القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مَعرُوف الرُّصافِيّ الكل
المجموع : 5
عهِدتُك شاعر العرب المُجيدا
عهِدتُك شاعر العرب المُجيدا / فما لك لا تطارحنا النشيد
فنحن إليك بالاسماع نُصغي / فهل لك أن تُفيد فنستفيدا
بشعر لا تزال تنوط منه / بجيد بدائع الدنيا عقودا
إذا أنشدته الحسناءَ تاهت / كأن قَرَّطتها دراً فريدا
وأنت إذا قرعت به عبيداً / رددت إلى الحَرار بهالعبيدا
ولو تستنهض الجبناء يوماً / به لتقّحموا الهيجا اسودا
ولو كرّرته للقوم ألفاً / لأقسم سامعوه بأن تعُيدا
وكم تهتزّ أعطاف المعالي / إذا ما قلت قافيةً شرودا
فلو أنشدتنا في الفخر شعراً / تُذكِّرُنا به العهد البعيدا
تذكرنا الأوائل كيف سادوا / وكيف تبوّعوا الشرف المديدا
فقلت له وقد أبدى ارتياحاً / إليّ إذ ارتجلتُ له القصيدا
أجل أن القبائل من مَعَدٍّ / علّوْا فتسنّموا المجد المجيدا
وأن لهاشم في الدهر مجداً / بناه لها الذي هشم الثريدا
ومذ قام ابن عبد اللّه فيهم / أقام لكلّ مَكْرُمة عمودا
وأنهضهم إلى الشرف المُعَلّى / وكانوا عنه قبلئذٍ قعودا
فأصبح وارياً زَنْدُ المعالي / وقبلاً كان مَقْدَحُه صلودا
فهم فتحوا البلاد ودّوخوها / وقادوا في معاركها الجنودا
وهم كانوا أشد الناس بأساً / وأمنع جانباً وأعمّ جُودا
وأرجحهم لدى الجُلّى حلوماً / وأصلبهم لدى الغَمَرات عودا
ولكن أيها العربيّ أنّي / أراك لغير ما يُجدى مريدا
وما يجدي افتخارُك بالأوالي / إذا لم تفتخر فخراً جديدا
أرى مستقبل الأيام أولى
أرى مستقبل الأيام أولى / بمَطْمَح من يحاول أن يسودا
فما بلغ المقاصد غيرُ ساع / يردّد في غدٍ نظراً سديدا
فَوَجِّه وجه عزمك نحو آت / ولا تَلفِت إلى الماضين جيدا
وهل أن كان حاضرنا شقيّاً / نسود بكون ماضينا سعيدا
تقدّم أيها العربيّ شوطاً / فإن أمامك العيش الرغيدا
وأسّس في بنائك كل مجدٍ / طريف واترك المجد التليدا
فشرّ العالمين ذوو خُمول / إذا فاخرتهم ذكروا الجدودا
وخير الناس ذو حسب قديمٍ / أقام لنفسه حسباً جديدا
تراه إذا ادعى في الناس فخراً / تقيم له مكارمُه الشهودا
فدعني والفخارَ بمجد قوم / مضى الزمن القديم بهم حميدا
قد ابتسمت وجوه الدهر بيضاً / لهم ورأيننا فعبسن سودا
وقد عهدوا لنا بتراث ملك / أضعنا في رعايته العهودا
وعاشوا سادة في كل أرض / وعشنا في مواطننا عبيدا
إذا ما الجهل خيّم في بلاد / رأيت اسودها مُسِخَت قرودا
إلى كم أنت تهتِف بالنشيد
إلى كم أنت تهتِف بالنشيد / وقد أعياك إيقاظ الرقود
فلست وإن شددتُ عرا القصيد / بمُجد في نسيدك أو مُفيد
لأنّ القوم في غَيّ بعيد /
