المجموع : 6
نُفارِقُكُم وَنَضرِبُ في البِلادِ
نُفارِقُكُم وَنَضرِبُ في البِلادِ / وَلا تَتَرحَّلونَ عَنِ الفُؤادِ
نَغيبُ وَلا تَغيبُ الدَّارُ عَنَّا / فَتُوهِمُنا التَقَرُّبَ في البِعادِ
رَحَلنا بِالغَداةِ عَلى وَداعٍ / فَمَن هَذا المُسلِّمُ في الهَوادي
وَفارَقنا الدِّيارَ وَما يَليها / فَما هَذا المشخَّصُ في السَوادِ
خُذُوا عَنّا الَّذي حَمَّلتُمونا / مِنَ الأَشواقِ فَهوَ أَمَرُّ زادِ
وَكُفُّوا عَنْ خَواطِرنا وَعَنَّا / فَقَد حُلتُم بِها دُونَ الرُّقادِ
تَكلَّفْنا الرَّحيلَ فَما أَقَمنا / مَخافَةَ أَن نَذُوبَ عَلى الوِسادِ
وَكان نَصيبُنا مِنكُم كَلاماً / قَطَعناهُ لِتشتَفِيَ الأَعادي
تَرَحَّلنا الجِيادَ وَكُلُّ صَدرٍ / كَأَنَّ فُؤادَهُ تَحتَ الجِيادِ
وَلَو كُنّا نُملَّكُ كُلَّ أَرضٍ / نَطاها ما مَشينا عَن مُرادِ
أَجارَتَنا الَّتي كُنّا نَراها / وَما بَرِحَت وَلَو طالَ التَمادي
أراكِ صَحبِتنا وَظلِلتِ مَعْنا / وظَلَّتْ وحْشةٌ لكِ في ازديادِ
كوجهِ أميرِ قيسٍ حين يبدو / نراهُ وكلُّنا رَيَّانُ صادِ
نراهُ كما نراهُ ولا جديدٌ / بهِ ونَظَلُّ في مُلَحٍ جِدادِ
سَلِ الهَيجاءَ عنهُ وسَلْهُ عنها / إذا انقطعَ الكلامُ لدَى الطِرادِ
وسَلْ عنهُ الخزائِنَ لا تَسَلْها / عنِ المالِ الطريفِ ولا التِلاد
وسلْ عنهُ اليَراعَ وما لدَيهِ / من البيضِ الصحائفِ والمِدادِ
وسلْ عنهُ القريضَ وما يليهِ / وسل كُتُبَ الحواضِرِ والبوادِي
وسلْ ما شئتَ عما شئتَ حتى / ترى ما شئتَ من غُرَرٍ جيادِ
ترى بَرّاً فسيحاً تحتَ ثوبٍ / وبحراً يستقلُّ على جَوادِ
وبدراً لا يُلِمُّ بهِ سِرارٌ / وغيثاً ظلَّ يُفْعِمُ كلَّ وادِ
رُويدكَ أَيُّها المولى المُفدَّى / فأنتَ على ذُرَى السّبعِ الشِدَادِ
إذا فَدَتِ النفوسُ كرامَ قومٍ / فُديتَ بِكُلِ مَفدِيٍّ وفادِ
متى وَثِقَتْ بِعهدٍ منكَ نفسٌ / كفاها العهدُ عن صَوبِ العِهادِ
ومثلُكَ لا يضيعُ فتىً لديهِ / وها أنتَ الأَمينُ على العبادِ
شرِيكُ الناسِ في خَلقٍ جميلٍ / وفي الخُلُقِ الجليلِ على انفِرادِ
لئِن تكُ صُورةٌ جَمَعَتْ فأوعَت / فإنَّ التِبرَ أشبَهُ بالرَّمادِ
لكلِ كَرامةٍ زَمَنٌ يَعُودُ
لكلِ كَرامةٍ زَمَنٌ يَعُودُ / كما يَخَضَرُّ بَعدَ اليُبسِ عُودُ
وإِنَّ الدَّهرَ يَبخُلُ بعدَ جُودٍ / وبعدَ البُخْلِ ننظُرُهُ يجودُ
لَئِنْ فاتَ البِلادَ قديمُ عَصرٍ / فها قد جاءَها عَصرٌ جديدُ
وإِن شَقيَتْ بلادُ الشُّوفِ قدْماً / فإِنَّ اليومَ صاحبَها سَعِيدُ
كريمٌ شادَ بينَ الناسِ ذِكراً / بهِ الآباءُ تَحْيا والجُدُودُ
أَعادَ لنا البشيرَ وما كفاهُ / فكانَ على مُجرَّدِهِ يَزيدُ
عَرَفناهُ على بُعدٍ ولكنْ / تَعاظَمَ إذ دَنا ذاكَ البَعيدُ
