المجموع : 10
نعم هم أَعدموا حزمي وَصَبري
نعم هم أَعدموا حزمي وَصَبري / بِما أَبدوه من غَدري وَهَجري
وَمالوا وَارتضوا عَني بَديلاً / وَإِني الخَيرُ مِن أَبناء دَهري
وَإِني سدتهم شهماً فشهماً / وَذل لعزتي جبار عَصري
وَكلهم يراني ذا ابتسام / إِذا يَبكي العَدوّ لهول قَهري
وَإِني إِن عَتا فخار قَوم / يَهون بِقَهر مَولانا لذكري
فَسيفي منطقي المَسلولُ دَوماً / يَصيب مقاتل الأَعدا فَيفري
فَأَيُّ أَخي ثَباتٍ قيل يَوماً / إِذا ناديتهُ لبَّى لكرّي
وَمِن عَجب أَذلّلُ كُلَّ شَهمٍ / فَيَعرف مَوقفي وَيُجلُّ قَدري
وَيَرضى مَن أَحَب مِن البَرايا / بَديلاً بي فَيا عَجَباً لِأَمري
وَكَيفَ وَلَيسَ يُنكرني جهاراً / وَلَيسَ بِجاهلٍ مَجدي وَفَخري
وَيَعلم كَنهُ صدقي في وِدادي / وَحسن طويتي وَعَفاف سرّي
عَلى أَني أَقول وَلَيسَ بدعاً / سَتردعه التجارب بعد نذر
وَإِني لَست أَيأس مِن وِصال / يَقدّره الإِلَه وَلَستُ أَدري
فَكَم يَسرٍ أتي مِن بَعد عسر / كَما عسرٌ أَتى مِن بَعد يسر
وَإِنَّ زَمانَ أَحزاني سيمضي / كَما قَد زالَ عن أَوقات بشري
فَدَعه يَختبر غَيري زَماناً / لِيَدري هَل وَفاه دُون غَدري
سَتبدو مِن بواطنهم إِلَيهِ / بِتجربة أُمورٌ تَحتَ ستر
وَدَعهُ قَد يَكُون بكل خَير / يباعدني وَيَدنو وَقت شر
فَإِني مثل ما يَرضى صَديق / أُلاقي دُونَهُ البَلوى بِصَدري
فَلا عز سِوى ذلي لَديهِ / وَتلكَ حَقيقَتي في طُول عُمري
بَدا شَوقي لحسنك وَهو ظاهرْ
بَدا شَوقي لحسنك وَهو ظاهرْ / وَراق الأنسُ قَلبي وَالنَواظرْ
وَأَطربت التَهاني بِالتَداني / فُؤادي وَهِيَ تخطرُ لي بخاطر
فقلت أَتك شَعشعةُ الحُميّا / يَطوف بِها كحيلُ اللحظ ساحر
وَهَذا مَجلسٌ أَم رَوض أَنسٍ / وَهاتيك الأَزاهر أَم زَواهر
فَقالوا لا وَلَكنّ التَهاني / بِمَولود الأَمير لَها بَشائر
فَقُلت يَعيش شبلاً في عَرينٍ / بعزِّ أَبيه في العليا يفاخر
وَقلت مع الصَفا يا مَجد أَرّخ / قُدوم محمدٍ بالخير زاهر
بكاملِ أُنسِنا شُمِلَ السُرورُ
بكاملِ أُنسِنا شُمِلَ السُرورُ / وَفي أُفق الكَمال سمت بدورُ
وَقد وافى الأَميرَ الشَهمَ نَجلٌ / أَثيلُ المَجد في العليا أَميرُ
فنعم الشبل يا لَيث المَعالي / ستعرفه الميادِنُ وَالصُدور
وَدُم في مفرقِ الأَيام تاجاً / فَإِنك في جبين الدَهر نُور
وَخُذ فألَ السُرور بِهِ وَأَرّخ / لِأَحمَدَ يُوسفٌ خَلَفٌ نَصيرُ
شُجوني فيك باديةُ الأُوارِ
شُجوني فيك باديةُ الأُوارِ / وَحالي ظاهرٌ مهما أُواري