إذا أيقَظْتَهم زادوا رُقادا / وإن أنهضتهم قعدوا وئادا
فسُبحان الذي خلق العِبادا / كأنّ القوم قد خُلقوا جَمادا
وهل يَخلو الجماد عن الجُمود /
أطلتُ وكاد يُعييني الكلام / مَلاماً دون وقعته الحُسام
فما انْتَبَهوا ولا نفَع الملام / كأن القوم أطفال نيام
تُهزّ من الجهالة في مُهود /
إليكِ إليك يا بغداد عنّي / فإني لست منكِ ولست منّي
ولكنّي وأن كبُر التَجَنّي / يَعِزّ عليّ يا بغداد أني
أراك على شَفا هَوْل شديد /
تتابعت الخطوب عليك تترىَ / وبُدّل منك حُلو العيش مرّا
فهلاً تُنجِبين فتىً أغرّا / أراك عقمت لا تلدين حرّا
وكنتِ لمثله ازكىَ ولود /
أقام الجهل فيك له شُهودا / وسامَك بالهَوان له السُجودا
متى تُبْدين منك له جُحُودا / فهلاّ عُدت ذاكرةً عهودا
بهنّ رَشدت أيامَ الرشيد /
زمانَ نُفُوذُ حكمِك مُستَمرّ / زمانَ سحابُ فَيْضك مُستدِرّ
زمانَ العلمُ أنتِ له مقرّ / زمان بناءُ عزّك مُشمَخِرّ
وبدر علاك في سَعد السُعود /
برحت الأوج مَيلا للحَضيض / وضِقت وكنت ذات علا عريض
وقد أصبحت في جسم مريض / وكنت بأوجُهٍ للعزّ بيض
فصرت بأوجه للذُل سود /
ترقّى العالمون وقد هبطنا / وفي دَرْك الهَوان قد انحططنا
وعن سَنَن الحضارة قد شَحَطنا / فقطْنا يا بني بغداد قطنا
إلى كم نحن في عيش القرود /
ألم تكُ قبلنا الأجداد تبني / بناءً للعلوم بكلّ فنّ
لماذا نحن يا أسرى التَأنّي / أخذنا بالتقَهقُر والتدنّي
وصِرنا عاجزين عن الصعود /
كأنْ زحل يشاهد ما لدينا / لذاك احمرّ من حَنَق علينا
فقال مُوَجِهاً لوماً إلينا / لو أنّي مثلكم أمسيت هينا
أذن لَنَضَوت جلبات الوجود /
ركَدتم في الجهالة وهي تُعشي / وعِشتم كالوحش أخسّ عيش
أما فيكم فتىً للعزّ يمشي / تبارك من أدار بنات نعش
وصفّدكم بأصفاد الركود /
حكيتم في تَوَقُفكم جُدَيّا / فصِرتم كالسُها شعباً خَفيّا
ألا تجرون في مَجرى الثُريّا / تَؤُمّ بدَوْرها فَلَكاً قصيّا
فتبرز منه في وضع جديد /
حكومة شعبنا جارت وصارت / علينا تستبدّ بما أشارت
فلا أحداً دعنه ولا استشارت / وكل حكومة ظلمت وجارت
فبشّرها بتمزيق الحدود /
حكومتنا تميل لباخسيها / مجانية طريق مؤسسيها
فلا يَغرُرْك لِينُ ملابِسيها / فهم كالنار تحرق لامسيها
وتَحْسُن للنواظر من بعيد /
لقد غَصّ القَصيم بكل نذل / وأمسى من تخاصمهم بشغل
فريقاً خُطَّتَيْ غَيٍّ وجهل / كلا الخصمين ليس له بأهل
ولكن من لتنكيل المَريد /
إليهم أرسلت بغداد جندا / ليهلك فيه عن عبث ويُفدى
لقصد ابن الرشيد أضاع قصدا / فلا ابن الرشيد بلغت رشدا
ولا بلغ السعودَ ابنُ السعود /
