ألا فادعُ الذي ترجو ونادي
ألا فادعُ الذي ترجو ونادي / بُحبِّكَ إن تكن في أيّ نادي
فمن غَرس الرجا في قلب حُرٍ / أصابَ جَنى النجا غِبّ الحصاد
ومن حُسن الخلائق سله صنعاً / جميلا فهو أوفى بالوداد
وحدثْ عن وفا خلٍ وفّى / بمرسلٍ حُبه في القلب بَادي
ورب أخ تلاهى عنك يوما / فربّ وداده أبداً ودادي
بنو الآدابِ إخوانٌ جميعاً / وأخدانٌ بمختلف البلاد
خلائفُ عنصرٍ كل تغذى / بأثداء العلا دونَ اقتصاد
وآدابُ الفتى تعليه يوماً / إلى الأنجاد من بعد الوهاد
وآدابِي تُسامى بي الدراري / على شعثى وتبلغني مُرادي
ومالي لا أتيه بها دلالا / وقد دلتْ على نَهج الرشاد
إلى سُبل الفخار تقود حزمي / وفي ميدانه عزمُ انقيادي
عِصاميٌّ طريفُ المجد سعياً / عظاميُّ شريفٌ بالتِّلاد
سوى نسب العلوم لي انتسابٌ / إلى خير الحواضرِ والبوادي
حُسينيُّ السلالة قاسميُّ / بطهطا معشري وبها مهادي
لسان العرب يُنسب لي نجاراً / ويدنيني إلى قُسّ الإياد
وحسبي أنني أبرزت كتباً / تبيدُ كتائباً يوم الطراد
فمنها منبعُ العرفان يجري / وكم طرسٍ تَحبَّر بالمداد
على عدد التواترِ مُعرباتي / تفي بفنون سلم أو جهاد
وملطبرون يشهدُ وهو عدل / ومنتسكو يقرُّ بلا تمادي
ومغترفو قراح فراتِ درسي / قد اقترحوا سِقاية كل صادي
ولاح لسان بَاريسٍ كشمسٍ / بقاهرة المعزّ على عبادي
ومحيي مصرَ أحيا كان قدري / وكافأني على قدر اجتهادي
سأشكرُ فضلَه ما دمتُ حياً / وما شكري لدى تلك الأيادي
رعى الحنان عهدَ زمان مصر / وأمطرَ ربعَها صوب العهاد
رحلتُ بصفقة المغبون عنها / وفضلي في سِواها في المزاد
وما السودانُ قطُ مُقامُ مثلي / ولا سَلماي فيه ولا سَعادي
بها ريحُ السمومُ يشم منه / زفيرَ لظى فلا يُطفيه وادي
عواصفها صباحاً أو مساءً / دواماً في اضطراب واطّراد
ونصفُ القوم أكثره وحوشٌ / وبعضُ القوم أشبهُ بالجماد
فلا تعجبْ إذا طبخوا خليطا / بمخ العظم مع صافي الرماد
ولطخُ الدُّهْنِ في بَدنٍ وشعر / كدهن الإبل من جَرب القراد
ويُضربُ بالسياط الزوجُ حتى / يُقال أخو ثَباتٍ في الجلاد
ويرتق ما بزوجتهِ زماناً / ويصعبُ فتقُ هذا الإنسداد
وإكراهُ الفتاة على بغاءٍ / مع النهى ارتضوْه باتحاد
نتيجته المولّدُ وهو غالٍ / به الرغباتُ دوماً باحتشاد
لهم شغفٌ بتعليم الجَواري / على شبقٍ مجاذبة السفاد
وشرحُ الحال منه يضيقُ صَدري / ولا يُحصيه طرسي أو مِدادي
وضبطُ القول فالأخيارُ نُزْرُ / وشرُ الناس منتشرُ الجراد
ولولا البيضُ من عُرْبٍ لكانوا / سواداً في سوادٍ في سواد
وحسبي فتكها بنصيف صحبي / كأن وظيفتي لبسُ الحِداد
وقد فارقتُ أطفالا صغاراً / بطهطا دونَ عَوْدي واعتيادي
أفكر فيهم سراً وجهراً / ولا سَمرى يطيب ولا رقادي
