المجموع : 15
وقلتَ امْدح به من شئتَ غيري
وقلتَ امْدح به من شئتَ غيري / ومن ذا يقبل المدْح الرَّديدا
ولا سِيمَا وقد أعمَقْتَ فيه / مخازِيَكَ اللواتي لنْ تَبيدا
وما للْحَيِّ في أكْفان مَوْتٍ / لبوسٌ بعدما امتلأتْ صديدا
وما ذنبي إليكَ سوَى جِوَارٍ
وما ذنبي إليكَ سوَى جِوَارٍ / قَريبٍ مثْلَما قَرُبَ الوريدُ
وَوُدٍّ بين شَيْخَيْنَا قَديم / على الأيام مَعْقدُهُ وَكيدُ
وَقُرْبَى نِحْلَتْي أدبٍ ورأْيٍ / بأبعدَ منهما قَرُبَ البعيدُ
وأنِّي لمْ يزل أمَلي قديماً / عَقيدَكَ ما تقدَّمَهُ عقيدُ
سَبَقْتُ به إليكَ لدنْ كلانا / وَليدٌ أوْ يُضارعه الوليدُ
وكان القلب يُؤنِسُ منك رُشْداً / ولَيْسَ بِكَاتِم الرشد الرَّشيدُ
ويشهدُ أنْ سَتَسْمُو للمعالي / فتبلُغَها فما كذب الشَّهِيدُ
فَمَالَكَ حَادَ عُرْفُ يديك عني / وما للعرف عن مثْلي مَحيدُ
ومَالي لا أزال لديْكَ أُحْبَى / حَباءً يُجْتَوَى منْه المزيدُ
دَهَانِي منْ جفائك ما دهاني / ولم يَكُ للزَّمَان به وَعيدُ
عذْرتُكَ لوْ عرفْتُكَ خارجيَّاً / طَريفَ المجْد ليس له تليدُ
فقلتُ رأى قَديمي فيه نَقْصٌ / فلست أحبُّه ما عادَ عيدُ
فَكَيْفَ ولستَ تَعْلَمُنِي عَلِيماً / بنقْص في قديمكَ يا سعيدُ
ألستَ المرْءَ والدُه حُميدٌ / وحسْبُكَ من سناءٍ لا أزيدُ
ألستَ ابن الذين غَنَوا قديماً / هُمُ الأحرار والناسُ العَبيدُ
أتحسِبُني زهاك الحظ عندي / فَحَشوُ جوانحي حسدٌ شديدُ
وما حَسَدِي وشأَنُكَ غَيْرُ شأني / أيَحْسُدُ صائداً ما لا يصيدُ
وكيف وما وقعْتُ أمامَ ظَنِّي / وكيف وما حَظِيتُ كما أُريدُ
لئن أرضاك هذا الحظُّ حظاً / فإني مُسْتَرِيثٌ مُسْتَزِيدُ
ألم تر أن نُعْمَى اللَّه شُنَّتْ / عليك فطالها شخص مديدُ
أفِدْ ما شئتَ من جَاهٍ ومالٍ / فأَنْتَ لديَّ تُزْهِي ما تُفيدُ
أَيُزهي شخْصَ مثلِكَ عند مثلي / أبا عثمان سِرْبَالٌ جديدُ
وليس ابْنُ المقفَّع في نَقِير / لديْكَ إذا عُدِدْتَ ولا يزيدُ
ولا كُلْثُومٌ المجْمُوعُ فيه / إلى الْخُطَب الرَّسَائلُ والقصيدُ
ولا عبدُ الحميد وإنْ زهاه / تَقَادُمُ عهْدِهِ شَهِدَ الحَمِيدُ
فكيف أراك تَقْصُرُ عن مَنَالٍ / وأَنْتَ الْفَردُ في الناس الوحيدُ
يراكَ بمثْلِ تلكَ العيْنِ أعْشَى / وحَاشَا منْ لهُ بَصَرٌ حديدُ
وبَعْدُ فقد تَرَى اسْتِغْلاَقَ أَمْرِي / وطُولَ حِرَانِهِ ما يَسْتَقيدُ
وعندكَ إن أردتَ النَّفْعَ نَفْعٌ / وعنْدي ضِعْفُهُ شُكْرٌ عَتيدُ
فَهَبْ لي مَحْضَراً يشْفِي ويكْفِي / إذا أبْدأْتَ فيه لا تُعِيد
تَهزُّ به الأمِيرَ فليس يُغْني / عن الهَزِّ السُّرَيْجيِّ الرَّدِيدُ
أترضَى أن حُرِمْتُ وفاز غيري / بآمال لها طلع نضيدُ
وأنت لكلَّ مَكْرُمةٍ عِمَادٌ / أجَلْ ولكلَّ ذي كرم عَميدُ