مشَوْا يتحرّكون بعزم ساكن / ورثّة حالهم تُبْكي الأماكن
وقد تركوا الحلائل في المساكن / جنود ارسلت للموت لكن
بفَتْك الجوع لافتك الحديد /
قدِ التْفَعَوا بأسمال بَوَال / مُشاةً في السهول وفي الجبال
يَجِدُّون المسير بلا نعال / بحال للنواظر غير حال
وزِيٍّ غير ما زي الجنود /
مشوا فيَ منهج جهِلوه نهجاً / يَجُوبون الفلا فَجّاً ففجا
إلى حيثُ السلامة لا تُرجى / فيا لهفي على الشبان تُزجى
على عَبَث إلى الموت المُبيد /
وكلّ مذ غَدَوْا للبيت أمّا / فَوَدّع أهله زوجاً وأمّا
وضمّ وليده بيدٍ وشَمّا / بكى الولد الوحيد عليه لمّا
غدا يبكي على الولد الوحيد /
تقول له الحَليلة وهو ماشٍ / رويدك لا برِحت أخا انتعاش
فبعدكَ من يحصّل لي معاشي / فقال ودمعه بادي الرَشاش
وَكَلْتكم إلى الرَبّ الوَدود /
عساكر قد قضوْا عُرياً وجوعا / بحيث الأرض تبتلع الجُموعا
إلى أن صار أغناهم رُبوعا / لفَرط الجوع مُرتضياً قَنوعا
بقِدٍّ لو أصاب من الجلود /
هناك قضَوْا وما فتحوا بلادا / هناك بأسرهم نفدوا نفادا
هناك بحَيْرةٍ عَدِموا الرشادا / هناك لرَوْعهم فقَدوا الرُقادا
هناك عَرْوا هناك من البُرُود /
أناديهم ولي شَجَن مَهِيج / وأذكرهم فينبعث النشيج
ودمع محاجري بدمٍ مزيج / ألا يا هالكين لكم أجيج
ذَكَا بحشايَ محتَدِمَ الوُقود /
سكنّا من جهالتنا بقاعا / يَجور بها المُؤَمَّر ما استطاعا
فكِدنا أن نموت بها ارتياعا / وهَبْنا أمةً هلكت ضَياعا
تَوَلّى أمرها عبد الحميد /
أيا حريّة الصحف ارحمينا / فإنا لم نزل لكِ عاشقينا
متى تَصِلين كيما تُطلِقينا / عِدِينا في وصالك وَامْطلِينا
فإنّا منكِ نقنع بالوُعود /
فأنتِ الرُوح تَشِفين الجُروحا / يُخَرِّج فَقْدُك البلد الفَسيحا
وليس لبلدة لم تَحْوِ روحا / وأن حَوَت القصور أو الصروحا
حياةٌ تُستَفاد لمُستَفِيد /
أقول وليس بعض القول جدّاً / لسلان تَجَبَّر واستبدّا
تَعَدّىَ في الأمور وما استعدا / ألا يا أيها الملك المُفَدّى
ومَن لولاه لم ثَك في الوجود /
أنِمْ عن أن تَسُوسن الملك طَرفا / أقِمْ ما تشتهي زمراً وعَزفا
أطلِ نُكْر الرَعية خَلِّ عُرفا / سُمِ البُلدان مهما شئت خَسفا
وأرسلَ من تشاء إلى اللُحُود /
فدتْك الناس من ملك مُطاع / أبِن ما شئت من طُرُقِ ابتداع
ولا تَخشَ الإله ولا تُراع / فهل هذي البلاد سوى ضِياع
ملكت أو العبادُ سوى عبيد /
تَنَعّم في قُصورك غير دارِ / أعاش الناس أن هم في بَوار
فإنّك لم تُطالبَ باعتذار / وهَبْ أن الممالك في دَمار
اليس بناء يِلدِزَ بالمَشيِد /
جميع ملوك هذي الأرض فُلْك / وأنت البحر فيك نَدىّ وهُلْك