وَسُلطانُ الهَوى وَلاك أَمري / فَأَمرك مثلَ دَمعي فيّ جاري
كأَنّك قَد أَصَبت القَلبَ عَبداً / وَمُلِّكتَ القيادَ فما تُماري
تُأَمِّلُ من يُؤمِّلُ منكَ نيلاً / وَلا تَجهل فَأَنتَ بذاكَ داري
أَقلني يا خَليلي من صَلاحي
أَقلني يا خَليلي من صَلاحي / فَإِني غَير كَأسي لَست أَدري
فَما الدُنيا وَمَن أَضحى عَلَيها / لَديّ متى أَلذ بكأس خمري
أَلا قُم للمدامة وَالنَدامى / لنغتنم الزَمانَ وَصفوَ عمر
فَمن لي أَن يقال هم سكارى / أَضاعوا تبرهم في زقِّ تبر
فَكِلْ لي تِبرَها كيلاً رَزيناً / وَخُذ في وَصفِها من دُرِّ شعري
دَنا فَصلُ الرَبيع فقُم سَحيراً
دَنا فَصلُ الرَبيع فقُم سَحيراً / مع الندمانِ في الرَوض النَضيرِ
تَرى الأَيامَ في حللِ التَهاني / وَقَد ضحك الزُهورُ عَلى الغَدير
وَما هذا سِوى أَغصانِ دَوحٍ / وَقَد هُزَّت بنسمات السُرور
فَتخفق عِندَما تَهوي إِلَيهِ / وَتُنشدُه بِأَلسنة الطُيور
كَأن غصونَ رَوضتنا نَدامى
كَأن غصونَ رَوضتنا نَدامى / تناشدهم بِأَلسنةِ الطُيورِ
تَراهم حَيثما مالوا نشاوَى / بكاسات تَدورُ مِن السُرور
فَيملؤها الندا من دَنّ جوٍّ / وَيشربها النَسيمُ مِن الزُهور
جفون دمعها أَبداً غزيرُ
جفون دمعها أَبداً غزيرُ / وَقلبٌ يستطيرُ بهِ الزفيرُ
وَشَوقٌ دائمٌ بعدَ التَنائي / يَجورُ وَحزمُ نَفسٍ لا يُجير
عَلى أَيّ الأَحبة صرتُ أَبكي / وَمَن أَبكيهم الخلق الكَثير
فَذا وَدّعتُه وَالدَمع يَجري / وَذاكَ فقدتُه وَهوَ الظَهير
وَذا لا أَستطيع لَهُ سَبيلاً / وَذاكَ لقاؤه أَمرٌ عسير
وَزاد تَحسري تفريقُ جَمعٍ / بفرقتِه لنا افترقَ السُرور
وَأَيأسنى من الدُنيا شَبابٌ / عَلى رَغمي تَولّى لا يَحور
وَقَدماً بتّ ذا جفنٍ قَريرٍ / وَلي قَلب بِمَن يَهوى قَرير
وَقَدماً كانَ لي لعبٌ وَلَهوٌ / وَبِالأَحباب وَالدُنيا الغَرور
وَقَد كانَت بِهم تَزهى اللَيالي / وَهمٌّ غائبٌ وَهُمُ حضور
وَكُنتُ وَلَستُ أَنكرُ ما تَقضّى / عَلى الغايات لي أَمرٌ يَسير
فَكَم قصرٍ كَوُكنِ النسرِ بُعداً / سَمَوتُ لَهُ عَلى مَهلٍ أَزور
وَكَم خدرٍ كعيص اللَيث عزّاً / خلصتُ لَهُ وَما أَغنى الزَئير
وَكُلٌّ كان يَملكُه شَبابي / وَكُلٌّ حَيثُ آمره يَسير
وَللصهباء شَمسٌ كَم تَجلَّت / عَلَينا وَالمديرُ بِها يَدور
فَليلٌ حَيث نمسي في هَناءٍ / وَصبحٌ مثلما نَهوى يُنير
فَإِن بتنا شكونا قصرَ لَيلٍ / وَليلُ الوَصلِ حَيث صَفا قصير
وَإِن نصبح فرحنا وَاصطبحنا / وَتنعمنا الأَصائل فالبكور
أَرى هذا أُخَيّ وَذا حَبيبي / وَكُلٌّ بِالهَنا نَحوي يشير
