المجموع : 3
هُوَ النَّادي وأَنتَ به أُنادي
هُوَ النَّادي وأَنتَ به أُنادي / فيامروي الحيا موري الزنادِ
لسانك أَم سنانك دار فيما / أَراه من الجدال أَو الجلادِ
يبرز في اطِّلاع واضطلاع / وتبرز في اتِّقاد وانتقادِ
وكم لك في الفصاحة من أَياد / ملكت بها الفخار على إِيادِ
قريض يدعيه الجو زُهراً / ينظمها بأَجياد الدآدي
وترسيل يراه الروض زهراً / ينثّره براحات الوهادِ
من الشعراءِ أَضحى فيك قلبي / يهيم صبابة في كل وادِ
تخذتك من صقلِّية خليلا / فكنت الورد يقطف من قتادِ
وشمتك بين أَهليها صفيّا / فكنت الجمر يقبس من زنادِ
وما هي إِذ تحوزك غير صدر / حتى الأَضلاع منك على فؤادِ
فإِن وسعتك حيزوماً وآلا / فما ضاقت حيازيم البلادِ
مرادي أَن أَراك ولست أَشدو / عذيرك من خليلك من مرادِ
بأَرضٍ نعمة النعمان فيها / تزاد لمن يقصر عن زيادِ
وإِنِّي عنكَ بَعْدَ غَدٍ لَغَادٍ / وقلبي عن فنائِكَ غيرُ غادِ
فأَبْعَدَ بُعْدَنَا بُعْدُ التَّدانِي / وَقرَّبَ قُرْبَنَا قُرْبُ البِعادِ
نجومُ علاكَ قد طلعَتْ سعودا
نجومُ علاكَ قد طلعَتْ سعودا / وعَرْفُ ثَناك فينا فاحَ عودا
فأبْلِ حوادثَ الأيام والبَسْ / رِداءَ الفضلِ فضفاضاً جديدا
وطالِعْ أوجُهَ الأعوامِ بيضاً / فقد طلعَتْ لمَنْ عاداكَ سُودا
فأنت ابنُ السعيدِ أخو المعالي / ومَن أضحى كوالدِه سعيدا
بنيتَ المُلْكَ بالعزَماتِ قصراً / وأعليتَ البِناءَ به المَشيدا
رسا فوقَ الصّعيدِ وطالَ حتى / تخطّى النجمَ مرتفعاً صُعودا
ومثلُك من تقلّد بالمعالي / فريداً حالياً منها فريدا
غمامٌ في ندًى ورديٍّ تراه / مفيداً للرغائب أو مبيدا
وسيدُ معشر ما قال إلا / رأينا سيّداً قد صار سِيدا
يفوّق رأيَهُ في الخطب سهماً / سديداً في مقاتلِه شديدا
ويفترسُ الأسودَ بمُرهَفاتِ / من العَزَماتِ تفترسُ الأسودا
وينشئُ من مثارِ النّقْع سُحْباً / تُسحُّ دماً تبُلُّ به الصّعيدا
إذا سُلّتْ صوارمُه بُروقاً / أعانَتْها صواهِلُه رعودا
بكلِّ أشمّ ما صديَتْ ظُباه / فأوردَ هيمَها إلا الوريدا
وأبلجَ كالصباحِ أضاءَ منه / عمودٌ فاجتليناهُ عميدا
جنودٌ بات ياسرٌ المُعلّى / مع الأيام يُتبِعُها جنودا
بها كبتَ الحسودَ ومن يصرِّفْ / جنودَ النصرِ قد كبتَ الحَسودا
فيابْنَ بلال الملكُ الذي قد / شأى آباءَه وشأى الجُدودا
إليك قدِ ارتمَتْ مسلى مسالي / فجاوزَتِ التّهائمَ والنُجودا
وقد عوّدْتَني إسداءَ فضلٍ / أعيشُ به وظنّي أن يعودا
وإن لم أغْدُ فيك لبيدَ عصري / فكُنْ لي أنت وُفِّقْتَ الوليدا
فقد أضحَتْ ملوكُ الأرض طُرّاً / لديك على نفاستِها عَبيدا
ومثلُك من تلبّيه الأماني / رُكوعاً حولَ كعبتِه سُجودا
وخذْ مني عُقوداً من كلامٍ / يفوقُ على نفاستِه العُقودا
فقد نُظِمَ الكرامُ فكنت بيتاً / هو المعنى وإن كانوا القصيدا
أرَوْهُ الجلّنارَ من الخُدودِ
أرَوْهُ الجلّنارَ من الخُدودِ / واخفَوْا عنه رمّان النهودِ
وحلَّوْا مقلتيه بدُرِّ دمعٍ / تبسّم في المخانِقِ والبرودِ
وهم نظَموا الفريدَ على نُحورٍ / فدمعُ العينِ يجري كالفَريدِ
وما غرَسوا نخيلَ العيسِ إلا / وهمْ فيها من الطَلْعِ النضيد
يُثنّين المعاطفَ في قيامٍ / ويُفعِمْنَ الروادفَ في قُعودِ
وكثبانٌ ترجْرجَ في مُروطٍ / وقضبانٌ ترنّحُ في بُرودِ
ويكسرن الجفونَ على لِحاظٍ / هي الأسيافُ تحفل بالغُمودِ
بعثْن على النوى جيشَ التداني / وسلّطْنَ الوصالَ على الصُدودِ
فبات الطيفُ يقضي الطرفَ دَيْناً / تقاضتْهُ كفالاتُ الهُجودِ
وكم جذبَ الصبا طرفَيْ عِناني / فغادرَهُ بسالفتَيْ شُرود
سقى مصراً وساكنُها مُلِثٌّ / صليلُ البرقِ صخّابُ الرعودِ
ولو أني وجدتُ لقلت سُقْيا / يعاورُها على نايٍ وعودِ
مواردُ بي لها عطشٌ شديدٌ / ولكنْ لا سبيلَ الى الورودِ
هل الرأي السديدُ البعدُ عنها / نعم إنْ كان للشيخِ السديد
إليكَ قطعتُ لا طوفانَ نخْل / ليُنزلَني على جوديّ جُودِ
فصحّ وقد رأيتُك كلُّ وعدٍ / ملكتُ به مناجزةَ الوُعودِ
معي خِلَعُ الثناء وليس منها / خليعٌ إن عزَمْتُ على الجديدِ