وعادت بهجتي بالنأي عنهم / بلوعة مهجةٍ ذاتِ اتقادِ
أريد وصَالَهم والدهرُ يأبى / مواصلتي ويطمعُ في عنادي
وطالت مدةُ التغريب عنهم / ولا غنمٌ لدىّ سوى الكساد
وما خلتُ العزيزَ يريدُ ذلي / ولا يُصغى لأخصامٍ حدادِ
لديه سعوا بألسنةٍ حدادٍ / فكيف صغى لألسنةٍ حدادٍ
مهازيلُ الفضائل خَادعوني / وهل في حربهم يكبو جوادي
وزخرفُ قولهم إذْ مَوهوهُ / على تزييفه نادى المنادي
فهل من صَيرفي المعنى بصير / صحيحِ الانتقاء والانتقاد
قياسُ مدارسي قالوا عقيمُ / بمصر فما النتيجةُ في بعادي
وكان البحرُ منهجَ سفن عزمي / فكدتُ الآن أغْرقُ في الثَّمادِ
ثلاثُ سنين بالخرطوم مرت / بدون مدارس طبق المراد
وكيف مدارس الخرطوم تُرجى / هناك ودونَها خَرطُ القتاد
نعم تُرجَى المصانعُ وهي أحرى / لتأييد المقاصد بالمبادي
علومُ الشرع قائمةٌ لديهم / لمرغوب المعاش أو المعاد
خدمتُ بموطني زمناً طويلا / ولي وصفُ الوفاء والاعتماد
فكنتُ بمنحة الإكرام أوْلى / بقدرٍ للتعيش مُستفاد
وغايةُ مطلبي عَوْدي لأهلي / ولو من دون راحلةٍ وزادي
وصبري ضاع منذ اشتدّ خطبي / وهوْنُ الخطب عند الاشتداد
وكم حسناً دعوتُ لحسن حَالي / وكم نادى فؤادي يا فؤادي
وأرجو صدرَ مصر لشرح صدري / وجهد الطول في طول النجاد
وكم بُشرتُ أن عزيزَ مصر / تفوهَ بالفكاك ولم يفاد
وحاشا أن أقولَ مقال غيري / وذلك ضد سرّي واعتقادي
لقد أسمعتَ لو ناديتَ حياً / ولكن لا حياةَ لمن تُنادي
وفي دار العزازةِ لي عياذٌ / يَقيني نشبَ أظفار العوادي
أميرُ كبار أرباب المعالي / فنى في شرعة العرفان هادي
عروفُ ألمعي لا يُباري / بمضمار العلا طلقُ الجياد
يوافر فضله الركبانُ سارتْ / وغَنىّ باسمه حادٍ وشاد
وقالوا في معارفه فريدٌ / فقلتُ وفي الرياسة ذو انفراد
وفي الأحكام قالوا لا يُضاهَى / فقلتُ وذو تحر واجتهاد
وقالوا في الذكاء ذكا فقلنا / وثاقبُ ذهنه وارى الزناد
وقالوا وفقَ الحسنُ المُسَمَّى / فقلت وكم حدا بالوصف حاد
وبحر حجاه يبدو منه در / لغوّاصِ العلوم بلا نفاد
فيا حسنَ الفعال أغثْ أسيرا / بسجن الزنج يحكي ذا القياد
عليه دوائرُ الأسواء دارتْ / وطالتْ وفقَ أهواء الأعادي
وقد فوضتُ للمولى أموري / وذا عينُ الإصابة والسداد
عسى المولى يقول امضُوا بعبدي / فيقضى لي بتقريب ابتعادي
وما نظمُ القريض برأْسِ مالي / ولا سَندي أراهُ ولا سِنادي
وافرُ بحره إن جاد يوماً / فممدوحي له وصف الجواد
وليس لبكر فكري من صداقٍ / سوى تلطيف عودي في بلادي
فا أسمى ذراها من بيوتٍ / رَزانٍ في حماستها شداد
ومسكُ ختامها صلوات ربي / على طه المُشَفَّعِ في المعاد
وآل والصحابة وكلَّ وقت / مواصلةٍ إلى يوم التنادِ