فأنّى يبلغوك وذاك إفْك / لئن وَهَبُوا النقود فأنت مَلْك
وَهوب للبلاد وللنقود /
أ تونس أن في بغداد قوماً
أ تونس أن في بغداد قوماً / تَرِفّ قلوبهم لكِ بالوِداد
ويجمعهم وأياك انتساب / إلى مَنُ خصّ منطقهم بضاد
ودينٍ أوضحت للناس قبلاً / نواصع آيِهِ سبل الرشاد
فنحن على الحقيقة أهل قُربى / وأن قضت السياسة بالبِعاد
وما ضَرَّ البغاد إذا تدانت / أواصر من لسان وأعتقاد
وأن المسلمين على التَآخي / وأن أَغرىَ الأجانب بالتعادي
أ تونس أن مجدك ذو انتماء / إلى عُليا نِزار أو إياد
لنا بثعالبِيّك خير مُلقٍ / على أشتاتنا حبل اتّحاد
وأكبر حامل بيد اعتزام / لحُب بلاده عَلَم التَفادي
وأسمَى من سما أدباً وعلماً / وأفصح من تكلّم عن سَداد
دع القول المريب وقائليه / وسل عنه المنابر والنوادي
تَجِدْهُ خطيبها في كلّ خطبٍ / ومِدْرَهَها لدى كل احتشاد
فتى صَرُحت عزائمه وجَلَّت / عن الرَوَغان في طلب المُراد
تَغَرَّب ضارباً في الأرضَ يبغي / مَدىً من دونه خرط القتاد
فأوغل في المفاوُز والمَوامي / وطَوّف في الحواضر والبوادي
وكان طوافه شرقاً وغرباً / لغير تكسُّب وسوى ارتِفاد
ولكن ساح لأستِنهاض قوم / حكَوْا بجمودهم صفة الجماد
يغار على العُروبة أن يراها / مهدّدة المصالح بالفساد
فأنّى سار كان له هدير / يهُزّ دوِيّه أقصى البلاد
وكم قد قام في نادٍ خطيباً / بمُحكمة المقاصد والمبادي
تُنير بكهربائيّ المعاني / أموراً كنّ كالظُلَم الدَآدي
تحُلّ من القلوب إذا وَعَتْها / محلّ الحب من شَغَف الفؤاد
إلى أن جاء حاضِرة نماها / أبو الأمناء ذو الشرف التِلاد
فكان نُزوله في ساكنيها / نزول الماء في المُهَج الصوادي
فيا عبد العزيز أقِم عزيزاً / بحيث الأرض طيّبة المراد
يحيّيك العراق برافدَيه / تحية مخلص لك في الوِداد
لنا مَلك وليس له رعايا
لنا مَلك وليس له رعايا / وأوطان وليس لها حدود
وأجناد وليس لهم سلاح / ومملكة وليس بها نقود
أيكفينا من الدَولات أنّا / تُعلَّق في الديار لنا البُنود
وأنا بعد ذلك في افتقار / إلى ما الأجنبيّ به يجود
تجوز سيادة الهنديّ فينا / وأما ابن البلاد فلا يسود
إذن فالهند أشرف من بلادي / وأشرف من بني قومي الهنود
وكم عند الحكومة من رجال / تراهم سادة وهم العبيد
كلاب للأجانب هم ولكن / على أبناء جِلدتهم أسود
وليس الإنكليز بُمنقذينا / وإن كُتبت لنا منهم عهود
متى شَفِق القويّ على ضعيف / وكيف يعاهد الخِرفانَ سِيد
ولكن نحن في يدهم إسارى / وما كتبوه من عهدٍ قيود
أما والله لو كنا قروداً / لما رضَيت قرابتنا القرود

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025