أَمِن طَرَبٍ بكيتُ وذكرِ أهلٍ
أَمِن طَرَبٍ بكيتُ وذكرِ أهلٍ / وللطربِ المُتاحِ لَكَ إدِّكارُ
وأطلالٌ عَفَت من بعدِ أنسٍ / ودارُ الحي منكرةٌ قفارُ
خَلَت غيرُ الظباءِ بها وعينٌ / وظلمانُ النعامِ لها عِرارُ
وإنَّ بكلِ محنيةٍ وسفحٍ / مقابلَ منظرٍ فيها صوارُ
خواذلَ من مصاحبةٍ وفردٍ / كَبُلقِ الخيلِ يتبعُها المهارُ
وقد دَرَسَت سوى آثارِ نؤيٍ / وآريٍّ تنصَّفَهُ الغبارُ
وكلِّ جَذَمِّهِ خَرِبٍ محيلٍ / كأنّ بقيةً منه جدارُ
وأَورقَ كالحمامَةٍ مقشعِرٍّ / وشُعثٍ سجَّحَتهنَّ الفِهارُ
ومحتدمِ القدورِ على ثلاثٍ / كأنَّ مناكبَ الأحجارِ قارُ
وملعبِ وبربٍ أدمٍ هجانٍ / نوادٍ عند مشيتِها انفتارُ
بوارقَ ترقد الصبحاتُ خردٍ / بهن من الشَّبابِ ضحى انبهارُ
ونادينا الرسومَ وهُنَّ صُمٌّ / ومنطقُها المعاجمُ والسّطارُ
وكان الصّبرُ أجملَ فانصرفنا / وَدمعُ العينَِ البثُهُ انحدارُ
وعارضت المطيةُ وهي تهوي / وأهونُ سيرِها منها انسجارُ
وقلت لصاحبيَّ الا اصبحاني / لتسلي عبرتي خَمرٌ عقارُ
فَشَعشَعَ بالأداوةِ شَرمحيٌّ / وليس بنا ولو جهدَ انتظارُ
ونحن على قلامِسَ يعملاتِ / أضَرَّ بها الترحُّلُ والسّفارُ
كأنّ لغامَهُنَّ سبيخُ قطنٍ / على المعزاءِ تَندِفُهُ الوتارُ
وتسمعُ من أسادِسِها صريفاً / كما صاحَت على الحَدَبِ الصقارُ
سواهم تغتلي في كلِّ فرعٍ / كما يَرمي مدى الغَرضِ القِتارُ
وبشَّرَنا البشيرُ بنغمِ طيرٍ / ومما أن تقبَّلنا البشارُ
بظعنٍ لجَّجَت في يومِ صيفٍ / وقالوا ليس بالأنهى قِطارُ
دَعتهنَّ الهواجرُ نحو نجدٍ / وصابَ الهيفُ فابتدرَ الغمارُ
فشمَّرت الحداةُ بكل رَسلٍ / علاه الرّيطُ اشعَلَه احمِرارُ
فلمّا أن لحقنا بَعدَ لأيٍ / ببيضِ في محاجِرها احوِرارُ
تنازَعنا الحديثَ فحدَّثتنا / عطابيلٌ تُقتَّلُ مَن يَغَارُ
وجدنَ بفديةٍ قصدت الينا / وطرفِ يعافرٍ فيه انكسارُ
وعُجنَ سوالِفاً وقدت عليها / قلائدُها كما تقِدُ الجمارُ
اذا ما احتلَّ بالبطحاءِ حَيٌّ / بَدَت غُرَرٌ تُرادِفُها البشارُ
أذاك هديت أم ما بالُ ضيفٍ / تضمَّنُهُ المضاجعُ والشعارُ
وأرَّقني بدائِعُ من مَعَدٍّ / أراها اليومَ ليس لها ازدجارُ
اذا ما قلت قد جُبِرَت صدوعٌ / تُهاضُ وليس للهَيضِ انجبارُ
