المجموع : 6
طَلَبتُ المُستَقَرَّ بِكُلِّ أَرضٍ
طَلَبتُ المُستَقَرَّ بِكُلِّ أَرضٍ / فَلَم أَرَ لي بِأَرضٍ مُستَقَرّا
أَطَعتُ مَطامِعي فَاِستَعبَدَتني / وَلَو أَنّي قَنِعتُ لَكُنتُ حُرّا
أَلا يا نَفسُ ما أَرجو بِدارِ
أَلا يا نَفسُ ما أَرجو بِدارِ / أَرى مَن حَلَّها قَلِقَ القَرارِ
بِدارِ إِنَّما اللَذّاتُ فيها / مُعَلَّقَةٌ بِأَيّامٍ قِصارِ
نَرى الأَموالَ أَرباباً عَلَينا / وَما هِيَ بَينَنا إِلّا عِوارِ
كَأَنّي قَد أَخَذتُ مِنَ المَنايا / أَماناً في رَواحي وَاِبتِكاري
إِذا ما المَرءُ لَم يَقنَع بِعَيشٍ / تَقَنَّعَ بِالمَذَلَّةِ وَالصِغارِ
لِأَمرٍ ما خُلِقتَ فَما الغُرورُ
لِأَمرٍ ما خُلِقتَ فَما الغُرورُ / لِأَمرٍ ما تُحَثُّ بِكَ الشُهورُ
أَلَستَ تَرى الخُطوبَ لَها رَواحٌ / عَلَيكَ بِصَرفِها وَلَها بُكورُ
أَتَدري ما يَنوبُكَ في اللَيالي / وَمَركَبُكَ الجَموحُ بِكَ العَثورُ
كَأَنَّكَ لا تَرى في كُلِّ وَجهٍ / رَحى الحَدَثانِ دائِرَةً تَدورُ
أَلا تَأتي القُبورَ صَباحَ يَومٍ / فَتَسمَعَ ما تُخَبِّرُكَ القُبورُ
فَإِنَّ سُكونَها حَرَكٌ يُناجي / كَأَنَّ بُطونَ غائِبِها ظُهورُ
فَيالَكَ رَقدَةً في غِبِّ كَأسٍ / لِشارِبِها بَلىً وَلَهُ نُشورُ
لَعَمرُكَ ما يَنالُ الفَضلَ إِلّا / تَقِيُّ القَلبِ مُحتَسِبٌ صَبورُ
أُخَيَّ أَما تَرى دُنياكَ داراً / تَموجُ بِأَهلِها وَلَها بُحورُ
فَلا تَنسَ الوَقارَ إِذا اِستَخَفَّ ال / حِجى حَدَثٌ يَطيشُ لَهُ الوَقورُ
وَرُبَّ مُهَرِّشٍ لَكَ في سُكونٍ / كَأَنَّ لِسانَهُ السَبُعُ العَقورُ
لِبَغيِ الناسِ بَينَهُمُ دَبيبٌ / تَضايَقُ عَن وَساوِسِهِ الصُدورُ
أُعيذُكَ أَن تُسَرَّ بِعَيشِ دارٍ / قَليلاً ما يَدومُ بِها سُرورُ
بِدارٍ ما تَزالُ لِساكِنِيها / تُهَتَّكُ عَن فَضائِحِها السُتورُ
أَلا إِنَّ اليَقينَ عَلَيهِ نورٌ / وَإِنَّ الشَكَّ لَيسَ عَلَيهِ نورُ
وَإِنَّ اللَهَ لا يَبقى سِواهُ / وَإِن تَكُ مُذنِباً فَهُوَ الغَفورُ
وَكَم عايَنتَ مِن مَلِكٍ عَزيزٍ / تَخَلّى الأَهلُ عَنهُ وَهُم حُضورُ
وَكَم عايَنتَ مُستَلِباً عَزيزاً / تَكَشَّفُ عَن حَلائِلِهِ الخُدورُ
وَدُمِّيَتِ الخُدودُ عَلَيهِ لَطماً / وَعُصِّبَتِ المَعاصِمُ وَالنُحورُ
أَلَم تَرَ أَنَّما الدُنيا حُطامٌ / وَأَنَّ جَميعَ ما فيها غُرورُ
أَلا يا أَيُّها البَشَرُ
أَلا يا أَيُّها البَشَرُ / لَكُم في المَوتِ مُعتَبَرُ
لِأَمرٍ ما بَني حَوّا / ءَ ما نُصِبَت لَكُم صَقَرُ
أَلَيسَ المَوتُ غايَتَنا / فَأَينَ الخَوفُ وَالحَذَرُ
رَأَيتُ المَوتَ لا يُبقي / عَلى أَحَدٍ وَلا يَذَرُ
لِحَثِّ تَقارُبِ الآجا / لِ تَجري الشَمسُ وَالقَمَرُ
تَعالى اللَهُ ماذا تَص / نَعُ الأَيّامُ وَالغِيَرُ
وَما يَبقى عَلى الحَدَثا / نِ لا صِغَرٌ وَلا كِبَرُ
وَما يَنفَكُّ نَعشُ جَنا / زَةٍ يَمشي بِهِ نَفَرُ
رَأَيتُ عَساكِرَ المَوتى / فَهاجَ لِعَينِيَ العِبَرُ
مَحَلٌّ ما عَلَيهِم في / هِ أَردِيَةٌ وَلا حُجَرُ
سُقوفُ بُيوتِهِم فيما / هُناكَ الطينُ وَالمَدَرُ
عُراةً رُبَّما غابوا / وَكانوا طالَما حَضَروا
وَكانوا طالَما راحوا / إِلى اللَذّاتِ وَابتَكَروا
فَقَد جَدَّ الرَحيلُ بِهِم / إِلى سَفَرٍ هُوَ السَفَرُ
وَقَد أَضحَوا بِمَنزِلَةٍ / يُرَجَّمُ دونَها الخَبَرُ
وَكانوا طالَما أَشِروا / وَكانوا طالَما بَطِروا
وَقَد خَرِبَت مَنازِلُهُم / فَلا عَينٌ وَلا أَثَرُ
تَفَكَّر أَيُّها المَغرو / رُ قَبلَ تَفوتُكَ الفِكَرُ
فَإِنَّ جَميعَ ما عَظَّم / تَ عِندَ المَوتِ مُحتَقَرُ
وَلا تَغتَرَّ بِالدُنيا / فَإِنَّ جَميعَها غَرَرُ
وَقُل لِذَوي الغُرورِ بِها / رُوَيدَكُمُ أَلا انتَظِروا
فَأَقصى غايَةِ الميعا / دِ فيما بَينَنا الحُفَرُ
كَذاكَ تَصَرُّفُ الأَيّا / مِ فيها الصَفوُ وَالكَدَرُ
هِيَ الأَيّامُ وَالعِبَرُ
هِيَ الأَيّامُ وَالعِبَرُ / وَأَمرُ اللَهِ يُنتَظَرُ
أَتَيأَسُ أَن تَرى فَرَجاً / فَأَينَ اللَهُ وَالقَدَرُ
بَكَت عَيني عَلى عيسى بنِ جَعفَر
بَكَت عَيني عَلى عيسى بنِ جَعفَر / عَفى الرَحمَنُ عَن عيسى بنِ جَعفَرِ