رَضينا مِن مُخارِقَ وَاِبنِ خَيرٍ / بِصَوتِ الأَثلِ إِذ مَتَعَ النَهارُ
تُزَعزِعُهُ الشَمالُ وَقَد تَوافى / عَلى أَنفاسِها قَطرٌ صِغارُ
غَداةَ دُجُنَّةٍ لِلغَيثِ فيها / خِلالَ الرَوضِ حَجٌّ وَاِعتِمارُ
كَأَنَّ الريحَ وَالمَطَرَ المُناجي / خَواطِرَها عِتابٌ وَاِعتِذارُ
كَأَنَّ مُدارَ دِجلَةَ إِذ تَوافَت / بِأَجمَعِها هِلالٌ أَو سِوارُ
أَما وَأَبي بَني حارِ بنِ كَعبٍ / لَقَد طَرَدَ الزَمانُ بِهِم فَساروا
أَصابَ الدَهرُ دَولَةَ آلِ وَهبٍ / وَنالَ اللَيلُ مِنهُم وَالنَهارُ
أَعارَهُمُ رِداءَ العِزِّ حَتّى / تَقاضاهُم فَرَدّوا ما اِستَعاروا
وَما كانوا فَأَوجُهُهُم بُدورٌ / لِمُختَبِطٍ وَأَيدِهِم بِحارُ
وَإِنَّ عَوائِدَ الأَيّامِ فيها / لِما هاضَت بَوادِؤُها اِنجِبارُ
إِذا ما حُصِّلَت عُليا قُرَيشٍ
إِذا ما حُصِّلَت عُليا قُرَيشٍ / فَلا في العيرِ أَنتَ وَلا النَفيرِ
وَما رَغَثانُكَ الجَهمُ بنُ بَدرٍ / مِنَ الأَقمارِ ثُمَّ وَلا البُدورِ
وَلَو أَعطاكَ رَبُّكَ ما تَمَنّى / عَلَيهِ لَزادَ في غِلَظِ الأُيورِ
لِأَيَّةِ حالَةٍ تَهجو عَلِيّاً / بِما لَفَّقتَ مِن كَذِبٍ وَزورِ
أَما لَكَ في اِستِكَ الوَجعاءِ شُغلٌ / يَكُفُّكَ عَن أَذى أَهلِ القُبورِ
جُعِلتَ فِداكَ لي خَبَرٌ طَريفٌ
جُعِلتَ فِداكَ لي خَبَرٌ طَريفٌ / وَأَنتَ بِكُلِّ مَكرُمَةٍ خَبيرُ
غَداةَ النَحرِ يَنحَرُ كُلُّ قَومٍ / وَلا شاةٌ لَدَيَّ وَلا بَعيرُ
بَلى عِندي حِمارٌ لي فَقُل لي / أَتَقبَلُ مِن مُضَحّيها الحَميرُ
لَئِن لَم تَفدِهِ تَفديكَ نَفسي / بِذَبحٍ فَهوَ في غَدِهِ نَحيرُ