كذاك المُفسِدونَ اذا تولوا / على شيءٍ فأمرُهم التَّبارُ
فأينَ ذوو البطاحِ ذرى قريشٍ / وأحلامٌ لَهُم ما تستعارُ
ونحن رعِيةٌ وهم رُعاةٌ / ولولا رَعيُهُم شنع الشنارُ
فإن لم تأتَمِر رُشداً قريشٌ / فليس لسائرِ العَرَبِ ائتمارُ
وفضلُهُمُ باذنِ اللهِ صَبرٌ / وضَرسٌ للاعادي واحتقارُ
فيا قومي هَلُمَّ الى جميعٍ / وفيما قد مضى لكم اعتبارُ
الم يُخز التفرقُ جيشَ كِسرى / ونُحّوا عن مدائنهم فطاروا
وشُقَّ البَحرُ عن اصحابِ موسى / وغُرِّقَت الفراعِنةُ الكفارُ
فكَم مِن مُدَّةٍ سَبَقَت لقومٍ / زَماناً ثم يلحقها انبتارُ
فما من جِدَّةٍ الا ستَبلى / ويبقى بعد جِدَّتها الحبارُ
وأنذُرُكم مصائرَ قوم نوحٍ / وكانت أمةً فيها انتشارُ
وكان يسبّحُ الرحمنَ شكراً / وللهِ المحامدُ والوقارُ
فلما أَن أرادَ اللهُ أمراً / مضى والمُشرِكونَ لهم جؤارُ
ونادى صاحِبُ التنورِ نُوحاً / وصُبَّ عليهِمُ منهُ الوَبارُ
وضجوا عند جيئتِهِ اليهم / ولا يُنجي من القدرِ الحذارُ
وجاشَ الماءُ مُنهَمِراً اليهم / كأنّ غثاءَه خرقٌ نشارُ
وعامَت وهي قاصِدَةٌ بإذنٍ / ولولا اللهُ جارَ بها الجوارُ
الى الجوديِّ حتى صار حجراً / وحان لتالِك الغمر الخسارُ
فهذا فيه موعِظَةٌ وحُكمٌ / ولكني امرؤٌ فيَّ افتِخارُ
مِن الفتيانِ اقذفُ كلَّ عَبدٍ / بحربٍ ليس فيهنّ اعتِذارُ
وعندَ الحقِ تعتزلُ الموالي / اذا ما أُوقدَت للحَربِ نارُ
اكلبُ هلمّ نحنُ بني أبيكُم / ودعوى الزورِ مَنقَصةٌ وعارُ
وقد علمت كهولهم القدامى / اذا قعدوا كأنهم النسارُ
بان قُضاعةَ الاولى معدٍّ / لقرمٍ لا تَغُطُّ بهِ البِكارُ
اذا هدرت شقاشِقُهُ ونَشبَت / له الاظفارُ تركَ له المدارُ
ومَن يَتَوَلَّ للرحمن نَصراً / يفرّثُ من مدامِعِهِ انتثارُ
اذا اصطَكَّا بارَعنَ مكفهرٍ / تفارَطَ أن تناوله القصارُ
هلم فعندنا عَدلٌ ونَصفٌ / وأحكامٌ تسدُّ بها الثِغارُ
وإن يعطفكُمُ نَسَبٌ الينا / فليسَ عليكم منها ظهارُ
أبونا فارسُ الفرسانِ عَلقَت / بكفته الاعنةُ والغوارُ
وأفضلُ ما اقتنينا من سوامٍ / ذكورُ الخيلِ والاسلُ الحرارُ
ورَثِنا الخيلَ قد عَلِمَت مَعَدٍّ / ومن عاداتهِنَّ لنا اختيارُ
تراثاً عن أبي صدقٍ أيادٍ / وعِيلانٍ وخندفِها الكثارُ
اباعرةٌ فكلٌّ ساقَ نهباً / له منه العرارةُ والخيارُ