سرقوك مجدَك وهْوَ مدَّخَرٌ
سرقوك مجدَك وهْوَ مدَّخَرٌ / منْ قبْلِ أن تُلقى إلى المهدِ
وكَسَوْهُ قوماً لا يَلِيقُ بهِمْ / من ماجد وَسَطٍ وَمِنْ وغْدِ
فرددتُ حقَّك غيرَ معتذِرٍ / منه إلى حُرٍّ ولا عبدِ
فلو أسْعرته ناراً
فلو أسْعرته ناراً / لكانت دون ما يجدُهْ
وذي حسدٍ يكاشِرُني / وتحت جَنانه رَصدُهْ
يبيتُ إذا تذكَّرني / وحمّى خَيْبَرٍ تَرِدُهْ
ويرمَدُ حين يبصرني / فَدام بعينه رَمدُهْ
أصيبُ سَواء مقتله / على أنْ لستُ أعتمدُهْ
أعيذُك أن يكون نداك يأتي
أعيذُك أن يكون نداك يأتي / وليس له على الأحشاء بَرْدُ
وذاك بأن تطيل المطل حتى / ينال النفسَ منه أذىً وجَهْدُ
هنالك لا يساعِد فيك حمدٌ / وهل لمُكَدِّرِ المعروف حَمْدُ
صبرت على مَغِيبِ البدر حتى
صبرت على مَغِيبِ البدر حتى / أهلَّ أخوهُ واللّه الحميدُ
فذاك مضى لآخرةٍ وهذا / لدنيَا عمره فيها مديدُ
أبا عبد الإله ألا فشُكْراً / فإن الشكر يَتْبَعُهُ المزيدُ
سَعِدْتَ سعادتين بغير شكٍّ / ولم يجمعهما إلا سعيدُ
سعدت بأجرٍ ذاك وأنْسِ هذا / كذاك اللّه يفعلُ ما يريدُ
رأى فيه شمائله
رأى فيه شمائله / ففضَّله على ولدِهْ
وآثره لما قدْ كا / ن يؤنس فيه من رشَدِهْ
فسَّماه اسمه الأعلى / ليُقْذي عين ذي حَسَدِهْ
ولو يسْطيعُ مكَّنه / مكان الروح من جسدِهْ
فتىً ليستْ تُفَكُّ يدٌ / طوالَ الدهر من صَفَدِهْ
جرى حتى إذا ما قَص / صرَ الأكفاءُ عن أمدِهْ
أقام على مكارمه / يباري أمْسَهُ بغدِهْ
إذا هَضبتْ هواضبُه جَناباً
إذا هَضبتْ هواضبُه جَناباً / تولَّتْ منه عن أثرٍ حميدِ
كما ظهرتْ على العضْب اليماني / مآثرُ من يَدَيْ صَنَعٍ مُجيدِ
يجود صبيبُه كدموع عيني / غداةَ ترحَّلَتْ أمُّ الوليدِ
تودِّع بالإشارة من بعيد / فيا حُسْنَ الإشارة من بعيدِ
ألا يا حبَّذا نفحاتُ نجد / ومن أمسى بمنعَرَج الصعيدِ
ومن أخْشى إذا ما زرتُ منه / صدوداً والمَنية في الصدودِ
أليس اللّه صيَّرني عذاباً / لأقمع كلَّ شيطانٍ مَريدِ
لأقمع كل عفريت وجنٍّ / بكل مفازة وبكل بيدِ
أنا النار التي بالخلق تُغْذَى / وتوقَد بالحجارة والحديدِ
إذا نضجَتْ جلود القوم فيها / أُعيد لهم سوى تلك الجلودِ
يقال هل امتلأْت وكلُّ خلقٍ / بها فتقول لا هَلْ من مزيدِ
إذا عَطشوا سقيتُهُم صديداً / فويلُ القوم من شُرْب الصديدِ
فأين هُبلتَ تهرب من هجائي / وأين هبلتَ تهرب من قصيدي
ولو في است التي ولدتك مني / هربت أتتك بائقةُ النشيدِ
أُصِمُّ بها صداك وأنت فيه / وأمْنعُ مقلتيك من الهجودِ
إليكَ سُلالة الطَّحَّان أحدو / بها صمَّاء كالحجر الصلودِ
تَرُمُّ عظام لابسها وتُبْلي / ولا تَبْلى على أبد الأبيدِ
إذا قلت الليالي أهرمتْها / بدت شَنعاء في سنِّ الوليدِ