وما كَذَبَ السَّماعُ بهِ ولكنْ / تَزَكَّتْ عِندَ رُؤيتِهِ الشُّهودُ
رئيسٌ في عَشائِرِ آلِ قيسٍ / تَسِيرُ لَدَى مَواكِبِهِ البُنودُ
يَشُبُّ النَّارَ في سِلْمٍ وحَرْبٍ / وفي الحالَيْنِ ليسَ لها خُمُودُ
هُوَ الرُّكنُ الذي لولاهُ كادتْ / قواعدُ طُورِ لُبنانٍ تَميدُ
إذا كانتْ بِلادُ الشُّوفِ تُدعَى / جَوانِبَ خَيمةٍ فَهُوَ العَمودُ
لِمَنْ طَلَلٌ بِوادي الرَّمل بادِ
لِمَنْ طَلَلٌ بِوادي الرَّمل بادِ / تَخُطُّ بهِ الرِّياحُ بلا مِدادِ
وَقَفتُ بناقتي فيهِ فكُنَّا / ثَلاثةَ أرسُمٍ في ظِلِّ وادِ
على مَن لا سَلامَ لها علينا / سلامٌ لا يُرَدُّ على البِعادِ
تَعَشَّقْنا الحِجازَ وقد سَمِعْنا / بمَنزِلها على ذاتِ الإصادِ
نَؤومُ عينُها سَلَبَتْ مَنامي / فصارَ لها رُقادٌ في رُقادِ
رَضِيتُ بطَيفِها لو زَارَ حيناً / وكيفَ يَزورُ طيفٌ في السُّهادِ
كحيلةُ مُقلةٍ بَرَزَتْ كسيفٍ / فجاءَتها الغدائِرُ بالنَّجادِ
رأيتُ دَمي بَوجْنتِها فأرْخَتْ / ذُؤَابتَها تُشيرُ إلى الحِدادِ
لِعَينكِ يا أُميَّةُ ما برأسي / وما في مُقلتَيَّ وفي فُؤادي
تَطِيبُ لأجلِها بالشَيبِ نفسي / فقد صارت تَخافُ منَ السَّوادِ
أمِنتُ على فُؤَادي من حَريقٍ / بِحُبكِ حينَ صار إلى الرَّمادِ
وقد أمِنَتْ قُروحَ الدَمعِ عيني / لأنَّ الدَّمعَ صار إلى النَفادِ
دَعوتُ بني الصَّفاءِ لكَشفِ ضَرٍّ / أذُوبُ لهُ فكانوا كالجَمادِ
وما كلُّ أمرئٍ يا أُمَّ عَمْرٍو / بمحمودٍ إذا هَتَفَ المُنادي
هَوِيتُ من البِلادِ دِمَشْقَ لَمَّا / هَوِيتُ ابنَ النَّسيب منَ العِبادِ
وليسَ ابنُ النَّسِيبِ اليومَ فيها / سِوَى جَبَلٍ على كَبِدِ الوِهادِ
نسيبٌ من نَسيبٍ من نسيبٍ / كأكعابِ القناةِ على اُطِّرادِ
كِرامٌ لو تَقَصَّاهُمْ نَقِيبٌ / لَعَدَّ كِرَامَهُمْ من عَهدِ عادِ
إذا قَلَّبتَ في محمودَ طَرْفاً / تَرَى قَمَراً تَبوَّأ صَدْرَ نادِ
تراهُ في المعاني قيس عبسٍ / وفي الألفاظِ قسَّ بني إياد
كريم الخلقِ ممدوحُ السَّجايا / كريمُ النَفسِ محمودُ الأيادِي
أرَقُّ منَ الزُّلالِ العَذْبِ لُطفاً / وأثبتُ من ثَبيرٍ في الوِدادِ
فَتىً لا يَزْدَهيهِ التِّيهُ كِبْراً / ولو أمسَى على السَّبْعِ الشِّداد
تَحِلُّ المكرُماتُ حِماهُ شَوقاً / وقد سارَتْ إليه بغَيرِ حادِ
أصَحُّ الناسِ في الغَمَراتِ رأْياً / وأهداهُمْ إلى سُبُلِ الرَّشادِ
وأشجاهم بمَسئَلةٍ لخَصْمٍ / وأرواهم بفائدةٍ لِصادِ
يَهُبُّ الشَّوقُ في قَلبي إليهِ / هُبوبَ الرِّيحِ في رِجْلِ الجَرادِ
ويَعذُبُ مَا تَيسَّرَ منه عِندي / كمَسْغبَةٍ تُحبِّبُ كُلَّ زادِ
ألا يا مُنعِماً بقَديمِ وَصلٍ / بَدأتَ فهل لِبَدْئِكَ مِن مَعادِ
لَئنْ حَجَّت إليكَ العينُ يوماً / فإنَّ القلبَ دامَ على الجهادِ
شَكا من أذهَبَ البَلوَى وزالتْ