فصارت بالجدودِ بنو نِزارٍ / فَسِدناهم واثعلت المضارُ
فكان لنا وللمضرين حظٌّ / وللحُسّادِ في الأثَرِ الغبارُ
فصار العِزّ والبَسَطات فينا / واعلامٌ قدامِسَةٌ كبارُ
ومنا الأنبياءُ وكُلٌّ مَلكٍ / وحُكّامُ الائمةِ حيثُ صاروا
غَلَبنا الناسَ في الدنيا بفضل / ونرجو أن يكونَ لنا المحارُ
واسماعيلُ بعد اللهِ يقضي / لنا بالحقِّ اذ رُفِعَ الخطارُ
فعندي الفصلُ للجهالِ منكم / كمنهاجِ الطريقِ به المنارُ
قضاعةُ كان حزباً من معدٍ / تَصِر تبعاً وللتَبَعِ الصَّغارُ
ويلقوا ثَرَّ شَخبٍ من مَعَدٍّ / يَدُرُّ لِمَن يشاركُه الغرارُ
وتعرفُ من بني قحطانَ بُعداً / وتظلم وهي ليس لها انتصارُ
ومَن يكُ يومَ دعوتِهِ غريباً / يخُنهُ من جناحَيهِ انكسارُ
ونصرُ ذوي الاباعدِ منك رَيثٌ / واحشاءُ ابنِ عمِّكَ تُستطارُ
ومن يَنزَع أرومَتَه لأخرى / فذاك لثابتِ الأصلِ اعتقارُ
كما الزيتونُ لا يَمّازُ نخلاً / ولا الجبارُ تبدلُه الصحارُ
ولا التمرُ المكمَّمُ حولَ حِمصٍ / اذا ماحانَ من هَجَرِ الجزارُ
وآنَفُ أن يكونَ اخي تبيعاً / لدى يمنٍ وقد قُهِرت نزارُ
ويأبى الصيدُ من سلفى نزارٍ / وأرفادٍ محالبُها غِزارُ
اذا الرِّيحُ الشّآميةُ استحنّت / وَلَعبض بها مع الليلِ العصارُ
فأُدبَتُنا الجوافِلُ كلَّ يومٍ / وبعضُ الناسِ أُدبَتُه انتقارُ
وقولُ المرءِ ينفذُ بعبدَ حينٍ / اماكنَ لا تجاوُرها الابارُ
أميرُ المؤمنين هدىً ونورٌ / كما جلّى دجى الظلمِ النهارُ
قريعُ بني أميةَ من قريشٍ / همُ السَّرُ المهذبُ والنضارُ
وعبدُ المَلكِ للفقراء طَعمٌ / وحِرزٌ ليس معقلُه يُضارُ
وقد حَمَلَ الخِلافَةَ ثم حَلَّ / بها عند ابنِ مروانَ القرارُ
وقلت لذي الكلاعِ وذي رعينٍ / أَحَقَّ قولُ حميرَ أم جوارُ
تدعّيهم قضاعَةُ بَعدَ دَهرٍ / وفي الدَّهرِ التَّقَلُّبُ والغيارُ
وانمارُ بنُ بجلةَ قال قِيلاً / وليس له اذا عدوا غدارُ
متى ترعش الى الالجامِ يوماً / يَقُم سوقُ الطعانِ لها تجارُ
ومعقلُنا السيوفُ اذا انخنا / وقد طارَ القنازعُ والشرارُ
بضَربٍ تَبصُرُ العميانُ منه / وتعشى دونَه الحَدَقُ البِصارُ
واسحاقٌ اخونا قد علمتُم / علينا من مواسِمِه النجارُ
نَهُزُّ المشرفيةَ ثم نعدوا / وليس بنا عن العادي ازورارُ