تَبثُّ حديث أمك ذي المخازي / وباخرْزيِّها نجْل اليهودِ
لياليَ لا يزال لها خليلٌ / ويُعملُها كإعمال القَعُودِ
يشكُّ خِلال حَاذيها بعَبْل / عظيم الرأس منتفخ الوريدِ
فكم من نطفةٍ قد أعجَلْتها / وما حالت إلى العَلق العقيدِ
وكم لك من أبٍ لم تحتسبه / وكم لك من أخٍ منها شهيدِ
تركَّضَ حين تمَّ فأزْلقته / بلا عُسْر ولا تعب شديدِ
وكيف تضيق عن مُلْقى جنينٍ / وكَعْثَبُهَا بريدٌ في بريدِ
فألقَتْ شلْوَهُ من رأس طودٍ / فِعال الجاهلية بالوئيدِ
فكم من قِتْلَةٍ وَجَبَتْ عليها / وكم في ظهر أمك من حدودِ
ألم تخبركَ لِمْ ولدتك أعمى / هوت في النار من أعلى صَعُودِ
عمِيتَ لأنها جعلتك نصباً / تَهدَّفُه غراميل العبيدِ
وكيف تُراك تسلم من أيورٍ / تَعاقَبُ فيك بالطعن الشديدِ
أتزعم فعل ربك كان ظلماً / بأُمَّةِ صالحٍ وبقوم هودِ
ببيتَيْك اللذين يخبِّرانا / بمحض الكفر عنك وبالجحودِ
فما أرجو بمَهْلك قوم عادٍ / ومن صبِّ العذاب على ثمودِ
فأين محمد أم أين عيسى / أليسا مثلهم تحت الصعيدِ
عجبت وقد خلوتَ تُدير هذا / لحكم اللّه ذي العرش المجيدِ
ألم يُلْحقْكَ أوشكَ ما لحاقٍ / بإخوتك المسوخ من القرودِ
خسرتَ الدين والدنيا جميعاً / كذاك تكونُ مَنْحَسةُ الجدودِ
ولم أحمد به إلا حميداً
ولم أحمد به إلا حميداً / بإجماع المُصَالحِ والمُعَادي
فقال وإن مُطِلْتَ زُهاءَ حَوْلٍ / فقلت وإن مُطلت إلى التنادِ
متى يَمْطُلْ أبو حسنٍ علِيٌّ / فَعِلَّةُ مَطْلِهِ عَوَزُ الجوادِ
ومحبِسُه العطيةَ مستزيداً / نَدَى يَدِه وليس بمستزادِ
وما ضرَّ المؤمِّل مطْلُ وعْدٍ / تظل له العطية في ازديادِ
فكلُّ فتىً كريم فيه مطْلٌ / ببذل نواله فرط احتشادِ
يُزايد نفْسَه في الرفد حتى / يطولَ المطلُ من طول الزيادِ
ولم يمطل جوادٌ قَطُّ إلا / أتاك حِبَاؤه ضخم السَّوادِ
إذا ما حاملٌ جرَّتْ بحملٍ / أتمَّتْ شخصَه عند الولادِ
وما مطلُ ابن يحيى سائليه / ليوحشهم بذاك من العِوادِ
ولا ليروضَ نفْساً ذاتَ شُحٍّ / ولا ليفكَّ عزماً ذا صفادِ
وما من شأنه استكثار عُوْدٍ / ولا استثقالُ معروفٍ مُعادِ
فداه الماطلون لكي يفُكُّوا / وثاق البخل عن أيدٍ جِعادِ
ولا عدم المؤمِّل منه مطلاً / تتم به الصنائع والأيادي
ورُدَّتْ كُلُّ صالحةٍ عليهمْ
ورُدَّتْ كُلُّ صالحةٍ عليهمْ / وكانتْ قبل ذلك تُسْتردُّ
بأبيضَ من بني شيبان خِرْقٍ / رفيع البيتِ قد علمتْ مَعَدُّ
لِمَصْقلَة الذي أسْدى وأَيدَى / أيادٍ في المعاشر لا تٌعَدُ
هُبَيْريٍّ أطاب الله منه / وحَسَّنَ منه ما يَخْفَى ويَبْدو
نظيفِ السِّرِّ عَفٍّ حين يخلُو / جميلِ الجهْرِ حُلْوٍ حين يبْدو
كأنَّ الله خيّرهُ السجايا / فكان من الرجال كما يَوَدُّ
له خُلُقان من بأْسٍ وجودٍ / يسوس كليهما الرأْيُ الأَسَدُّ