شَكا من أذهَبَ البَلوَى وزالتْ / بحكمتِهِ شِكاياتُ البِلادِ
وما قَدَرَ الزَّمانُ على يَديِهِ / فصادَمَ رِجلَهُ بيَدِ الجوادِ
تحَجَّبَ كالسَّرارِ فعادَ بَدْراً / وكانَ لِقاهُ أشهَى في المَعادِ
وما احتجَبَتْ لوائِحُهُ فكانت / كضَوءِ الفجرِ دُونَ الشَّمس بادِ
رَسولٌ رَدَّ قوماً عن ضلالٍ / فقادَهُمُ إلى سُبُلِ الرَّشادِ
ونادَى بينَهم يا قومُ إنّي / أخافُ عليكُمُ يومَ التَّنادِ
عَبِثتمْ بالكتابِ وقد لَطَختمْ / بياضاً للحنيفةِ بالسَّوادِ
وقُمتْمُ في البِلادِ كقوم عادٍ / ولَسْتم في شريعةِ قومِ عادِ
أتَى الأعرابَ من أبناءِ تُركٍ / سَمِيُّ مُحمَّدٍ للخَلْقِ هادِ
تَلقَّى ما بهِ الأعجامُ فاهت / وما نَطَقَتْ به عُربُ البَوادي
لهُ في النَّاسِ حُسَّادٌ على ما / يَرَونَ بهِ وليسَ لهُ أعادي
يُجازِي كُلَّ ذي ذَنْبٍ بعَدْلٍ / فيَعذِرُهُ ويَبقَى في الوِدادِ
وَزيرٌ في طريقِ اللهِ يَسعى / فليسَ يُريدُ ظُلماً للعِبادِ
بهِ عاشَتْ بقايا آلِ عيسى / كذاك العَيشُ يَحصُلُ بالفُؤادِ
بُروقٌ قد تخللَّها رُعودُ
بُروقٌ قد تخللَّها رُعودُ / فظُنَّ وراءَها مَطَرٌ شديدُ
وهُوجُ عواصفٍ ثارتْ فكادتْ / جِبالُ الشُّوفِ من قَلَقٍ تَميدُ
وسُحْبٌ أطبَقَتْ ولها دُخانٌ / إلى أوجِ السَّماءِ لهُ صُعودُ
وقد ثارَ العَجاجُ بأرض قومٍ / عليهمْ مِنهُ قد خَفَقَتْ بُنودُ
تَرادَفَ كلُّ ذلك ثُمَّ ولَّى / كذوبِ الثَّلجِ وانخَذَلَ الحَسودُ
رَقدنا والأماني السُّودُ بِيضٌ / وقُمنا والوجوهُ البِيضُ سُودُ
إذا أعطى الفتَى مَولاهُ عَوْناً / تُقصِّرُ عن مَضَرَّتهِ العبيدُ
وأمرُ اللهِ يَغلِبُ كلَّ أمرٍ / فلا مَلِكٌ يُعَدُّ ولا جُنودُ
حَماكَ أبا المجيدِ حُسامُ رَبٍّ / لديهِ يُشبِهُ الخَشَبَ الحديدُ
ودِرعٌ نَسجُ داودٍ منيعٌ / بنصرِ الله مَنعَتُهُ تزيدُ
لقد كثُرَتْ من القوم الدعاوي / ولكن لم تُؤيِّدْها الشُّهودُ
ولو صَحَّ الكلامُ بلا بَيانٍ / بَلَغتُ من الدَّعاوي ما أريدُ
عَمَدتَ فما نَدِمتَ لكيدِ قومٍ / لهم نَدَمٌ ولكنْ لا يُفيدُ
إذا حَجَرٌ رَميتَ بهِ عَموداً / تَراهُ نحو راميهِ يعودُ
وكم شَرَكٍ تُصادُ بهِ ظِباءٌ / ولكن لا تُصادُ بهِ الأُسودُ
وليسَ السَّيفُ يَقطَعُ في دُروعٍ / إذا قُطِعت بضربتهِ الجُلودُ
وأيُّ النَّاسِ يُرضي كلَّ نفسٍ / وبينَ هوى النُّفوسِ مدىً بعيدُ
ومن قَصَدَ الرِّضَى للنَّاسِ طُرّاً / كمنْ في الدَّهرِ يُطمِعُهُ الخُلودُ
وكمْ شاكٍ منَ الرَّحمنِ حتَّى / عليهِ الكُفرُ يَغلِبُ والجُحودُ
يَسُنُّ لهُ الوقوفَ على حُدودٍ / فتُزعجُ نفسَهُ تلك الحُدودُ
بني الخورِيْ اُسْطِفانُ حُبيْشَ داراً
بني الخورِيْ اُسْطِفانُ حُبيْشَ داراً / لكلِّ كريم قومٍ إذ يَزورُ
ولمَّا أشرَقَتْ لمؤرِّخيها / زَهَتْ بجمالِها السَّامي غزيرُ