أَلا يا قلبُ هان لَك التَسلّي / وَقَد ضمت جَميعَهمُ القُبور
وَقَد يا عَين جفَّ الدمعُ منا / وَما جفَّت وَلا فَنيت بحور
أَبعد تفرّدي عن كُل خلٍّ / كَأَنّ جَبينه البَدرُ السفور
وَبَعد تشتُّتِ الجَمعِ المفدّى / تُغرّرُنا من الدُنيا أُمور
دَعى يا نَفسُ ما تَدعوا الأَماني / فَإِنّ مصيرَنا ذاكَ المصير
فَلا حبٌّ يَدوم وَلا محبٌّ / وَلا ملكٌ يَعيش وَلا وزير
وَللدنيا أُمورٌ وَالبَرايا / يَهوّنُ جلَّها الرَجل البَصير
مَتى كانَ البَقاءُ إِلى فَناءٍ / وَغاياتُ المقرّ هوَ العبور
فَماذا يُبتغَى من دارِ ذلٍّ / وَغايتُها التحوّلُ فَالمرور
فَيا وَيح العُيون تَرى وَتَنأى / وَيَشغلُ ربَّها الطَيفُ الغَرير
كَأني حين أَذكرُ من تَولى / وَقَد مَضت الأداهرُ فَالعُصور
صَريعٌ لَيسَ يدرك من رماه / وَلا يُرجَى وَلَيسَ لَهُ ثَئير
فَيا لِلّه ما أَقسى فؤادي / لعمري إنه قاسٍ صبور
أَبعد أَحبةٍ يَهوى وَيَلهو / وَتُشرَبُ بَعدَ ساقيها الخُمور
وَيا لِلّه ما أَقوى عُيوني / عَلى صَبِّ الدُموع فَما تمير
أَيحسن أَن تَرى غُصناً نَضيراً / وَما فَقدت هوَ الرَوض النَضير
فَآهٍ لَو شفت آهٌ غَليلاً / وَرجعاً لو تُطاوعنا الدُهور
وَكيفَ وَلَست تدفع ما قضاه / وَلم يدفعه ما أَبدى قصير
فَدَع ما لَيسَ يُغني عَنك شَيئاً / فَإِنّ اللَه قهارٌ كَبير
وَهبك تَنال بالجدّ الثريا / فَهل بَعد العلا إِلا الدثور
وَهَل غير القُبور محطُّ رَحلٍ / وَإِن جدّت ببانيها القصور
عَلى تلكَ الوجوه وَإِن تفانَت / سَلامُ اللَه ما طلعَت بدور
وَدَمعٌ يفضحُ الأَجفانَ قانٍ / وَحزنٌ منهُ تنشقُّ الصدور
فَيا تلك الأَحبةُ كَيفَ بِنّا / أَلَيسَ البينُ ذو خطبٍ يضير
تسابقنا فجدّ بكم حَثيثٌ / وَأَبطأ بي أَنا الأَجلُ العَثير
أَلا رَجعٌ لَكُم نحوي وَإِلا / فَسيرا بي وَإِن بطل المَسير
لعمري ما نسيتُ لكم وَفاءً / وَما أَنا في بِعادكمُ صبور
وَلكنّ الأُمور لَها حدودٌ / مقدّرةٌ وَيَعلمُها القدير
جَزى اللَه التغرّبَ كلَّ سوءٍ
جَزى اللَه التغرّبَ كلَّ سوءٍ / لَقد حطّت دَواعيه بقدري
فجهّلني الجهولُ وَلا يُبالي / وَصغّرني الصَغيرُ وَلَيسَ يَدري
بلاد اللَه تقذفني كَأني / أَتيتُ جنايةً لفراق مصر
أَجوبُ جبالَها وَتردّ عَزمي / كَعنينٍ يحاولُ فتقَ بكر
أَتاكَ الدَهر مبتسمَ المحيّا
أَتاكَ الدَهر مبتسمَ المحيّا / يحيّي باليمين وباليسارِ
ففي يمناه مسك الليل يزكو / وفي يسراه كافورُ النهارِ
وهذي صرة فيها لجينٌ / وتلك حقيبةٌ مأوى نضارِ