هما قَدَران من رزقٍ وموْتٍ / إذا عزما فما لهما مَرَدُّ
يُنادى باسْمه غيثٌ وليْثٌ / هِزبرٌ يفْرسُ القَصرات وَرْدُ
هو الخَصْم الألدُّ لكلِّ ضِدٍّ / من الأضْداد والقِرْن الأعَدُّ
أعدَّتْه بنو العباس ذُخراً / كَهَمِّك ذلك الذخر المُعَدُّ
سلاحُهُمُ الأحدُّ إذا تصدَّى / لهم باغ وركنهمُ الأشدُّ
أبٌ لرعية السلطان بَرٌّ / معاشُ الناس في كنفَيْه رغدُ
كَفى فَقْدَ الكُفاة مخلَّفيهمْ / فليس يُحَسُّ للمفقود فقْدُ
ومهَّدَ للجُنوب بخير كفٍّ / مَضاجعَها فكلُّ الأرض مَهْدُ
غدا سَبْطَ البنان بكل عُرْف / ثَرى العافينَ منه الدهْرَ جَعْدُ
يَحُلُّ عليه بالرغبات وفْدٌ / ويرحل بالرغائب عنه وفْدُ
وُفُودٌ لا يزال لهمْ إليه / على أنضائهم عَنَقٌ وَوَخْدُ
بهادٍ من ثناء الناس طُرَّاً / وحادٍ من رجاء القوم يحدو
بلوتُ له خلائقَ ليس فيها / سوى ما سامني خللٌ يُسَدُّ
فتىً سهُلَت محافرُه لغيري / ومحْفَرُهُ لديَّ الدهْرَ صَلْدُ
خلا وعْدٍ مددتُ إليه عيني / فأَعْرضَ دونه مطْلٌ يُمَدُّ
فمن ذا مُبْلغ إياه عنِّي / عتاباً تحته عَتْبٌ ووجْدُ
فتى شيبان لِمْ أعْمَلْتَ مطْلي / بلا حدٍّ وللأعمار حَدُّ
تُجَدُّ لي المواعدُ كلَّ يوم / إذا أمَّلْتُ عارفةً تُجَدُّ
أكنتَ وعدتني خطأً فأصغى / إلى الإخلاف عَزْمٌ منك عمْدُ
وأنَّي والمكارم باقياتٌ / تروح عليك أْوجُهُها وتغْدُو
وقد حكمتْ بأن الخلْفَ غدْرٌ / كما حكمتْ بأن الوعْدَ عهْدُ
وأنت سَميُّ أصدقِ ذي لسان / فهل بالصدق دونك مُسْتَبَدُّ
ولم تك واعداً خطأً وأنَّى / ومالَكَ غيْرُ بذْلِ العُرفِ وَكْدُ
فتى شيبان لا يشْمتْ بشعري / عدُوُّك غاله عن ذاك لَحْدُ
فتى شيبان لا يفرحْ بعَتْبي / عليك مُنافسٌ لي فيك وغْدُ
أتُسْلمُني وأنتَ أعزُّ جارٍ / لدهرٍ لا يزال عَلَيَّ يعْدو
أتخطِئُني فواضلُكَ اللَّواتي / كَثُرْن فليس يحصيهنَّ عَدُّ
أيصْلَدُ بعد طول القدح زَندي / ولم يصْلَدْ لمن رجَّاك زَنْدُ
أعدْلٌ أن حُرمتُ نداك إلا / حديثاً ليس فيه عَليَّ ردُّ
يُحدِّثني بجودك كلُّ ركْب / وكلُّهُمُ بشعري فيك يشْدو
فيا عجباً مديحي فيك سَرْدٌ / وعُرفك في الأنام سوايَ سرْدُ
صددْتَ وما تقدَّم منك عطفٌ / وليس يكون قبل العطف صدُّ
جَزَرْتَ وما تقدَّم منك مَدٌّ / وقدْماً كان قبل الجزر مَدُّ
أما تأوي لصبر كريم قومٍ / ببابك لا يُثاب ولا يُرَدُّ
يُكَدُّ ولا ينال وكان يرجو / بفضلك أن يُنال ولا يُكَدُّ
أُرفِّهُ ما أرفِّهُ في التقاضي / وليس لديكَ غيْرَ المطْل نقْدُ
إذا إنجازُ وعدك كان وعداً / فيكفيني من الوَعْديْن وَعْدُ
وهبْكَ شفعْتَ لي وعداً بوعدٍ / لتُحْكَمَ مِرَّةٌ ويُشَدَّ عَقْدُ
أليسا كافيَيْن بلى لعمري / وقد يكفي من الزوجين فردُ
أما حسْبُ امْرىءٍ مِنْ وَعْدِ غيْثٍ / بصائب ودْقه برْقٌ ورعْدُ
جَدَاك جداك أوْ يأساً مريحاً / فما بعد الذي أَنظرتُ بعْدُ
تأخَّر من ثوابك ما أرجى /
أعيذك أن يكون نداك يأتي / وليس له على الأحشاء بردُ
وذاك بأن تُطيل المطْلَ حتى / يمسَّ النفْسَ منه أذىً وجَهْدُ
هنالك لا يُساعد فيك حمْدٌ / وهل لمُكدِّر المعروف حمْدُ
رأَيتُ الرِّفْد عُرْفاً حين يُعْفَى / به المعْطَى وما للحقِّ جحْدُ
وليس العرفُ عُرْفاً حين يأتي / وحُرُّ القوم ممَّا كَدَّ عَبْدُ
أيرضى أن يكون أخاه مَطْلٌ / فتى أبواه مَكْرُمَةٌ وَمَجْدُ
جَزُوعٌ أن ينال الذمُّ منه / على الإزْراء إلا تلك جَلْدُ
لَحانَ لما غرستُ لديك حَمْلٌ / وآن لما زرعتُ هناك حصْدُ
فلا تُوقع بحرماني اعتذاراً / فإن نداك للمحروم جَدُّ
وليس يَضير من رجَّاك نحْسٌ / وكيف يكون ذاك وأنت سَعْدُ
وقائلةٍ خَرُقْتَ فقلت مهْلاً / فَرُكْنا حلْمه حَضْنٌ ورَقْدُ
أخِلتِ رياحَ جهلي طائرات / بَطوْد لا يُهَزُّ ولا يُهَدُّ
إذا جار العتاب عليه أغْضَى / له جفناً وما غضَّاه ضَهْدُ
ولكن حلْمُ ذي خُلقٍ عظيمٍ / له نحو العُلا والمجْد صمْدُ
تطامن بالتواضع فهْو غوْرٌ / وأشرف بالسيادة فهو نجدُ
مَنَحتُكَها كساقية الندامى / زهاها بينهمْ وجْهٌ وقَدُّ
أتتك مُقرَّةً بالعجْز يحكي / حياءَ ضميرها طرْفٌ وخَدُّ
ولم يقْعُدْ بها في الوصف حشْدٌ / ولكنْ لا ينال نداك حشدُ
تُقَرَّظُ غير أنك لا تُوَفَّى / وتوصَفُ غير أنك لا تُحَدُّ
أراد الغيث أن يحكيك جودا
أراد الغيث أن يحكيك جودا / فقصَّر بعد أن أحيا البلادا
فقلتُ غَلْطتَ جودُ أبي عَلّيٍ / يقصِّر عن مداه من أرادا
لأن الجود منه كل يوم / وأنت تجود أياماً عِدادا
وأنت تجود أرضاً بعد أرض / وكفّاه يَعُمَّان البلادا
سأنظرُ نحو دارك حين أخشى
سأنظرُ نحو دارك حين أخشى / على كبدي التَّفَتُّتَ من بعيدِ
كما نظر الأسير إلى طليقٍ / يؤمُّ بلادَهُ لحضور عيدِ
سيتْلَفُ في الهوى وجداً فؤادي / ولو كان الفؤادُ من الحديدِ
فديتُ دماً أريق من الفَصيدِ
فديتُ دماً أريق من الفَصيدِ / تغَّير منه مَسمُوم الصعيدِ
دمٌ قد كنت أنظر من قريبٍ / إليه فصرتُ أنظر من بعيدِ
فلو أني ظفرت به لأضحى / خَلوقاً بين سالفتي وجيدي
عجبت لساعدٍ يُدميه لحظي / ويقوَى أن يُباشَرَ بالحديدِ
أرى ماءً وبي عطشٌ شديدٌ
أرى ماءً وبي عطشٌ شديدٌ / ولكنْ لا سبيل إلى الورودِ
أما يكفيك أنَّكِ تملكيني / وأن الْخلق كلَّهُمُ عبيدي
وأنَّكِ لو قطعت يدي ورجلي / لقلت من الهوى أحسنْت زيدي
وإخوانٍ تخذتهمُ دروعاً
وإخوانٍ تخذتهمُ دروعاً / فكانوها ولكنْ للأعادي
وخِلتهم سهاماً صائبات / فكانوها ولكن في فؤادي
وقالوا قد صفت منا قلوبٌ / لقد صَدَقوا ولكن من ودادي